أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن صابط الجيلاوي - قصص قصيرة جداً














المزيد.....

قصص قصيرة جداً


محسن صابط الجيلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 802 - 2004 / 4 / 12 - 10:18
المحور: الادب والفن
    


المُغني
الساعة الواحدة من ظهيرة حارقة...

كان المغني يستريح على( صيرة)* البيت، غناؤه موجع، عجوزة الجيران تذرف دمعا مع كل ترنيمة تأتي بها ربابة المغني..
غنى حداءاً ملئ بالشجن، تكلم عن الأيام السالفة، الحنين، ذكريات الطفولة، وجع الترحال، الخيول في الأعياد، المروج الخضراء، سراح الرعاة، صوت الأغنام، عن أعداء مجهولين، الزمن، موت الأحبة، الجمال، رائحة الربيع، الشر والخير، عن الشباب الذين لفتهم الحروب الصغيرة، العذاب، زمن المجاعات، القحط، طعم الجراد، عن الإبل، شجرة الدفلى، الزهور البرية، أسراب القطا، رائحة الطليع، الشفلح البري، عن الرجال الشجعان، غزواتهم العادلة، كرمهم المفرط، عن الجميلات، سحر الحب في ليالي مقمرة، عن ألم الوداع، هجرات الخوف، الصداقات، عن الأرض، رائحتها، وشرف الانتماء إليها...

كان المغني يبكي...

عجوزة الجيران تبكي..

كنا نحن الأطفال نقف بنوع من محاولة رسم الصورة لزمن غابر قد عاش هنا وولى بكل تلك الضبابية المدهشة، شيء من الخوف يتلبسنا...

رؤوسنا الصغيرة تتحرك مع إيقاع الموسيقى...

المغني يحرك أوتار الربابة، تنفتح حنجرته على شجن عميق كأنه قادم من أقاصي بعيدة..

لوحة الحب ترسمها الإشارات

الأوتار..

الإيقاع...

وحزن الكلمات الآتية من شقاء قاس....

الصورة التي تقف خلف السياج الحطبي لبرية أصبحت قاحلة بفعل غزو السبخة تعطي مشهدا متناقضا عما يقوله المغني...

دموع المغني والعجوزة يلونان لوحة فيها كل ذلك الألم الدفين والذكريات الذاهبة تحت غشاوة أيام ظللها سراب تلبسه الخوف وثقل السنيين المليئة بالضياع والهجران والخسارات التي لا تحصى.....

ناولته الجدة شيء من الهدايا عبارة عن أكل وملابس...

المغني يغادر..

يبتعد..

نحن يلفنا الذهول والحيرة

تدلف العجوز البيت..

بعيدا يغادر المغني

تأتي من هناك، من بعيد أصوات طلقات تنقلها ريح شقية...

صوت المغني يأتي حادا وقويا ومتحشرجا...

زمن طويل مرًّ ولازلت بذلك التساؤل المخيف

هل مات المغني ؟؟؟



******

مجنون القرية



كان مجنون القرية شابا جميلا، نظيفا، وهادئ الطباع...ماعدا حالات الجنون يبدو كل شيء عاديا على مطشر....

مطشر جزء من القرية بكل تلك التفاصيل، بدونه تبدو حياة القرية بائسة وراكدة...

الكل يشكوا ويتذمر جنونه...

ولكن عندما يمر زمن بدون أن تتلبسه حالة جنون ما يتكاثر التساؤل...؟

لقد مل مطشر ذلك التساؤل المجحف والملحاح...فهو يريد لجنونه تلك الحرية المطلقة في التألق وفي اختيار الزمان والمكان وشكل الطقس الذي يبتغيه..

لم يفهم الكثير ذلك

عيونه الذكية تزرع حزن في أرواحنا، نحن الذين فهمناه على قلتنا وتعاطفنا معه، انه جزء من أيامنا المزروعة بالخوف دوما، ماعدا تلك التي يزرع فيها مطشر شيء من جنونه الفعال، كمن يحتج على بلادتنا وقبولنا ذلك الواقع المّر، فبها يعطينا شيء من نشوة مطلوبة لمواصلة الحياة...

كان مطشر دوما يفتعل الجسارة

مره يسرق دجاجات الجيران

أو يدخل حقل شيخ القرية موزعا ما قطفة على الأطفال

وأخرى...

كان دائم المغامرات، مكتشفها ومُبدعها العجيب..

البعض يقابل ذلك بالضحك

أما هو يقابل ذلك بالصمت وبنظرات تحتقر الجميع وخصوصا أولئك الذين تتلبسهم البلادة..

كان يقول لي انه يحب صراخ الأطفال واستهزائهم به، لكنه لا يحب أبدا نظرات( جبار ) ابن زهلوله الشامتة.

تبدلت الحياة في القرية

ما عدا مطشر فهو يواصل حياته بكل ذلك الثبات المعهود به وبكل تلك التلقائية العجيبة...

يمارس جنونه الجميل دون أن يكترث لتقلباتنا القلقة..

ابن زهلوله فشل في الدراسة، أصبح شرطي أمن

ومعه تبدلت علاقات شباب القرية بابن زهلولة، أصبح رقيبا على حركاتهم وهمساتهم..

ماعدا مطشر يواصل حريته المعتادة، منها البصاق على الصور التي تكاثرت، ويوجع ابن زهلوله بالاحتقار

معها تكاثر جماعة جبار...

في يوم تموزي، فاقت القرية على صراخ مطشر

الجميع يركض نحو مصدر الصوت

يا لهول المنظر

جبار ( ابن زهلوله) ممدد على الأرض بجنب مطشر تماما، بقايا أصابع يد مطشر على رقبته بكل ذلك الأحكام المميت، فيما احدهم يقف بعيدا مرتعبا، ينظف مسدسه

دم مطشر يلون ارض القرية

دم أحمر قان ينساب بعيدا...

دمْ...

كل شيء تعتليه حمرة عليلة

كل شيء

بكاء حار يغمر الجميع...

عويل النساء يتصاعد...

عويل هز السماء..

مطشر مات

ولكن هناك الكثير لا بد أن يقال يوما ما...!!!

من يدري... ؟؟؟



* الصيرة:- سياج كثيف وعال من الحطب



#محسن_صابط_الجيلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية العلاقة بين السلطة والمثقف
- النار فوق قمة جبل
- موقع الشباب الغائب في قانون إدارة الدولة العراقية يعني غياب ...
- شاعر وقصيدة
- يعد الصمت ممكناً…!
- دورة استحالة القائد كيف تصبح قياديا في حزب عراقي بسبعة ….بدو ...
- قلق
- في يوم الشهيد الشيوعي …وجهة نظر أخرى للحفاظ على الحياة
- مدخل إلى عالم المترجم والقاص الدكتور علي عبد الأمير صالح
- خيون حسون الدراجي – أبو سلام
- شاعر وقصيدة - حميد حسن جعفر …. والكلام
- ملف عن الشهيد ، ملف عن الإبداع المقاوم…
- حول قرارمجلس الحكم 137 الرجعي
- إلى رجل الايروتيكا السياسية سعدي يوسف
- خيول
- نصوص عراقية / العدد الثاني
- من اجل(طبقة) سياسية جديدة في العراق
- خيول
- حوار هادئ مع شاعر النشيد الطويل… برهان شاوي
- مقاومة الأيتام…


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن صابط الجيلاوي - قصص قصيرة جداً