|
الوعود الخيالية في خطابات وبرامج مرشحي مجالس المحافظات
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2538 - 2009 / 1 / 26 - 01:11
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
عندما نسمع اي مرشح مهما كان مواقفه و اتجاهاته الفكرية و الايديولوجية و هو يسرد ما يمكن ان يحققه للشعب و ابناء محافظته بشكل خاص حال انتخابه ومطالبا التصويت لصالحه، و هو لا يدرك انه من سياق كلامه يخرج بالوعود التي لا يمكن الايفاء بها مهما اجتهد و ان كان خبيرا في عمله لانها اصلا خارج صلاحيات الموقع الذي يرشح نفسه للفوز به. هنا لابد ان ننتقد بشكل قاطع المبالغة و الغلو غي الكلام ، و كل منهم يتكلم حسب قدرته و لباقته و امكانياته الثقافية و الادبية ، و لكن المستمع على اختلاف انواعه يقرا بشكل جيد ماوراء الخطاب ،و يكون التصديق و الايمان بما تُدلى من التصريحات حسب مستوى المواطن و فكره و ثقافته و عقيدته و انتمائاته الدينية و المذهبية و الايديولوجية ،و هو يهتم بتاريخ المتكلم و افعاله و مصداقيته و امكانياته بشكل دقيق ان امعن فيما يحتاجه العراق في الوقت الحاضر . هنا ليس الكلام عن المنتمين للكيانات التي تختار من ترشحه كياناتهم مهما كان نوع و مستوى المرشح و ما كانت مواصفاته . عند التمعن في خصوصيات عمل المحافظة و اهمية مجالسها في هذه المرحلة تتبين انها مهمة لما يؤول اليه العراق الجديد من كافة الجوانب السياسية الاقتصادية الثقافية و الاجتماعية ، و المرحلة المتنقلة الحالية لم تحدد الحال التي يستقر عليه العراق من الجوانب العديدة و بشكل قاطع ، من حيث الاستناد على الدستور و ما فيه من القضايا الخلافية و منها ما تحتاج الى حسم ، و ما في قانون مجالس المحافظات من الصلاحيات التي تخول المجالس للعمل في العديد من الاتجاهات السياسية المهمة منها ، و في مقدمة المهامات هو التركيز على شكل و نوع الحكم الذي يتجه اليه العراق ، المركزية المطلقة كما يريد البعض و لمصالحه الذاتية ام اللامركزية و الفدرالية لتوزيع الصلاحيات و امكانية التوازن و التساوي في المهام و العمل و استحصال الحقوق و الاستحقاقات بشكل سهل دون اشكال يذكر . من القضايا المصيرية التي تواجه الوضع ما بعد الانتخابات و من الخطط و البرامج الصعبة التي لا يمكن تنفيذها الا بمن له القدرة و الامكانية و العقلية السليمة، وهو كيفية تطبيق الدستور او تعديله و كذلك انبثاق اقاليم مقترحة في وقته ، و لكن ما يستقرا من المعطيات الحالية ان الاكثرية المنتخبة ربما تكون من نصيب الاحزاب و الكيانات الكبيرة المعلومة المناهج و الشعارات و الاهداف و لاسبابها الواضحة في هذه المرحلة ، كما اعتقد، و هذا ما يبقي المشاكل المستعصية على حالها و ربما بتغيير بسيط . الغريب في الامر ان وعود المرشحين و كياناتهم تدخل في خانة الخيال و الغيبيات لعدم اعتمادهم على ما موجود في الواقع و استنادهم على تحريك العاطفة و الدغدغة الفكرية العقائدية ، لان الارضية والبيئة اللازمة مناسبة لذلك ، بحيث المواطن يدخل الى حالة يبتعد عن الاحتياجات الخاصة و يُبعد الخدمات الضرورية الواجبة توفيرها عن تفكيره و عقليته و يركز على الافكار و الغيبة دون ان يعلم ما يفعل بذاته و هذا هو الهدف المقصود للايديولوجيات الغيبية ، و هذا ما يمكن ان نسميه البيعة و ليست الانتخابات العامة. من المعلوم ان من اهم المهام الواقع على عاتق عضو مجلس المحافظة و عليه ان يؤديه هو سعيه المتواصل لتوفير الخدمات العامة و تنظيم الادارة و اعمار محافظته والاهتمام بالصحة و التربية و الزراعة و الثقافة و الوجه المدني لها استنادا على برامج واقعية ممكنة التنفيذ بعد استحصال الميزانية الخاصة بالمحافظة ، و بالامكان العمل على الاكتفاء الذاتي و تطوير العمل على زيادة الواردات الخاصة بالمحافظة وفق القوانين المعنية ، هذا بالاضافة الى تطوير الجانب الثقافي و التنمية لابناء المحافظة و الاهتمام برفع المستوى الثقافي العام قدر الامكان. و لكن من يتابع برامج المرشحين يتعجب من ان اكثريتهم يدرجون النقاط الخيالية التي ليست من اختصاصاتهم و مهامهم و يمكن ان يصنف في خانة التضليل من اجل الاصوات فقط . غير ان من جانب اخر ، من يحلل الوضع السياسي الاجتماعي و المستوى الثقافي العام للمجتمع يتجلى لديه مدة اهتمام المواطن ببرامج المرشح و ما يصرحون به، و هذا يتبين من طلبات المواطنين للاستيضاح عن تاريخ المرشح و انتمائاته الفكرية الدينية المذهبية قبل ان يسالوا عن قدراته وامكانياته و ثقافته و اخلاصه او ما يطرحه من البرامج . هذا دليل على ان المرحلة الانية تفرض العديد من التساؤلات حول كيفية الانتقال و العبور الى الوضع الطبيعي للعراق و باية طريقة كانت ، و هل الانتخابات تساعد في تسريع الانتقال الى المراحل المتقدمة و ازالة السلبيات المُفرزَة منها ، ام هذا ما يحتاج الى وقت و عمل واصرار و ارادة ان تمكنا منه. الواضح في الامر ان الصراعات الحزبية و الايديولوجية المحتدمة على الساحة السياسية العراقية بشكل عام قد انعكست على عملية الانتخابات ، و النتائج المتمخضة عنها سوف تظهر من ان المواطن مع اي توجه سياسي او فكري قبل ان يكون مع اي مرشح او برامج يكون في خدمته و خدمة محافظته و من لديه الامكانيات و القدرات الكافية لاداء واجباته بشكل جدي و واضح و يمكن ان ينجح في خطواته . و هذا ما يدلنا على طريق بان البرامج الانتخابية ستكون نظرية وغير معتمدة في اختيارات او تصويت المواطن بقدر تفكيره لما يهدف الكيان الذي يصوت لصالحه ، و عليه تكون انتخابات مجالس المحافطات مقدمة لتوضيح ما تكون عليه نتائج انتخابات البرلمان العراقي بعد مدة ليست بطويلة و تظهر في الافق ملامح خارطة العملية السياسية في العراق المستقر . و هذا ما يجعل من اي مرشح ان لا يهتم بما سيطرحه و ما يوعد به لانه لن يُحاسب على اقواله ان نكث بعهوده او نقض بوعوده او حتى حنث بقسمه ، لان اكثرية المرشحين هم ضمن قائمة الكيانات و لن يحاسبوا على فعلتهم مهما بلغ سلبياتها . و ان كنا صريحين اكثر يمكن ان نقول انه لحد اليوم لم نشاهد برامج عمل علمية دقيقة و عملية و واقعية بما تناسب موقع المرشح و صلاحياته و الظروف التي تعيش فيها محافظته ، و يكون بعيدا عن الخيال و المبالغة و التضليل ، و كل ما نسمعه هو وعود ما قبل الانتخابات فقط و هي تذهب مع الريح بعد الانتخابات مباشرة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سبل استنهاض الشعب العراقي من الاحباط الذي اصابه
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقيم كردستان (3)
-
عدم تاثير مواقف الاحزاب الصغيرة على سياسة اقليم كوردستان
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (1)
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (2)
-
ماذا يحدث للمواطنين العراقين في السعودية
-
سيطرة عقلية الثورة وليست عقلية السلطة على القادة الكورد منذ
...
-
اية نظرية فكرية تتوافق مع الواقع في الشرق الاوسط
-
ازدواجية قادة الشرق الاوسط في التعامل مع الاحداث
-
المخاطر التي تواجه علاقة الحكومة العراقية المركزية مع اقليم
...
-
توفير عوامل قوة شخصية المراة في المجتمع
-
ضرورة الحوارات السياسية من عدة ابواب في العراق اليوم
-
وضوح عناصر تعبئة المواطنين مفتاح لاختيار الاصلح في الانتخابا
...
-
كيف و متى تترسخ الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد
-
عدم ادانة ايران رغم قصفها المستمر لقرى اقليم كوردستان !!
-
المرحلة التاريخية الراهنة تتطلب منا الافكار و الحوار
-
حرب غزة بين الايديولوجيا و التكنولوجيا و افراز قوى اقليمية ج
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
-
ترحيل اللاجئين قسرا خرق لحقوقهم الانسانية
المزيد.....
-
تأجيل الجولة المقبلة من المحادثات النووية بين إيران والولايا
...
-
روبيو: أوكرانيا لا تستطيع إزاحة روسيا إلى حدود 2014
-
بكين: على الأمريكيين أن يلغوا الرسوم الجمركية إذا أرادوا الت
...
-
روبيو يشترط على إيران دخول المفتشين الأمريكيين في حال التوقي
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
-
ترامب يقيل مستشار الأمن القومي والتز في أول تعديل كبير لإدار
...
-
مسلمو فيتنام.. أقلية جذورها تاريخية وشعارها التسامح
-
من قتل السلطان محمد الفاتح؟
-
مصادر تكشف لـCNN عن معلومات استخباراتية جديدة بشأن أهداف بوت
...
-
المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية -فوجئت- بخبر تعيين روبيو مس
...
المزيد.....
|