حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....50

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 2606 - 2009 / 4 / 4 - 08:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

إلى:

• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.


محمد الحنفي







علاقة التقاليد بالمعرفة الدينية بتنوع مذاهبها:.....6

وإذا تأكد لدينا أن الفهم الخاص للدين الإسلامي، هو فهم نسبي، فإن ذلك الفهم النسبي عمل على إثراء المعرفة الدينية التقليدية. والمعرفة الدينية التقليدية بتنوعها، أدت إلى إنتاج أشكال من القيم المختلفة، التي أنتجت لنا أشكالا من الحجاب التي تختلف من عصر، إلى آخر، ومن بلد إلى آخر.

وحتى نسبر غور الفهم الخاص للدين الإسلامي:

فهل يمكن القول بأن الفهم الخاص للدين الإسلامي يقتصر على معرفة الشعائر، والطقوس الدينية فقط؟

أم أنها تشمل كل ما يتعلق بالدين الإسلامي؟

إننا عندما نرتبط بدين معين، إنما نرتبط به من خلال الشعائر الدينية، ومن خلال الطقوس المعبرة عن إقامة تلك الشعائر. ولذلك نجد أن المعرفة الدينية المتعلقة بدين معين، إنما تنصب على كيفية إقامة تلك الشعائر في الزمان، والمكان.

وفي إطار المعرفة الدينية المتعلقة بكيفية إقامة الشعائر الدينية، نجد اختلاف فهم كيفية، أداء كل شعيرة على حدة. ولذلك يمكن أن نقول: إن الفهم الخاص بمعرفة دينية معينة، يستهدف كيفية أداء تلك الشعائر، ومن أجل أن تعبر عن الإيمان بدين معين.

ونحن نجد أنه في الدين الإسلامي، يلتزم المسلمون بمعرفة شعائر الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، بعد النطق بالشهادتين. وفي إطار الالتزام بمعرفة شعائر الدين الإسلامي، نجد الاهتمام بكيفية أداء كل شعيرة على حدة، إلى درجة أن فهم الشعيرة، وفهم الكيفية التي تؤدي بها، تختلف من شخص إلى آخر، ومن مذهب، إلى مذهب آخر، ومن شعب للمسلمين، إلى شعب آخر للمسلمين. وهذا الاختلاف تتحكم فيه الشروط الذاتية، والموضوعية الخاصة بالفرد، أو بالجماعة، أو بالدولة، أو بالشعب، أو بصاحب مذهب.

غير أن الاهتمام بطقوس إقامة شعائر الدين الإسلامي، الذي يؤكد نسبية الفهم، لا يقتصر على الشعائر فقط، وإنما يمتد ليشمل كل ما يتعلق بالدين الإسلامي، من البعثة إلى الآن، سواء تعلق الأمر بالزمان، أو بالمكان، مما يجعل النسبية حاضرة في مجمل المعرفة الدينية الخاصة بالدين الإسلامي، بسبب الفهم المختلف القائم في إطار تلك المعرفة.

فالدين الإسلامي ليس شعائر فقط، وليس طقوسا خاصة بتلك الشعائر، بل يشمل كل ما له علاقة بالدين الإسلامي، كالإيمان، ودواعي قيامه، وتاريخ ظهوره، والشروط الموضوعية التي حكمت ذلك الظهور:

وكيف فهمه المومنون بعد ظهوره؟

وما هو المسار الذي عرفه في مختلف المراحل التاريخية؟

وما هي المذاهب التي ترتبت عن الفهم المختلف للكتاب، والسنة؟

ولماذا كان يسمح بالاجتهاد في مراحل تاريخية معينة؟

ولماذا توقف هذا الاجتهاد؟

ولماذا يحرص بعض المسلمين على إقامة دول تسميها بالدول الإسلامية في مختلف العصور؟

وهل كانت تلك الدول عادلة عدالة الدين الإسلامي؟

أم انها مجرد دولا مستغلة للدين الإسلامي من أجل فرض استبدادها؟

ولماذا يسمح بقيام توجهات، واحزاب سياسية، وجمعيات، على أساس ادعاء الإيمان بالدين الإسلامي، والدفاع عن ذلك الإيمان؟

ولذلك فاقتصار الفهم النسبي على الشعائر فقط، وعلى كيفية أداء طقوس تلك الشعائر، انما هو ممارسة معرفية قاصرة، فيما يخص شرط الفهم الشمولي للدين الإسلامي، والفهم العلمي للممارسة الدينية لمجموع المسلمين، واختلاف تلك الممارسة من مسلم إلى آخر، ومن جماعة من المسلمين إلى جماعة أخرى من المسلمين... وهكذا.

فالممارسة المعرفية الصحيحة للدين الإسلامي، هي الممارسة المعرفية العلمية لهذا الدين؛ لأن ممارسة معرفية من هذا النوع، هي وحدها التي تعد المسلمين لفهم دينهم فهما صحيحا، يتناسب مع الشروط الموضوعية القائمة في الزمان، والمكان، مما يجنبهم توظيف الدين الإسلامي توظيفا سلبيا: إيديولوجيا، وسياسيا؛ لأن الإيديولوجية، والسياسة، من إنتاج الإنسان، ولا علاقة لهما بالدين الإسلامي، لا من قريب، ولا من بعيد.

فالدين الإسلامي يسعى إلى تحقق الإيمان، وإلى إقامة الشعائر المترتبة عن ذلك الإيمان، انطلاقا من فهم معين لتلك الشعائر، ولمجمل ما له علاقة بالدين الإسلامي، الذي يهم جميع المسلمين.

أما الإيديولوجية، فيمكن أن تقوم على أساس التعبير بواسطة الأفكار المعبرة عن مصالح طبقية معينة، حتى تتوحد هذه الطبقة، أو تلك، حول تلك الإيديولوجية، التي تبقى بعيدة عن الدين الإسلامي، الذي هو دين لجميع طبقات المسلمين.

أما السياسة، فهي سعي، بواسطة برنامج سياسي، يعتمده حزب سياسي معين، من أجل الوصول إلى السلطة، وامتلاك اجهزة الدولة، التي توظف لخدمة مصالح الطبقة التي تصير حاكمة، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتمكين هذه الطبقة من تأبيد سيطرتها.

وبهذا التمايز بين الدين الإسلامي، وبين الإيديولوجية، والسياسة، يتبين أن الدين الإسلامي بريء براءة الذئب من دم يوسف، من الإيديولوجية، ومن السياسة، وان أي فهم يسير في اتجاه جعل الدين الإسلامي تعبير إيديولوجيا، أو مجرد شعارات سياسية، توصل المؤدلجين إلى السلطة، من أجل الحكم باسم الله، كما يفعل العديد من حكام العرب، والمسلمين، وكما سيفعل العديد ممن يسعون إلى الوصول إلى السلطة على أساس التوظيف الإيديولوجي، والسياسي، ليس إلا فهما تحريفيا للدين الإسلامي، الذي تصير أهدافه شيئا آخر.

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات