|
تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي العام
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 08:59
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تتجه بعض الاحزاب و التيارات الى عقد تحالفات او الدخول في الجبهات مع نظيراتها في اوضاع سياسية معينة ، او ظروف مرحلية تجبرهم على هذا التوجه ، او لمواجهة التحديات التي تجابههم ، لخدمة اهدافهم و استراتيجياتهم البعيدة المدى . و المعلوم ان الاحزاب المتقاربة في المناهج و الشعارات و المباديء الاساسية اكثر توفيقا و توافقا لتاسيس هكذا تركيبات و تكتلات ، مما لا تكون على حساب الاهداف و المباديء الخاصة بكل منهم . ان الوضع السياسي العام يفرض على المكونات السياسية التفكير في الية لتقوية الموقع و مركز الثقل و العمل على ضمان النمو و الانتعاش ، سوى كان من اجل الاهداف العامة بعيدة المدى التي يحملونها او لظروف و اهداف مؤقتة قصيرة الامد ، او من اجل تكتيك معين ، او من اجل البقاء و تحدي المواجهات الصعبة العامة، او من ادارة البلد، اي السلطة، او لتقوية المعارضة الحقيقية . و تاريخيا شاهدنا العديد من الجبهات الموحدة و التحالفات الهشة ايضا، منها استمرت و حققت اهدافا عديدة في مراحل معينة، و منها فشلت و انفرط عقدها و عادت مكوناتها الى حالتهم الطبيعية في العمل الانفرادي او حلٌوا انفسهم ، و منها ما تسببت في المشاكل الكبرى فيما بينها الى الاختلافات و الوصول الى الحراب ، و تضررت اكثر مما استفادت ، و منها توحدت مكوناتها في وحدة واحدة و نجحت في اداء الواجبات و انتقلت باحزابها الى مراحل متقدمة ، و تابعت كفاحها بشكل اقوى و اختلطت تنظيماتها بشكل قوٌت من مواقعها ، و منها انتهت بتقوية جهة ما فيها على حساب الاخرى ، و تمكنت بعض منها من بلع الاخرى ، لقوة و امكانية و قدرة احد اطرافها و عدم توازنها مع الاخر . تاسيس جبهات و تحالفات متنوعة و ذات استراتيجية مؤثرة ، تكون منتظمة و متوازنة و تعتمد على مناهج داخلية واضحة و شفافة ، و ديموقراطية الاسلوب و السلوك و الشعار . و تتفق جميع اطراف الجبهات الحقيقية على الاهداف الاستراتيجية و اطر العمل والمساحة و الصلاحيات والادارة و القيادة استنادا على المباديء و المعتقدات و تطبيق الديموقراطية في اداء الواجب و العمل . و حتما تكون هذه الجبهات و التحالفات ناجحة ، وتكون تاثيراتها ايجابية على الواقع السياسي العام و مسيرة التطور من جميع النواحي في اية بقعة تنبثق هذه الجبهات ، ان كانت متراصة متينة واضحة المعالم و الاهداف . المهم هنا ان نذكر بان تاسيس وانبثاق و نجاح التحالفات و الجبهات يعتمد على مجموعة من الشروط المسبقة اللازمة و الواجبة تنفيذها او الاستناد عليها لضمان نجاحها و تامين نتاجاتها لقطف ثمارها للصالح العام . و من اهم هذه الشروط ، التقارب و التشابه في المباديء والاهداف العامة الاستراتيجية المؤثرة على الواقع لمكونات الجبهة او التحالف ،و الاستناد على التوازن في ثقل و امكانية و قدرة القوى المشاركة والتكافوء بين الجهات ، واتباع السلوك الديموقراطي في تنفيذ المهام والواجبات والصلاحيات بشكل دقيق ، و توحيد المواقف و الاراء حول القضايا العامة او الانية او ما تبرز بشكل مفاجيء من المسائل التي تحتاج الى المواقف الحاسمة على الصعيد السياسي ، و عدم تقاطع اهداف المكونات مع بعضها ، و عدم استغلال احد الاطراف على انفراد الجبهة و التحالف لتحقيق اهداف حزبية ذاتية ضيقة ، واتباع الشفافية في العمل الجبهوي ، وتحديد صلاحيات قيادة او ادارة الجبهة اوالتحالف بشكل واضح و مرن، و تحديد الاولويات ، وتوضيح السياسة العامة للجبهة او التحالف ، و عدم انفراد اي طرف في التحالف مع اطراف اخرى من دون علم الاخرين . الجدير بالذكر هنا ، لابد ان نشير الى ان من الاحزاب البعيدة عن بعضها و متناقضة بشكل قاطع في الاهداف الاستراتيجية لا يمكنهم ان ينجحوا في اهدافهم الانية التي يعقدون التحالفات بسببها ، و لم يستمروا في تحالفاتهم و لن تتحقق الغاية التي انبثقت من اجلها التحالف مهما كلفوا انفسهم و تحملوا التناقضات التي تبرزبينهم من مسار عملهم . ان الخط المنحني لقرب الاحزاب والتيارات من حيث المبدا والاهداف و الشعارات يوضح مدى نجاح التحالفات . لا يمكن لحزب يساري حقيقي ان يتحالف مع حزب ديني استبدادي و ينجح في عمله مهما حاول ، و ان كان الهدف الاساسي مرحلي من اجل غاية سياسية تكتيكية بحتة ، وان كانت بعيدا عن المباديء و القيم التي يؤمن بها كل طرف ، لابد ان يستفيد احد الطرفين على حساب الاخر مهما طال الزمن ، لان النظرة الى الحياة بكافة جوانبها تختلف جذريا ما بين الطرفين ، وشاهدنا كم من تحالفات من هذا النوع الشاذ و لفترة وجيزة و لاهداف انية سقط و هوى دون ان يحقق ما انبثقت من اجله ، بل تركت سلبيات على الطرفين والوضع السياسي العام الى حد كبير . ربما يمكن عقد قران سياسي هش و مترنح بين قوى متعددة غيرمنسجمة المباديء و الاهداف ، الا ان نجاحها غير مضمون و لو بنسبة قليلة . هناك قوى استبدادية متعددة التوجهات تحاول السيطرة على الوضع بكل السبل ، و تريد ان تلقى سلٌما لتتدرج في سيطرتها على الوضع، و هنا تهدف الى غاية معينة عن طريق تحالف تكتيكي خاص و وقتي ، و لا يمكنها ان تكون مسالما مهما طالت تحالفها و انما تدخل في جبهة ما لتظهر مسالمتها مع الاطراف في اي تحالف او جبهة و لكنها ستتوجه الى التشدد و الاستبداد حال توفير الفرص . ان الاحزاب اليسارية بشكل عام ، الحاملة للاهداف العلمانية الديموقراطية الضامنة للحرية و مكافحة من اجل ضمان العدالة الاجتماعية ، كيف لها ان تتوافق مع الافكار و المباديء الرجعية الغيبية الخيالية التي لا تهتم بهذه الحياة وتعتبرها محطة مؤقتة للانتقال الى الاخرى، و غير مفيدة كما تدعي . و هي تفرض العيش بانطواء و انعزال و عبودية للمنتمين الى احزابها و هم يروجون لبضائع منتهية الصلاحية منذ قرون عديدة . هذه من الناحية الجوهرية لشروط التحالف الخاص بالاحزاب و التيارات ذاتها . اما الظروف السياسية و الاجتماعية العامة و ما فيها ، يجب ان تحلل و تفسر و تقيم ،و يجب ان تبين مستوجبات عقد التحالفات بشكل مفصل ، بعد تفسير ما يتطلبه الواقع الاجتماعي العام و ما يفرضه على كيفية عقد التحالفات . و يمكن ان نتوقع نجاح القوى اليسارية مع بعضها و مع القوى الديموقراطية الوطنية او مع الليبرالية اليسارية و التقدمية ، و من الممكن ان تتحالف مع قوى عديدة مع المثقفين البارزين والفنانين السياسيين و الادباء و الشعراء والشخصيات التقدمية لاهداف معينة ، ويكون اكثر نجاحا من تحالفات القوى اصحاب المباديء المتناقضة التي تعقد لاهداف سياسية ضيقة مؤقتة ، و تكون اكثر ضغطا و تاثيرا على الراي العام و على مسار العملية السياسية العامة للموقع الذي تعقد فيه ، و على كل ما يخص المجتمع او الطبقة او الفئة و الشريحة التي تكافح من اجل ضمان معيشتها و حياتها بكرامة ، و تضمن السلام و الاطمئنان بعيدا عن القمع و الاستبداد و استغلال طرف لاخر .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
-
اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
-
الاليات المناسبة لمشاركة الشباب في اداء الواجبات العامة
-
الفضائيات وسيلة عصرية لتمدن الشعوب
-
المحافظة على سلامة عقلية الاجيال القادمة من واجبات المخلصين
...
-
تقديس القائد من الخصائص السلبية التي يتصف بها الشرق الاوسط
-
الديموقراطية الحقيقية لا تحتاج الى رموز لترسيخها
-
صراع الاحزاب بحرية و سلام تنافس مقبول لقطف ثمار الديموقراطية
...
-
صورية تركيب ومهام برلمان اقليم كوردستان
-
الوعود الخيالية في خطابات وبرامج مرشحي مجالس المحافظات
-
سبل استنهاض الشعب العراقي من الاحباط الذي اصابه
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقيم كردستان (3)
-
عدم تاثير مواقف الاحزاب الصغيرة على سياسة اقليم كوردستان
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (1)
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (2)
-
ماذا يحدث للمواطنين العراقين في السعودية
-
سيطرة عقلية الثورة وليست عقلية السلطة على القادة الكورد منذ
...
-
اية نظرية فكرية تتوافق مع الواقع في الشرق الاوسط
-
ازدواجية قادة الشرق الاوسط في التعامل مع الاحداث
-
المخاطر التي تواجه علاقة الحكومة العراقية المركزية مع اقليم
...
المزيد.....
-
الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا
...
-
عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
-
إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف
...
-
ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ
...
-
مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
-
الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر
...
-
إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
-
ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
-
هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
-
مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|