أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - الحماقة














المزيد.....

الحماقة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 812 - 2004 / 4 / 22 - 07:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الطفل أبو الرجل,بهذه العبارة فتح الدكتور فرويد عصر الفرد على اتساعه,بإدراجه للطفولة والأطفال وبعد ذلك للمرضى النفسيين والعقليين,في كنف المنطق الرسمي أو الطبيعي.وإن كان قد تسبب بالجرح النرجسي الثالث للجنس البشري بإرجاعه للأخلاق إلى مستوى اللاوعي والمكبوت,بعد نسف كوبرنيوس لوهم مركزية الأرض,وداروين لأسطورة الجنس البشري المختار,فهو فتح أبواب المنطق لتشمل جميع الموجودات الإنسانية بغض النظر عن أوهام العظمة والمقدس التي تجهد السلطات وخصوصا الدينية للحفاظ عليها. ما يهمني في هذا المقال التفسير المنطقي المحكم الذي قدمه فرويد لفهم وإدراك السلوكيات اللامنطقية في حالات الهوس والذهان,ذلك المنطق المضمر الذي يحكم سلوك الإنسان في حالة الصحة والمرض وبشكل دائم.ساهم فرويد بشكل فعال في زحزحة ثلاث ممارسات هي بنفس الوقت عقبات كبرى في طريق التطور والمعرفة,انقضى القرن العشرين ولم تتقوض تلك الممارسات: 1_العقاب 2_الوعظ 3_التفسير الأحادي.
من يعاقب يمتلك الحقيقة والصواب والمعاقب هو النقيض,تجسيد دائم للشر أو بعبارة مخففة للخطأ. تلك الممارسة تنكص للمنطق الأحادي أو الثنائي وتهمل الجديد والمجهول والمعطيات الموضوعية الأخرى,بإغلاق الذات والآخر في دائرة الماضي.
بقي الجنون هدف أساسي للعقاب والطفولة في حالة الإهمال,حتى اليوم في أجزاء كبيرة من هذا العالم. قد تكون إزالة العقاب بشكل نهائي ضرب من الأوهام,لكن دفع غرامة أو كفالة تتجاوز بمسافات فلكية,الجلد وقطع الأعناق والأيدي, وتمثل إنجازا على المستوى الأخلاقي والحضاري عموما. لاشيء يبرر استخدام الطائرة والأنترنيت مع استمرار عقوبات موروثة من عصور الجمال و الحمام الزاجل والسيف. ضمور الحس الإنساني,الغباء العاطفي, الطفالية وبقية الانحرافات النفسية,قد تصلح للتفسير.لكن انعدام المسؤولية عن تطبيق العقوبات وتنفيذها,هو العامل الأساسي في وحشيتها وديمومتها,وتعمل العقوبات على التغذية العكسية للدوافع المثيرة لتلك الممارسات عند الآخرين بشكل دوري ودائم.
الوعظ والمواعظ تقوم على ثنائية العارف والجاهل,وتضمر أفكارا عديدة مستمدة من الموروث, في مقدمتها حسب خبرتي,أسطرة الذات وما تحمله من تصور قبل علمي للغة والأفكار والبشر. يمكن إجمال ممارسات الوعظ والتبشير في مفهوم الفكرنة.المتغير الأساسي بين الواعظ والخبير أو المرشد النفسي والاجتماعي هو توزع الحق والواجب بالتكافؤ, الواعظ الديني والأخلاقي يمثل قطب الحق(الإيمان والوطنية) وهو معفى من المسؤولية والمسائلة على العكس من المتلقي الضال والمجرد من الحقوق فهو مختصر بالطاعة, وهو في موضع الاتهام دوما. الأحادية والمنطق الأحادي والثنائي يقتصران على العقاب والوعظ في حلقة مغلقة بإحكام.
التفسير الأحادي نتيجة مباشرة للمنطق القسري اللاواعي غالبا, يعمل على خدمة المنظومتين النفسية والاجتماعية المولدتين له.عمل فرويد على تحرير الإنسان من الكبت والمخاوف المسببتين للقسوة وتصلب الشخصية وجمودها,كما عمل من قبله ماركس على تحرير المواطن الاجتماعي من الاغتراب الناجم عن الاستغلال والتعسف, ليس للبروليتاريا ما تخسره سوى أغلالها,وليس للمكتئب ما يخسره سوى آلامه المجانية. مات ماركس ومات فرويد كما سنموت جميعا. ومازال الشعار السائد نموت ليحيا الوطن والسؤال لماذا لا نعيش ليحيا الوطن!؟هل المشكلة في الأخلاق أم في السلطة؟هل المشكلة في الفرد أم في البنى الاجتماعية المختلفة؟ كيف ستتحدد المشكلة وبالتالي يصار إلى البدء في المعالجة المناسبة!؟ المنطق الأحادي دائم التحكم بالفكر وبالقرار وينعكس عبر التفسيرات الأحادية والميل الجارف لإطلاق الأحكام. أمر متعذر وشاق على كل إنسان ألا يطلق أحكامه أو بعبارة مخففة أن يتجنب اتخاذ موقف تجاه أي حدث مهما تضاءل شأنه , والموقف بحد ذاته معيق أساسي أمام المعرفة , الموقف المعرفي سلبي ويستهلك طاقة كبرى مما يجعله دائما في الجهة غير المرغوب فيها.الموقف المعرفي العميق يعاكس التوجهات التي تحرضها الدوافع والحوافز الفردية والاجتماعية, وهو يبدأ بخسارة الوعود الكبرى والتجرد من أسلحة محببة للنفس وقد تكون ضرورية في حالات عديدة. مع كل ما تحمله الثقافة السائدة من تثمين للموقف الأخلاقي(الانحياز لأحد أطراف القضية) وتحقير مقابل للموقف المعرفي, لا يخلو أي موقف أخلاقي من الحماقة التي هي في أبسط صورها, البدء بالسلوك قبل تكوين تصور,وتحصيل معلومات كافية من مختلف الجوانب.
الموقف الأخلاقي في أي قضية يتضمن عدة انحيازات(حماقات) أولها:الادعاء(المضمر) بمعرفتها بشكل تام أو على الأقل اعتبار العناصر المجهولة فيها أقل أهمية من الانخراط الفوري لصالح أحد الأطراف وثانيها اختزال القضية إلى المنطق الثنائي(خير_شر) أو (صواب_خطأ) وليس آخرها تحريض بقية الأطراف على تبخيس أهمية العوامل المجهولة من خلال تفضيل الموقف الأخلاقي على المعرفي.بعد 25 قرنا من دعوة سقراط اعرف نفسك, كم منا يدرك ويعلم أن اللاأعرف درجة متقدمة في المعرفة!!؟

اللاذقية_حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تسامحهم يا إلهي
- الحداثة السياسية بين الضرورة والوهم
- الشرق الأوسط(نظرة من الداخل ) بمثابة الرد على مشروع الشرق ال ...
- الطريق
- الخوف والحب
- الأبلهان بين الثرثرة ومحاولة التفكير بصوت عال
- الدم السوري الرخيص
- اسطورة الوطن
- الفرد والحلقة المفقودة في الحوار السوري
- الأكثرية الخرساء من يمثلها!؟
- حلم العيش في الحاضر
- المريض العربي
- جملة إعتراضية
- ملاحظات على مقدمة لن لأنسي الحاج
- المسكوت عنه في سجن (شرق التوسط) رثاء أخرس
- رسالة مفتوحة إلى أحمد جان عثمان
- الوعي الزائف - الآيديولوجيا
- الوعي قعر الشقاء
- ضرورة الشعر والكلام المفقود
- الفرد والفردية في بلاد العرب أوطاني


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - الحماقة