أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - الفن من أجل الذين لا يقرأون ولا يكتبون















المزيد.....

الفن من أجل الذين لا يقرأون ولا يكتبون


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2622 - 2009 / 4 / 20 - 10:42
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الفن الذي نشاهده في الكنائس لم يكن إنتاجه أولاً من أجل النخبة بل كان من أجل الأميين العوام أولئك المؤمنين السذّج االبسطاء لذين لا يقرأون ولا يكتبون والذين لا يملكون ثمن رغيف الخبز إطلاقاً .

وهي فكرة مش بطالة عن الفن القديم علماً أن الفنون الحجرية كانت أولاً من أجل الخصب ومن أجل تصوير مبدأ السحر التشاكلي , وبعد ذلك أصبح الفن من أجل إثارة الجنس , فبسبب سوء التغذية كان الرجال يعانون من ضعف الإنتصاب الذكوري وبفضل الفنون غير المسيحية طبعاً أصبح الرجال من السهل إثارتهم وإنتصابهم للأنثى , بعد مشاهدتهم للتماثيل العارية وللأعضاء التناسلية .
وهذا ليس غريباً فحتى اليوم يستعمل كبار السن أفلاك السكس من أجل الإثارة والإنتصاب وذلك حتى ينتصبون على نسائهم اللواتي أصبحت العشرة والمعاشرة معهن مثل المعاشرة مع المحرمات دينياً .

ولربما أن هنالك مقولة تقول أن الصور العارية كانت من أجل تصوير برائة الإنسان , كيوم ولدته أمه بدون ثقافة ولا نجاسة , وبعد ذلك لبس الإنسان الثقافة , والتي يرمز لها بالألبسة , أما الصور العارية فترمز للإنسان يوم كان بريئاً وترمز أيضاً لعصور البرائة يوم لم يكن هنالك قوانين ولا أنظمة تحكم الإنسان .


وبعض الفئات الإجتماعية من الشباب تشاهد مجلات السكس الجنسية من أجل المتعة وزيادة عمليات التخيل والتصور أنهم يمارسون الجنس فيتلذذون بذلك .
الموضوع ليس جنسياً ولكنه فنياً وهو سوآل يطرح نفسه الفن لمن ؟
فإذا كان لكل دولة زمان ومكان ورجال , فإن لكل عصر تبريراته الفنية , ففي اللحظة الأولى التي وُلد بها الفن كان من أجل الخصب والنماء وبعد ذلك أصبح من أجل العبادة وبعد ذلك أصبح من أجل الفن نفسه على عهد البابا جريجوري .
وحين جاء الإسلام كان قد تصادف ظهوره مع إستمرار عادة الفن من أجل العبادة لذلك قام الإسلام بإتخاذ حالة عدائية بينه وبينه نظراً لأنه للعبادة والإسلام يدعو لعبادة شيء آخر وبالتالي فالفن هنا منافس قوي للإسلام ويشكل خطراً عليه لذلك كان من الواجب توجيه السيف وأدوات الهدم ضده.

كان الإسلام قد علّم المؤمنين بالكلمة والحرف والمسيحية علمت المؤمنين بالصورة والإيحاء , هذه الصورة كانت بداية تعرف بإسم (السيجي نالز) الهليغروفية المصرية فالأصل في الكتابة كانت رسومات , وكانت ترسم كلمة المرأة على شكل العضو التناسلي للأنثى , وإذا أراد السومري الأول أن يقول عن الإنسان أنه ذهب ومشى كان يرسم شكل القدم كإيحاء ترميزي أنه مشى وسار على قدميه على اعتبار أن الإنسان يمشي على ساقه , وإذا أراد أن يقول كلمة (الجَملْ) كان يرسم رأس الجمل مع الرقبة حتى أصبح مع مرور الزمن رأس الجمل ورقبته يشكلان حرف الجيم في العربية الجبيلية ....إلخ .
إذن الفن وتعابيره كانت وما زالت تشير إلى إيحاآت تعبيرية عن المرموز عنه .

ربما أننا أمام فرضية جديدة مفادها أن هنالك قد كانت حاجة أخرى للفن غير تلك التي كانت من أجل الفن نفسه أو من أجل العبادة , إننا الآن على طرف نظرية جديدة أو أطروحة جديدة وهي الفرضية الأكثر إثارة للفن المسيحي من الدين المسيحي نفسه .
الفن من أجل الفقراء والتعساء أو من أجل الأميين الفن من أجل الأميين.
الفن من أجل الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة , فالعجزة الذين لا يستطيعون ضرباً في الأرض هم بمقابل العجزة الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة .

كان الدين المسيحي وما زال ذا طابعي سحري وسر كبير وفهمه ليس سهلاً من قبل الإنسان العادي الذي يسأل ويستقصي عن الأحداث , لذلك أوجد الأب (جريجوري الأول ) طريقة جد مهذبة لفهم طقوس المسيحية وحضور الرب في الخبز المقدس والخمرة وموته وبعثه من أجل خلاص الإنسان وصعوده وهبوطه ودمه القاني الذي كفر به عن ذنوب البشر التي كاد-ت أن تلقي بهم إلى التهلكة بعكس الديانات الأخرى التي تبحث عن المخلص الأبدي فهي ترى في الشر وإرتكابه وزيادة نسبته عاملاً قوياً ومبرراً تعلى ضهور الرب بصورة يوم القيامة لكي ينصف المظلوم من الظالم ويخلص المظلوم , ومن ثم يقف الظالم على قدم واحدة أمام الرب ليعترف بكل خطاياه التي ظلم بها المظلومين .

الفن المسيحي لم يكن في أي يوم من الأيام من أجل النخبة والطليعة المثقفة بل كان من أجل أن يفهم عامة الناس هذا الدين ولكن مع مرور الزمن تراجع هذا الفن وأصبح فقط من حق النخبة وأصبح سمة دارجة في الكنيسة الكاثوليكية ومحط أنظار وإعجاب كبار المثقفين والبابوات من الكاثوليك .
بمقابل ذلك كان الإسلام يرى في الفن المسيحي تجسيداً للرب وللإله وكان الإسلام في بداية يقف موقفاً معاديا من الفنون التشكيلية كلها نظراً لأنها تحل بديلاً عن عهبادة الرب لأن الوثني العرؤبي كان يرى في الأصنام صورة إلهه ومعبوده أو أنه كانم كما كان يقول أنها تقربه إلى الله زلفى , لذلك عادى الإسلام الفنون التشكيلية وحاربها وركز بذلك على جانب آخر مهم جداً من جوانب الثقافة ألا وهو القراءة والكتابة , فحث المسلم على القراءة قراءة القرآن والكتابة بدل الرسومات , لهذا السبب لم تنتشر في المساجد الرسومات العظيمة للفنانين العظام الكبار , بلل إنتشرت أدوات القراءة والكتابة , وحين وصلت تلك الأدوات إلى خلق نماذج أخرى وطرائق أخرى متعددة من التفكير , كان الإسلام في تلك اللحظة قد وقف موقفاً معادياً من الثقافة والقراءة والكتابة حتى أصبحت سنة يمشي عليها الحُكام العرب.
وكذلك المسيحية مع فارق بسيط بينها وبين الإسلام وهو أن عوامل الاحتجاج على سلوك بابوات روما قد أدى إلى ولادة مذهب الاحتجاج الألماني البروتستنتي والذي أدى أيضاً إلى إنكار تعاليم الصور والمنحوتات الفنية العظيمة , وحث على تعليم إسلوب آخر يذكرنا جميعاً بيد اليسوع وهي تمتد لتطوق أكتافنا نحن المغمورون بشهوة الخلاص من كل العذابات فجاءت الألحان الموسيقية ومقاماتها المتعددة وأدى هذا إلى نمو المشاعر الدينية وهذا لا يقل شيئاً عن إتخاذ المسلمين اليوم الأغاني الدينية لتذكير الإنسان بحلاوة الإيمان بالله ورسله وكتبه .

كلهم فنانون المسيحيون والمسلمون الذي يلفتون أذهان الناس إلى حلاوة الإيمان بالكلمة الشعرية وبالجملة الموسيقية حتى أن أول من كتب الشعر هم الأحبار والكهان .

الفن للفن ومن ثم الفن من أجل الفن , وبعد ذلك الفن من أجل العبادة , الموسيقا تحرك المشاعر والقلوب وتفتل الآذان , وتزغلل العينين كإمرأة جميلة كلنا نقف تحت قدميها مشدوهين وملتوية أحناكنا وواجمة وجوهنا ومرتفعة أبصارنا إلى جمالها الذي يخترق القلوب ويحرك الدماء ويبعث بنا الحمية إلى يوم ات ندري ماذا سيفعل بنا .
ومع مرور الزمن أصبح الفن من أجل النخبة واليوم نفهم من الفن ما لايستطيع الذين لا يقرأون ولا يكتبون أن يفهموا منه ما نفهمه نحن الذين ندعي الثقافة .

مع مرور الزمن تعلم الإنسان القراءة والكتابة أكثر وتعلم من الحروف ما لم تعلمه إياه الرموز الفنية والصور التعبيرية , الذين رسموا المسيح إبن مريم وهو مصلوب ما كانوا يقصدون من ذلك زعزعة الثقة بالمسيح أو تجسيده على أشكال بشرية بل قصدوا منه إستنطاق الحكمة التعبيرية من تلك الرسومات للذين لا يستطيعون القراءة والكتابة , واليوم نسي الإثنان تلك الحكمة الجاهل نسي والعاقل نسي , وأصبح الفن فقط من أجل الفن من أجل التعابير الفنية والمذاهب الفنية واليوم من الممكن أن نتصور الصور السريالية في اللوحات التعبيرية من أجل الفانتازيا نفسها وأحياناً من أجل تحصيل المتعة واللذة



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر في الجامعة الأردنية عن المرأة
- مصادر الفساد
- اللذة في رواية عبد الله رضوان :غواية الزنزلخت
- عريس لُقطهْ
- باص القرية وباص المدينة
- رأس المرأة ورأس الرجل
- رفاق السوء
- وجه الشبه بين المرأة والطبيعة
- الخوف من الكلمة المقروءة
- بعد إهل حارتنا مثل أيام زمان
- كيف تصبح العلاقات الزوجية علاقات أخوية ؟
- يوم مع الروائي الأردني هاشم غرايبه
- صباح الخير
- أُكلتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيض
- رحلة إلى البحر الميت والمغطس
- مين أخذ عن مين؟
- علاقة الإسلام بالسريان
- فلترة الثقافة والمثقفين الأردنيين
- المواطن الغربي يحسد المواطن العربي
- لهجة القبائل العربية في المدن المصرية


المزيد.....




- البيت الأبيض يدعو إسرائيل إلى إعادة فتح المعابر إلى غزة
- مسيرة -لانسيت- الروسية تدمر منظومة استطلاع أوكرانية حديثة في ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا بأن العملية العسكرية في رفح مح ...
- -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر!
- تبون: ملف الذاكرة بين الجزائر والمستعمر السابق فرنسا -لا يقب ...
- في الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات بين البلدين.. أردوغان يستقبل ...
- تسريب بيانات جنود الجيش البريطاني في اختراق لوزارة الدفاع
- غازيتا: لهذا تحتاج روسيا إلى اختبار القوى النووية
- تدعمه حماس وتعارضه إسرائيل.. ما أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق ال ...
- في -قاعة هند-.. الرابر الأميركي ماكليمور يساند طلاب جامعة كو ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - الفن من أجل الذين لا يقرأون ولا يكتبون