|
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2575 - 2009 / 3 / 4 - 08:10
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
اول ما ينبغي التحدث عنه فيما يخص الجانب العاطفي و الروحي للمراة و ما تلتزم و تتمسك بها اكثر من الرجل ، هو ايمانها العميق بما وراء الطبيعة ،و ربط نفسها بقوة تامة بالنظريات والابحاث الغيبية على العموم ، و ما يهمني هنا اكثر هو المتنورات و المثقفات التي يبنى المجتمع بما فيه على مدى تقدمهم العلمي و العقلي بشكل خاص. ان تكلمنا معتمدين على النظريات و المثبتات العلمية و الابحاث الدقيقة و نتائجها التي تثبت بان تركيبة و مكونات مخ المراة و كيانها البايولوجي لا ينقصه شيء ولو خلية عن الرجل ، و العمليات الكيميائية التي تحدث لاجراء المعادلات المعقدة اثناء اداء وظائف الاجهزة الداخلية لها و بالاخص الجهاز العصبي العام مشابهة تماما للرجل من دون نقص او زيادة . اما من الناحية الاجتماعية ، فالتاريخ القديم يدلنا على ان العقلية التي تميزت بها المراة لتسيير الامور العامة في المواقع التي كانت سلطانة فيها و مسيطرة على زمام الامور في المراحل المتعددة ، تثبت لنا ان للمؤثرات الاجتماعية من النواحي الثقافية و الاقتصادية دور بارز لاظهار شخصية المراة وقدرتها ، و الوسائل المتوفرة لديها من المادية كانت ام المعنوية هي التي تحدد اطر حكم المراة و مستواها من الناحية العقلانية او الروحية . هنا لا نريد ان ندخل في المحاكات و المساجلات الدينية حول النصوص التي تخص المراة ، وهذا ليس من شاننا ، بل نحن يجب ان نعتمد على العلم والمنطق لبيان الحقائق ، و الاراء و المواقف الدينية هي منتقاة من الظروف العامة للفترات المختلفة من التاريخ و وضع المراة فيها ، و مضمون هذه المراحل التي عبر فيها عن نظرة الرجل اليها من منطلق عقلياته و مصالحه و ما كان يكمن في مواقفه ، و لم تكن الاراء منطلقا من الاتجاهات المحايدة استنادا على تاريخ الاديان و كيفية تطورها الى ما وصلنا اليه اليوم ،و تختلف التاويلات حسب خلفية المؤٌل والفقيه و عقليته و مستواه العقلي و العلمي و الثقافي و كيفية قرائته للنصوص ، وتدخل المصالح الشخصية الاجتماعية و الاقتصادية و في اكثر الاحيان السياسية في هذه العملية ، او متاثرا – بغير وعي- بتراكمات و رواسب ما خلفته ثقافات بلادهم و القت بظلها على فكرهم و عقيدتهم و تحيزهم لجانب معين دون اخر ، والمتضرر الوحيد هو المراة حتما ، نظرا لابوية الحكم و الفكر في كافة المجالات الحياة الاجتماعية الاقتصادية اوالسياسية ، من العائلة الى المؤسسات المدنية الى السلطة السياسية بشكل عام . ان النظام العام للحياة البشرية الذي يجب ان يؤخذ بمجموعه ، و لا يمكن تجزئته بما يخص المراة و تفريقه عن القضايا الاخرى ، و عند الاخذ بنظر الاعتبار متغيرات المجتمع التاريخية ، و ما اثرت على وعي و المستوى الثقافي للمراة ، ستتوضح لدينا ان الصراع الدائم بين مكونات الجنس البشري قديما كانت واضحة المعالم الى ان وصلت الحال الى سيطرة العقل الذكوري بشكل مطلق في فترات متعددة و بالطرق المعلومة للجميع ، و فرضت على المراة ان تسلك طرق اخرى ليس لمصلحتها ، و للاسف اكثرها متوجهة نحو ماوراء الطبيعة في الخلق و العقل والتفكير و الخيال ، و توريثها للصفات التي تقلل من موقعها و شانها و احساسها بالنقص كعادة موروثة مكتسبة من الصفات المترسخة و المفروضة عليها في الواقع الاجتماعي اليوم ، و بالاخص في البلدان المتخلفة و ما فيها . الجدير بالذكر هنا ، اننا لم نسمع من اصحاب العقول المثالية او الروحانية المعتمدة على النصوص الدينية يوما ان افكارهم و اعتقاداتهم تقلل من مكانة المراة في الحياة الدنيا كما يدعون . اما لو حللنا نحن و بخلفيات حيادية ما يدعون و ما موجود فعلا على الارض و في مضمون عقائدهم و كتبهم ، و ما نلمسه واقعيا من تطبيقات افكارهم و توجهاتهم يثبت لدينا ان التطبيق و التنفيذ شيء مخالف للادعات النظرية لديهم حقا ، و الامثلة كثيرة في جميع نصوصهم و ما يطبقون و في جميع الاديان دون استثناء ، و لكن باختلاف في الكو و الكيف . و الدهى من كل ذلك تحدثهم عن حرية المراة و حقوقها المتعددة الجوانب في الحياة و مساحة تفكيرها و ما يجب عليها ان تنفذه ، و كل ما يعتقدون يجدون له الوسائل و التبريرات ، و لا يهم ما ينتقدون عليه و يفسرونه على انه الوضع الملائم لما تتميز به المراة ، و انها العقلية الخاصة بحفظ مكانة المراة و ما يرتبطون بها من الملصقات من المفاهيم التي فرضتها الحالات الاجتماعية فقط و لا غيرها ، من الشرف و الكرامة و العزة و غير ذلك من المطلحات الاجتماعية المقيدة لعمل و تفكير المراة . ان ما اضر بالمراة ليست نفسها و المؤثرات التي فرضت تدني وعيها في كثير من بقاع العالم فقط، و انما تحديد خصوصياتها وما يمسها من كافة الجوانب من قبل الرجل بالذات دون تدخلها ، و في مقدمة معوقات سير تقدمها تلازمها البيت و محاولة الرجل لابعادها عن ساحة العمل و الاختلاط و الانتاج ، يعتبر اكبر معوق لتفهمها الحياة و ما فيها ،او اختصار عملها على ما يعينها لها الرجل من باب الشفقة و الصدقة ، و التاريخ شاهد و يثبت لنا و يدلنا على نجاح المراة في كافة انواع العمل و المهمات و ان تطلبت العمليات الجهود البدنية و العضلية . كل تلك الاسباب الموضوعية ، وما اكتسبتها المراة بنفسها من الصفات التي تتمسك بها هي بنفسها ، اما ضعفا في الارادة ، او مجبرة لاسباب اقتصادية او اجتماعية او ثقافية ، من الاسباب الهامة لبقاء المراة و عقليتها في مساحة صغيرة من دون علمها او على الاقل عدم ادراكها بذاتها لما هي عليه ، و هي اسباب ذاتية محضة ، و هذا ما يوضح لدينا العوامل التي تفرض على المراة التوجه الى الغيبيات و التمسك بالروحانيات و المثاليات اكثر بكثير من الرجل ، وايمانا منها بما يقال لها من التوجيهات الصادرة من الاعتقادات ماوراء الطبيعة و ليس لضعف في كينونتها و تركيبتها المادية و الفكرية ، و انما لعدم تلائم الظروف و الارضية لخروجها من المربع المثالي الاول ، و سيطرة الخيال على قدرتها الفكرية ، و هذا ما يمكن ان نقول بان الوضع الاجتماعي العام فرض جوا يجعل المراة اكثر ترددا في قطع خطواتها في التقدم ، و ما موجود في المجتمع من العادات والتقاليد المتوارثة تعتبر من العوائق الرئيسية لجعل المراة اكثر تمسكا بهذه الصفات اكثر من الرجل ، و لاسبابها الموضوعية التي ذكرت سابقا ايضا .السبب الرئيسي الاني لما فيه المراة في الوقت الحاضر هو تدني المستوى الثقافي و التعليمي ، بالاضافة الى افرازات الافكارو المعتقدات المثالية الروحانية البحتة ، و بازالة المسببات ستكون الطريق مفتوحا امامها دون ان تؤثر تركيبتها الطبيعية على عقليتها كما يدعي الاخرون ، اي ما تتمسك به المراة من العادات و التقاليد و الروحانيات تتوارثها و تكتسبها من محيطها الاجتماعي ، و هي سهلة الازالة و لكن تحتاج الى كسر الطوق المفروض بارادتها و عقليتها بذاتها لوحدها و ما تتطلبه مصالحها الخاصة ، و ليس اعتمادا على احد .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
-
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
-
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
-
هل ستنتظر امريكا نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية لتتحذ الخط
...
-
على هامش اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
عوامل اخفاق اليسار في انتخابات مجالس المحافظات
-
سيطرة اليمين في اسرائيل و تاثيراتها على علاقاتها في المنطقة
-
التراجع في تطبيق ديموقراطية اقليم كوردستان
-
ترسيخ الفلسفة و النهج التربوي التقدمي اولى مهامات الدولة الح
...
-
اهمية الاصلاح داخل الاحزاب و تاثيراته على الوضع العام في الع
...
-
هل سيشهد اقليم كوردستان فوضا خلاقة و تغييرا جذريا
-
النهضة بحاجة الى العقلية التقدمية المنفتحة
-
كيف نسد الطريق امام محاولات تفريغ الديموقراطية من مضمونها
-
بعد انتخابات مجالس المحافظات.. الوضع العراقي الى اين ؟
-
استمرارية الاصلاحات دليل تطور و تقدم اي بلد
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان كوردستان المرتقب
...
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان ا
...
المزيد.....
-
بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر
...
-
هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي
...
-
“لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع
...
-
شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
-
“800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم
...
-
البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
-
مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة
...
-
“سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف
...
-
إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى
...
-
هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|