|
نشر الديمقراطية ، كلمة حق لا يجب أن يخشى أوباما النطق بها
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2537 - 2009 / 1 / 25 - 01:53
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لا أعتقد أن هناك شعار لحملة إنتخابية نجح نجاح ساحق لحد إرتباطه بإسم صاحب الحملة ، كإرتباط شعار حملة أوباما : التغيير ، بإسم باراك أوباما ، فلازال للأن ذكر إسمه يثير في أذهان الكثيرين في العالم حلم التغيير ، حلم العدالة ، بعد ثماني سنوات من حكم القوة و النخبة ، حكم المال و السلطة التي تخدم فاحشي الثراء ، حكم إعاشة الشعب الأمريكي و شعوب العالم في خوف بدلاً من زرع الأمل ، حكم إنتهاك الحريات و الحقوق الأساسية بإسم الأمن ، حكم وصم خُمس سكان العالم بتهمة الإرهاب . من الجلي أن أوباما لديه الرغبة الحقيقية في التغيير ، و يدعم تلك الرغبة الحماسة المشتعلة و الحيوية الدفاقة ، ظهرت تلك الرغبة ساطعة و تلك الحماسة جلية في خطاب التنصيب و في الإجراءات التي إتخذها في أيامه الأولى في المكتب البيضاوي . ما أخشاه من أوباما ليس الحنث بالوعود ، و لا أن يأخذه الكسل ، أو الغرق في دوامة المهام الإعتيادية لمنصب الرئاسة . ما أخشاه من أوباما ، أو على أوباما شيئين ، أسبابهما نفس الأسباب ، و الأهم يؤديان لنفس النتيجة . أولاً : أن يصاب بعقدة الخوف من النطق بعبارة نشر الديمقراطية في العالم العربي ، بعد أن إرتبطت تلك الجملة و أشباهها ببوش الأبن و المحافظين الجدد ، و نحن نعلم وقع الإسمين - بوش الأبن و المحافظين الجدد - على الرأي العام العربي و الأمريكي و العالمي . أخشى أنه أصبحت هناك عقدة أمريكية تتعلق بنشر الديمقراطية في العالم العربي ، شبيهة بالعقدة الفيتنامية ، مع الفارق بين نشر الديمقراطية و معها تعزيز إحترام حقوق الإنسان العربي ، و غزو فيتنام لمساندة الإحتلال الفرنسي في البداية ثم مساندة طاغية إمعة بعد ذلك . نشر الديمقراطية في العالم العربي هدف نبيل ، أو كلمة حق ، و إن أراد بها المحافظون الجدد و إدارة بوش الأبن باطل . نشر الديمقراطية و إحترام حقوق الإنسان كلمة حق ، و كلمة الحق لا يجب أن يهجرها المستقيمون لأن بعض الملوثين إستخدموها . ثانيا : أتخوف على أوباما أن يسيطر عليه ، أو بالأحرى أن يؤثر عليه - و أنا أفضل التعبير الثاني لأن شخصية أوباما قوية ، و ليست كشخصية بوش الأبن ، و من الصعب أن يقع تحت سيطرة أحد - أصحاب المدرسة التقليدية ، أو القديمة ، مدرسة ما قبل عهد بوش الأبن ، و المدعوة حالياً بالمدرسة العملية ، أو ما يمكن أن نطلق عليه مدرسة طلب الحد الأدنى ، و التي ترى أن الديمقراطية في صورتها التي تعارف عليها العالم ، لا تناسب العالم العربي ، لإختلاف طبيعة تلك المجتمعات عن مجتمعات أوروبا و الأمريكتين و دول شرق أسيا و المحيط الهادي و شبه القارة الهندية و أفريقيا جنوب الصحراء ، و أن المطلوب أمريكياً فقط من طغاة الأنظمة المنعوتة بالمعتدلة في الشرق الأوسط ألا تفوح روائحهم العفنة ، و هذا هو الحد الأدنى . لا أطالب أوباما أن يأتي لنا بالديمقراطية بدبابة أو بأي وسيلة أخرى ، فأنا لازالت على رأيي بأن أي وجود عسكري أجنبي في مصر إنما هو إحتلال ، مهما كان الغطاء الذي يتدثر به هذا الوجود . و لا طالب أيضا بعقوبات إقتصادية ، لأنني أؤمن بأن من يدفع ثمن أي عقوبات إقتصادية هو المواطن البسيط مثلي ، و أن تلك العقوبات إنما تزيد من شعبية الطغاة بين شريحة غير الواعين و هم كثير في مصر حاليا في ظل السياسة الرسمية للتجهيل . ما أطالب به أوباما هو أن يستخدم أوراق الضغط التي تحت يده ، و مع الأنظمة الدائرة بالفعل في الفلك الأمريكي ، فيضغط عليها مباشرة و صراحة و علنية ، فيأمرها بوقف التعذيب ، و إلغاء حالات الطوارئ ، و منع المحاكم العسكرية و محاكم الطوارئ المعروفة بأمن الدولة ، و إطلاق سراح جميع المعتقلين بدون أحكام قضائية مدنية ، و مراجعة الأحكام القضائية المدنية التي من الواضح أنها ذات دوافع سياسية ، و إطلاق حق تكوين الأحزاب و إصدار الصحف ، و غير ذلك من الإجراءات السلمية ، التي لا تكلف قطرة دم واحدة و لا دولار واحد ، و لا تسيء إلى أبناء أي معتقد ، و لا تزرع خوف ، و لا تجرح المشاعر الوطنية بأي دولة ، و لا تتعارض مع مسار حل الأزمة الإقتصادية الحالية التي يوليها أوباما إهتمامه . لا أطالب الولايات المتحدة الأمريكية في عهد أوباما ، أن تأتي لنا بالديمقراطية - و قد سبق أن ذكرت ذلك عالية - فالديمقراطية لا تستورد ، و إنما أطالب بأن ترفع الولايات المتحدة الأمريكية دعمها عن الطغاة الواقعين في دائرة نفوذها و أن تشهر بهم ، فتسمح بتوافر البيئة المحلية المناسبة لنمو تيارات معارضة متنوعة المشارب . أدعو أوباما ألا يصف طغاة فاسدين دمويين مثل آل مبارك و أخرين دمويين تخلفيين مثل آل سعود بالمعتدلين في الشرق الأوسط ، و ألا يدعوهم بالأنظمة الصديقة ، فالصديق مرآة الشخص . فقط أسأل أوباما أن يسهم في رفع قدم آل مبارك من على صدر الشعب المصري ، ليسمح للشعب بأن يتنفس ، و عندما يتنفس الشعب سيسترد قواه ، و سيقطع عندها القدم التي طالما داست عليه . إنها فرصة أمريكا الذهبية لتحسين صورتها التي تشوهت في عهد سلفه ، فلو أحبط أوباما أمل الشعب المصري بعد كل هذا التفاؤل فإن صورة أمريكا في مصر سيكون من الصعب أن تتحسن في خلال عقود قادمة . و سواء تنبه أوباما و جعل التغيير الذي وعد به يصل لمصر ، أو لم يتنبه ، فإن ذلك لن يعني أبداً أن الشعب المصري سوف يُسلم بحكم طغاة آل مبارك ، أو أي طغاة .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البقاء لمن يعرف متى و أين يقف ، على حماس أن تتنحى
-
أثر أحداث غزة على مصر ، الإخوان أكبر الفائزين و آل مبارك أكب
...
-
لماذا لا يتصالح اليساريون و الليبراليون العرب مع الدين ؟ لما
...
-
إلى غزة قدمنا العرض الأسخى ، و الأكثر واقعية و ديمومة
-
الإنقلاب الغيني بروفة للإنقلاب المصري ، و لكن أين نقف نحن ؟
-
آل مبارك الأسرة الثانية و الثلاثين الفرعونية ، بدعة المواطنة
...
-
الإمساك بالبرادع ، لن يأت بالحكم القوي لحكومة متمدنة
-
اللوم في غير مكانه ، لن يأت بالحكم القوي لحكومة متمدنة
-
ذئابنا ليس بينهم ذئبة روميولوس
-
شريحة ضخمة من صغار المستثمرين ستأتي بالرفاهية ثم الحرية
-
شريحة ضخمة من صغار أصحاب الأعمال ستأتي بالرفاهية ثم الحرية
-
القفز فوق المرحلة القبطية ، فصام في الشخصية المصرية
-
ماذا سيتبقى لنا من القرآن على زمن آل مبارك ؟
-
إلى المضطهدين : تذكروا أن الذي نجح هو أوباما المندمج ، و ليس
...
-
الجمالة و العمال المصريين ، ظلموا مرتين ، قصة المعهد التذكار
...
-
أس مأساتنا زيارات تسول البترودولار السعودي
-
قبل فرض أي رقابة حوارية ، ما هو اليسار أولاً ؟
-
أوباما المصري قبطي أو نوبي ، و أوباما الخليجي من أصل أفريقي
-
نموذجنا هو ثورة التأسيس 1805 ، لا ثورة التأكيد 1919 ، لأن مص
...
-
خروج الشعب للثورة هو إستفتاء يمنح الشرعية للثورة ، و يسبغ ال
...
المزيد.....
-
وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع
...
-
تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
-
السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس
...
-
زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
-
الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا
...
-
الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
-
تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
-
أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
-
كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
-
تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان
المزيد.....
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
-
الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل
...
/ بشير النجاب
المزيد.....
|