أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء حميو - تجارب دنماركية 6 معوق في الدنمارك














المزيد.....

تجارب دنماركية 6 معوق في الدنمارك


ضياء حميو

الحوار المتمدن-العدد: 2514 - 2009 / 1 / 2 - 07:55
المحور: المجتمع المدني
    


حدث هذا قبل ثمانية أعوام ، كنت صاعدا في العربة الأولى من القطار ، وفيها حيز مخصص للمعوّقين ،بجانبي شاب معوق يجلس على كرسيه ذو المحرك الصغير الذي مايُسمع صوته ، إذ انه يدور على البطارية ،في المحطة التالية رأيت هذا الشاب يستعد للنزول ، فهممتُ بمساعدته بعد أن انفتح باب القطار ،لان المسافة بين أرضية القطار والرصيف بعيدة نسبيا ولا يمكنه اجتيازها بلا مساعدة ،هكذا كان تقديري ،وكان صائبا ، سألته إن كان يسمح لي بمساعدته ؟ ، لكنه أجاب : كلا شكرا ..! ،الأمر الذي أحبطني ،وحيرني في ذك الوقت ، لكن الحيرة مالبثت أن زالت بعد أن رأيت سائق القطار ينزل من مقصورته ويصعد إلى عربتنا ،يخرج من صندوق جانبي منصة خاصة تستخدم كوصلة لكرسي المعوق بين أرضية القطار والرصيف ، فهمت سبب رفضه ، هنالك من يقوم بهذا العمل على أكمل وجه ، ابتسم لي المعوق مودعا من خلال زجاج النافذة ،إ ابتسمت بدوري للقوانين التي تحترم الإنسان ، وتمنيت لو كنت معوقا في الدنمارك..!

أينما ذهبت في هذه البلاد كنت أرى التسهيلات المخصصة للمعاقين ، مواقف سيارات خاصة لهم ، المرافق الصحية ، المصاعد في البنايات ، المؤسسات ،ومحطات القطار ، في جميع الباصات هنالك مكان مخصص للمعوقين وكبار السن ، وعربات الأطفال ، في الباص لايحتاج سائقه إلى تلك المنصة كما في القطار ،بل إن الباصات حديثة ومصممة بحيث تنخفض عند التوقف إلى مستوى الرصيف كي تسهل نزول عربة المعاق بلا مساعدة من شخص آخر.
فيما إذا رغب المعاق في التنقل في القطار إلى مدينة بعيدة نسبيا ويحتاج إلى مساعدة ،فعليه أن يتصل بجهة خاصة ستقوم بالتنسيق في تأمين سيارة لنقله إلى محطة القطار ومن ثم مع شركة القطارات التي سترسل احد موظفيها ليكون بانتظاره للمساعدة ،في قطع التذكرة وصعوده ومن ثم نزوله في الجهة التي رغب في السفر لها ، أما إذا كان معه مرافق ، كان يكون صديق أو من العائلة فان تذكرة المرافق مجانية .
حين شرعت بجمع المعلومات لكتابة هذا الموضوع احترت من أين أبدء إذ تجمعت لدي معلومات كافية لااكون مبالغا إذ قلت إنها لإعداد رسالة جامعية ، فاتفاقية الاتحاد الأوربي بخصوص عدم التمييز للمعاقين وحدها بأكثر من خمسين صفحة ، هذه الاتفاقية صدرت عام 2006 ووقعتها الدنمارك في الشهر السادس من العام الذي تلاه وهي اتفاقية تتماشى مع كل اتفاقيات الأمم المتحدة بشان تحريم التمييز ، لكن صفتها الأوربية هو بتطبيقها عمليا، و جعلها ملزمة لجميع بلدان الاتحاد الأوربي ،مع مراعاة مرونة تطبيقها ضمن إمكانيات البلاد ،الاقتصادية والمجتمعية ، تنص بشكل مختصر على حقوق المعاقين في الحياة ،والعمل ،والسكن والنقل والمساواة بالآخرين بلا أدنى تمييز .
هنالك بلدان تجاوزت الطموح الأوربي بهذا الخصوص ، مثل السويد والنرويج بالإضافة للدنمارك ، إذ إنها كانت قد شرعت ببناء مؤسساتها الخاصة بالمعاقين وشرعت قوانينها الخاصة قبل عشرات السنين من الاتفاقية ، وصارت مصدر للمعلومات والتجربة في آن واحد للبلدان الأخرى، أود الإشارة هنا إلى إن المقصود بالإعاقة هنا ليس الجسدية وحسب بل الذهنية أيضا ،وتضاف لها العجز لتقدم العمر أو لسبب آخر.
لم يثقل كاهل البلاد عدد معوقي الحربين العالميتين ،كما أثقل البلدان الأخرى ،لان الدنمارك كانت على الحياد في الأولى ، وتم احتلالها في الثانية من قبل ألمانيا رغم توقيعها معاهدة عدم اعتداء مع هتلر ،وكل ضحاياها في هذا الاحتلال بلغ مايقارب 4 آلاف شخص ،كان منهم 39 جندي ،و850 من المقاومة التي كانت في الغالب يسارية للاحتلال الألماني ،والمتبقين من المدنيين.
على الرغم من هذا فان تاريخ إنشاء منظمة المعاقين الدنماركية يعود إلى عام 1934 ،أما اليوم فان عدد منظمات المعوقين يبلغ مايقارب 32 منظمة غير أخرى تتبع البلديات المتعددة ،عدد أعضاء هذه المنظمات يبلغ 320 لف شخص ،منهم إعاقات جسدية ،وآخرين نفسية ،أما بسبب ضغوط العمل أو المشاكل الشخصية ، أو أشياء أخرى.

أرقام بلا تعليق ( الأرقام بالكرونة الدنماركية ،قمت بتحويلها حسابيا إلى الدولار لتكون واضحة للقارئ )
كان المبلغ الذي خصص لمعاقين من ميزانية الدولة لعام 2005 وحدة 19مليار و700 مليون كرونة ،أي مايعادل 4 مليار دولار.
على سبيل المثال تم صرف مايقارب مليار واحد و600 مليون دولار لبناء بيوت خاصة للمعاقين.
وتم صرف مايقارب 144 مليون دولار كدعم لشراء سيارات شخصية للمعاقين ،60 مليون دولار أجهزة سمعية للمعاقين ،18 مليون و500 الف دولار أذرع وسيقان صناعية .
تمت مساعدة مايقارب 31 الف و800 شخص لهم علاقة بالعوق في ذلك العام ، الميزانية المخصصة للسنوات اللاحقة يلاحظ عليها الازدياد بشكل ملحوظ.

نتائج واستنتاجات
1 ـ الإعاقة ، حالة قد أصابت أو تصيب أي فرد من المجتمع، وبالتالي يجب أن يكون هنالك استعداد لمواجهتها ،بما يخدم المجتمع ولا يبطئ من نموه وتطوره.
2 ـ بلا منظمات مخصصة للمعوقين لايمكن من القيام بأي عمل .
يجب إنشاء جمعيات لأنواع العوق ترتبط بعدها بمؤسسة خاصة للمعاقين ، تحدد معلومات دقيقة عنهم ، عددهم ،سكناهم ، نوعيات العوق ،حالاتهم المادية والاجتماعية ،أوضاعهم الآنية ،احتياجاتهم ،مقترحاتهم ،مطاليبهم ..الخ
3 ـ منظمات المعوقين هي من تتشاور ،وتقدم مطالبها واستنتاجاتها من المشرع السياسي ،بالكيفية التي تكون فعالة فيها،وعلى المشرع السياسي ،أن لايتخذ أي إجراء بهذا الخصوص قبل التشاور مع المنظمات المعنية بالمعاقين.
4 ـ قوانين عدم التمييز بسبب الإعاقة لايكفي توقيعها ،بل يجب العمل والتثقيف بها في المجتمع ومؤسساته كافة ،لكي تكون عملية تأهيل المعوق فعالة للمجتمع.
5 ـ النتائج الجيدة تكون من خلال قوانين دقيقة تحمي حقوق المعاقين، وميزانية اقتصادية تتناسب وأعدادهم، والاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى في هذا المجال.
6 ـ في كل تخطيط مستقبلي عمراني، للسكن أو البناء بشكل عام، يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار وجود معوقين، لهم احتياجات خاصة.



#ضياء_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راقصة الستربتيز وكارل ماركس
- تجارب دنماركية 5 استبداد ديمقراطي
- تجارب دنماركية 4 حين صار جيبي منفضة سجائر
- تجارب دنماركية (3) مكتبات الشعب
- تجارب دنماركية 2 - 1.5 مليون جندي دنماركي -
- تجارب دنماركية (1) زلزال في مدرسة دنماركية
- ستُ تنهيدات
- نداء عاجل إلى كل الكتاب، والمحللين، والمنظرين..المحترمين .!
- رسالة من - عبد الزهرة - الكربلائي الى السيد .........
- ساقية ٌ في الرأس
- عِناد يساري
- فائض القيمة للأطفال دون سن العاشرة
- يومَ اغتالوا - جبران -
- رسالة اعتذار لسيدتين مسيحيتين
- أغنية للرفيق جيفارا
- العام التاسع
- الديوانية وول ستريت
- حكمة حمار
- تمرات العبد
- صديقي الأمريكي


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء حميو - تجارب دنماركية 6 معوق في الدنمارك