أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام مطلق - أنا وصاحباي, الله والشيطان ; الجزء الأول- الواقعية السياسية















المزيد.....

أنا وصاحباي, الله والشيطان ; الجزء الأول- الواقعية السياسية


حسام مطلق

الحوار المتمدن-العدد: 2351 - 2008 / 7 / 23 - 11:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هما صديقاي, أسامرهما كل ليلة, بيد أنهما لا يجتمعان معا أبدا, يأتي أحدهما حين يغادر الآخر, بينهما خلاف قديم, لكل منهما حجة ورأي.
الشيطان يقول إن الله أخلف له وعده, وعده أنه المفضل, أنه الخليل, ولاه أمر عباده, سيده على الملائكة والكائنات جميعا, ثم تراجع وخلق آدم. يتابع سرده قائلا : آدم ليس بخير مني, آدم ضعيف, يضيع العهد, سهل الخداع, لا يستقر على رأي, تتلاعب به حواء.
الله بدوره يقول: أنا حر في ملكوتي, ليس لأي من خلقي أن يراجعني فيما أقول أو أفعل.
سألته: هل حقا وعدت الشيطان بالإمارة ثم أخلفت؟.
تلعثم وارتبك, ثم استجمع قواه وصرخ قائلا : هذا ملكوتي وأفعل به ما أشاء,نعم لقد وعدته, هل ارتحت الآن, ولكني التزمت وعدي, أنا لم أفضل عليه أي ممكن كنت قد خلقتهم يوم وعدته, لقد خلقت آدم بعد وعدي له, أي تقنيا آدم ليس مشمول بالوعد.
نقلت الحجة الإلهية للشيطان فكان رده: هو قال إنني المحبب إليه بين خلقه, ولا مبدل لكلماته, خلقه لآدم كان تلاعب بالكلمات, إنه كقول إسرائيل الانسحاب من أراض وليس من الأراضي, هل فهمت الآن المشكلة, الله يتلاعب بالكلمات, يتذاكى ويستغبيني ويريدني أن اسكت.
فهمت مشاعر الشيطان, ليس بمكانك أن تتعامل معه باستغباء, الذكاء هو جوهر كينونته, إن استغبيته أنت تدفعه للكفر, الكفر بك, وأنت ربه, فكيف لا تعرف ما يجعله يكفر؟. هل فعلت ذلك عمدا؟. هل أردته أن يكفر أم كانت النتيجة مفاجئة؟. في سهرة تالية نقلت ما قاله الشيطان لي إلى لله. انفعل واستشاط غيظا ثم قال:
فعلت هذا خصيصا كي لا يكون له علي حجة, ولكن عليه اللعنة هو شديد الذكاء, لقد بالغت في حصته من الذكاء, صار قادرا على معاندتي, صار يجادلني في كل شيء, كان لابد وأن أعيد تحجيمه, لو أخذت الذكاء منه لظن الملائكة أنني افقد قدرتي في السيطرة عليه.لقد وضعني بعناده أمام ثلاث خيارات, إما أن أتحمل وقاحته في الأسئلة, أو أخلف وعدي, أو اخلق له ما ألهيه به. بل حتى بعد أن خلقت له آدم لم أرتح من خبثه, مازال يسير في الأرض ويقول للناس أن الله أخلف وعده, هل تصدق وقاحة هذا المعتوه, أنا لم أعاهده المخلوقات, وعدي كان عن مخلوقات.
حرت بينهما, لكل منهما حجة, ولكل منهما منطق, لم أشهد خلق السماوات والأرض كي أعرف أن كانت العبارة من أراض أو من الأراضي, ليس هناك وثائق في الأمم المتحدة كي أتثبت, الأمر على ذمة المتخاصمين, ولا تغيرات في الأدلة من فجر الزمان, بيد أن فكرة ظلت تراودني : أليس الله خارج الزمان؟. كيف إذن يعد استنادا إلى زمان دون زمان.
فكرت وفكرت ثم اخترت صحبتهما معا. قلت في نفسي مالي وقصصهما القديمة, لا أنا قادر على حلها, ولا إن حلت تستقيم لي أو لهما الأمور. ليس من الحكمة أن أخذ موقفا من أي منهما, مصلحتي أن استمع إليهما معا, كل منهما بحر من العلم والمعرفة, كل منهما لديه من القصص ما تشيب لها الغلمان, وكل منهما يرويها بشكل مختلف, ليس في التفاصيل, بل في ترتيب وقوعها ونوايا شخوصها, وهذا الاختلاف ينير لي بصيرتي, تخيل معي, تخيل نفسك وأنت أكبر من الله والشيطان, تخيل أن يسعيا معا لإقناعك, تهز رأسك أدبا, وتقفي قائلا في قلبك : لست غبيا يا هاذين.
أنا أستمع, منذ وقت طويل توقفت عن تصديق أحد, لم اعد أؤمن أن الصدق موجود, ربما كان موجودا في يوم من الأيام, لست ادري, ولكنه اليوم مفقود. إن كان الله وعده منوط بتفسيرات القاموس " أفضل من مخلوقات وليس من المخلوقات " فعن أي صادق ابحث. لقد وجدت طريقي, انه المعرفة, ليقل كل ما يريد, ليس فقط الله والشيطان, بل الجميع, وفي آخر المطاف لي عقل أزن فيه كل ما يقال. الحقيقة لا تخفى على أحد, الكل يعرفها, في أعماقنا جميعا لها مكان, لها صوت, لها ألم, ولكننا من يختار أن يتجاهل النظر إلى تلك الأعماق, نحن من نختار أن نسد قلوبنا عن سماع صراخها, عن الإحساس بوخزها.
في الغرب أسمو سلوكنا هذا بالـ (denial) الإنكار, وإن كنت أميل إلى أن الترجمة الأدق هي ( الالتفاف النفسي ) كي يطابق المعنى الشرح المستخدم في توضيح الفكرة مهما تعددت المراجع. صاروا يدرسوه مبكرا في المدارس كي لا يبقوا أجيالهم في غياهب الأمراض النفسية, نحن اخترنا أن نكذب تقرير التنمية العربية الذي قال ان 50% منا مرضى نفسيا, اخترنا أن نقول أن للتقرير دوافع سياسية, وأنه محبط ويجب تجاهله. لا بأس بأن نكذب أيضا, في النهاية الكل يكذب, الله خلق الشيطان كما تخلق الأنظمة من يعارضوها كي تبقى هي المنتصرة, كما خلقت الولايات المتحدة القاعدة والجزيرة كي تصنع ثقافة ما لغرض ما في نفس يعقوب.والشيطان بدوره خلف عهده, نسي من ربه حين وصلت الأمور إلى ذقنه.
وآدم ليس بخير من سابقيه, هو جعل الشيطان مبررا لخطاياه, وقال انه يعبد الله وهو لا يعبد إلا نفسه. هناك قوادة وقعت في السماء سبقت تلك التي في الأرض بمديد من الزمن. الكل يكذب, الكل يمارس القوادة, وحدهم المساكين أصحاب الكرخانات من يحاسبون بها, ولعل هؤلاء المساكين أقل القوادين ضررا.
الكذب لا يترك لك خيارا غير الاستماع, الاستماع من الخارج. الكذب لا يترك لك خيارا غير أن تصنع عالمك, أن تصنع وهمك, أن تقرع الطبلة تحت الماء وتقنع نفسك أنك تعزف الموسيقى. في علم النفس أسموه الانقسام النفسي, وكيف اعرف أن هذا الانقسام ليس بدوره أكثر (denial) أخرى؟. لن أعرف وعلي أن انتظر الخوافي.
علي أن أنتظر حتى تبدي لي الأيام أسرارها. اليوم ليس لدي سوى حوارهم الأزلي. الحوار الذي قال فيه الشيطان لآدم : أنت خلقت الله كي ترتاح, كي لا تكون أنت المسئول عما تفعل, كي لا تعترف بنفسك ربا على نفسك, ثم خلقتني حين خنقك الله ومنعك من التنفس, حين أثقل على صدرك, لم تجرأ على قتله فخلقتني كي أقتله لك. صرت أنا مبررا لخطاياك, صرت الحرية التي تحتاجها بين فينة وأخرى من سجن الله الكبير الذي وضعت نفسك فيه. صرت التوازن الذي تحتاجه كي تعيش بلا أعباء, بلا تناقضات. أنت يا آدم تريد كل شيء إلا الحقيقة, وتفعل كل شيء إلا الصدق. أنا والله عبداك, لا رب سواك, أنت الخالق الأوحد, فلا تخدع نفسك, لأنني وعبدك الآخر لسنا من المخدوعين.
رد عليه آدم قائلا : أنت الشيطان الرجيم, توسوس لي بكل فجور مبين, تريد أن تسقطني في جهنم, أنا وأنت خلقنا الله, إن أطعته سوف ينجيني, وإن عصيته سوف يرديني.
رد عليه الشيطان قائلا: ولكنني لم أعصه, فلم خلقك؟.
ولم سوف تكون أنت آخر خلقه؟
كما نكث عهده معي سوف ينكث عهده معك؟
رد آدم قائلا : إذن هو موجود.
أجابه الشيطان : موجود, نعم موجود, موجود في أعماقك, كما أنني لا أوجد خارجها, أكان موجودا أم غير موجود, أكان وجوده خارجك أم داخلك, أكنت أنت من خلقني من وهمك أم كنت موجودا فعلا, فلا شيء ينفي السؤال: لم سوف يفي بعهده لك؟ أليست له سابقة حين نكث عده لي؟.
يمارس آدم الالتفاف النفسي, ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر بعودته إلى التعاويذ والقراءات, وسواها من حلول الهروب من مواجهة السؤال, وتستمر الملهاة إلى يوم يبعثون.
تعبت من كل تلك الأحاديث, تعبت من قصص الله وشيطانه, تعبت من تعريفه حكيم أم رجيم, تعبت من تصنيفه عظيم أم لئيم, في النهاية تفهمت موقفهما.
نعم, تفهمت موقف الله, وتفهمت موقف الشيطان. كلاهما محق. الله يمارس الواقعية السياسية. ليس بإمكانك أن تصنع عميلا لك ثم تتقبل تمرده عليك. إذا كانت الدول لا تسامح في تمرد عملائها عليها فهل سوف يقبل الله بذلك؟. والشيطان أيضا محق, لقد استحق منصبه بجدارة ولكنه لم يعطى توصيفا وظيفيا يمكنه الاعتماد عليه في فهم دوره في الملكوت. أو قل إن التطورات كانت خارج تصورات جميع الأطراف فكان لابد من التضحية بأحد العناصر كي تستمر الأمور. إنها غلطة تكنيكية ترفض جميع الأطراف الاعتراف بمسئوليتها عنها ونحن من يدفع ثمنها. غلطة التوصيف الوظيفي, أو غلطة ضعف التصور المسبق. في كل الأحوال, وحين تتحدث عن إدارة عالية الكفاءة كالله, فأنت أمام خطأ جسيم.
الأمر أشبه بالمدير الذي يعين موظفا ويقول له إنك المسئول هنا, لا يعطيه أي تعليمات محددة, فقط يشير إليه ببعض مواضع الخلل, يقول له أننا نخسر, عليك أن تفعل شيء. حين يسأل الموظف عن الطريقة يجيب المدير: لم أنت المسئول هنا؟. فكر, معك كل الصلاحيات, أنا مقتنع بذكائك, أنا مقتنع بتفوقك, أعرف أنك ستجد الحلول من تحت الأرض, أعرفك من سنوات, أعرف أنك ستنجح. المدير لا يتوقع أن تصبح كفاءة هذا الموظف موضوع مقارنة بقدراته هو على الإدارة, والله لم يدرك أن الخلائق سوف تسال إن كان الشيطان يفعل بأمره أم بأمره. حين بدأت الهمسات بالتجول الموظف لا يعيرها اهتماما, هو مفوض من قبل المدير, المدير عقله أكبر من تلك التفاهات, المهم هو مصلحة الشركة. هكذا برأي فكر الشيطان أيضا. الله ليس تافها كي يتحسس من إعجاب الخلائق بي وبذكائي, هو من خلقني, هو من عينني هنا. الأرباح تتزايد, التحصيل في ارتفاع مستمر, المنتجات أصبحت في أكثر من أربعين سوبر ماركت فايف ستار بعد أن كانت في ثلاث. الفروع صارت ستة, اثنان منهم يتفرع عنهما فرعين آخرين. الفانات صارت سبعة وعشرون, السيارات صارت تسعة عشرة منتجة وثلاثة فقط خدمية بعد أن كان عدد المركبات كلها ستة فقط. كل شي يقفز بسرعة, من مليون وأربع مائة ألف ريال مبيعات سنويا إلى تسعة عشر مليون في أقل من خمس سنوات, إنها معجزة. وكل معجزة تعقبها كارثة. مالك أحد المصانع يتصل بأحد الشركاء, انتم تحرقون السوق, هذا باب رزقنا ورزق أولادنا, مصنع التميمي قفل بابه كما سبق لمصنع الرماح أن فعل, هل تريدون أن نقفل نحن أيضا أبوابنا؟. الشريك يعود فخورا, المدير يستشعر الخطر, المنافس كان يتحدث عن الموظف, سبق الأمر سهو وقع فيه هذا المدير, نسي حذف بضعة كلمات من تقرير أعده الموظف, قدمه للشركاء مباشرة, كان واضحا أن المدير قام بحذف أسم الموظف والمقدمة وأعاد تقديم التقرير باسمه الشخصي, الأمر وقتها استوقف ولم يستوقف, اليوم القضية صارت محسومة. المنافس قال للشريك بالحرف: هاد السوري خرب السوق, المنافسون لا يعترفون بتأثير المدير بل بتأثر الموظف. مدير آخر في موقع آخر له خلفياته يلتقط الإشارة, يعيد توظيف الحدث ويقول : إن هذا الموظف يتجاوز اختصاصاته, اختصاصاته التي يعرفها أحدا أساسا, إنها غلطة التوصيف الوظيفي, الموظف يتجاوب مع التوجيه الجديد, يعيد كل الكتب والمراسلات للمدير وبتأشيرة صغيرة تذيلها " السيد المدير العام رجاء النظر والإفادة " المدير غير معتاد لا على النظر ولا على الإفادة هو معتاد فقط على الاستفادة. الشركاء بينهم تنازع وحسابات يجب أن تصفى. كان لابد من خلق آدم, أول الأفكار وأكثرها نمطية في المعالجة, حجموا هذا الموظف, اخلقوا أدم كي يتنافسا وتعود القوة للمدير. خلق آدم ولم تتغير المعادلة, انزل الموظف من الإدارة ونقل إلى وظيفة أخرى ولم تتغير المعادلة. الموظف يبدأ عمله الجديد دون أن يتلفت إلى آدم, دون أن يعيره انتباه. معجزة أخرى تتحقق هناك, التصدير صار يشمل احد عشر دولة بعد أن كان البيع محليا فقط. القسم الجديد يعمل بلا كادر, بلا نفقات تذكر, بمجهود فردي بحت, العائدات المتحققة من الأرض الجديدة صارت أفضل من تلك التي كانت في الجنة, هي بلا أعباء. الشيطان يعيد إنتاج نفسه. آدم لم ينجح في إيقاف السؤال الكبير: من هو محرك الكون؟. حتى مشاكل الإدارة لا تحل ما لم يشرك الشيطان في حلها, المدير لا يجد مخرجا سوى بالعودة إليه. المدير المالي الذي أوكلت إليه بعض مهام الموظف في جملة من وزعت مهامه عليهم أخطأ في توزيع جدول الإنتاج لأحد المصانع نتج عن الأمر كارثة في المخزون, الرؤيا للسوق ومتغيراته كانت معدومة. عادوا إليه, عادوا إلى الشيطان ولكن بإيعاز, انه شيطان, لا أحد يدري من أين يأتي بالأفكار. ربما لأنه يمتلك الشجاعة كي يقول أأسجد لمن خلقت طينا, في النهاية كي تفكر لابد وأن ترى, وكي ترى لابد وأن يظل رأسك مرفوعا, المنبطحون والمسارعون في السجود يفوتون على أنفسهم أحد عناصر المعرفة, انعكاس الصورة للدماغ, في السجود لا ترى غير أنفك. أي تكن التفسيرات صار لابد من التخلص من الشيطان. هناك في الاجتماع ما يعرف بالتوافق الجمعي, التوافق الذي يقع في حالات كثيرة ضمينا بدون تنسيق, أو يكون التنسيق فيه بأطر ضيقة وينضم إليه الباقون ممارسة ولو لم يشاركوا في إنشائه. لابد من التخلص من الشيطان بذاته, النتائج ليست هي القضية, فلا احد نظر إليها, الإحساس بالعجز هو المشكلة. يجب أن يقتل الشيطان بدنيا كما معنويا, كي لا تنسب له أي انتصارات, كي تستعاد باقي الانتصارات. قرار الإقالة أمر يخص الله, هو حر في ملكوته, ولكن الوسطاء سألوا لم تتضمن شروط الإنهاء الإخراج من البلاد . الله برر أمره بالمصلحة العامة " كي لا يعمل في شركة منافسة ". سأل الشيطان من نقلوا الجواب: إن كان الموظف يمتلك كل تلك الخبرة التي سوف تجعل شركة أخرى قادرة على الاستفادة فلم يستغنى عنه؟. وإن لم يكن ذا أثر فلم كل هذه البلبلة؟. الاستفسار الشيطاني استفز الله. إنه مغرور متعجرف, لا يستمع لأحد, لا يتجاوب مع غير رأيه الشخصي, إنه ديكتاتور, المحرك هو رأس المال, لا عبرة للأفكار بلا رأس مال, كان هذا الجواب الجديد. رجل بريطاني الجنسية أريد منه أن يطلق رصاصة الرحمة وأن يؤمن الغطاء الخواجة على قرار إنهاء خدمات هذا الموظف طلب قبل أن يجيب بيانات عن المبيعات والتحصيلات, عن المخزون, عن الطاقة الإنتاجية للمصانع, استغرق في أسئلته عن الأرقام, لم يتوقع منه ذلك, لقد أريد له أن يستند إلى مناكفات سابقة بينه وبين هذا الموظف, لكنه خيب الآمال حين قال : غيروا الطاقم الذي يعترض عليه ولا تغيروه. العامل الشخصي يجب أن يقصى من الاعتبار عند التفكير في المصلحة العامة, ما يتحقق هنا يعود علينا جميعا, حتى نحن مكتب بريطانيا نستفيد مما يتحقق في هذا القسم من نجاح. الغرب يكترث بالنتائج ولو كانت على حساب المحببات الشخصية, ولكن الله لا يكترث للعائدات, هو يكترث للمجد, الشيطان يسرق المجد, وما فائدة العائدات إن كانت خاوية من المجد؟. الشيطان فهم الأمر ولكن كل ما يفعله هو أنه يفكر, إن توقف عن التفكير صار مثله مثل آدم, عاجز فاشل, يسير فيما أورثه أبواه. التجديد هو سره, ليس بإمكانه أن يخرج من جلده, تمسك بمعدنه, لم يخجله أنه شيطان.
إن كان الشيطان لا يملك من الأمر شيئا دون إذن الله فمن المسئول عن مآسينا أهو الله أم الشيطان؟. هل نحن ضحايا الشيطان؟ أم أننا والشيطان ضحايا الله؟. إن كان الشيطان أقدم, وأقدر على فهم الأمور, فلم لم يتم تعديل التركيبة الشيطانية قليلا كي تحقق الغرض الآدمي؟. لم ظل صراع الله والشيطان بدون حسم كل هذه الآلاف من السنين؟. بعضهم قال كي يتم الله كلماته بأن يمهله إلى يوم يبعثون, ولكن لم نجح الشيطان في استفزاز الله إلى إجابة لا يريدها؟. وان كان يريدها فالسؤال ما يزال قائما: لم الصراع ما يزال قائما بلا حسم؟. في رؤيا تستند إلى الأرقام خسر الله أكثر وكسب الشيطان أكثر. قبل بضعة قرون كان الله يحكم الأرض كلها, الجميع كان من المؤمنين إلا من رحم ربي, مختلفون في تعريف الله ولكنهم مجمعون على أنه الله ربهم. اليوم قلة هم المؤمنون, واحد من ثمانية تقول الإحصاءات. من كسب أكثر, الزمن ليس في صالح الله, ولا في صالح الشيطان إن دخل الإنسان المنافسة, هو في صالح الإنسان. كلما سقط أحدهما مهد لسقوط الآخر أسرع, ولكلاهما في سقوط متواصل. كلما تراكمت المعارف أفرزت التجارب حقائق جديدة بددت أوهام المجد الإلهي. هناك في تلك الشركة أيضا خفض مرتب المدير من ثلاثين ألف دولار شهريا إلى سبعة ألاف. يبدو أن الشيطان كان مفيدا, يبدو أن الله لا يقيم حساباته بدقة, لم يكن للشيطان طموح سوى أن يفكر, لم اختار الله أن يتحدى؟. أما كان أجدى أن يستمر التوظيف الإلهي للفكر الشيطاني؟.
لم نحن بحاجة إلى هذه الثلاثية " شيطاني و آدمي و ملائكي " لا أحد يسأل. فقط من يعرفون أمور الإدارة, بما فيها إدارة الدول, يدركون أنها ثلاثية قسرية. إنها المخرج الأمثل لوقائع كثيرة اعترضت التاريخ الإنساني, هي من الأمور القليلة التي تشكل الكينونة الإنسانية, لا اقصد القناعات الدينية, بل تلك الأنماط من المشاكل التي تنتجها الحياة بطبيعتها وتحتاج إلى ثلاثية " الملائكية والشيطانية والآدمية " . تحتاج إلى جناحين وذيل كي تحلق, بدونها اجتماعها لا تصبح الحلول متوازنة, لا تمتلك الأكاذيب سحر الإقناع, وما لم يقتنع السذج لا تضيع الحقيقة. لقد فهمت اللعبة ولم اعد بحاجة إلا إلى تنسيق صحيح للوقت, ساعة لي وأخرى لربي وثالثة لشيطاني هكذا حتى استعيد ملكوتي منهما معا.





#حسام_مطلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في اصل الاخلاق والقيم الجمعية
- القدس عاصمة إسرائيل الابدية
- هينغتون وحروب خط الصدع
- الوزير والسكرتيرة وزوجة الرئيس
- السببية بين السحر والدين والعلم
- اخوان القردة بكلمات فلاسفة العرب
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء الثالث - في الوحدانية وا ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء الرابع - في القصص وأخبار ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء الخامس - في الاعجاز العل ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء السادس - في الصلاة وتماث ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء السابع - الخلية الأبيوني ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء الثامن - في الصفات المحم ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء التاسع - الاضطهاد والتعت ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء العاشر والأخير - محاكمة ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - الجزء الثاني ( في اللغة و الاض ...
- الاسلام في التفكيك والتركيب - مقدمة
- اخوان القردة
- الدماغ رحلة 300 مليون سنة من التطور
- تزامن المسارات : الخيار الإستراتيجي الذي غير التاريخ
- سباق بين بورش وديزل


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام مطلق - أنا وصاحباي, الله والشيطان ; الجزء الأول- الواقعية السياسية