أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء حميو - تجارب دنماركية 8 (متشرد وصالة دافئة)















المزيد.....

تجارب دنماركية 8 (متشرد وصالة دافئة)


ضياء حميو

الحوار المتمدن-العدد: 2524 - 2009 / 1 / 12 - 06:39
المحور: المجتمع المدني
    


تجارب دنماركية 8
متشرد و" صالة دافئة "
Varmestuen
قريبا من الباب الخلفي ،لمحطة " كوبنهاكن " للقطارات وقف " فريدريك " وهو رجل في الخمسين من عمرة ، متحفزا يتحدث بانشراح مع آخرين ،كان الجميع متأهبين بانتظار شئ ما ..!
لم يطل انتظارهم ،هاهي الساعة السادسة مساءا ، تتوقف سيارة ،مكتوبا على جانبيها ،"الصالة الدافئة " ، نزل السائق برفقة آخر ،فتحا الباب الخلفي فيما اصطف " فريدرك " ورفاقه بالدور لاستلام علبة ما..! ليقول كل منهم: شكرا للسائق، فيجيب الأخير: شهية طيبة، اعتني بنفسك.
لم تكن هذه العلبة تحتوي غير " وجبة طعام المساء الحارة المجانية ،توزع في أماكن وأوقات محددة ،لؤلئك الذين " بلا مأوى " ،ممن ليس لديهم عنوان مسجل ،إذ إن من يمتلك عنوانا مسجل يمكنه الحصول على الإعانة الاجتماعية ،التي تكفل له ،احتياجات الحياة من سكن ومأكل ،وأشياء أخرى.
"الصالات الدافئة " ،هي أماكن يأوي إليها المحتاجون ،للأكل ،أو المبيت ،أو الالتقاء بآخرين والتحدث ،قسم منها يقدم خدماته ،عند الساعة السابعة صباحا ،حيث وجبة الفطور ، والآخر بعد الظهر ،وحتى المساء ،فيما قسم آخر يتخصص في تقديم وجبة العشاء ،والمبيت ،تختلف تبعا لموقعها وعدد المحتاجين لها ،ولكنها تلتقي جميعها بهدف مشترك وهو : إن جميع البشر وبغض النظر عن الظروف التي واجهتم وتواجههم لهم الحق ،بتعامل يحترم إنسانيتهم ، منها: حقهم في الأكل والمبيت بمكان دافئ ،خصوصا في شتاء اسكندنافيا البارد جدا والطويل.،كلمة دافئ لاتعني درجة الحرارة وحسب ، بل تعني الحميمية في العلاقات الإنسانية ،بشكل أساس،ولهذا يمكن ملاحظة إن عدد غير قليل من الزائرين ،قد يكونوا ليسوا بحاجة مادية للسكن والأكل ،لكنهم بحاجة لتقاسم هذا مع الآخرين لكسر حاجز الوحدة!
في إحدى هذه البيوت في مدينة " ارهوس " يستطيع الزائرون إن يحصلوا على وجبة عشاء ساخنة ، والالتقاء بآخرين للتحدث ،وممارسة إنسانيتهم ، ،يمكنهم الاستحمام ،والحصول على ملابس نظيفة ،هنالك متخصصون في بعض المراكز ،يقدمون المساعدة بمختلف أنواعها النفسية أو الطبية أحيانا ،كالعلاج ،أو علاج الأسنان ،أو الاتصال بالجهات المختلفة ذات الاختصاص لتأهيل المحتاج ،تبعا لحالته سواء أكان مدمنا أو متعبا نفسيا ..الخ
تتوزع ماتسمى الصالات الدافئة ،وهي بيوت كبيرة حقيقة ،في مختلف أرجاء الدنمارك ،تتولاها مختلف المؤسسات المدنية ،من الكنائس التي تقوم بدور مميز.. إلى مراكز المساعدة الأخرى التابعة للبلديات، يحصل القسم الأكبر منها على دعم من البلديات، تختلف نسبته من واحدة إلى أخرى، هنالك قوانين رسمية وحكومية، تنظم عملها، وعلى ضوء هذا تتلقى الدعم الحكومي.
واحدة من هذه المؤسسات التي تتوزع "صالاتها الدافئة" في أماكن مختلفة من البلاد تدعى " كير كنز هيرنس " ولديها مايتجاوز 28 بيت ، تقدم خدماتها ،بما فيها وجبات الأكل والمنام ،الاستحمام والمبيت لما يقارب 1200 شخص يوميا ،ففي الأسبوع الأول من شهر " نوفمبر "فقط لعام 2007 بلغ عدد الزائرين 9 آلاف و827 شخص ،غالبيتهم من الرجال بنسبة 75% والباقي نساء .
نسبة الدنماركيين منهم 83% والباقين 17% من خلفيات أثنية أخرى ، ربما السبب بانخفاض نسبة النساء هو كونها اقل إدمانا وضياعا من الرجل كما إن المرأة عموما والدنماركية خصوصا أكثر مسؤولية وتنظيم ،لديها ثقة بالنفس عالية اكتسبتها على مر السنين من خلال جدها وصبرها وعملها الدءوب ،الذي تكلل بفرض احترام مميز من قبل المجتمع لها،بالإضافة إلى وجود مراكز مختلفة ترعى المرأة بشكل محدد في مثل هكذا ظروف.
المميز في عمل هذه المنظمات هو اعتمادها على متطوعين بشكل أساس فمنظمة " بلو كورس " لديها 1300 متطوع و 350 موظف فقط .
كل المجتمعات تحتوي على ناس ضعفاء ،يحتاجون للمساعدة بطريقة أو أخرى ،ورغم كل قوانين النظم الاجتماعية ،التي يضرب بها المثل في البلدان الاسكندنافية إلا إن هنالك ظواهر لاتزل القوانين قاصرة في التعامل معها ،كأن يفقد احدهم سكنه ،أو يدمن ولا يعي أهمية مساعدته من قبل المؤسسات المختصة ، ولكنه ... إنسان يجب أن يأكل وينام في مكان دافئ، وتحترم كرامته الإنسانية..! ماذا لو شعر احدهم تحت ضغط العمل أو التقدم بالعمر، أو شيء آخر بالوحدة والانعزال!؟
هنالك هذه البيوت الدافئة ،التي يستطيع زيارتها ،وتكاد تكون بلا مقابل ،أو مقابل رمزي شبه مجاني ،وسيجد من يرعاه بشكل إنساني ،لايمتلك العاملين فيها أي حكم مسبق اتجاه من يزورهم ،وعلى الرغم من إن جزء مهم من عملها يعتمد على المتطوعين ،إلى إنه بلا دعم البلديات والدولة لأهمية هذه المراكز ،لما كانت بهذه الفعالية ،التي هي في خدمة المجتمع ، هنالك حاجة ماسة لتزايد هذه الصالات بسبب ازدياد عدد المحتاجين وهو الأمر الذي يدعو الجهات إلى طلب دعم كبير من الدولة في هذا المجال ونستطيع أن نفهم لماذا من النادر أن تجد في الدنمارك من يسرق لأنه جائع ،أو بدون سكن ،بل حتى المتسول لن يكون احد أعذاره الجوع بتاتا إذ لن يصدقه أي احد ، هذا لايعني أن لاوجود لناس بلا سكن في الدنمارك ، بل يشكلون رقما كبيرا نسبة إلى عدد السكان أكثر من 6 آلاف،ومازال هنالك قصور في تشريع يجد حلولا دائمة وليس مؤقتة ،والى أن يتم ذلك تقوم منظمات المجتمع المدني بدورها بسد هذه الثغرة ،تتلقى دعما من الحكومة والبلديات التي بدورها تعي أهمية عمل هذه المنظمات،كداعمة من دعائم بناء الإنسان والمجتمع .
المشردون بحاجة إلى سكن دائمي يشعرون فيه بالاستقرار ، والأمان الإنساني وليس ليلة اوليالٍ محدودة، عموما المجتمع ومشرعوه السياسيون لايهربون من مواجهة حقائق مجتمعهم ،وهو مايبشر بإيجاد حلول مستقبلية ،إذ اعد تقرير مفصل في السنة الأخيرة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية ،أخذت فيه بنظر الاعتبار خبرة المؤسسات المختلفة لست بلديات قامت هذه الأخيرة ببناء عمارات سكنية ،كسكن دائمي للمشردين ،في هذا التقرير محاولة جادة لصياغة تشريع قانوني لحل هذه المشكلة.
الصحافة الحرة ،والتي تمتلك سلطة لايعلى عليها ، تمارس ضغطا دائما لإبراز مشاكل المجتمع ،والتي تشدد على ، الاستفادة من تجارب البلدان الأخرى في هذا المجال ،ولهذا يدعو المتخصصون في الدنمارك إلى الاستفادة من تجربة النرويج ا لمميزة في هذا المجال ،على سبيل المثال لدى الأخيرة حتى المطاعم المتنقلة للمتشردين ،تدعمها الدولة.
ملخص خبرة مؤسسات المجتمع المدني تقول :لاتنتظر المشرع السياسي ، اعمل الآن وفورا ،هنالك من هم بهم بحاجة لمساعدتك هذه اللحظة ،فليتزامن هذا العمل بالضغط على المشرع السياسي ،من خلال أدلتك العملية بأهمية ماتقوم به للمجتمع ،وحاجتكما معا لتشريع قانوني ،يعالج المشاكل ويدرأ من تفاقم وصولها إلى جريمة.
ضياء حميو
[email protected]







#ضياء_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنفوز رغم وبدون أصواتكم
- بورصة وحمير رسالة إلى رفيق في قضاء (طويريج )
- - كالوا الشمعة تريد -
- تجارب دنماركية 7... أسلحة الدمار الشامل العراقية في الدنمارك
- لاتنتخبوا الشيوعيين العراقيين ! لعشرين سبب:
- تجارب دنماركية 6 معوق في الدنمارك
- راقصة الستربتيز وكارل ماركس
- تجارب دنماركية 5 استبداد ديمقراطي
- تجارب دنماركية 4 حين صار جيبي منفضة سجائر
- تجارب دنماركية (3) مكتبات الشعب
- تجارب دنماركية 2 - 1.5 مليون جندي دنماركي -
- تجارب دنماركية (1) زلزال في مدرسة دنماركية
- ستُ تنهيدات
- نداء عاجل إلى كل الكتاب، والمحللين، والمنظرين..المحترمين .!
- رسالة من - عبد الزهرة - الكربلائي الى السيد .........
- ساقية ٌ في الرأس
- عِناد يساري
- فائض القيمة للأطفال دون سن العاشرة
- يومَ اغتالوا - جبران -
- رسالة اعتذار لسيدتين مسيحيتين


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء حميو - تجارب دنماركية 8 (متشرد وصالة دافئة)