لماذا يخرج المواطن العربي للمظاهرات ؟

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2524 - 2009 / 1 / 12 - 06:39
المحور: المجتمع المدني
    

لا يوجد ربط موضوعي بين المواطن العربي ومواقفه السياسية , وهو يخلط بين هويته الوطنية المعاصرة وهويته القومية القديمة ..ويريد التصادم مع الولايات المتحدة الأمريكية وبينه وبينها مصالح مشتركة كبيرة وإتفاقيات دفاعية , ويخرج للتظاهر على أي شيء تعبيرا عن حالته النفسية المقموعة في الدول العربية تنفيسا عن حالته وليس تعبيرا عن موقفه وهُنا يعتقد أن هذه الوقفة له هي تعبير عن رأيه السياسي والثقافي علما أنها تنفيس عن قمعه السياسي والثقافي في الدول العربية التي تقمع حتى العصافير .
أريد أن أقول أن المواطن العربي ليس ثائرا على إسرائيل بقدر ما هو ثائر على الحُكام العرب وما هذه المظاهرات في الشوارع إلا تنفيسا عن حجم الكبت والمعاناة التي يعيش بها المواطن العربي في عمان ودمشق والقاهرة ..إلخ .
وأريد القول من أن المواطن العربي فاقد للرأي الثابت ويتصور الآخر أنه عدو له لذلك هو لا يقيم عملية حسابية متوازية بين رأيه ومصلحته الوطنية والقومية ..حتى أن الحرب على غزة من المحتمل أن تجرّ بعض المنافع للمواطن الأردني ..أو لبعض الشرائح في المجتمعات العربية !!وهذا إحتمال وهنالك إحتمال أنها سوف تعمل على فضح أشياء أخرى ..

حتى تركيا يتصورها المواطن العربي أنها أصبحت دولة قومجية أو خلافية كما كانت تلعبُ دورها سابقا ولكن الموضوع مختلف وهو مرتبط بمصالح تركيا مع إسرائيل وحين تتحقق لهم تلك المصالح فإنهم سيغيرون رأيهم تماما عن إسرائيل هُم والفنزويليون .

إن المواطن العربي حين يخرج للتظاهر يخرج ليس من أجل التظاهر على ما يجري في غزة ولكنه يخرج للتعبير عن الأزمة العاطفية والسياسية والإقتصادية التي يمر بها وأكاد أن أجزم بأن المواطن العربي لن يخرج للتظاهرات لو كان في بلده بوضع مُريح وأمين وآمن .
إنه كما يقول المثل العامي (يبحث عن عزى _مأتم_حتى يشبع فيه لطم) فبعض الناس مثلا لا تستطيع البكاء ومحرومة من التعبير لذلك يبحثون عن عزى _مأتم_ لكي يبكوا به وينوحوا تعبيرا عن آلامهم المكبوتة ولا يكون هنا البكاء على الميت ولا على أهله ولكن البكاء هنا يكون على نفس الباكي الذي يبحث عن العزا والمأتم لكي يبكي به وينوح ليس على الميت وإنما على نفسه ووضعه المُتردي .

إن المواطن العربي محروم عاطفيا ..وجنسيا ...وسياسيا من التعبير بأساليب مختلفة عن رأيه ومحروم ثقافيا من التعبير عن نفسه ومكنوناته الداخلية وهو دائما واهم أنه ضحية تآمر الغرب والقوى الغربية عليه وعلى الإسلام ولهذا نجده يُنددُ بالحروب الصليبية ويعود بنا إلى الوراء أكثر من 1000عام ليبقول لنا أن الغرب حاقد عليه .


ويفتقر المواطن العربي لمفهوم المواطنة أو لمفهوم الشخصية الإعتبارية وأيضا لمفهوم الهوية الوطنية فالمواطن العربي ما زال يفكر بإسلوب (قومجي) قديم أو (إسلاموي) قديم وهو اليوم يفتقر لمفهوم الوطن الحديث أو الوطن الذي يأكل منه خبزا .
فحين تتعالى أصوات الحروب في لبنان نجده يخرج للتظاهر أمام السفارات الأجنبية مطالبا بإغلاق السفارة الأمريكية أو البريطانية أو الإسرائيلية إذا كانت موجودة .
ونجد المواطن العربي في كل مرة لا يَميْزُ بين مصلحته الوطنية والمصالح الأخرى .
فمثلا حرب غزة يطالب بها المواطن الأردني بضرورة إغلاق السفارة أو طرد السفير الإسرائيلي نهائيا , وفي حرب الخليج كنا نجده يطالب بمثل تلك المطالب أمام السفارات الأجنبية التي شاركت بالتحالف على العراق وطرده من الكويت .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل