أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - مارينا تسفيتايفا .. الشعر والموت














المزيد.....

مارينا تسفيتايفا .. الشعر والموت


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2399 - 2008 / 9 / 9 - 10:02
المحور: الادب والفن
    


أفي 31 أغسطس استعادت الحركة الأدبية الروسية ذكرى ذلك اليوم الذي دخلت فيه الشاعرة الروسية لكبيرة مارينا تسفيتايفا إلي حجرة منعزلة وأنهت حياتها بأنشوطة وهي في التاسعة والأربعين ، زوجة ، وأم لطفلين ، وشاعرة ملء السمع والبصر أشرقت في مطلع القرن العشرين مع " آنا أخموتوفا " لتصبحا شمسين منيرتين من قصائد لاهبة ومصير فاجع . ولدت مارينا في 8 أكتوبر 1892 بموسكو ، وكان والدها أستاذا جامعيا ، ووالدتها عازفة بيان ، وتبدت موهبة الشاعرة في محاولات ساذجة مبكرة وهي في السادسة من عمرها ، وعام 1910 نشرت أول ديوان " دفتر مسائي"
وبعد عامين خرج ديوانها الثاني " عامود النور السحري " ، وتوالت دواوينها حتى بلغت سبعة عشر ديوانا ،غير المسرحيات والمقالات النقدية والمذكرات ، ولم تقع خلال رحلتها الأدبية الثرية في فخ " الأدب النسوي" . عاشت تسفيتايفا عهد القياصرة، ثم عاصفة ثورة 1905 ، ثم ثورة 1917 ، والحرب الأهلية ، ثم استقرار كل شيء في قبضة البطش ( ستالين ) . ورأت أمام عينيها كيف يحترق الشعراء والأدباء من أبناء جيلها مثل آخماتوفا ، التي أعدم زوجها الشاعر جوميلوف عام 1921 ، واعتقل ابنها، ونكل بها، وعاصرت انتحار أو قتل الشاعرين العظيمين سيرجي يسينين في ديسمبر 1925 ومن بعده ما يكوفسكي في أبريل 130 ، وموت الشاعر ماندلشتام 1938 مريضا في معسكر اعتقال ، ثم محاكمة المخرج المسرحي العظيم ماير هولد وإعدامه ضربا بالرصاص عام 1940 . وكان عليها وسط الحريق أن تكتب نفسها ، والحقيقة ، وهي في روسيا ، وهي خارج روسيا حين رحلت عنها إلي باريس سنة 1922 ، وهناك بعد ستة أعوام صدر آخر أهم ديوان لها المسمى " بعد روسيا " . وتصف الشاعرة حياتها في الغربة قائلة : " سوء حظي في الغربة أنني لست مغتربة ، أنني بكل نفسي ، بكياني كله ، وامتداد روحي ، هناك ، إلي هناك ، ومن هناك " !أما عن ظروف تلك الحياة فقد كتبت عنها مارينا في مذكراتها تقول : " لا أحد يستطيع أن يتخيل الفقر الذي نحيا فيه . إن دخلي الوحيد يأتيني عن طريق الكتابة . أما زوجي فهو مريض وليس في مقدوره العمل . وابنتي تكسب قروشا زهيدة بما تحوكه من قبعات . ولدي ابني المعتل ، ونحن جميعا نعيش على تلك القروش ، وبعبارة أخرى فإننا نموت من الجوع ببطء " . وفي عام 1939 تقرر الشاعرة الكبيرة العودة إلي روسيا ، وتشهد مرة أخرى عنفوان البطش الستاليني ، وفظاظته ، وتحاول أن تتشبث بالأمل في أن شعبها القوي سيتحمل وطأة الواقع ويتجاوزه إلي عالم آخر ، فتكتب في إحدى قصائدها تقول :
ستحيا يا شعبي مهما كان ..
يحرسك الله ماحييت
من وهبك قلبا حلوا كالرمان
ومنحك صدرا كالجرانيت .
فلتزدهر أيها الإنسان
الذي قد من الصخور
بقلبك الحار كالرمان
النقي مثل البللور
الشاعرة التي امتلأت بالثقة في أن شعبها قادر على تحمل الصعاب ، لم تستطع هي ذاتها أن تتحمل وطأة الثورة التي ابتلعت عواصفها خيرة كتابها ، فأنهت حياتها منتحرة في 31 أغسطس 1941 بأنشوطة كما فعل يسينين . وتركت مارينا ثلاث رسائل واحدة للشاعر " نيكولاي أوسييف " ، وأخرى لمن سيتولى دفنها ، وثالثة لإبنها جريجوري تقول له فيها : " عزيزي ، اغفر لي ، لكن الوضع كان سيصبح أسوأ لو استمرت هذه الحال ، إنني مريضة بشدة ، حتى أنني لم أعد أنا . اعلم أنني أحبك بقوة ، وافهم أنه لم يكن بوسعي أن أعيش أكثر من ذلك . انقل لبابا و ل " آليي " إذا رأيتها أنني أحبهما حتى آخر رمق ، ووضح لهما أنني بلغت طريقا مسدودا " . هكذا رحلت الشاعرة ، أما الطريق المسدود ، فلم يكن مأزقها الخاص ، لكنه مأزق تاريخي تكثف كقطرات الماء على جدران روحها العظيمة . وفي عام 1990 ، تقدم عدد من الكتاب والشعراء برسالة إلي البطريرك الروسي ألكسي الثاني ، ليغفر للشاعرة انتحارها ، ففعل .
خلال إقامة مارينا تسفيتايفا في باريس كانت تراسل الشاعر النمساوي المعروف راينر ماريا ريلكة ، فكتب لها ذات مرة " نحن الأعماق العائدة إلي السماء يا مارينا " . ومن هناك تطل الشاعرة كل عام على روسيا ، وتنشر من جديد رائحة الحريق القديم .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فالنتين راسبوتين .. بحثا عن الحقيقة
- المعلمون في مصر يطالبون بحق الحياة
- محاسبة المطبع مع إسرائيل جورج البهجوري
- محمود درويش .. والعابرون في كلام عابر
- رحيل سولجينتسين .. أسطورة المواجهة
- ثورة يوليو والثقافة
- الفن والكرامة
- ماذا كسب جورج البهجوري بزيارته لإسرائيل ؟
- د. محمد غنيم .. من أحلام مصر
- النقاش والطفلة
- وداعا أيتماتوف !
- دمياط تواجه حملة - أجريوم - الكندية
- رواية العمامة والقبعة لصنع الله إبراهيم .. زمن الغزو
- الآخرون .. ترف أم ضرورة ؟
- مصر .. أكواخ وقصور
- فلسطين في القاهرة اليوم
- كيف صارت أمريكا شيوعية ؟
- البدين والنحيف
- كرم العنب تحفة عبد الوهاب الأسواني
- الفن والحياة الاجتماعية


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - مارينا تسفيتايفا .. الشعر والموت