أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - انطباعات حسية تقاوم العدم .. قراءة في نصوص منى وفيق














المزيد.....

انطباعات حسية تقاوم العدم .. قراءة في نصوص منى وفيق


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 2390 - 2008 / 8 / 31 - 03:10
المحور: الادب والفن
    


في نصوصها " فانيليا سمراء " - عن دار أزمنة بالأردن 2008 – تعيد منى وفيق اكتشاف الذات ، و الموت ، و العالم انطلاقا من الرصد الجزئي للتكوينات المبدعة المنتجة من تفاعل المادة الكونية ، و اللغة ، و الانفعالات الأنثوية ، و الحواس ؛ هذه التكوينات تحمل بداخلها تجددا خفيا للحياة من خلال الآثار و الانطباعات الاستعارية المتعددة ، التي تؤول من خلالها المتكلمة وجودها ، و وعيها بالموت ، و تاريخها المختلط بالصوت الشعري الأنثوي الذي ينقل نفسه في الصور المجازية للحياة ؛ و من ثم فهذا الصوت الأنثوي يقاوم وعيه الحاد بالموت من خلال رشاقة الصور المتنوعة التي يتوحد بها ؛ ليصير تناثرها عودة تتجاوز الصوت الأول الذي يحمل قلق الموت ، و تسهم في انتشاره المقاوم لكل المعاني المركزية التي ارتبطت بذاكرته من قبل .
إن منى وفيق تكتب بطلتها المجازية بعيدا عن الإحالة الدائمة لضمير المتكلم ، أو الغائب ؛ فهي تدرك الحضور من خلال الانفعالات المتغيرة السريعة التي لا نجد فيها ثباتا لمفهومي الحياة ، و الموت .
في كتابة منى وفيق إحساس عميق بتحول الحضارة الإنسانية نحو مزيد من السلب ، و البزوغ السريع للظواهر التي تستعصي على التحليل ؛ و من ثم جاءت كتابتها راصدة للأنا في هذه الحالات ، و المشاهد الحسية الشاعرية .
في نص " خردة " تترك المتكلمة مجموعة من الصور ، و الأشياء ، و الآثار ، و الانفعالات ، و الأفعال تتحدث بصوتها المتناثر ؛ فالخوف يكمن في الاحتفال بالحياة ، و يحولها إلى تكوينات منفصلة تفتقد الصوت الأول ، و لكنها تظل تخبرنا أن الساردة كانت هنا ، و تحدثت على الماسينجر ، و شاهدت فيلما ، و تذكرت أباها ، و صديقتها الراحلة .
مازالت الخردة تحاول بعث الصوت ؛ لتخفف من حدة الموت ، أو الوعي بالموت ؛ فالحياة مازالت تعمل في الصورة حال تفاعلها مع الانطباعات ، و الأفعال الأخرى في المشهد ، تلك التي تستعصي على التحديد الصارم .
و في نص " هرطقات عيد الحب " تستعير الساردة سخرية شارلي شابلن الممزوجة بالقتامة ، في عيد الحب ؛ لتكشف عن تداخل البهجة ، و الأفول معا ؛ فالسخرية من الحب تكمن في حدوثه ، بل اكتماله الزائف .
إن النص يسخر من تجريد الحب ، و مركزيته كموضوع لإدراك العالم من وجهة نظر المرأة ، و قد كشفت الساردة عن فاعلية الأخيلة الأنثوية في إنتاج الحب ، و السخرية منه من خلال الارتكاز على عملية اتحاد جسدي مضادة لمدلوله الأول ، فنرى شارلي شابلن المتخيل يصنع من قلبها حذاء ، و يلصق شاربا على وجهها ، و يضرب مؤخرة قلبها بعصاه .
هكذا تحولت علامات العشق إلى سخرية منه ، بينما يظل طيفا ناقصا ، يذكرنا بحدة مشاعر البهجة التي تحولت إلى انفعال مختلط بالظلمة .
و في نص " كانت ريحا " نلمح البزوغ السريع المتخيل للذات دون الإشارة الواضحة إليها ، و كأنها تفر من التحديد ، و من ثم البدايات ، أو النهايات الحاسمة ، الريح في النص ليست صوتا ، و لكنها اختفاء الصوت الذي يمثله ، في الأخيلة ، و الانفعالات السريعة .
تقول :
" الريح التي تعرت بين شارعين / غادرتهما على عجل / و هي تتثاءب / الريح التي صبت جم إفلاسها على اللغة / اكتفت بالبسملة و بعض السباب / .. الريح التي تفر من الصوت / تجرحه و تجرحني " .
هل كانت تجليات الريح انطباعات حول الذات ، تحاول استبدالها ؟ أم أنها قوة التمرد على الحدود ، و قد اتحدت باللاوعي ، و الأخيلة الكونية ، و الأسطورة ؟
هل يطمح البزوغ السريع الممثل للصوت في غيابه أن يملك إحساسا بالخلود ؟
إن منى وفيق تستشرف مستقبل المتكلمة من خلال تخييل الصوت في زمن دائري يتجاوز حدود الهوية الأحادية .
و في نص " السينما هذا الأسبوع " تستعيد منى وفيق تضاعف الصور المتخيلة في فن السينما ، في إنتاج إيحاءات متداخلة ، و مجزأة في الحياة ، و كأن هذه الإيحاءات الحسية التصويرية تؤكد الوجود في حالة التناثر التي تحمل أثر الغياب ، و قلق الموت ، و النشوء الجديد المتكرر ذي الأصوات العديدة ، و تقترح المتكلمة أن يكون المشاهد فوق عمر النطفة ، فهي تستنبت الحياة من خلال هذا التناثر الطيفي ، و صخب العلامات ، و الأسئلة حول هذا الوجود الذي صار مجموعة انطباعات حسية تنتظر الأفول ، و العودة دون نهاية مثل فن السينما .
و في نص " حمحمة " تكمن فاعلية القصيدة في نسيج الحياة اليومية بما فيها من مشاهد ، و أصوات ، و أشياء ، و ألوان ؛ فالهراوات لها صهيل ، و تقترن بأحاسيس التمرد ، و فتاة الغلاف تقترن قناعتها بالعطش ، و الشاعر يبدع حمحمة القصيدة .
إن هذا النص – مثل بقية نصوص المجموعة – يقاوم السكون المطلق ، و يتحد بالعوالم المجزأة التي تحتفي بالحياة من خلال غيابها في الصمت ، و الحكي معا .
و في نص " هروب أول أبريل " يكتسب الصوت الأنثوي فرديته من خلال الإيحاءات ، و الانفعالات ، و الأدب ، و الأساطير ، فهو يؤكد القلق من الحب المجرد ، و الحياة المجردة ؛ فالحب ممزوج فيه بالسلب ، و الفقدان ، و لكنه يتحد بأخيلة الأنوثة غير المرئية في الآخر ، ربما للهروب من التفاعل بين الأنا ، و الآخر في اتجاه ذوبان أخيلة الأنا بالانطباعات حول الآخر ؛ تلك التي تشكل حياته الخفية ، و تناثره المقاوم لكلية الوجود أو العدم .

محمد سمير عبد السلام – مصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصوت في نشوء متكرر .. قراءة في إلى النهار الماضي ل .. رفعت ...
- مرح الغياب .. قراءة في كزهر اللوز أو أبعد ل .. محمود درويش
- السينما .. فن الأشباح
- الأخيلة المجردة للجسد .. قراءة في الطريق إلى روما ل شريفة ال ...
- عن الفوتوغرافيا
- الرغبة في تخييل العالم .. قراءة في قارورة صمغ ل فاطمة ناعوت
- القوة الخلاقة للرعب و التمرد في كتابة هنري ميلر
- سحر توفيق تستعيد الرجل بلغة أنثوية
- هارولد بلوم .. و إعادة إنتاج الأثر الشعري
- تجدد الثقافة الشعبية
- تعدد الدلالات و الأصوات .. قراءة في اخلص لبحرك لمسعود شومان
- السياق الجمالي للعقاب .. قراءة في أقلب الإسكندرية على أجنابه ...
- الآلية .. و العمل الإبداعي
- إعادة اكتشاف روح الأشياء .. قراءة في بريق لا يحتمل لسمر نور
- الصيرورة الإبداعية للزمن .. قراءة في فوق الحياة قليلا ل .. س ...
- الشخصية في تحول .. قراءة في عمرة الدار ل .. هويدا صالح
- العابرون ، و تبدل حالات الوعي
- وعي طيفي مثل وهج الموت .. قراءة في عادات سيئة ل جمانة حداد
- براءة الجسد ، و مخاوفه .. قراءة في كوب شاي بالحليب ل محمد جب ...
- ظلال تتجاوز صمت الأشياء .. قراءة في سوف تحيا من بعدي لبسام ح ...


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - انطباعات حسية تقاوم العدم .. قراءة في نصوص منى وفيق