|
أخطار المد الوهابي على وحدة الشعب واستقرار الوطن .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2612 - 2009 / 4 / 10 - 10:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يزعم التيار الوهابي الدخيل على المجتمع المغربي والمهدد لأمنه الروحي ، يزعم أنه يدافع عن ثوابت الشعب المغربي المذهبية والسياسية والقيمية ويحض أتباعه على "طاعة" ولاة الأمور ، كما جاء في إحدى تهجماته على كاتب هذه السطور إثر قرار السلطات الأمنية إغلاق دور الوهبنة والبدونة التي تسمى زورا دور القرآن عقب نشر شيخ الوهابيين بالمغرب المدعو المغراوي فتوى بجواز تزويج ذات التسع سنوات ضدا على الأعراف والقوانين المغربية التي تتضمنها مدونة الأسرة ، كالتالي ( إن من أبجديات العقيدة التي يتلقاها رواد دور القرآن، طاعة ولاة الأمور وعدم جواز الخروج عليهم لمجرد معصية اقترفوها، أو مخالفة أظهروها، وعدم جواز استحلال دماء عصاة المسلمين، ولا تكفيرهم بمطلق الكبائر وعدم شرعية قتال الذمي والمعاهد والمستأمن) . وفي هذا القول من التضليل المفضوح ما يستلزم التوضيح . فهل الخروج على ولاة الأمور لا يكون إلا بالسيوف والأحزمة الناسفة ؟ إن الخروج على ولاة الأمر يكون بكل السبل نذكر منها تلك التي ينهجها هذا التيار السلفي التكفيري والتي تعد أخطر من التفجير والتدمير ؛ وهي كالتالي : 1 ـ تكفير المشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي الذي يقوده الملك بالتوافق مع القوى السياسية والمدنية الديمقراطية . والتكفير جاء على لسان شيوخ الوهابيين الذين ينصبون أنفسهم نوابا عن الله في فهم كلامه وتطبيق شرائعه . ومما ذكره المغراوي وأسس عليه موقفه ، فتاوى شيوخ التكفير منها : ـ قال ربيع المدخلي: "وأعجب من واقع كثير من الدعاة اليوم يرون أمام أعينهم مظاهر الشرك، فلا تحرك فيهم ساكنا، ولا يحسبون لهذا الواقع المر حسابا، بل الأدهى والأمر أنهم يتذمرون ممن ينكر ويتألم لهذا الواقع الجاهلي السيئ". ويقول: "إن السياسيين الجاهليين بتحزبهم مزقوا شباب الأمة، وفرقوهم أحزابا وشيعا، كل حزب بما لديهم فرحون، وتابعوا الأحزاب الكافرة الظاهرة والخفية في التنظيمات السرية والمشاركة في المجالس والبرلمانات والديمقراطية الكافرة في البلدان التي استعمرت ورضعت لبان الاستعمار بكل ما فيه من تقاليد وقوانين وأنظمة كافرة". فمن من القراء ومن المواطنين من يرفض الديمقراطية أو يحكم عليها وعلى المجتمعات التي تتبناها بالكفر ؟ كيف للدولة أن ترخص لمن يكفرها ويكفر نظامها وقوانينها ومؤسساتها الدستورية ونوابها ومستشاريها وعموم المواطنين الذين ينخرطون في الأحزاب ويشاركون في الانتخابات ويحتكمون للقوانين التي تضعها المؤسسات التشريعية ؟ أليست هذه الفتاوى تحريضا على العنف وعلى الإرهاب ، وبالتالي فهي أشد خطرا من الأحزمة والعبوات الناسفة ؟ أليس الإرهابي حامل الديناميت سوى منفذ لفتاوى التكفير والقتل ؟ إن تكفير النهج الديمقراطي والاختيارات السياسية المبنية على التعددية الحزبية والنقابية والثقافية التي أجمع عليها المغاربة ـ نظاما وشعبا ـ منذ فجر الاستقلال ، إن تكفير هذا النهج هو أخطر من حزام ناسف أو سيف مسلول . ذلك أن تكفير مشروع مجتمعي برمته يتبناه ولي الأمر هو خروج على الملك وقتال له وحرب ضد المجتمع وكل تنظيماته السياسية والقيم الحضارية التي ترسخت في وجدانه منذ القدم . فإذا كان الحزام الناسف يأتي على حياة بضعة أفراد فإن تكفير ولي الأمر ومعه الأحزاب السياسية وعموم المجتمع الذي اختار النهج الديمقراطي هو تحريض على سفك الدماء وشرعنة للإرهاب وبالتالي إشاعة ممنهجة للفتنة ، علما أن الله تعالى حذر من الفتنة واعتبرها أشد من القتل . وخروج الوهابيين على ولي الأمر يتجسد كذلك في ضرب امتداداته الشعبية والدينية لعزله من جهة ، ومن أخرى إلصاق حكم الشرك بالملك باعتبار دعمه للصوفية كما جاء في الخطاب الملكي الموجه إلى المشاركين في الدورة الوطنية الأولى للقاء سيدي شيكر للمنتسبين للتصوف في شتنبر 2008 (وحتى نضفي على رعايتنا مضمونا ملموسا، وبعدا مستداما للقاء الوطني الأول من هذه اللقاءات المباركة. فقد أذنا لوزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية، بأن يتم تنظيم هذه اللقاءات، في صيغتها العالمية، كل عامين، في فصل الربيع. كما أمرناه بإقامة لقاء وطني منتظم، حتى يتاح لفعاليات مختلف الطرق والزوايا، المكونة للنسيج الصوفي بمملكتنا الشريفة، المشاركة، على الوجه المرضي، كما وكيفا، في كل ما من شأنه دعم القيم الروحية، والفضائل الربانية، والتأطير الأخلاقي للمجتمع. وهو ما اضطلعت بها طرق التصوف وزواياه في بلدنا، على امتداد العصور) . ومن أجل ضرب مصداقية هذا الامتداد الديني للنظام الملكي ، يشن التيار الوهابي حملة تكفير وتسفيه للصوفية بمختلف طرقها وزواياها ، وهذه واحدة من أدعية هذا التيار ( فاللهم لك الحمد .. وجنبتنا أن نهجر بضمير الغائب المنفصل الذي يغني إبهامه عن شهوده في حلقات مشبوهة تأزها الشياطين أزا وتهجرها ملائكة الرحمن هجرا .. فلسنا في حاجة إلى وسيط بعد محمد والصحب الكرام ونحن في غنى عن من يسر لنا بالصلاة السنورية والصلاة الصولجانية والأوراد المدخونة التي تباع في سوق المحدثات السوداء ) . فأين هذا القول السفيه من تأكيدات الملك لعموم الصوفية ( أصحاب الفضيلة،حضرات السادة والسيدات، إن رعايتنا لأحوال الزوايا، على غرار سنن أجدادنا الميامين، تقدير عميق من جلالتنا، لإسهام الطرق الصوفية المغربية في الإرشاد الروحي، ونشر العلم والتنمية، والدفاع عن حوزة الوطن ووحدته، وتماسك المجتمع، وتثبيت الهوية الدينية للمغاربة. والتصوف، وإن كان مداره على التربية وترقية النفس في مدارج السلوك، فإن له تجليات على المجتمع. ومن هذه التجليات ما يظهر في أعمال التضامن والتكافل، وحب الخير للغير، والحلم والتسامح ومخاطبة الوجدان والقلوب، بما ينفعها ويقومها ) ؟. هل بقي من خروج على ولي الأمر أخطر من موقف الوهابيين من دعم الملك ورعايته للصوفية ؟ للحديث بقية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المد الوهابي والمد الشيعي فكا كماشة واحدة .
-
حزب العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(2)
-
العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(1)
-
إبداعات فقهية لتكريس شقاء المرأة واستغلالها.
-
لتكن إجراءات الدولة شاملة ومستمرة .
-
ما أعجز الحكومة عن التخفيف من معاناة المنكوبين !!!
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(4)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(3)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(2)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(1)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الحكومة تستعجل الانفجار الاجتماعي .
-
ثقافة تبضيع المرأة ونخاستها .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الثورة الهادئة وجرأة التغيير السلس .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة(2) .
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة (1).
المزيد.....
-
الإمارات تدين اقتحام باحات المسجد الأقصى وتحذر من التصعيد
-
عبارة -فلسطين حرة- على وجبات لركاب يهود على متن رحلة لشركة ط
...
-
رئيسة المسيحي الديمقراطي تريد نقل سفارة السويد من تل أبيب إل
...
-
هل دعا شيخ الأزهر لمسيرة إلى رفح لإغاثة غزة؟
-
-في المشمش-.. هكذا رد ساويرس على إمكانية -عودة الإخوان المسل
...
-
أي دور للبنوك الإسلامية بالمغرب في تمويل مشاريع مونديال 2030
...
-
قطر تدين بشدة اقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى
-
-العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة
...
-
وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
-
الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|