أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - الحذاء العراقي الطائر














المزيد.....

الحذاء العراقي الطائر


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2503 - 2008 / 12 / 22 - 08:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تضم مراكز الأبحاث السياسية والتحليل الاستراتيجي في أمريكا أفضل الخبراء العسكريين والاقتصاديين وأساتذة العلوم السياسية ، بعض تلك المراكز مثل مؤسسة " راند " تعد " عقل البنتاجون " ، ومع وجود نحو ألفي مؤسسة أمريكية في مجال التحليل السياسي ، فإن قصة الحذاء العراقي الطائر لا يمكن ، ولا بأية حال أن تكون قد خطرت على عقل واحد من الأساتذة العظام عند جلوسهم في قاعات مكيفة يحللون وضع العراق في ظل الاحتلال ! فالحذاء لايندرج ضمن الأبحاث السياسية ، ولا الاقتصادية ، ولا العسكرية، وليس لدي أي من تلك المؤسسات خبير واحد في الأحذية ! ذلك أن المتعارف عليه تاريخيا أن الأحذية لم تكن أبدا عاملا سياسيا مؤثرا ، قد يؤدي في لحظة لتوحيد مشاعر شعب كامل ، أو نقل رسالة سياسية شعبية واضحة إلي رئيس أكبر دولة في العالم . لم ترد قصة الحذاء الطائر على عقل أي من العاملين في تلك المؤسسات التي ظهرت في أمريكا منذ مائة عام ، وعرفت بمؤسسات الرأي والفكر، وتبلغ ميزانية بعضها مثل "راند" مئة مليون دولار في العام . لابد أن أولئك المحللين الاستراتيجيين كانوا يناقشون كل شيء بإسهاب: أهداف الوجود الأمريكي ، نهب النفط ، قدرة قوات الاحتلال على البقاء ، آفاق استمرار المقاومة الشعبية ، خريطة الحلفاء الدوليين ، لكن قصة الحذاء لم تكن على بال . في العام الماضي صدر عن " راند " تقرير استغرق إعداده ثلاث سنوات رسمت فيه للإدارة الأمريكية الخطة السياسية للتعامل مع أحداث العالم أجمع وخاصة الشرق الأوسط . لكن التقرير لم يتضمن شيئا عن خطورة الأحذية . لم يحلق خيال علماء السياسة إلي طيران الحذاء . فمن الممكن لأولئك المحللين أن يحسبوا عدد الدبابات في مواجهة البنادق، وتكاليف الحرب التي ستتحملها أغنى دولة في العالم وهي تواجه شعبا فقيرا، وإمكانيات تحييد الصين وروسيا وأوروبا ، وكيفية تأجيج الصراع الطائفي في العراق، لكن ليس لدي تلك المؤسسات خبير واحد في حساب الانفعال ، أو مختص واحد حاصل على شهادة علمية في شئون الكرامة . ورغم كل حسابات الاحتلال الأمريكي الطويلة الدقيقة فإن حادثة صغيرة غير متوقعة أفسدت كل شيء . فجأة يطير حذاء لم يكن أحد يتوقعه ، فيصبح حديث العالم ، ويصبح صاحبه في غمضة عين محاطا بأكبر قدر من التعاطف العربي والدولي ، وفجأة تنهار العظمة الكاذبة وتتكشف عن شخص جبان يتفادى كلاعبي الأكروبات فردتي حذاء طائر . في كل كتب العلوم السياسية ، ستجد الأحاديث المطولة عن صراع الطبقات ، وتأسيس الأحزاب ، وخوض نضال طويل برلماني واقتصادي ، وحشد الجماهير، لكن مفكرا واحدا لم يشر إلي دور الحذاء في التاريخ ! وكيف يمكن للحذاء أن يصبح في لحظة موضوعا للأهازيج الشعبية والقصائد والأغنيات والنكات والتأييد ومشاعر التعاطف الحارة ؟! . أتذكر بهذا الصدد قصة قصيرة لهانز كريستيان أندرسن عن أميرة اشترطت على من يريد الاقتران بها أن يأتيها بأعجوبة ، فتجمع المحبون من كل أنحاء العالم ، وتقدم إليها أحدهم بمرآة سحرية ترى فيها المستقبل ، ودنا منها الثاني ببساط سحري يحملها حيثما شاءت ، ووضع الثالث بين يديها نايا سحريا إذا نفخت فيه تحقق لها كل ما في خيالها ، لكنها أعرضت عن أولئك كلهم حتى تقدم منها الرابع ، فرفعها بين ذراعيه وحملها وانصرف . أراد الكاتب الدانماركي الكبير أن يقول لقرائه إن الشجاعة هي الأعجوبة الوحيدة الحقيقية ! و أعجوبة الشجاعة هي التي شقت السماء الملبدة بخيط من نور وحد فجأة – ولو لفترة – مشاعر العرب جميعا ، فإذا بالنكات والتعليقات ورسائل البهجة ودموع الفرح تتدفق بلا توقف، وإذا بشاب كان من الممكن أن يحيا طيلة عمره مجهولا يصبح في لحظة كالومض " أميرا متوجا " لملايين البشر الذي عانوا طويلا من مجرمي الحروب مخترعي ديمقراطية معتقل أبوغريب وجوانتنامو وغيرها مع بعض الصحف المستقلة ! . كان هناك حذاء سندريلا ، وحذاء نيكيتا خروتشوف في الأمم المتحدة عام 1960، فأضاف التاريخ إليهما حذاء آخر جميلا سيصبح جزءا من نسيج الأساطير الشعبية في العالم .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جورج بوش يعتذر عن الأكاذيب بالمزيد منها
- حيرة - قصة قصيرة
- منع النشر علينا !
- بيرسترويكا أمريكية ؟
- المدارس المصرية .. عذاب الطفولة
- نحن والقمر جيران .. فكيف سبقتنا الهند إليه ؟
- بركة الثقافة الشعبية
- الأزمة العالمية.. مالية أم سياسية ؟
- هوليود .. على من تطلق الرصاص ؟
- نقابتنا والتطبيع
- نظرة واحدة إلي روسيا
- مدرسة تولستوي لتعليم الكتابة
- إسرائيل من غزة لأوسيتيا الجنوبية
- مارينا تسفيتايفا .. الشعر والموت
- فالنتين راسبوتين .. بحثا عن الحقيقة
- المعلمون في مصر يطالبون بحق الحياة
- محاسبة المطبع مع إسرائيل جورج البهجوري
- محمود درويش .. والعابرون في كلام عابر
- رحيل سولجينتسين .. أسطورة المواجهة
- ثورة يوليو والثقافة


المزيد.....




- الأفارقة يخسرون نحو 70 مليون دولار بسبب رفض طلبات تأشيرات شن ...
- بولتون يعلق لـCNN على الضربات الأمريكية: الهجوم قد يُمهّد لت ...
- عرائس بلا تيجان.. صيحة زفاف النجمات في صيف 2025
- تفجير انتحاري في كنيسة بدمشق يودي بحياة 22 شخصا على الأقل
- باريس ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل
- اليوم الـ11 من المواجهة: واشنطن مستعدّة لمحادثات مع طهران وإ ...
- ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت -مطرقة منتصف الليل- في شل البرن ...
- -تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب-.. غروسي في دائرة الات ...
- هند جودة: ماذا يعني أن تكون شاعرا في زمن الحرب؟
- واشنطن أطلقت 75 قذيفة دقيقة التوجيه وأكثر من 24 صاروخ توماهو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - الحذاء العراقي الطائر