نخوة الحذاء العربي

حسام مطلق

الحوار المتمدن-العدد: 2501 - 2008 / 12 / 20 - 03:12
المحور: كتابات ساخرة
    

م أمس انتفض الحذاء, طار وجعل رئيس أكبر دولة في العالم يطأطأ الرأس. أعرف أكثر من رئيس دولة عربي يستحق أن يقذف الحذاء في وجهه, ولكن للعربي ميزة, هو ذليل بين أهله كريم بين الخواجات ينتقل من شرقه تحت وطأة ظلم يكابده وبعد سباب وشتائم لينتج شرقيته في مرابع الغرب وكأنه السعيد بالميلاد والهوية والمنية. لو قدر لقلائم أن يرفعوا أصواتهم زمن السيد صدام حسين لما وصل بوش غازيا ولما طار الحذاء. لو أنتخت الأنظمة العربية وقالت يوما أننا غير معنيون بحرب العراق وايران ولا نحن معنيون بدفع صدام قدما لما وصل بوش ولما ضاع العراق. قبل كل هذا لو اعترف العربي لنفسه بأنه بشر وان له كرامة لفرض على انظمته ان تتعامل معه كبشر حق الكرامة له مصان. ولكن الجيمع انتظر الحذاء, لا كي ينتفض لكرامته, بل كي يعيد مرمغتها بالتراب مختبأ من كل عيوبه خلف حذاء طار. لا أخفيكم مدى سعادتي وأنا ارى بوش ينحني بعد كل المرات التي رأيت فيها العراقي يهان, رأيت الدماء والدمار ينتشران, ورأيت نذالة الانظمة العربية وهي تشارك في جريمة قتل العراق والعراقي وكل يختبىء من دنيأته خلف مسمى.
يوم أمس طار الحذاء وقد ابدى السيد بوش مرونة ورد فعل سريع لم نلحظه منه يوم ضرب بن لادن بلاده ولا يوم قتلت كاترينا من قتلت من بني قومه, يبدو أن السيد بوش يحسن التعامل مع الأحذية أفضل مما يتعامل مع الأزمات الإنسانية. دولة المالكي من جهته كان له رد فعل غريزي حاول من خلاله التصدي للقذيفة الحذائية وكم تمنيت له أنه تمتع بمثل هذه الاستجابة للتصدي للقذائف الأميركية التي قتلت قرابة المليون عراقي. المالكي برر التصرف الزيدي بالقول : هو خطأ في الترجمة, لقد ألتبس على السيد الزيدي الأمر بين كلمة فلاورز, التي توقع الأميركيون أن يرموا بها وبين كلمة شوز. فطار الأخير ولم تقطف الأولى لانها لا تنبت بين الدماء.
الحذاء إنتخى وهو حادث ليس بعابر بل سوف يغير أمورا كثيرة في الفكر الأمني فقد سمعت أن الحرس الخاص بالسيد بوش فرضوا على كل الصحفافين الأفغان أن يخلعوا أحذيتهم قبل أن يجتمع بهم هناك حيث طار بعد العراق, الأمر لم يكن فيه مشقة فالأفغاني صار حافيا منذ أكثر من ست سنوات. السي أي ايه من جهتتها طلبت من شركات انتاج أجهزة الإنذار اعداد أجهزة تنطلق صفاراتها بمجرد أن يخلع الحذاء. شركة بروتكل اند كامبل قالت انها تعتزم انتاج مسحوق خاص لتنظيف الجوارب كي تضمن بيئة صحية قبل رمي الأحذية كما انها سوف تنتج معطر أخذية حرصا على راحة الرؤساء. شركة أديداس قالت أنها سوف تنتج أحذية مطاطية لا تترك أثارا إن هي اصابت وجوه الرؤساء. الصحافة العربية من جهتها مشغولة في معرفة السبب الذي دفع السيد الزيدي كي يرتدي حذاء بنيا بدلا من الأسود, أفضل تفسير قال إن اللون البني يرمز للأرض. المغنية الأميركية برتني سبيرز من جهتها قالت إنها سوف تنتج ألبوما تطلق عليه أسم " ون آي سو يور شوز " وتقدمها هدية للسيد الزيدي . هوليود سوف ترفع دعوة قضائية على السيد الزيدي كونه استفاد من فكرة الحذاء دون ان يحصل على اذن مسبق كونها من انتجت فلم " إن هير شوز " .الأولومبيات تدرس منذ يوم أمس فكرة اضافة مسابقة خاصة برمي الأحذية ولكن الحيرة في : هل تجعلها رياضة للصالات المغلقة أم للملاعب المفتوحة؟. من جهتها فقد اعربت روسيا على لسان الناطق الرسمي انها تتفهم رغبة الولايات المتحدة في اقامة درع مضاد للاحذية في الشرق الأوسط, والسيد بن كي مون عاكف منذ الأمس على قراءة اقتراح تعديل في نص الشرعة العالمية لحقوق الانسان يجعل الحق الثاني بعد حق الحياة " حق رمي الحذاء " . دونلد رامسفيلد من جهته عقد مؤتمرا صحفيا ادان فيه تسرع الاعلام وعدم استجابة السي اي ايه والبنتاغون لاحتمال أن يكون الحذاء كيماويا.
في كل الأحوال فقد أثار حذاءك أيها العربي العالم وردات فعل لم يكن أحد ينتظرها, لذا سوف أطلب منك أن ترفع صوتك قبل حذاءك في وجه الظلم والاستهانة التي تعامل بها داخل وطنك. الولايات المتحدة وإسرائيل تحتلان الأرض وأنظمتك العفنة تحتل الإنسان, مالم يتحرر الإنسان لن تتحرر الأرض, معادلة تحاول الانظمة العربية استغباءنا منذ عقود وتدعي نفاقا انها لا تفهمها. ايها الرؤساء العرب قبل أن تعلقوا على أعمدة المشانق وقبل أن تتطاير أحذية شعوبكم في وجهوهكم فكروا في ان الخيار الأفضل أن ترفعوا أيدكم عن افواهنا, ان تعيدوا لنا آدميتنا. لست أستجدي فمن يقبل بالذل فهول أهل له, والأحرار لا يستعبدون. طوبى للزيدي فحذاءك كان أشرف من أنظمة العرب ومن شعوبهم, طوبى للحرية التي اشتعلت في جوانحك وليتها اشتعلت في ابيك قبل ان يذل العراقيون مرتين : مرة على يد جلادهم صدام وأخرى على يد محتلهم الأميركي.

#حسام_مطلق (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات