أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - خرافة الطب النبوي..ودجل المروجين له..؟















المزيد.....

خرافة الطب النبوي..ودجل المروجين له..؟


طلال شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 2542 - 2009 / 1 / 30 - 09:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بكل اسف وحزن يمكن القول أن في اغلب (( بلدان العالم العربي والاسلامي)) يواجه الناس اليوم تحديات مركبة، المشاكل تتكاثر، والازمات تتفاقم، وسبل المواجهة والحل تتلاشى، وتتعقد حياة الناس بطريقة مفزعة. فالفساد والامية والفقر والمرض والبطالة وغيرها اصبحت جزءاً من الحياة ووتائرها المضنية والمستقبل يحمل الكثير من المفارقات والمفاجأت غير السارة. في ظل هذه الاجواء المحبطة والسقيمة يساهم الكثير ممن يدعون مخافة الله والحرص على المسلمين كذباً ورياءً على نشر الشعوذة والنصب والتدليس لايهام المؤمنين والبسطاء وأيقاعهم في فخاخ واحابيل (المتاجرة بالدين). أولئك الفاسدون الذين استمرأوا نشر الخزعبلات والترهات وتسويق الدجل والتضليل، بأسمه وبأسم قدسيته ،فلم ننتهي من شعوذة الاعجاز العلمي في القرأن، حتى يجري انهاض شعوذة اخرى تحت مسمى فاقع ومتخلف هو ((الطب النبوي)) ومما يثير الحيرة والاستغراب ان تتولى منظمات وفضائيات معروفة وشخصيات تحمل درجات علمية الترويج له ، كما تنشره مواقع كثيرة على الانترنيت ،والآنكى من ذلك أن يعقد مؤتمراً يروج لهذه الشعوذة وهذا الدجل ويتبناه ويقدمه ويبعثه كما حدث قبل اشهر في المملكة العربية السعودية بمدينة (ابها) وهو يوصي بأنشاء مركز بحثي ((للطب النبوي)) وبرعاية دكاترة مزعومين وتشجيع رجال دين مخادعين.... من هذا الواقع يحق لنا القول بكل حزم ,واصرار اضافة وأستخدام مفهوم (الفساد الديني) الى جانب.. الفساد الاداري.. والفساد السياسي.. والفساد المالي..والفساد الاخلاقي كأنحطاط وتخريب أخر يطال البنية الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية للمجتمع ....الخ من هذا الباب سأتعرض تاريخاً وتفسيراً بأيجاز لمفهوم الطب النبوي وحقيقته والرؤى والغايات التي تحيط به وتطلقه، وستكون أيضاً فرصة متجددة لمواصلة الجهد الموضوعي الذي ينهض به معرفيون احرار للتصدي الى تلك السفاسف والترهات والخرافات التي تنتشر في مواقع اعلامية وفضائية مختلفة متخذة من الدين والقداسة ستاراً لبث السموم وحجر العقل وتضليل الناس....
مفهوم( الطب النبوي) نشاً تاريخياً على يد مجموعة من الفقهاء الذين الفوا الكتب المختلفة فيه وكان الاشهر بينهم الفقيه الدمشقي ابن قيم الجوزية-691-751- هجرية الذي الف كتاباً (سماه الطب النبوى) وهو مختزل أو مستند على كتاب شهير أسمه (زاد المعاد في هدي خير العباد) للمؤلف نفسه...أن كتاب الطب النبوي هذا أستند في جله الى مجموعة من الاحاديث النبوية المتواترة التي تتعامل مع قائمة من الامراض المعروفة أنذاك، ويشكل سلوك النبي العملي في اقواله وأجتهاداته وكيفية معالجتها والمعتمد على (اذن الله في شفائها) أستلهاماً لفكرة الكتاب وروحه مثلا.اذا عانى الرسول من صداع في رأسه فأنه يلجأ الى الحناء لتغليف رأسه أو ان يحتجم من علة ما فذلك يعني اسوة لغيره للتطبب بها ضف الى ذلك وصاياه ونصائحه بخصوص مايصادفه من حالات مرضية لمن يلتقيه من المسلمين واصحابه، وأتخذ ت من كتاب ابن قيم الجوزية هذا منطلقاً لبحث الموضوع متجنباً الاستغراق في تفاصيله ومصادره واقتباساته المختلفة التي ستصدع رأس القارئ بلاداعي مفيد ..الكتاب وغيره معروف لمن اراد الاستزادة... كتاب الطب النبوي لآبن قيم في المعيار العلمي الحديث هو كتاب بدائي ومتخلف بأفكاره ومنطلقاته ومعالجاته، وهو يتساوق ويتناغم مع فترة تاريخية تلائمه وتتحمله، وبالتالي لايمكن اخضاعه لجدية النقد العلمي المعرفي الا بحدود الاشارة الى مصدر لم يستوف ركائز الركون اليه في عصرنا الحاضر كمصدر طبي يعتد به أويعتمد عليه، واذا ذكر مثل هذا الكتاب وشبيهه فذلك يأتي في سياق الفهم التاريخي لتطور اي ظاهرة معرفية أنسانية تتعلق بموضوع معين في نطاق المعارف المختلفة لاغير والعلم غيرمعني بالجانب العقائدي الذي تستبطنه الظاهرة مهما روج لها ....
يقوم (الطب النبوي) على ركائز (علاجية)، محددة تشمل مجموعة من الامراض وطرق معالجتها، وهي تشمل التداوي بالاعشاب المختلفة ومنها مثلاً وليس حصراً.. الحبة السوداء ، والحناء، والمسهلات وكذلك الزيت، والعسل أضافة الى وصفات اخرى وهذا يمثل المستوى الاول ... والمستوى الثاني عبارة عن مداخلات جراحية بسيطة بأدوات بدائية، اضافة الى الحجامة والفصد، والكي بالنار، ويترابط مع هذين المستوين منحى ثالث وهو روحاني ايماني متداخل ومتشابك بقوة معهما كركيزة علاجية حاسمة في (الطب النبوي) كالاسترقاء بالرقي المكتوبة كأحراز وأدعية بكلام الله، ثم الاستشفاء بالقران بكتابة أيات منه وفقاً لشروط وترتيبات معينة أو ادعية وكثيرأ ما تخلط الادعية بالماء ليشرب منها المريض وهي تخص مجموعة غير قليلة من الامراض بما فيها عسر الولادة أو معالجة عرق النسا ومكافحة الحيوانات المفترسة والافاعي والعقارب والحشرات الضارة وكذلك معالجة من كان مسحوراً او مختلاً أو محسوداً.... والجدير بالذكرهنا ان اغلب شعوب الارض تمتلك قيماً مشتركة في الموقف والاتقاء من الارواح الشريرة والشياطين والاحتراز من أذاها وشرورها، ومعظمها قائم على اسس ومفاهيم بدائية ووثنية وهي ثقافة قائمة ومنشرة لحد الان رغم اختزال الكثير منها وترتيبها في منظومات (دينية..شرعية) من قبل الاديان التوحيدية دون أن تنقطع عن جذورها الاصلية.. ، وتشترك الامم سابقاً في تراث طبي انساني عام يقوم على علاجات ووصفات واساليب علاجية متقاربة ومتشابهة أومتأثرة ببعضها،وهذا لايمنع من وجود عناوين لهذا التراث يقترن بأسم امم معروفة كالطب الصيني واليوناني،والهندي والسرياني والفارسي والمصري والعربي...الخ، لكني لم الحظ اٌقتران طباً بأسم نبي في الديانات التوحيدية الثلاث غيرالاسلام كمنهج واساليب يجري الترويج له، كما يحدث في منطقتنا العربية، وهذا مايجعل من مفهوم الطب النبوي مفتعلاً اكثر منه حقيقياً واصيلاً، تفرضه العقيدة على حساب العلم والمعرفة..لقد تخلصت اوربا في مجرى تطورها المعرفي من قطعيات جالينوس الطبيب اليوناني الشهير وافكاره المقدسة في مجال الطب ونهضت على اسس علمية حديثة بعيداً عن مرجعية الكنيسة وشعوذة البابا ورهبانه، ولنا في قصة كل تطور علمي عبرة ودرس....؟


لم يكن الرسول محمد في حياته طبيباً ولم يمارس دور الطبيب، وتذكر كتب السيرة ان الرسول نصح سعد بن ابي وقاص وغيره عندما مرض بمراجعة الطبيب العربي الحارث بن كلدة الثقفي خريج مدرسة جند سابورالفارسية لمعالجته وشواهد اخرى تؤكد ذلك.. اذن لم يلعب الرسول دورا يتشابه مع مهنة ابي قراط الطبيب اليوناني أوجالينوس الشهيرولم يرسم لوصاياه ونصائحه منهجاً طبياً بمعايير ذلك الزمن ولم يكن ابن قيم الجوزية موفقا وغيره من الاقدمينً بافتعال طباً ينسب الى الرسول محمد وتسويقه اعتماداً على حوادث متفرقة وأقوال مؤولة للرسول كان الغرض منها الترويج لطب يترابط برسول ذو قدسية ومكانة لمنحه قيمة وتأثيراً في نفوس مؤمنين ومرضى مختلفين ولم يكن في تراثنا وطبنا الشعبي مايشير الى وجود طب نبوي اوطب جعفر الصادق نستعين به بشكل مفتوح وكنا نطلق على التداوي بالاعشاب وغيره.. ( (طب عرب) وهذا مايجعلنا أن نضع مثل هذا (الارث الطبي) خلفنا لان الزمن تجاوزه وطواه واستغنت عنه العقول الراجحة، ولايمكن بأي حال من الاحوال أن يكون له وجوداً وتأثيراً في وقتنا الحالي بالمعيار العلمي، فالطب ألمعاصر يقوم على العلم ومنهجيته ويخضع للتجربة المختبرية وهو يرفض الشعوذة وصناعة المعجزات لانه يمتلك منهاجاً متجدداً تساهم في تطويره امماً حضارية مختلفة وقدم منجزات مذهلة وعظيمة لكل البشرية وهو املها الاثير.. أذن مالغاية من بعث (تراث طبي ميت) وربطه بالمقدس وتقديمه للناس بوصفه طباً يصنع المعجزات بعد أقران أسمه بأسم الرسول محمد الذي هو نبي المسلمين لاضفاء الهيبة والقدسية عليه والتأثير على المؤمنين القلقين بقيمته وجدواه .. ان هذا الموضوع الحساس يثير جملة من الافكار والتداعيات والاحكام منها ان في الارض تسود قوانين طبيعية تسري على كل من يعيش ويقوم عليها ولم يستطع احداً تغييرها أو استبدالها على هواه وأن اراد التأثير عليها فلايتم ذلك بمعجزة خارج نطاق قوانينها، وعالم الغيب والمعجزات والكرامات والخوارق موجود في عالم السموات العليا ولم يدركه العلم بعد وهومجال منفرد يبنيه الايمان المطلق بتأثير رسالة دينية، وبالتالي فأن كل الظواهر الارضية تتغير مهامها وتأثيرها على الارض بفعل القوانين الطبيعية وصرامتها بما فيها المقدس الذي يصبح مصيره وتأثيره مرهوناً بهذه القوانين ولا تتاح اَدنى فرصة لاي مقدس ان يصنع معجزة اوكرامة في أي مجال، خارج هذه الاحكام النافذة وهذا ليس تعسفاً منا أوستخفافاً بقيمة المقدس في وجدان المؤمنين بقدر ماهو حكم القوانين الساري الذي ليس بأدينا سطوة اوتاثيراً لتغييره أو توجيهه، فالانبياء والمرسلون والائمة هم بشرمثل غيرهم وتنطبق عليهم قوانين الارض التي نعيش عليها ولايملكون امتيازاً او قدرة على تبديل القوانين الطبيعية ولاتوجد معجزة شافية يمتلكونها خارج نطاق المنهج الطبي ومعالجاته الحديثة للتأثيرعلى الامراض والعلل التي يعاني منها البشر ،ولايمكن لاي انسان ان يشفى من مرض بمعجزة مقدسة مهما كان مصدرها وفاعلها..والرجاء توكلاً.. على الآلهام الديني لم ولن يكون سنداً لعليل مستغيث يطلب الشفاء والصحة تشبثا برقية اومعالجة بقراءة قرانيةً أو اعتماداً على (طب الهي) او( نبوي)،ولوكان الامربهذا اليسرالمفتوح كما يتصوره المشعوذون الاسلامويون ، ماكانت المستشفيات الحديثة ولاالمناهج الطبية ولا المختبرات ولا البحوث ولاالدراسة المضنية لسنوات طويلة للطب الحديث وتخصصاته المختلفة في بلاد الكفار والمال الكثير الذي يصرف عليه، أذن لماذا يصر الاسلامويون على موقفهم المقترن بحجج ضعيفة وواهية ومتخلفة في معاندة للواقع لاجدوى منها...؟ لاشك ان السبب الاول هو التعصب والفشل في تبرير منهجهم ورؤيتهم أعتماداً على اسس علمية والاستقواء بالمقدس لتعويض هذا الاخفاق والنقص في تقديم الدين الاسلامي كمستوعب وشمولي لكل ظاهرة في الحياة قسراً وتجبراً، ضف الى ذلك الربح المادي وتحويل فكرة الطب النبوي الى مشروعاً تجارياً واعداً لمجموعة من الافاقين والمشعوذين . ان هذا الاصرار في الدعوة على تقديم النبي وكأنه طبيباً استثنائياً مقتدراً واستحضارهم من كهوف التاريخ لطباً ساذجاً ومتخلفاً يقترن بأسمه هو في كل الاحوال اساءة للرسول وتشويهاً لدوره، ورسالته فلماذا يثورون على كاريكتير ينال من الرسول في صحيفة دنماركية، ويغضون البصرعن مايفعلونه ومايثيرونه من ترهات تصل حد السخرية منهم تكون في محصلتها الاساءة الى الرسول محمد عندما ينسبون له منهاجا طبياً ويؤلونه بطريقة ماكرة وساذجة للسخرية والضحك على اخوانهم في الدين والانسانية اليس هذا بحد ذاته تجاوزاً على كرامة الرسول ومكانته و بهذا يفتحون الباب مشرعاً للدجالين والمشعوذين والمتاجرين بالدين واستغلاله بطريقة دونية ومشينة...؟ مازال المتنطعون الجهلاء يصرون على نفاذ اي حديث قاله الرسول محمد، حتى ولو خالف العقل والمنطق تذرعاً بقدسيته وعلميته وثقافته الربانية وكنبي مرسل من الاله،لكن العبرة والنتيجة لاتكمن بمن اطلق افكاره والى اي المدارس ينتمي ومن اي قدرة يسمتد وضعه سواءً كان نبياً ام عابداً زاهداً ام طاهراً ورعاً وحتى عالماً جليلاً.بل تكمن النتيجة بقيمة هذه الافكار وسداد الرؤى فيها ومدى موضوعيتها وصوابها في العالم الارضي وتوافقها مع مصالح البشرالعادلة.. ان العلم لايلتفت الى انشتاين وسواه كأسم لتمرير فكرة أو فرضية مجردة اتكاءً على أسمه وسمعته الا بقدرما تتساوق هذه الافكار والمبررات العلمية ولا تؤخذ كمسلمات قبل اخضاعها وقياسها وفقاً لمعيار العلم بمرتكزاته المختلفة والمعرفة غير ملزمة باستنتجات لا يؤكدها البرهان العلمي من صحة وملائمة للحقيقية العلمية.. وكثير من العلماء العظام لم تعد استنتاجاتهم وتصوراتهم السابقة صحيحة وفقاً لمعايير العلم والتجربة وبالتالي اهملها لانها غدت متخلفة وساذجة وليس في الامر اساءة أو نكران للجميل بحق علماء أفذاذ بل أن العلماء بكل اريحية وفخر يتخلون عن اي دواء واسلوب ونظام علاجي لصالح اخر يرونه الا فضل بل هم يبحثون عن الجديد دائماً، ويجري توقير القديم بوضعه في المتاحف للفرجه عليه والزهو والافتخار بالجديد الذي تجاوزه انطلاقا منه .وهذا ينطبق على كل فكرة واستنتاج واختراع واكتشاف لم يبرر مقومات صوابه وأستمراره في شروط العلم والمعرفة وقوانين الارض، فالتغير والتجدد هما سمة الوجود وجوهره، والرؤية العقلانية تبني التوازن الصحيح وتستلهمه في عالمنا المتشابك.. فأذا تحدث الرسول محمد مثلاً عن الجنة وحور العين وروعتهما كثواب وجزاء للمؤمنين في الاخرة، لايستطيع العلم تأكيد ذلك، لكنه لايملك البرهان القطعي لنفي هذه الافكار من وجدان المؤمنين أو اقناعهم ببطلانها.. لانها قضية ايمانية بحتة وهي تكمن في عالم الماورائيات وهي اختيارات انسانية صرفة لمؤمنين امنوا بها وصدقوها، وعندما ينهي النبي محمد اصحابه عن شتم البراغيث لانها توقظ المؤمنين الى الصلاة.... فالعلم لايجد في هذه الوصية الزاماً ولامعنى فالبراغيث هي كائنات بدائية وتعيش في الارض وتخضع لقوانينها وليس لها احساس وشعور وجهاز عصبي متطور يجعلها تتألم وتغتاض عندما تشتم، والعلم لايكتف بلعن البراغيث بل بالقضاء عليها لانها واسطة لنقل عدوى الطاعون العدو المميت للبشرية... المفارقة هنا تكمن في الظرف التاريخي الذي اطلقت فيه مثل هذه المفاهيم وهذه التصورات والغرض منها، وهي في المحصلة رؤى صنعتها العقيدة بمعزل عن مقتضيات العلم والمعرفة ،والعقائد تملك خصوصيتها ومجالها الذي تتحرك فيه وهو عالماً تجريديا يبنه الايمان والقناعة. من هذا المنطلق، تتحدد مهمام كل رؤية بدقة وخلط الرؤى بدعوى ان العلم يتحاضن مع المقدس ولايتناقض معه هي فرية كبيرة لاتقنع الا الواهمين. ومن هنا تصبح المكابرة والعناد من قبل المتشددين خياراً أساسياً والجدل معهم الى مجرد مطارحات عبثية وفكرة الحوار الى ثقافة غريبة عندما يجري الاصراربأن جناحي الذبابة الذي يحمل احدهما الوقاية ان سقطت في الاكل هو تفسيرمبرر ومستديم.. وأذا لجاٌ النبي الى الحناء لمعالجة صداع الرأس فكم يصح التأسي به واعتبار ذلك وصفة شاملة وملائمة لكل اوجاع الرأس الذي تتعدد اسبابه وعلاجاته كما تؤكد ذلك التجربة...؟
هنالك مثالاًً أخر لقد لقد جاء في الصحيحين ( مسلم والبخاري) ان النبي محمد قال أن( الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين) من الناحية الطبية الحديثة لايمكن الركون الى هذه الوصفة والتداوي بها لانها تتعارض كلياً ومفهوم التشخيص والعلاج الحديث لامراض العيون المختلفة، وعندما تفرض حاجة المريض الاستعانة بعلاج طبي حديث لعيونه المريضة سيعني هذا اعراضاً ورفضاً منه لاي دواء اخر لايحمل نجاعته حتى وأن أسند الى اذن الله أو بركة نبي، أو معجزة قديس.. ومن هنا ينشأ التعارض بين ماهو مقدس وماهو علمي وبماأن المقدس لايملك اجابة وقدرة على حل الاشكاليات والمعضلات التي تواجه البشر في ارضهم فلابد من رؤية واقعية حصيفة تضعه في سياق الايمان والاعتقاد دون زجه في تعارض عبثي لاجدوى منه مع العلم ومنجزاته وقوانين الارض، وفي النهاية سيكون ضحية استخداماته السيئة بشراً لاذنب لهم سوى انهم كانوا مؤمنين ليستغله مشعوذون وكذبة ودجالون...
ومن زاوية ثانية أقول، أذا كان البعض يعتقد ويصر ان المعالجة بالقران والاستشفاء به فكرة مجدية وناجعة، لارتباط ذلك بكتاب الله المنزل والمبارك، فالسؤال لماذا لانسخر هذه (الفكرة ) وتحويلها الى وسيلة عملية واستخدامها بشكل منهجي مدروس على يد علماء دين وبمشاركة حكومية من خلال القيام بحملة منظمة تستهدف مئات الالاف من المجانين والمرضى النفسيين الذي تعج بهم مراكز الحجر والعيادات النفسية في بلداننا ومعالجتهم بالقراًن ولايجد المرء اكبر من هذا ثواباً واجرا، ومنفعة للمجتمع..؟ واذا فشلت هذه الجهود المباركة في ابلال المرضى وتعافيهم يحق للسلطات الحكومية ان تصدر قانوناً يمنع مثل هذه الممارسات من قبل اياً كان بوصفها شعوذة وتخريف يراد بها استغلال اسم الله وكتابه لقضايا باطلة، وهذا ينطبق ايضاً على الطب النبوي وعلى العلاجات المتصلة به، وبالتالي ينقذون المسلمين من كمائن التضليل والدجل واستغلال الدين لاغراض المتاجرة والتزييف والشعوذة؟ قد يبدو الاقتراح محرجاً او لاتتحقق اهدافه المطلوبة بصورة فعالة لكنه سيطرح وسيلة عملية للتحقق من.. صحة هذه الاساليب وفعاليتها...؟

من ناحية اخرى وبتعبير استدلالي اخر اشير موافقاً بأن البعض من الناس ربما يجد قناعة بجدوى هذه الاساليب البدائية استشفاءً أو راحة نفسية أوقوة روحية لدواعي ايمانية بحتة، لكن هذا لايبرراطلاقاً وضعها كمنطلقات وخيارات بجانب طب يقوم على العلم والمعرفة وهو امل البشرية في مكافحة الامراض والتغلب على اسبابها (بخيارات مقدسة) وفقاً لارادة مشعوذين ومتخلفين لايهام بشراً مستلبين والنصب عليهم...! ربما أطلت واسهبت لكن عذري هو جدية الموضوع واهميته... في الختام أوجه كلامي تحديداً الى أولئك الذين يدعون حرصاً وغيرة على الاسلام والمسلمين من كل المشارب، أن يعيدوا التفكير بمسلكهم ويوزنوا قيمة مايفعلونه ليس بالمعيار العلمي على اهميته.. بل بمعيار الضمير والشرف....
طلال شاكر كاتب وسياسي عراقي
..ملاحظة.. كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية قد حققه ودرسه وعلق عليه ايضاً الدكتورالسيد الجميل عن دار الكتاب 1985



#طلال_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فروسية وثقافة النعلْ...لاتصنع بطلاً..ولاقضية..؟
- بلاغ اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ... ومداخل ...
- احاديث المدينة..ديوان جديد لقصائد تتراقص حزينة على شفاه الشا ...
- يوم انتفض اللواء 432 في جبهة زين القوس 1982 .....
- أما اَن للشيعة ان ينتفضوا على غربتهم..!
- مناقشة وتأمل في رؤية الامين العام للحزب الشيوعي العراقي وشعا ...
- القيادة الكردية... بين خلل الرؤية... وخطل الحسابات..!؟
- السيد مسعود البارزاني الحرب الاهلية الحقيقية ستندلع اذا جرى ...
- ألراي الحر.. لايستدع كل هذا التبرم والضيق من الدكتور كاظم حب ...
- رسالة الدكتور كاظم حبيب المفتوحة الى السيد مسعود البارزاني.. ...
- المادة..140 ..لاتحل مشكلة كركوك... بل المادة.... تفاهم عراقي ...
- الاحتلال.. والمقاومة.. والتحرير ..عناوين.. لخطاب سياسي متناق ...
- الاسلام العراقي يقود العراق نحو الهاوية
- القوة الصماء في عهدة قائد ملهم
- التاسع من نيسان 2003 تاًملات في اطلالة تاريخ
- حسن العلوي ابن حقيقته
- سر الرجولة التي أثبتها صدام للشيخ أحمد زكي يماني
- صالح المطلك ينوح على صروح الدكتاتور.
- حين توارى رئيس جمهوريتنا الطالباني في منتجع دوكان
- حداد القذافي علىصدام نفاق المستبدين ونخوتهم الكاذبة


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - خرافة الطب النبوي..ودجل المروجين له..؟