أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الفن والكرامة














المزيد.....

الفن والكرامة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 11:02
المحور: الادب والفن
    



في بعض الأحيان تقدم لنا الفرقة القومية العربية للموسيقى ، وغيرها عروضا موسيقية لإحياء ذكرى فنان كبير مثل الموسيقار محمد عبد الوهاب ، أو غيره ، وفي تلك الساعات القليلة تتضح قدرة الفن الغريبة والموسيقى تحديدا . ذلك أن للأغاني مقدرة عجيبة على اختزان مالا يستطيع الأدب أو المسرح أوغيره أن يختزنه من مشاعر . فالأغاني أقرب لذاكرة الدماء منها لذاكرة الوعي. وقد جرت ألحان محمد عبد الوهاب في شرايين أجيال مصرية وعربية عديدة ، وصاغت في القلوب شكل ذكرياتها العاطفية والوطنية . ومحمد عبد الوهاب الذي ولد في منطقة باب الشعرية الفقيرة ، هو الرأس الموسيقى الأكبر بعد خالد الذكر سيد درويش . ومثلما أقام نجيب محفوظ الرواية العربية ، وأقام توفيق الحكيم المسرح العربي ، فإن عبد الوهاب هو مؤسس قالب الأغنية الحديثة في مصر بكل روافدها. وقد قام بدوره الريادي ذلك جنبا إلي جنب مع عملاقين آخرين في عالم الموسيقى هما رياض القصبجي ، ومحمد السنباطى . لكن عبد الوهاب كان الأوفر عطاء والأكثر تنوعا فلم يترك شكلا موسيقيا إلا وطرقه : لحن المعزوفات الآلية مثل " المماليك " وغيرها ولحن الأغنيات الخفيفة مثل " أحبك وأضحي لحبك " لشادية ، ولحن القصائد الموسيقية الفخيمة مثل " الجندول " ، والطقطوقة مثل " قلبى بيقول لى كلام " ، والنشيد الوطنى العاطفى مثل نشيد " يانسمة الحرية " ، وحاول عبد الوهاب أن يطرق باب المسرح الغنائي بمشاهد درامية ومقاطع من مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقي ، لكنه لم يستطع أن يواصل دور سيد درويش مؤسس المسرح الغنائي ، والدراما الموسيقية . ومع ذلك فقد أقام عبد الوهاب مدينة كاملة للأغاني بمختلف أساليبها وعمرها بالبيوت والمشاعر الموسيقية فلم يعد الموسيقيون من بعده يدخلون إلي فراغ ، ولكن ينشئون ويطورون معتمدين على ما تركه الفنان الكبير من قواعد وخبرات ريادية . أيضا كان عبد الوهاب أكثر الموسيقيين جرأة في تجريب الالآت المختلفة الوافدة بكل ما تحمله معها من طعوم موسيقية جديدة. وهو أول من أدخل آلة " الماندولين " إلي التخت المصري . لكن المدهش أن الجمهور الذي يحضر الحفلات التي يعاد فيها إنشاد أغاني عبد الوهاب كان يبدي حماسه غير المسبوق بالذات لأغنيات عبد الوهاب الوطنية مثل أغنية " أصبح عندي الآن بندقية " ( غناء أم كلثوم ) ، وأغنية " وطني حبيبي الوطن الأكبر " غناء مجموعة من الفنانين ، وقد لاحظت نفس الظاهرة في مسارح مصرية أخرى ، وفي عروض أخرى ، وعلى سبيل المثال فقد عرض المسرح القومي ذات يوم " أمسية لصلاح جاهين " ، وهناك غمرت القاعة موجة نارية من الحماس مع أغنية بالأحضان لعبد الحليم حافظ ! وهو ما حدث أيضا خلال عرض فيلم " ناصر 56 " للنجم الراحل أحمد زكي ، فقد أصاب المشاهدين نوع غريب من الحماس تجاوبا مع مشاهد التحدي المصري للاستعمار ومع مشاعد الزعيم جمال عبد الناصر وهو يخوض معارك التحرر. ألا يشير ذلك إلى أن لدى الجمهور شوقا ملحا لما يمكن أن نسميه " الكرامة في الفن " ؟ وأننا صرنا نفتقد لذلك النوع من الموسيقى والأدب الذي يغذي الشعور بالتحدي والعزة ؟ ألا يشير ذلك إلي أن بناء هذه الكرامة في الثقافة والفن أصبح مطلبا قوميا ؟ وأن معظم ما نقدمه الآن من أغنيات وموسيقى أشبه ما يكون بلحن الهزائم ؟ بل وأقرب إلي الرقص المذبوح على إيقاع الشعور بالإحباط واليأس ؟
إننا أحوج ما نكون إلي فن يلهم الناس مرة أخرى الحماسة، والشجاعة ، والأمل . أليست هذه هي مقدرة الفن وواجبه ودوره ؟ أم أن حياتنا صارت خالية من أي انتصار ملهم يبعث في نفوس الفنانين اللحن المنشود ؟ ألم تكن العودة الظافرة لدلال المغربي – وحدها – تستحق نشيدا ؟

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا كسب جورج البهجوري بزيارته لإسرائيل ؟
- د. محمد غنيم .. من أحلام مصر
- النقاش والطفلة
- وداعا أيتماتوف !
- دمياط تواجه حملة - أجريوم - الكندية
- رواية العمامة والقبعة لصنع الله إبراهيم .. زمن الغزو
- الآخرون .. ترف أم ضرورة ؟
- مصر .. أكواخ وقصور
- فلسطين في القاهرة اليوم
- كيف صارت أمريكا شيوعية ؟
- البدين والنحيف
- كرم العنب تحفة عبد الوهاب الأسواني
- الفن والحياة الاجتماعية
- الأدب في خطر !
- حصان فلسطيني أحمر
- حدثونا الان عن السيادة المصرية !
- فيلم - حين ميسرة - عندما يولد الفن ولا يعيش
- مقالات د. محمد مندور
- أبوتريكة يسجل هدف التعاطف مع غزة
- الدب الروسي يثير القلق


المزيد.....




- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الفن والكرامة