|
التراجع في تطبيق ديموقراطية اقليم كوردستان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 09:35
المحور:
القضية الكردية
منذ انتفاضة اذار 1991 و قطع اقليم كوردستان شوطا لا باس به من العملية الديموقراطية ، و استهلها بانتخابات برلمان و انبثاق حكومة اقليم ، رغم الثغرات و السلبيات التي شابتها ، و بعد ان سيطرت الصراعات الحزبية على ادارة الحكم ، و مُنعت مأسسة ادارة الاقليم ، و اعيق نشر الثقافة الديموقراطية و الوعي العام للمجتمع ، و معرفته للمسؤوليات و المهام الذي يقع على عاتقه في التجربة الحديثة التي مرٌ بها ، الى ان وصلت الحال الى الاحتراب ، و به ذبحت التجربة الرضيعة من بكرة ابيها ، و علقت في الوحل و تراوحت الحكومة دون ان يكون هناك من يحاول اخراجها . اليوم ، بعد الانفتاح الملحوظ منذ سقوط الدكتاتورية و التحسن في الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي ، و اتساع مساحة الحريات لحد ما ، و توفر الوسائل الضرورية في المنطقة ، فكان بالامكان ان يقطع الوضع الثقافي الاجتماعي العام لاقليم كوردستان مسافة طويلة و مرحلة مرضية ،لطول فترة تحرره من مخالب الدكتاتورية مقارنة مع الوسط والجنوب العراقي ، فانه للاسف لم يقف كما هو على المستوى الذي وصل اليه من التقدم النسبي ، بل نحس و نتلمس بشكل ملحوظ بانه في تراجع مستمر في العديد من القضايا العامة التي تخص المواطن ، و من اهمها مساحة الحرية و الديموقراطية و الاعتماد على النظام المؤسساتي و توفير الحد الادنى من العدالة الاجتماعية و دعم الثقافة ، انه في التراوح و التراجع يوما بعد اخر . ان ما يهمنا هنا اليوم هو الجانب الثقافي و مسيرة الشعب و مستواه ، و كيفية تعامل السلطة مع هذا المجال و حرية النخبة و المثقفين من اصدار نتاجاتهم . عندما اقر برلمان اقليم كوردستان عام 1993 قانون الطباعة و النشر ، لم يورد فيه اي فقرة او بند لايجاب الرقابة من قبل السلطة على المنشورات و طباعة الكتب بالاخص ، و احتاج طبع اي كتاب حتى الامس القريب الى رقم الاصدار من وزارة الثقافة فقط ، و لم تهتم الوزارة بمضمون الكتاب ، بل يقع وزر ما في جوهر اكتاب و مضمونه على الكاتب بعد اصداره للكتاب و هو يتحمل قانونيا ما يحتويه ، وهذا عرف و تقليد عام معتمد في جميع انحاء العالم الديموقراطي . اما جديد اليوم بعد 16 عاما من القانون و ما تحويه ، نعود خطوات الى الوراء ، بعد تعميم وزارة الثقافة على مؤسساتها لطلبها بنسخة مطبوعة كنموذج لاي كتاب قبل منحه رقم و تسلسل الاصدار و نشره ، و يوافق على طبعه و نشره اعتمادا على ما يتضمنه ، و هذا تجاوز على القانون بذاته و عودة للرقابة الحكومية و ما تحملها من افكار و عقائد لتصفية ما لا يتلائم مع السلطة و الاحزاب المسيطرة ، و هذا ما يضيق من الحريات ، و هو عائق كبير امام النشاط الثقافي و حرية الاراء و المواقف . هذا ما يزيد من القلق لدى المعنيين من المثقفين و الكتٌاب على انه البداية لتشديد الرقابة على الفكر و الثقافة و حريات الراي و الديموقراطية و النشاطات الفردية و حصر الابداع و الابتكار و التضحية به من اجل العقائد و الايديولوجيا ، و هو تراجع كبير عن اقرار قانون النشر و الطباعة ، و يعتبر التعميم حيلة و تجاوز عليه ، مما يعيد الى الاذهان كتم الانفاس و الالسن من قبل الوزارات الثقافية في الفترات العصيبة و الدكتاتورية ، و التي من واجبها ان توفر و تساعد و تدعم وسائل نمو و انتعاش و تطور واعلاء شان و مستوى الثقافة في المجتمع ، و ليس بالعكس تماما منه ، كما هو واضح من اسمها الثقافي ، و عليها ازالة العوائق و الموانع امام تطور و التقدم الثقافي و المعرفي ، و هي من اهم واجباتها ومهاماتها الرئيسية ، و هذا الامر الجديد لطوق و حصر الفكر و الخطط التقدمية ، و هو لحصر العقول و يضر فعلا بجوهر الثقافة و يحجب الثقافة و وسائلها عن متناول الملمين بها ـ و يمنع المجتمع من التطور الثقافي بهدف الوصول الى العلى و التسامي و يكبل المبدعين و المثقفين و يقلل من نتاجاتهم و ابتكاراتهم وابداعاتهم ، كما يضر بالمستوى الثقافي العام للمجتمع . و من اهداف السلطة المخلصة والحقيقية والنخبة المثقفة هي تسهيل و توسيع الطريق امام المثقفين و المبدعين وليس العكس ، و هو ما يشوه و يعكر اسم الوزارة و يقلل من اهميتها و جوهر عملها .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ترسيخ الفلسفة و النهج التربوي التقدمي اولى مهامات الدولة الح
...
-
اهمية الاصلاح داخل الاحزاب و تاثيراته على الوضع العام في الع
...
-
هل سيشهد اقليم كوردستان فوضا خلاقة و تغييرا جذريا
-
النهضة بحاجة الى العقلية التقدمية المنفتحة
-
كيف نسد الطريق امام محاولات تفريغ الديموقراطية من مضمونها
-
بعد انتخابات مجالس المحافظات.. الوضع العراقي الى اين ؟
-
استمرارية الاصلاحات دليل تطور و تقدم اي بلد
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان كوردستان المرتقب
...
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان ا
...
-
الدور التركي بعد حرب غزة و تلاسنات دافوس
-
دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المو
...
-
مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
-
تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي ال
...
-
من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
-
اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
-
الاليات المناسبة لمشاركة الشباب في اداء الواجبات العامة
-
الفضائيات وسيلة عصرية لتمدن الشعوب
-
المحافظة على سلامة عقلية الاجيال القادمة من واجبات المخلصين
...
-
تقديس القائد من الخصائص السلبية التي يتصف بها الشرق الاوسط
-
الديموقراطية الحقيقية لا تحتاج الى رموز لترسيخها
المزيد.....
-
کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق
...
-
المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع
...
-
مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
-
-غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت
...
-
الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس
...
-
مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال
...
-
مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما
...
-
فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
-
لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
-
اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|