أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسام مطلق - مشروع الأمة بين المفقود والموجود















المزيد.....

مشروع الأمة بين المفقود والموجود


حسام مطلق

الحوار المتمدن-العدد: 2476 - 2008 / 11 / 25 - 09:25
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


تبدو للكثيرين مطالبتنا بدفع الفكر الليبرالي على أنها انتماء أيديولوجي, وهي لذلك تستدعي في سلوكهم رد فعل دفاعي تستلزمه ضوابط فهمهم للصراع بين التيارات السياسية.
في هذه السطور أحاول أن ألقي الضوء على ضرورة دفع الفكر الليبرالي لما فيه المصلحة الجمعية, هذا إن كانت الأهداف تلتقي على سعادة الإنسان ورخاء المجتمع.
حين ننادي بالليبرالية فليس لأنها بكليتها الخيار الحاسم والنهائي ولكن المناداة تقع لسببين :
1- أنها إلى اليوم الخيار الأمثل للتعايش بين أفراد ينتمون إلى أعراق مختلفة ويؤمنون بديانات مختلفة كانت تقودهم حتى وقت قريب إلى الاقتتال, وهو تاريخنا, ولكن في ظل الليبرالية ومفهوم المواطنة انتقل الصراع إلى التعايش والهدم إلى البناء.
2- إن الليبرالية هي ما تفتقر إليه مجتمعاتنا بحدة أكثر من أي نهج فكري أخر, وتطور أي مجتمع منوط بقدرته على التنويع في المدارس الفكرية, ليس من باب الانقسام ولكن من مبدأ تعدد الخيارات.
التيارات الفكرية التي يمكن قسم العالم لها تتراوح في أربع :
1- الماركسية وهي من فتحت أعين الناس على وهمية المساواة بين البشر بالاكتفاء بالنص القانوني فبرغم كل ما قدمه الفلاسفة الفرنسيون والألمان من معان الحرية وقدسيتها ظلت تلك الحرية نصوص قانونية أكثر منها ممارسة في الحياة اليومية وذلك بفعل الانقسام الطبقي وتمركز المال لدى قلة قليلة.
2- القومية وقد قدمت للبشر فكرة القوة الجماعية ومنها وبالاستناد إليها نشأت كل صور المدنية التي نحن نعايشها اليوم فهي بتوظيفها لطاقات الجماعة كفعل واحد خلقت قوة كانت خافية عليهم.
3- الدين وقد لعب دورا حاسما في ترويض الغريزة البشرية ونبه الى ان الانسان كائن أرقى من الحيوان وله دور يتجاوز رغباته الخاصة وتاليا هو اخضع فعه الى قانون الرحمة بدلا من القوة المطلقة .
4- الراسمالية وهي التي حررت الاقتصاد من البيروقراطية وجعلته فنا يستطيع الفرد بفضل الفكرة ومجرد الفكرة أن يدفع بحياة الملايين من البشر الى الامام وليس اقل من الانترنيت ووسائل الاتصال الالكترونية دلالة فلولا الراسمالية لكنا الى اليوم نتواصل بالحمام الزاجل والتلغراف.
إلا أن تلك الأيديولوجيات لها إلى جانب حسناتها سلبيات لا يمكن القفز فوقها .
فالماركسية حصرت قراءة حركة المجتمع بصراع الطبقات وهذا حشر رؤيا المستقبل المستلهمة من قراءة التاريخ باحادية عقيمة اوكلت إلى طبقة واحدة مهمة الخلاص حين افرغت النخب الاقتصادية من أي دور فاعل غانيك عن الخلل الكبير في تجاهلها لصراع الشعوب وفوق كل هذا هي قدمت نفسها كحقيبة واحدة كل شي او لا شيء وهو ما يدفعنا كي نحرمها من وسام النصر الذي تحقق في الاشتراكية الاجتماعية الاسكندنافية.
القومية بدورها وبتقديسها المطلق لقوة الجماعة لم تنجح في ايجاد اليات ذاتية لكبح الاندفاعات الخطرة في التاريخ والمتولدة عن احساس القوة الفائق والاستضعاف المفرط للعدو والذي هو اخ في الانسانية وبذلك تتحمل مع الاديان مسؤولية المذابح الكبرى التي شهدها التاريخ الانساني.
الدين, كل دين, قدم نفسه كخلاص للانسانية ولكنه قدم نفسه كرسالة واحدة تسقط بالضرورة باقي الرسالات وهو لذلك وقع في فخ القومية حين حول الجماعة لقوة متعالية تعاليها ادى الى صدامات مع القوة الاخرى ولاحقا مع قواها الداخلية عبر ما يسمى بالطائفية.
الرأسمالية حصرت عملها في ومسؤوليتها في تطوير المرافق العامة والبناء على انماطه وحررت نفسها من الانضباط الاخلاقي الذي يحتاجه الكائن الإنساني كي يستحضر الرحمة والحب في خضم ما تفترضه قسوة الحياة كي يقع التوازن الذي يمهد للسعادة والسلام. وهي لذلك استعبدت الانسان الذي حرره الفرنسيون والالمان بفلسفتهم وانتقلت ممثلتها الاعلى الولايات المتحدة من استرقاق جماعات من السود في افريقا ونقلهم بالسفن الى الارض الجديدة الى استرقاق شعوب باسرها على ارضها وسرقة مواردها.
المكونات الفكرية السابقة وهي الاساسية في الوعي السياسي الانساني اليوم موجودة في مجتمعاتنا كأفكار وكأحزاب وتنظيمات, صغرت أم كبرت في التأثير هي موجودة, وعدم فاعليتها عائد الى طبيعة الانظمة لا الى غيابها كفكر في الوعي الجمعي, ما نفتقر اليه هو الليبرالية كي يكتمل عقد الوعي لدينا.
قد يقول قائل ولما السعي للمزيد من الانقسام؟.
الحقيقة ان الفكر الناضج يقوم على تكامل الحقائق لا على احادية المؤثرات. كمثال اسقاطي :
لو اكتفى شخص من الاغذية بالخضار وامتنع عن اللحوم والفواكه والحبوب فلاشك ان بنيته سوف تكون ضعيفة وكذلك لو اكتفى شخص من محفزات الحياة بالرياضة وامتنع عن القراءة والموسيقى والجنس لكان في حال من الخلل النفسي والاجتماعي لا مندوحة عن الاقرار بها.
الواقع العربي يعاني من خلل بنيوي في تقبل التنوع الفكري, فاحدى اعمق مشكلات الوعي العربي تكمن في استغراقه في ابداء الرأي في الواقعة بدلا من محاولة فهمها, ودليلي على ذلك الفقر الشديد الذي تعاني منه المكتبة العربية في المراجع التحليلية او التي تعتمد على الارقام والدراسات الميدانية مقابل ما يستند الى الفرضية الكلية والمناقشة الصورية.
يمكننا أن نرد هذه المشكلة الى الطبيعة التاريخية للوعي العربي الذي يغرق بسبب ضخامة التاثير الديني في التفسير الكلي والموحد والبسيط الذي يلائم الذهنية الساذجة والعاطفية على حساب ما هو علمي ومنهجي عبر خلط لا واعي بين حساسية الُمدرك والقيمة المنطقية للمنظومة الفكرية.
لقد عايشت المجتمعات الانسانية الاكثر تمدنا جميع التجارب بصورتها التنظيمية الاعلى, واقصد هنا الاحزاب, فقل ان تجد في اروبا دولة ليس فيها احزاب يسارية ويمينية وليبرالية هي بتنوعها تمثل كل انماط الخيارات الممكنة لاي ازمة قد تواجه المجتمع غانيك عن الخيار الدائم عبر تشارك تلك الاحزاب في تشكيل الحكومات وقيادة الدولة عبر مجالسها المختلفة ولذا تكون الاراء قادمة من خلفيات مختلفة مجالا لمساحة واسعة من الخيارات. وفي النهاية الكل متوافق على مصلحة الوطن.
للاسف مجتمعاتنا ما تزال الى اليوم وبحكم الشمولية الدينية مصرة على الاخذ بالنمط الواحد واقصاء الانماط الاخرى الى حد الابادة لا التحجيم فقط, فصراعاتنا الفكرية قائمة على الالغاء لا على التكامل وهنا براي مربط الفرس في معضلتنا.
لدينا الكثير من الدين في مقابل الكثير من العلم والحريات وهذا احد انعكاسات الخلل, ولذا تبرز اهمية الدفع الليبرالي في المجتمع., ليس لان الليبرالية كتابي المقدس بل من منطلق دور المفكر في تفسير الواقع لتوجيه الخيارات نحو الانسب نوعا ونوعية وهو ما يتطلب مواجهة مع الذات الجمعية عبر مواجهة مع تاريخها .
علينا ان نتحرر من الماضي المقدس وننتقل إلى الماضي الخاضع للتفكيك والتركيب عبر مواجهة شاملة
تسمح بالا يكون خيارنا للمستقبل ناتج عن عصبية للماضي بل عبر قصر دور الماضي على التحفيز فلا
يكون نموذجا للمستقبل, مستمدين رؤياه من موازنة منطقية بين الحريات الفردية التي اعقمها ماضينا
وأجهض بذلك دور الفرد العادي في الحياة العامة وبين العلاقات الوظائفية الجمعية التي قدسها الماضي على
حساب الفرد.
لا يمكننا أن نتوقع النجاح في ادارة الدولة والمجتمع بدون بيروقراطية وفي نفس الوقت لا يمكن تحقيق التقدم
المدني بالاستسلام للبيروقراطية , والبيروقراطية هنا هي الاسرة والمدرسة والدين والدولة, كأشكال القيود
على الحرية الفردية. التوازن بين دور المكونيين الاساسيين للمجتمع , أي الفرد والمؤسسات , هو الحل .
نحن بحاجة لتحقيق ذلك الى محاكمة عقلية نجعل فيها الشعوري فوق العاطفي, الشعوري القادم من عناصر
الادراك والخاضع للتحليل المنطقي للواقع بدلا من الاستسلام للعفوي والغريزي.
أنا لا اقول بانكار الامة ولا بإنكار الدين ودوره في حياة البسطاء, ولا اقول بالنمط الاقتصادي الواحد,
ولكنني اقول بتركيبة شاملة تاخذ بما هو جيد ومفيد للمستقبل, القرار في تقريرها متحرر من عقد سابقة.
هنا انا ادعو إلى تعريف الامة انطلاقا من مشروعها المستقبلي المستمد عموديا من تاريخها وأفقيا من
المجموعات الانسانية القائمة فيها, تعريف يعكس ازدواجية التاريخ والواقع كحقيقتين لايمكن الفرار منهما,
فلا الاستسلام للماضي وتفتيت الواقع حل ولا تقديس الواقع والغاء الهوية حل.
هذه الرؤيا ذات الارتكاز الثنائي التكاملي تدفعني الى اطلاق مصطلح " الامة الثقافية " أو " القومية الثقافية " بدلا من الامة العرقية والقومية العرقية.
أمة يمكن لجيمع المكونات الحالية ان تنتمي اليها دون غربة استنادا الى اسسها الثقافية الواحدة التي لاشك ان الاسلام احد مكوناتها ولكنه ليس اساسها الوحيد ولا هي مقوننة به.
امة تعترف بماضها الاستعماري ولا تلطفه بمصطلحات " الفتوحات " ولكنها تذهب به غوصا إلى ما هو ابعد من العمل العسكري مستحضرة العلم والمعرفة, لتكون رسالتها في الانسانية الابداع والافكار ووجهتها المستقبل والسلام بين البشر, وحتما وقبل كل شيء بين من يشكلون بنيانها.
لذا وكي ما يكون بامكاننا أن نحقق هكذا امة متسامحة مع ذاتها ومع الامم الأخرى في البشرية , امة تتطلع الى يوم من التآخي الانساني الاسمى نحن بحاجة الى تعزيز روح الليبرالية ليس فقط كفكر مستقل بل داخل كل التيارات الفكرية النشطة في واقعنا



#حسام_مطلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذهنية المتذاكي
- لؤلؤة أو لولو كما تقولين
- إنفجار دمشق : الوطن بكروز دخان
- لماذا تفشل الليبرالية عربيا
- استعادة الدور الرأسمالي ضرورة وطنية
- كيف تحقق الرأسمالية الآمان الاجتماعي
- الواحدية في تاريخ الفلسفة
- الانسان العربي ووعي الذات
- النظرية الأمنية : مقارنة بين المخابرات الأميركية والعربية
- القضية الكردية بين الغدر والحق
- المراة في الاسلام
- فتوى سعودية من آل الشيخ: المسلسات التركية حرام
- مختارات من أقوال الحكماء - 2
- الدراما السورية بين الواقع والرسالة
- أنا وصاحباي, الله والشيطان ; الجزء الأول- الواقعية السياسية
- في اصل الاخلاق والقيم الجمعية
- القدس عاصمة إسرائيل الابدية
- هينغتون وحروب خط الصدع
- الوزير والسكرتيرة وزوجة الرئيس
- السببية بين السحر والدين والعلم


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسام مطلق - مشروع الأمة بين المفقود والموجود