|
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2569 - 2009 / 2 / 26 - 09:43
المحور:
الادارة و الاقتصاد
عندما نتصفح ما تحوي طيات التاريخ في العهود الغابرة للمناطق التي تتمتع اليوم بما تعود عليها بالمنافع جراء ثرائها بالثروات الطبيعية ، و في مقدمتها النفط الذي اكتشف مؤخرا ، نحس بالفرق الشاسع بين الحياة و ما تضمنها في حينه ، و اليوم و ما تغيرت في كافة نواحيها ، و ما يخص الانسان و معيشته اليومية . من المعلوم ان منطقة الشرق الاوسط بشكل كامل ، تمتاز بموقع جيوبولوتيكي هام ، على انها تقع في قلب العالم و لها موقعها الجغرافي الخاص جدا ،و انها تمتماز بالخصائص المهمة لربط جميع انحاء العالم مع بعضه ، و هذه المميزات الخاصة هي التي استفادت منها في عصر التجارة الذهبي عن طريق البر و البحربين الشرق و الغرب ، في الوقت الذي كان التجارة الجوية لم تصل الى ماهي عليها اليوم ، و كانت الضرورات اليومية اقل مما نحتاجها اليوم . و اهم الوسائل للكسب المالي و اقصرها هي التجارة التي عادت بالنفع للمنطقة بشكل كامل ، الى ان اكتشف النفط ، وازداد الاحتياج اليه بعد الثورة الصناعية و التطور العام .و تغيرت معه الحياة بشكل ملحوظ ، و بنيت على هذه المستجدات العلاقات السياسية و ما تتطلبها ، و اخذت بنظر الاعتبار في الخطوات المعتبرة للسياسات العالمية والمصالح الاقتصادية الخاصة ، و التي بنيت عليها التوجهات العامة و ارتبطتا بشكل وثيق في تنفيذ و تطبيق الاجندات و الخطط السياسية الاقتصادية لجميع البلدان بشكل عام ، و القوى الكبرى بشكل خاص . و بعد ازدياد اهمية النفط ازدادت اهمية و ثقل الدول التي تمتلكه ، و بنت الدول الكبرى علاقاتها على هذا الاساس و ما تفرضه مصالحها الاقتصادية السياسية ، و عادت بالخير على الدول المنتجة على الرغم من عدم ادارة الحكم بشكل يطمئن المواطن في تلك البلدان الغنية ، بل لم ينعكس الثراء على معيشة المواطن بشكل متساوي لعدم تنظيم حياة المواطن في تلك البلدان ، وانخفاض المستوى الثقافي و تدني الوعي اللازم لتطور اي بلد ، واستغلت الدول الكبرى هذه البلدان المنتجة للنفط دون النظر الى معيشة المواطن و انعدام الحريات و حكم الدكتاتوريات من اجل توفير النسبة الكافية من النفط في الاسواق و باسعار مقبولة . و عند استقرار الاقتصاد العالمي على الدول المنتجة و المستهلكة، اعتمد كل بلد على المتغيرات الاقتصادية العالمية ، وازدادت الهوة بين الدول الغنية و الفقيرة ، واسترخى الوضع الاقتصادي للعديد من الدول استنادا على مقدار صادراتها ، والمتناقض المحسوس هو عدم تقدم البلدان المنتجة بشكل مرضي مجاراةً مع سعة منتوجاتها و صادراتها ، ولم تتقدم صناعيا ، ولم تخطو خطوة ملحوظة للاكتفاء الذاتي ، ولم تفكر في المرحلة التي تنضب الصادرات الرئيسية فيها ، وهذا ما يدع اي محلل ان لا يتفائل لمستقبل اي من هذه الدول في حالة قطع تلك الثروات الطبيعية و نضوبها . اي اننا و اعتمادا على مؤشرات الواقع الموجود يمكنا ان نعتقد بان الفوضى ستسود على اقتصاد هذه الدول و ستؤثر على الوضع السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي العام ، و تكون الظروف العامة غير محمودة العواقب ، لعدم وجود البديل المناسب للسيطرة على الامور وفق ما نشاهده و نتحسسه اليوم و ما نعيش في الوقت الحاضر ، و السلطة التي بنيت على الواردات الخيالية سيصيبها الخلل و يخرج الوضع من تحت السيطرة ، وخاصة ان حدثت بشكل مفاجيء و فوري . البلد الذي يصرف النسبة المطلقة من وارداته المالية من الثروات الطبيعية على استيراد احتياجاته الضرورية من دون بديل مقنع للمدى البعيد ، سيكون مستقبله غير مضمون . اما الدول الكبرى المستوردة لهذه الثروات وكما نسمع انها تبحث و تعمل بجد من اجل ايجاد البديل لها سوى كان عن طريق الطاقة الشمسية او المواد المتوفرة الاخرى ، و تصر في عملها و تهدف الى تقليص اعتماداتها سنة بعد اخرى على هذه الثروات الحيوية ، فيمكنها ان تجد البديل نظرا لتقدمها الصناعي و نموها المضطرد و تطورها الخارق في جميع المجالات العلمية و المعرفية ، و ستجد ما تسير به ضرورات شعبها قريبا حتما، ان شعرت بقرب موعد نضوب النفط . و بهذا يمكن ان لانتشائم لمستقبل تلك البلدان المستوردة فقط ،بينما العكس واضح على مرآنا في الدول المنتجة المتاخرة عن الركب صناعيا ، و خاصة دول الشرق الاوسط النفطية . و في النتيجة يمكننا القول بان سيطرة القوى العالمية تزداد و بشكل متوقع ، وسيقل دخل الفرد الشرقي و سيزداد الفقر فقرا ، ان لم تحدث المفاجئات العالمية الكبرى من الناحية السياسية والاقتصادية . و بهذا نتوقع ان يحدث تغييرا شاملا في هذه المنطقة باجمعها ، و ان لم يساعد المسيطرين المتقدمين علميا و تكنولوجيا على زمام الامور في العالم هذه الدول ، ستحدث الحروب و ستتدافع البلدان استنادا على الاحتياجات الضرورية اليومية . اي بنضوب النفط في الظروف المشابهة لما نحن فيها الان ستحصل مآسي و كوارث اجتماعية و اقتصادية ، وسيتخلخل ميزان القوى ، وربما تسيطر القوى الكبرى المستقرة على زمام الحكم في هذه المنطقة بشكل مطلق و مباشر او غير مباشر . استنادا على تلك التوقعات ، يمكننا القول انه من الواجب على الدول المنتجة و المصدرة للنفط بالاخص في هذه المنطقة ان تعيد حساباتها بدقة ، و عليها ان تقيٌم وضعها و واقعها الاقتصادي و السياسي على ما هو عليه ، و ما يكون حال نضوب النفط ، ومن اليوم ، ومن اجل ايجاد الحلول الجذرية ضمانا لمستقبل الاجيال القادمة ، و هذا ما يتطلب بحوث و دراسات علمية استراتيجية دقيقة حول الموضوع ، للاستفادة من التوقعات و الاراء حول كيفية ايجاد البدلاء الممكنة ، و الخروج من المازق المتوقع في تلك الحالة باقل الخسائر، و اليوم ليس مبكرا ان بدئنا بالبحث عن الحلول لهذا الموضوع ، لانها ربما تحتاج لسنين طويلة لاعادة النظر في طريقة اتباع اسلوب العمل الاقتصادي و ما يمكن ان تعتمده الاجيال بما لها و ما البديل المعقول الذي يمكن التوصل اليه .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستنتظر امريكا نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية لتتحذ الخط
...
-
على هامش اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
عوامل اخفاق اليسار في انتخابات مجالس المحافظات
-
سيطرة اليمين في اسرائيل و تاثيراتها على علاقاتها في المنطقة
-
التراجع في تطبيق ديموقراطية اقليم كوردستان
-
ترسيخ الفلسفة و النهج التربوي التقدمي اولى مهامات الدولة الح
...
-
اهمية الاصلاح داخل الاحزاب و تاثيراته على الوضع العام في الع
...
-
هل سيشهد اقليم كوردستان فوضا خلاقة و تغييرا جذريا
-
النهضة بحاجة الى العقلية التقدمية المنفتحة
-
كيف نسد الطريق امام محاولات تفريغ الديموقراطية من مضمونها
-
بعد انتخابات مجالس المحافظات.. الوضع العراقي الى اين ؟
-
استمرارية الاصلاحات دليل تطور و تقدم اي بلد
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان كوردستان المرتقب
...
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان ا
...
-
الدور التركي بعد حرب غزة و تلاسنات دافوس
-
دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المو
...
-
مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
-
تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي ال
...
-
من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
-
اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
المزيد.....
-
تقرير عبري: صادرات النفط من أذربيجان إلى إسرائيل عبر تركيا م
...
-
السعودية تستورد 160 ألف سيارة عامي 2022 و2023
-
معهد -موسكو- للطاقة يطوّر تكنولوجيا جديدة لإنتاج الهيدروجين
...
-
رئيس وزراء فيتنام يجدد دعوته للإسراع بصرف الأموال العامة لدع
...
-
بنك -جيه بي مورجان- يتوقع مفاجأة في احتياطيات مصر الأجنبية
-
محللون: المقاطعة التركية تعمق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي
-
هبوط سعر الذهب في الأردن اليوم… سعر الذهب اليوم في الأردن عي
...
-
سياسي ألماني يشير إلى نزوح ضخم لرؤوس الأموال من بلاده
-
“في خطوتين” رابط استخراج نتائج الهجرة العشوائية لأمريكا 2024
...
-
فيتش تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية مع انخفاض مخاطر
...
المزيد.....
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
المزيد.....
|