أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء حميو - صديقي الأمريكي














المزيد.....

صديقي الأمريكي


ضياء حميو

الحوار المتمدن-العدد: 2405 - 2008 / 9 / 15 - 02:22
المحور: الادب والفن
    


حينما التقيت به ، لم يكن يحمل مدفع " رامبو " الرشاش ، ولم يهبط من مروحية " آباتشي "، او متدرعا بعربة " هامفي " ! بل"أوراقا من العشب"*
كان بسيطا جدا ، ومسالما، لم يكن لقائنا الأول في زمن الاحتلال " التحرير " ، بل كان هذا قبل عدة سنوات، تحديدا في العام 1989 وفي قرية صغيرة من قرى " الحلة " في الفرات الأوسط..!
ورغم فارق العمر" كنت في الثانية والعشرين من العمر"، وفارق المسافة والثقافة..صرنا أصدقاء. منذ اللقاء الأول ولغاية الآن ، مبهورا ومعجبا بصديقي المميز، وفي اول فرصة سنحت لي !
أحببت ان اعرف حبيبتي به!
وهكذا ذهبت برفقته للقائها، كان موعدنا فوق جسر " بتـّه " في" الحله" ، وكعادتها نست الموعد وبقيت" مشتولا" بإنتظارها قرابة الساعتين، طبعا حزنت كثيرا إنها لم تأتي ، خصوصا انني لم أكن وحدي بل برفقة صديق أجنبي ،وهذا لايجوز مع الضيف، كانت هذة المرة الثانية التي تفعلها مع ضيف أجنبي ، هو ضيفي ، إذ إن المرة الأولى كانت قبل اشهر مع ضيف انكليزي ،هو السيد " كولردج "! **
لم أحزن كثيرا حين ذلك، لان " كولردج " كان سوداويا ، وحزينا ، انتحر في ذات اللحظة التي لم تاتي بها حبيبتي للموعد من على جسر " بتـّه" ذاته في شط " الحله" ،لم يكن الموت بسببها بل وكما أعتقد بلعنة " طير القادوس " التي لازمة زمنا ما!والتي كما أظن ،جلبوها معهم الى مدينة " البصرة " مرتين : الأولى عام 1914 والثانية عام 2003 !!.
لقائي الأول بصديقي الأمريكي ،كان عفويا وبسيطا ، أتذكر لحيته الكثة المهيبة!
كطفل يتوسل الرفقة قال:( أيها الغريب ! اذا أردتَ ان تحدثني ، وأردتُ ان أحدثك ، فلم لاتحدثني ولم لاأحدثك!؟ )
وهكذا حدثته عن العراق ، وعن " شط الحلة "، عن الطيور والأنهار، والغناء!
وحدثني هو عن " أمريكا " وعن " المسيسيبي" وعن " مانهاتن "، أحببت "أمريكا "و الشعب " الأمريكي " من خلاله.!
ولدماثته بعد ان لاحظ حزني ، وخجلي ، لتأخر أو عدم مجيء حبيبتي لموعدنا ، إقترح أن نبدد الوقت بالغناء، وهكذا غنينا معا أغنية نحبها:
( أيتها المتدفقة بالأنوثة
آه لو جذبتك إليّ
لأغرس فيك للمرة الأولى
شفتي رجل مقدام
..آه للسرعة
أن أنطلق حرا
أن أحب حرا
أن أضيع إن كان لابد من الضياع
أن أطعم بقيا الحياة ساعة إمتلاء وحرية
ساعة قصيدة من الجنون والفرح)
كنت فرحا ، ومعتزا بصداقتي ، التي أحسستها عميقة جدا!
نسيت أمر حبيبتي التي خذلتني ، وكعادتي ، حين تخذلني إمرأة بموعد ما ، اول ما أقوم به هو تناول وجبة مدينة " الحلة " المفضلة " باقلاء بالدهن ، والبيض " !
هذة المرة تناولتها مع صديقي " الأمريكي"،وكم كانت فرحتي غامرة، وهويتناولها عن آخرها ، مرددا: ما أكرم أمنا الأرض، وأروعها بتنوعها!
كان علي أن أغادره مرغما، على أمل اللقاء ، الذي تجدد وتعمق كثيرا، ولكن قبل المغادرة ،إتفقنا ان نوقع أنا وهو " اتفاقية " صداقة ، عادلة ..إقترح أن نسميها " اتفاقية الصداقة للأحرار العراقيين والأمريكيين " كان نصها بسيطا ، مفهوما وموجزا..وكالآتي :"
( فائرجسدي،وشهواني،يأكل ،ويشرب ،وينجب
ليس متعاليا فوق الرجال والنساء
وليس بعيدا عنهم
ليس متواضعا أو غير متواضع
إنني أقول كلمة السرالبدائية
وأعطي شارة " الديمقراطية "
ووالله ، ماقبلت شيئا لن يناله الآخرون سواسية)

التوقيع : عن الجانب " الأمريكي :والت ويتمان
التوقيع : عن الجانب " العراقي " ضياء حميو

وهكذا إفترقنا ومازالت عرى صداقتنا قوية ، واتفاقيتنا ، صالحة بعدلها وبساطتها .
علمت خلال السنين المنصرمة ، إن الشعب " الأمريكي " يفخر على مرالسنين بأنه أنجب إنسانا شاعرا إسمه " والت ويتمان" ، صديقي ذاته ماغيره!
وبعد أكثر من تسعة عشر عاما على لقائنا الأول ، أتسائل الآن : كم من الساسة الأمريكان ، ألاغبياء المتغطرسون ، منهم والأذكياء المغفلون، قد قرأ لصديقي ! وأن قرأ ، هل فهم؟!
وإلا فلماذا يفخرون؟!
سلاما لك صديقي ، رغم السنين ، حتى العاهر كنتَ تسميها " أختي "!!
سلاما لك أيها " الأمريكي " الحقيقي
من صديقك العراقي.

* والت ويتمان : شاعر أمريكي 1819ـ1892 .كل مابين الأقواس الكبيرة هو من مجموعته " أوراق العشب " ترجمة سعدي يوسف.
** صامويل تايلور كولدرج: شاعر وناقد إنكليزي 1772ـ1834
" لعنة طير القادوس" من قصيدة " البحار القديم " لكولردج".



#ضياء_حميو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماتركته
- بغداد
- سرّك انتَ -حزب فهد-
- شموع - خضر الياس -
- مشهد حب
- الرايه الحمرة
- اغنيتان
- الرفيق - فهد- وابنتي -لانه-
- أدب سز
- ( جبَوري-الفالت)
- حلم -نص ردن- - انتصار ساحق للقائمة الديمقراطية اليسارية العل ...
- اسكافي -عفك- كزار حنتوش
- نخلةَُ وطيرُ سعدْ
- مركب سكران ثانيةً
- موّال قديم
- قصيدتان
- ضرطة عنز
- كي لاننسى خلف الدواح :في الذكرى 22 لرحيل -أبو كاطع -شمران ال ...


المزيد.....




- المحرر نائل البرغوثي: إسرائيل حاولت قهرنا وكان ردنا بالحضارة ...
- مجاهد أبو الهيل: «المدى رسخت المعنى الحقيقي لدور المثقف وجعل ...
- صدر حديثا ؛ حكايا المرايا للفنان محمود صبح.
- البيتلز على بوابة هوليود.. 4 أفلام تعيد إحياء أسطورة فرقة -ا ...
- جسّد شخصيته في فيلم -أبولو 13-.. توم هانكس يُحيي ذكرى رائد ا ...
- -وزائرتي كأن بها حياء-… تجليات المرض في الشعر العربي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...
- -غزة فاضحة العالم-.. بين ازدواجية المعايير ومصير شمشون
- الهوية المسلوبة.. كيف استبدلت فرنسا الجنسية الجزائرية لاستئص ...
- أربعون عاماً من الثقافة والطعام والموسيقى .. مهرجان مالمو ين ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء حميو - صديقي الأمريكي