أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام مطلق - نضال بالسوائل المنوية















المزيد.....


نضال بالسوائل المنوية


حسام مطلق

الحوار المتمدن-العدد: 2540 - 2009 / 1 / 28 - 00:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبرر رجال المخابرات العربية نزواتهم الجنسية بحاجة المخابرات إلى نساء, ومدى فاعلية الجنس في الحصول على المعلومة. لا احد ينكر ذلك, خصوصا في مجتمع مكبوت جنسيا.
بداية ومع اتفاقي معهم بدور الجنس, فأنا لا ادعوا الى اخراجه خارج المعادلة, ولكن الدعوة هي لوضع الية لضبط نزوات رجال المخابرات وعدم الخلط بينها وبين الضرورات الأمنية.
لنراجع معا احد الوسائل المتبعة في تجنيد النساء. امراة ارملة أو مطلقة, فتاة فقيرة مغلوبة على أمرها, ايا يكن توصيفها الاجتماعي , هي لديها مريض في عائلتها يجب ان تجرى له عملية سريعة. كيف يقابل رجل المخابرات الحالة؟. " اذا بتعاوني معنا بطلعلك الموافقة بسرعة " هذه نذالة وليست شطارة. في مرحلة ما سابقة كان انتشار الدعاة محدودا وكانت المجتمعات أكثر صغرا وتحركات النساء اكثر تقيدا كان لابد من اللجوء للضغط للحصول على فتيات في اجهزة المخابرات, وانا هنا لا ابرر لتلك المرحلة التاريخية ولكنني فقط اوضح للقارىء الحقائق.
دور رجل الامن قبل كل شيء هو حماية الوطن, والوطن هو المواطن, هذا هو السلوك في المجتمعات المتمدنة, هكذا تتصرف الدول التي تحترم مواطنيها. حين يقوم رجل المخابرات باستغلال مآساة انسانة كي يدفعها الى خيار مخالف لارادتها فهو خسيس وليس عبقري.
الفتاة وبضغط الموقف توافق, فتبدأ نزوات رجل المخابرات بالتحرر, تضاجع تلك المرأة رجل المخابرات على امل ان تكون تضحيتها سببا في انقاذ طفل او زوج او اب او ام . ولكن رجل المخابرات لا يكتفي بذلك بل يقول لها : ابو فلان بدو يسألك مجموعة اسئلة وهو بايدوا القرار النهائي. ابو فلان بدوره ينال حصته من شرف وانسانية تلك المرأة بعد ان يتم ترتيب اللقاء في احدى الشقق التي تستخدمها المخابرات. وابو فلان يبدي سروره من " جرأة " و " تحرر " هذه المرأة, هكذا ينقل لها ضابط المخابرات , ويزف لها الخبر السعيد : صدرت الموافقة وهي في حوزة أبو علان, لقد رتبت لك موعدا معه في نفس الشقة في الساعة كذا كي يتعرف عليك ويعطيك اياها, واي شيء تحتاجينه نحن بالخدمة. ابو علان ينال منها بدوره, ولا تنتهي الامور هناك. نعم الفتاة تستخدم في عمل المخابرات, تعرفي على فلان, تقربي من علان, ولكن في مرات كثيرة يكون احد حبايب هذا الضابط او ذاك شاعر بالملل فيعطى للفتاة اوصافه ومكان تواجده ويقال لها تقربي منه, الامر سبق ترتيبه بين الضابط وبين " الحبوب " اياه كي يحصل على رفقة جميلة. شيئا فشيئا تتحول هذه الفتاة الى عاهرة قطاع مخابراتي, استغلالها الجنسي لا علاقة له بامن الوطن, ولم يبدأ اساسا بسبب امن الوطن, فلأن كان المبرر التاريخي لاستغلال الحاجة الانسانية للايقاع بالفتيات هو قلة المتعاونات, فإن العواصم العربية تضج اليوم بالعاهرات وببيوت الدعاة, وكلهن, وكل تلك البيوت, مأرشفة بدقة, فهل ضاقت الدنيا إلا على هذه المسكينة كي يهتك شرفها؟.
دعونا لا ننسى ان تلك الفتاة لا تستخدم على الاطلاق للايقاع بالاسرائيلين, هل سمع ايا منكم عن جهاز مخابرات عربي اخترق اسرائيل؟. الفتاة تستخدم للنيل من المعارضين السياسيين, وفي مرات كثيرة هؤلاء هم رمز الوطنية والاخلاص. لن اقبل, ولا تحت اي مبرر, ان يستغل الوضع الانساني لدفع انسان الى خيار ما, ولن اسمي فاعله سوى بالساقط, ايا كان المبرر. بل للدقة فإن ما حدث مع تلك المرأة هو عملية اغتصاب بتوصيف القانون.
لست من المقيدين, ولا ممن ينظرون للامتناع عن الجنس على انه تعبير للعفة, ويمكن للقارىء عبر بحث يسير ان يجد لي اكثر من كتابة وتعليق ادعوا فيه الى الحرية الجنسية. قضيتي هي في ان يكون الجنس خيارا لا استغلالا. ان تحب الفتاة شاب وتقوم بينهما علاقة, هذه حرية شخصية, ان يحاصر ضابط المخابرات صبية ويستغل ظرفها الانساني هذا اغتصاب, والأقبح أن يمتلك الجرأة بعد ذلك كي يصف فعله بالوطني والنضالي! من هنا جاء العنوان : نضال بالسوائل المنوية. حين احترقت غزة لم نرى اي فاعلية لتلك النضالات العربية, ولا حين سقطت بغداد اثبتت المخابرات العراقية, وهي صاحبة صولة وجولة في النضال المنوي, انها وسيلة فعالة في حماية امن الوطن وصيانة استقلاله. حزب الله هو الاكثر اصطداما مع اسرائيل, وهو, في الوقت نفسه, الاكثر حصانة من الناحية الأمنية, هل سمع ايا منكم باختراق على مستو عالي في الضاحية الجنوبية؟. حسنا, حزب الله لا يمارس النضال المنوي إلا في اطر شديدة الضيق, بل ان اسرائيل حين ارادت ان تصفي عماد مغنية لجأت الى دمشق ولم تتمكن منه في لبنان. هل سمع ايا منكم باختراق امني كبير في الاردن يوازي مقتل عماد مغنية؟. القاعدة وبعد سنوات من المحاولة لم تجد سوى الفنادق والأعراس كي تستهدفها, فالمواقع السيادية كانت محصنة عليها, ولكننا قبل مدة قريبة سمعنا عن تفجير سيارة في دمشق راح ضحيته مواطنون سوريون ابرياء بينهم ضباط في الامن العسكري, وللاسف تبين من التحقيقات ان التخطيط للعملية لم يستغرق من الجهة المنفذة سنوات بل مدة قصيرة جدا, بل ان تلك الجهة لم تكن مضطرة الى ان تفشل وتكرر المحاولة, لقد نجحت من المرة الاولى. لماذا هذه المقارنة بين الاردن وسوريا وبين سوريا وحزب الله؟. هنا الاجابة.
حزب الله لا يناضل منويا ومع ذلك اثبت حصانة عن الاختراق الاسرائيلي, الاردن لا تقوم مخابراتها بتجاوزات على الحياة الخاصة للمواطنين ولا تتلاعب باقدارهم, ومع ذلك لا تقع اختراقات امنية لديهم. لقد اقمت في الاردن سنوات طويلة وخضعت لمراقبة المخابرات الاردنية, لربما سوف يفاجئهم ان يعرفوا انني كنت الاحظ مراقبتهم, ولكنني لست منزعج منها, فانا رجل موضوعي, اقدر ان هناك واجبا وطنيا يدفع الى اتخاذ الحيطة حين يكون هناك انسان ما له اراء مثيرة للجدل او تاريخ قد يبعث على الشك, خصوصا وانني انقلت للعيش في الاردن فارا من العراق بعد قضية ورد فيها اسماء ورتب من المخابرات الكردية في السليمانية. انتهز الفرصة كي اوجه لهم التحية, على حرفيتهم, وعلى احترامهم للحياة الخاصة, مراعاتهم للقوانين.
وانتهز الفرصة في المقابل كي اسأل وبكثير من الغضب والاشمئزاز من سلوك المخابرات السورية التي تعطي لنفسها الحق في اقتحام حياة المواطن والتدخل في قراراته الشخصية. لقد وصل الامر الى ابعاد صبية عن طريقي والى تضيع فرصة عمل لدى شركة ذات نشاط دولي كان يفترض ان اكون في منصب مدير اقليمي اشرف فيه على ادارة فروعها في خمسة دول, مع ما يعنيه هذا العمل من عائد مادي كبير, للتقريب, وحتى لو كنت مبذرا من الدرجة الاولى, فإن الفائض الشهري يتجاوز الربع مليون ليرة سورية. اي خلفية وطنية لمثل هذه الجريمة, واي مبرر؟. لا تتخيلوا انني شخص خارق للعادة, ولا انني رجل له صلات كارلوس ولا قواعد حسن نصر الله, القضية كلها, من اولها الى اخرها, ان رجل المخابرات السوري مبني ذهنيا على ممارسة السلطة وعدم احترام المواطن, لا على الذكاء والكفاءة المهنية.
كنت عام 2004 مقيم في مدينة السليمانية حين تعرضت لمراقبة المخابرات الكردية التابعة للسيد جلال الطالباني, في تلك الفترة وقع معي الحادث الذي صنفته في ذاكرتي على انه رمز للغباء. القصة ببساطة انني كنت اقود سيارتي على طريق الشاستي, وهو يشبه الطريق الدائري في المدن العربية, حين لاحظت ان اوبل خمرية تراقبني. طبعا كي تتأكد, وبحكم انني اخضع لمراقبة المخابرات في كل بلد احط فيه منذ 14 سنة, فقد طورت وسائلي الخاصة, الطريقة ببساطة ان توحي للسائق خلفك انك بصدد اخذ منعطف ما, ان تبطء السرعة وتأخذ المرسب الايسر موحيا باقتراب التفافتك اليو تيرن. ثم تتظاهر بانك مرتبك لا تعرف العنوان الصحيح وتتابع سالكا المرسب في اقصى اليمين فيعتقد السائق خلفك انك قد تخرج من الطريق وبقدر ما تكون ردود فعله مرتبطة بتحركات بقدر ما تتاكد انه يراقبك وان تواجده خلف ليس صدفة. بعد ان تاكدت, وقد كنت في مزاج عالي للمزاح, اخذت موقعا امام شاحنة " قاطرة ومقطورة " وسرعت بسرعة محدودة الى ان صارت حركة السيارات مناسبة كي اخرج قليلا عن الازفلت نحو الباكيت فلا يراني سائق الاوبل الخمرية. طبعا, وكما توقعت, اندفع كي يححق التواصل البصري. قدرت الفارق الزمني والمسافة وخرجت نهائيا إلى الباكيت الجانبي وصرت اقود خارج الازفلت ثم ابطأت الى ان تجاوزتني الشاحنة وعدت الى الازفلت من خلفها. صرت انا من يراقب سائق الاوبل المندفع بعيدا عن الشاحنة في محاولة للوصول الي, على حد تقديره. اقرب نقطة توقف كانت سوبر ماركت آلطون, الرجل لم يخيب ظني وتقريبا توقف وهو يبحث بين السيارات عن سيارتي محاولا التوثق من انني هناك ام لا كي يتابع المسير قبل ان تصبح المسافة اطول من ان يدركها. في تلك اللحظات اقتربت من سيارته ونافذة سيارتي مفتوحة ومررت بمحاذاته من الطرف الايسر, فيما هو ورفيقاه ينظرون الى اليمين, يبحثون بين السيارات المتوقفة عن سيارتي, مررت بقربه واطلقت زمور سيارتي وصحت من النافذة : كاكه من ليرى مى, يعني بالعربية : عزيزي انا هنا. ثم اندفعت مبتعدا. ملامح وجهه كانت طوال تلك السنين رمز للغباء في ذاكرتي, هذا حتى قبل أيام قليلة, حين اتصلت قريبة لي كي تعطيني عنوان منزلهم لازور والدتها المريضة. طبعا تلفوني مراقب, وهم يعرفون انني اعرف ان تلفوني مراقب. وتاليا انا اعرف انهم سوف يرسلون من يتعقبني, وعلى غير العادة, ولانني مستاء جدا من تجاوزاتهم التي لم يعد لها مبررا امنيا, فلم استخدم سائق التكسي الذي اعدوه بل سرت الى سيارة اخرى في الطرف الاخر من الشارع. في هكذا حالة يصبح سائق الدراجة النارية الخيار الافضل للمتابعة لان حركته اخف, وهؤلاء منتشرون هنا وهناك مرتبطون باشارة تحرك. المسافة بين مكان سكني والعنوان المقصود تتطلب قرابة خمسة وعشرين دقيقة, اي لا مفر من انهم سوف ينجحون في تعقب التاكسي, خصوصا وانها يجب ان تسير في طريق المطار, ثم انني لست بصدد التلاعب بهم اساسا. المهم ان العنوان ينتهي الى عمارة امام الفرن الالي. سائق التكسي وصل للمنطقة ولكنه لم يتستطع ان يحدد الفرن الالي فاخذ يسأل. احدى القواعد الاساسية في المراقبة الا يحتك عنصر المخابرات بأي شكل بالهدف, لان هذا يعني ان يعرف صورته, وتاليا, اعادة استخدامه, ان دعت الظروف, سوف تصبح نقطة ضعف. سائق الدراجة النارية اجاب سائق التكسي حين صار بموازاته : هون, واشار الى عمارة سكنية. سائق التكسي رد ساخرا: شو في فرن الي بالطابق الثاني! سائق الدراجة النارية اجاب بعصبية : هوي جاي لعند قرابة التدامرة , هون بيت التدامرة. تخيلوا هذه المهزلة. المهزلة لا تنحصر في غباء سائق الدراجة النارية الذي اعطى كل التفاصيل بكل هذه السذاجة, الأزمة بدأت مع ضابط المخابرات الذي قال لسائق الدراجة النارية اساسا هذا فلان وذاهب الى عند فلان وانه تدمري وانهم تدمريون, هذه ثرثرة. سوف اسقط هذه الحادثة على اغتيال عماد مغنية عبر ضابط اخر بنفس الكفاءة, وسائق دراجة نارية بنفس الغباء.
الضابط لا يقول للسائق هناك سيارة رقمها كذا لوحتها لبنانية تتواجد في النقطة كذا راقب تحركاتها, بل يقول له, راقب عماد مغنية يركب سيارة كذا. وهذه بداية الكارثة. سائق الدراجة النارية, وكمعظم العاملين في المخابرات السورية, ميال للتباهي واثبات الذات, تتصل زوجته تريد 2 كغ كوسا كي تطبخ محشي فيجيب : دبري حالك انا مشغول عم راقب عماد مغنية. الزوجة تنهي المكالمة وتسألها فورا جارتها : شو راح يلحقلك الكوسايات قبل الغذاء؟. الزوجة تجيب : قال مشغول عم يراقب واحد اسمه عماد مغنية. الجارة وبحكم ثرثرة زوجها, وهم يعملون بطريقة العشائر والدوائر " المغلقة " سبق ان سمعت باسم عماد مغنية فتستجيب قائلة : يا ويلي عماد مغنية ما غيروا!!!! الزوجة تجيب ليش شو قصتوا؟. وتبدأ الثرثرة. الجارة تعود للتوثق من زوجها والزوجة تسأل سائق الدراجة النارية فيؤكد وتدور الثرثرة حتى تصل الى شخص ما يعمل لصالح اسرائيل. هو, اي العميل الاسرائيلي, لا يحتاج الى اختراق الجهات العليا كي يصل الى عماد مغنية في المرة القادمة, فقط عليه أن يراقب سائق الدراجة النارية. المراقبة تقود الى نفس التفاصيل وتلك التفاصيل تفضي الى اي سيارة, او اي سيارات يستخدم, وفي اي نقاط يتواجد, وبمجرد ان تكتمل حلقة المعلومات يهيء الموساد سيارة مفخخة ويوقفها قرب الهدف وتنفذ العملية. نعم ايها السادة : عماد مغنية قتل بالثرثرة لا بالغدر كما فسر البعض. عماد مغنية قتل في دمشق ليس لان اسرائيل تريد ان توجه رسالة لسوريا وحزب الله كما ذهبت التحليلات بل لان دمشق باتت الخاصرة الاضعف امنيا بفضل الثرثرة والانتهازية التي تفشت. هذه هي الحقيقة التي لا املك عليها دليل سوى مشاهداتي اليومية للمخابرات السورية وطريقة ادائها لعملها, بما فيها من سطحية ومن عنجهية ومن علنية ومن تجاوز للقانون وعدم احترام لخصوصية المواطن وتدخل بحياته الشخصية.
النتيجة من هذا ان النضال المنوي لم يقد الى حصانة امنية, بدليل ان الضاحية الجنوبية اكثر منعة من دمشق, والصلاحيات الواسعة المتحللة من القانون والمنطق والطاغية على حرية المواطن ومصالحه ليس الخيار الامثل بدليل ان عمان اكثر حصانة من دمشق.
دعونا نواجه الحقيقة. الاجهزة الامنية السورية خرقت بالفساد. الكثير من القرارت لا يتخذ لاسباب تتعلق بالامن الوطني, او بالمصلحة العليا, هي تتخذ بصورة عبثية وغير مسؤولة. هنا صلاحيات واسعة معطاة لافراد قليلي الكفاءة, بها, يدمرون حياة المواطن.
الصبية التي قلت انهم عملوا على ابعادها عن طريقي من اروع الناس. حين اكتب هنا وهناك مطالبا بحرية المرأة والقوة النفسية للانسان العربي عموما فذاك على امل ان يصبح الانسان العربي واثقا قويا بعد جيلين او ثلاث, اي ان يصبح بحضوره واستقلاله مشابها لها.
تخيل ان تنجز عائلة مشروعها الحضاري, تؤمن لابنتها التربية النفسية وعناصر القوة التي تجعل منها اوربية عربية, ثم يستخدم ضابط امن سياسي نفوذه العفن كي يجبرها على الجلوس مرتبكة, مهزوزة, متوترة, كي تقول جملة او اكثر طلب منها ان ترددها بحضوري. حين قال لكم الراحل العظيم أنطوان مقدسي على صفحات جريدة الحياة مبررا عدم تغزله بـ " بانجازات النظام " واكتفاءه بالتطرق للعيوب, حين قال : ما فائدة كل ذلك ان كانوا قد قتلوا الانسان؟ فإنما قصد امرا كهذا. حين التقيت بتلك الفتاة تخيلت كل من احب من فتيات صغيرات في عائلتي, من بنات اخوتي واخواتي, لو كان لهن هذا الحضور وهذا الاستقلال. لماذا يذبح الجمال الداخلي في الانسان السوري ولاي مبرر؟.
يوم احترقت غزة لم نرى صولة وجولة لضابط الامن السياسي صاحب القرارات الثورية في ابعاد فلان عن فلانة واذلال فلانة بدفعها كي تنطق بما قرر " سموه " انه الصواب. اي عائد للوطن في ان اخسر وظيفة مدير اقليمي في شركة دولية وفي ان احس بكل هذا الغضب الداخلي وانا ارى هذه الصبية تساق الى مثل هذا الموقف المذل؟. ان تنتهي الامور بها الى تركي بقرارها هذا حتما شأنها وحريتها, القضية ليست في ان ارتبط بها او لا , القضية في العبثية التي تجعل من ضابط امن سياسي قادر على تحطيم الناس بهذه الطريقة, قتل الانسان بكل هذه العبثية.
ليت الامور انتهت هنا, حين تثور, وتشاغب هنا وهناك, يحاولون التلاعب في ذهنك فيرسلون لك من يقول : امها متصابية, اختها قبل ان تسافر للكويت كانت كل يوم مع واحد, مثل حالها اليوم. ينبري احدهم من الحاضرين متطوعا فيقول : انا ضاجعت اختها ولم تكن عذراء. سوف ارفع صوتي موجها خطابي للمقدسي واقول له : سيدي انهم الى اليوم ما زالوا يقتلون الانسان. الا يكفي دفعكم للفتاة كي تقف بذل تردد ما طلبتم منها, اي وقاحة تمتلكون حتى تنطقون بكلمات فيها مساس بشرفها وشرف اسرتها؟. هل هذه هي المصلحة الوطنية؟. هل هذا هو الطريق لاسترجاع فلسطين؟. فلسطين من نضالاتكم المنوية برئية, ومن عبثيتكم بريئة, والشرف والعروبة من نذالتكم في براء. لا اريد ان اقول ان هذه الصرخة اطلقها في وجه كل من يعمل في الاجهزة الامنية السورية كي لا اغادر الموضوعية ولكنني حتما اطلقها في وجه هذا الضابط الخسيس الذي سمح لنفسه باصدار التعليمات لعناصره كي يمسوا بسمعة الصبية. ثم ان كنتم شديدي الحرص على شرفي وسمعتي وبمن ارتبط, فماذا عن العراقية ابنة المومس التي ذبحت مخابرات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اباها امام باب بيته في البصرة يوم كانت تكافح الدعاة؟. وماذا عن عاهرة اكروبولس في شارع العابد؟. هذه مفاجأة جديدة تسقط عنكم كلمات " خطأ وغلطة غير مقصودة " لا انتم تحرككم النذالة والغباء. يبدو لي ان الواسطة هي الاساس في الرتبة الوظيفية في الاجهزة الامنية السورية لا الكفاءة, فصلاحيات هذا الضابط واسعة الى درجة انه قادر على اعتراض طريق رسالة وهي في وجهتهها للجهات العلية وتعطليها, اي كما يقال بالمصطلحات السورية " بيضاتوا كبيرة " . ان يكون نفوذه واسعا شيء وان ينال من شرف الصبية شيء اخر. لقد نجح نفوذك في تعطيل خاصة الارسال من برامج فك التشفير, ولذا تأخر جوابي , ولكنها قاعدة جديدة في علاقة المواطن بالسلطة والاجهزة الامنية : لا سكوت على الذل بعد اليوم. يمكنك دائما ان تعود الى تراثك, ان تعذب الفيل كي يعترف انه ارنب, فمن الواضح انك واسع النفوذ ولكنك حتما لن تستطيع ان تقتل داخلي حريتي كما قتلتها في تلك الصبية. . كم مرة يجب ان يفشل الضابط كي يصنف فاشل؟. كي مرة يتصرف بغباء كي يصنف غبي؟. لقد تكررت صولات فشله حتى بات السخرية منها واجبا وطنيا. هنا جملة تلميحات كي تصل الرسالة واضحة غير ملتبسة. هل تريد ان أبدأ بالفتاة التي كانت خارج بيتزا ام في ساحات الميسات؟. ام اعود بك الى الوراء طويلا, الى الحلبية " العذراء " التي قضت ليلتها في فراشي في عمان؟. ام نقسم الزمن ونبدأ من تلك التي وقفت اعتراضيا قبل سوبر ماركت إلي فن في الشميساني؟. هل تريد ان اعود بك الى الكرصون في الفندق السياحي في حلب او الى سائق التكسي الذي انتظرني خارجا بعد عرس " الملازم رئيس المفرزة " وفقا لنبرة الفخر التي اطلقها وهو يحدثني عن نفوذه على الحدود السورية العراقية في القامشلي. من يرسل مثل هذه النماذج, من العاهرات والأغبياء, فإن اخر ما يحق له ان يتغطى به هو الامانة والنزاهة والحرص وأخر ما يحق له هو التذاكي بتمرير الرسائل والتلاعب بالعقول. سوف استعير مصطلحا من احد نواب حزب الله في جلسة الثقة على الحكومة واوجهه لضابط الامن السياسي الذي سمح لنفسه بذكر الصبية بسوء : بخر تمك قبل ان تذكر اسمها.
الثغرة الأمنية في سوريا كبيرة, التفجير الذي وقع, مقتل عماد مغنية, وبعده سكرتير الرئيس الشخصي وقبل كل هذا وذاك استهداف عدد من قيادات حماس كلها شواهد على ضرورة اعادة بناء الاجهزة الامنية. اقتراح سريع : ابدأوا بامتحان نفسي وذهني عبر التعاون مع جهة او عيادة اوربية متخصصة فهناك الكثير من العلقات التي يجب رميها خارجا ان اردنا لوطننا ان يظل امنا وان نيعد الزخم لحملة مكافحة الفساد وان يعود للمواطن احساسه بوطنه. السلوك المتبع يدفع باتجاه اخر, ودائما تذكروامقولة المقدسي : انتم تقتلون الإنسان.



#حسام_مطلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثلية الجنسية – حدد جنسك ذاتيا – الجزء الثاني
- إدراك ما تحت شعوري : الغوص التأملي
- غباء أم لئم
- حوار مع جهلاء
- قراءة في وجود الله تجريديا
- نخوة الحذاء العربي
- تجارة الأوطان
- البقرة سبعة وثلاثون
- أبقار الشرق الأوسط والمربع الخشبي
- مشروع الأمة بين المفقود والموجود
- ذهنية المتذاكي
- لؤلؤة أو لولو كما تقولين
- إنفجار دمشق : الوطن بكروز دخان
- لماذا تفشل الليبرالية عربيا
- استعادة الدور الرأسمالي ضرورة وطنية
- كيف تحقق الرأسمالية الآمان الاجتماعي
- الواحدية في تاريخ الفلسفة
- الانسان العربي ووعي الذات
- النظرية الأمنية : مقارنة بين المخابرات الأميركية والعربية
- القضية الكردية بين الغدر والحق


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام مطلق - نضال بالسوائل المنوية