أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - راشديات الثقافة وثقافة الراشديات-الحلقة الثالثة














المزيد.....

راشديات الثقافة وثقافة الراشديات-الحلقة الثالثة


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 08:38
المحور: كتابات ساخرة
    


ضحك كالبكاء
رغم أن العنوان الرئيس لهذه السلسلة من المقالات هو "ضحك كالبكاء" إلا أنني لا أتوقع لهذه الحلقة بالذات أن تثير الكثير من الضحك- حتى لو كان أشبه بالبكاء.
ذلك لأن "الراشدي" الثالث الذي سأتحدث عنه يحمل من الصفاقة والعدوان وسوء الخلق ما يدفع الى الغضب والأسى والوجوم أكثر من سابقيهِ العتيدين: إنه باختصار –وأقولها بمرارةٍ شديدة- راشدي التلميذ المستهتر لأستاذه الجليل... وإليكم الحكاية:
كان "الفنان المعروف ....." الذي اشتهر بإخراجه لسلسلة من الأعمال "المسرحية" التجارية "البريئة" التي أطلقت في توقيت مدروس وتحت اسم "مسرحيات كوميدية شعبية" يكمل دراسته الأكاديمية في إحدى المؤسسات العلمية العريقة ببغداد، ولأن الرجل يحمل الكثير من المواهب العلمية والفنية والـ"..." فقد أصبح بالطبع رئيس اللجنة الاتحادية "لاتحادنا المناضل.. الاتحاد الوطني لطلبة العراق" .. وهذا الاتحاد –لمن لم يعرف العراق أو لمن يقرأ هذه السطور من الأجيال اللاحقة- هو الواجهة الطلابية لحزب السلطة وأجهزته الأمنية والقمعية وهو التنظيم الطلابي الوحيد الذي لا يعاقب المنتمي اليه بعقوبة الإعدام شنقاً حسب القانون النافذ في زمن القائد الضرورة. ومن الطبيعي أن يتمتع صاحب هذا "الموقع النضالي" بالكثير من الامتيازات والصلاحيات التي تسمح له بتجاوز تقاليد الحياة الجامعية المعمول بها في كل بلاد الله.
أظن أن القارئ اللبيب قد أدرك أن هذا "الفنان" هو صاحب "الراشدي" الذي نتحدث عنه، أما الشخصية الثانية في هذه الحكاية فهو على العكس تماماً.. أستاذٌ جليل حاصل على أعلى الألقاب العلمية في مجال اختصاصه، أحد رواد المسرح العراقي العظيم بتقاليده النبيلة الملتزمة، راهب من رهبان العلم والفنان وهب حياته لمسرحه ولطلبته.
كان الدكتور الراحل "..." رجلاً مهاباً يحترم قاعة الدرس ومنصة المحاضرات كما يحترم قاعة المسرح وخشبته ولم يكن -لهذا السبب- يطيق أي عبث أو استهتار أو حط من قيمة هذين المكانين ولهذا –أيضاً- رفض في إحدى الأيام السماح لطالبه الفنان "...." بالدخول متأخراً الى قاعة المحاضرات كي يذكره بأهمية الالتزام بمواعيد الدرس. لا أعرف طبعاً المونولوج القصير الذي دار في رأس الطالب المذكور لكنه كما يبدو قد أحس بخدش في كبريائه المزعومة وغضب من تجرؤ هذا الأستاذ –مجرد الأستاذ، المستقل، الذي لا يملك غير راتبه الضئيل-على التعامل معه ،هو "الفنان" المعروف ، صاحب المسرح التجاري الذي يدر الملايين، البعثي، رئيس اللجنة الاتحادية، بهذه الطريقة الجافة؛ فما كان منه إلا أن يتقدم نحو منصة الأستاذ ويهوي على خده بصفعة كانت بحق وريثا شرعي لكل ثقافة القهر والفاشية والظلام، ثم يستدير خارجا وقد نفخ أوداجه كما يفعل أي ... أي ماذا؟!
ترى ما الذي دار في رأس ذلك الأستاذ الكريم وهو يتلقى هذه الإهانة البالغة على يد تلميذٍ أرعن مستقوٍ بمسدسه؟ وهل تخيل نفسه يوما وهو يؤدي مشهدا كهذا لا على خشبة المسرح بل على مسرح الحياة ؟ هل أخرسته المفاجأة؟ هل بكى من فداحة الإحساس بالظلم والهمجية؟ هل فكر بالرحيل.. بالاعتزال.. بالانتحار؟
لا جواب عندي لأن المشهد الفاجع ينتهي هنا ..
ثم تمر السنين لأرى نفسي جالساً أمام شاشة التلفاز، أشاهد إحدى الفضائيات المشبوهة وهي تعرض تقريراً عن حفل تكريمي للفنان المعروف، الذي وخط الشيب رأسه، وتشيد بمنجزاته وخدماته للمسرح العراقي.. فشعرت بحرارة تنبعث من وجهي وكأني تلقيتُ صفعةً قوية.. ورأيتني وأنا أستعيد خيطاً من الحكايات تلخص التاريخ الأسود لأولئك الذين أذلوا هذا الشعب المسكين طوال أربعين عاماً منذ الصفعة التي نزلت على وجه الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم بعد أن أسرته كلاب الانقلاب الفاشي الدموي في 8 شباط 1963 الى اللحظة التي نقلت الينا الفضائيات مشهد الطفل العراقي المجهول وهو ينزل صفعاً بنعاله على الوجه المعدني الكالح للصنم المتهاوي للطاغية الذي فرّ الى حفرته وأسلم البلاد الى الذين جاؤوا بحزبه الى الحكم قبل ذاك بأربعين عاماً !
ورأيتني أستعيد ما فعل هؤلاء الهوج بالثقافة العراقية من تخريب وتسطيح وإذلال منذ أن "صدح" أحد أوائل مداحي "صقر البيده" بمقولته الخطيرة "الما يريد البعث مَنريد أغانيّه!" حتى انقطع إرسال إذاعات صوت الجماهير وأم المعارك والحواسم لتتوقف سمفونية "فوت بيها وعلزلم خليها"
ورأيتني أستعيد ما فعل هؤلاء الأجلاف بنظام التربية والتعليم في بلاد الرافدين –أقدم بلاد عرفت الكتابة والقراءة والمدرسة- منذ أن صدر قرار "تبعيث" التعليم على يد القائد الملهم الذي أطلق النار في مراهقته على معلمه في المدرسة مروراً بتعيين العصابجي "سمير الشيخلي" وزيراً للتعليم العالي مروراً بمنح الصبي الأرعن المدمن شهادة ما بعد الدكتوراه من قبل لجنة مناقشة مرعوبة كان أعضاؤها ينادونه فيها بلقب "الاستاذ الفاضل" ! وصولاً الى ما نحن فيه من خراب وجهل طال المؤسسات الأكاديمية من الرأس حتى القدمين.
ربما كانت هذه مجرد حكايات ثلاث.. حكايات عن زمن مضى..
ولكن هل توقفت الكوميديا/المأساة ؟ هل انتهت حقاً ثقافة الراشديات أم أن ثقافة أخرى حلت محلها: ثقافة منابر التجهيل والحقد الطائفي والسيوف والدريلات وكاتمات الصوت والسيارات المفخخة حتى صارت تلكم الراشديات ذكرى جميلة نتوق إليها.. أم أن هذا وريث ذاك؟
ويا سيدي .. يا أيها المسيح..ها هم منذ آلاف السنين يضربوننا على خدنا الأيسر فندير لهم خدنا الأيمن فمتى ينتهي كل هذا ؟ وهل سنصحو يوما لنجد أنفسنا في عالم بلا وحشية .. بلا تخلف .. بلا قهر.. بلا راشديات ؟!





#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راشديات الثقافة.. وثقافة الراشديات – الحلقة الثانية
- شكسبير- شعر
- أغنيةٌ الى تمثالي
- راشديات الثقافة.... وثقافة الراشديات-الحلقة الأولى
- وداعاً مكتبتي الشهيدة... مرحباً مكتبتي الجديدة!
- مِن أدب الأطفال الكُردي..من سيُنزِلُ السكينةَ... على قلبِ مر ...
- وا ابن رشداه.. اقد أحرقوا كتبي!
- المسجد بيت الله
- ضحك كالبكاء...ليش ما صرت حرامي؟!
- مريم
- الحُلَّةُ الغَرّاء في مُراسَلةِ الرؤساء...الرسالة الخامسة ال ...
- تأخرتَ جداً
- ضحكٌ كالبكاء خبر عاجل : مؤتمر الوحدة الإسلامية يرجئ مشاوراته ...
- رباعيات
- بين الأدب الساخر.. والتهريج الرخيص.. أكثر من خيطٍ رفيع
- ترجمةُ الشعرِ... مهنةُ المجانين !
- الرجل .. الذي.. عقر.. الناقة
- مزامير راكوم الدهماء
- وما الفائدة؟؟
- ماجد الحيدر...ما بين ديالى ودهوك جسر من الحلم أعبره كل مساء


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - راشديات الثقافة وثقافة الراشديات-الحلقة الثالثة