أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - كرم العنب تحفة عبد الوهاب الأسواني














المزيد.....

كرم العنب تحفة عبد الوهاب الأسواني


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2268 - 2008 / 5 / 1 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


" كرم العنب " هي الرواية السادسة للكاتب الكبير عبد الوهاب الأسواني يتوج بها رحلة أدبية بدأها عام 1970 بروايته " سلمى الأسوانية ". ولعلها ليست مصادفة أو توارد خواطر، أن تصدر خلال عام واحد ثلاث روايات من " العيار الثقيل " تعود بنا إلي التاريخ: واحدة تبدأ من الحملة الفرنسية " العمامة والقبعة " لصنع الله إبراهيم، والثانية تمر بسنوات الاحتلال بعد الثورة العرابية " واحة الغروب " لبهاء طاهر ، ثم " كرم العنب " التي تدور أحداثها بعد نصف قرن من غروب ثورة العرابيين. أقول إنها ليست مصادفة أن يلجأ الروائيون الثلاثة الكبار إلي زمن أبعد محتواه التاريخي الغالب هو الغزو والهزيمة، لكن لعلها الحاجة الماسة إلي فهم واقعنا الراهن على ضوء معطيات أوضح لنفس المعضلة. وقد يصلح " دور المثقف " في الأعمال الثلاثة مادة لدراسة مقارنة. وتتخذ " كرم العنب " - الصادرة عن الهيئة المصرية للكتاب - في نحو خمسمائة صفحة من شمال أسوان مكانا لأحداثها التي تنقلها لنا تسع شخصيات رئيسية فترسم لنا خلال ذلك - في لعبة كالمرايا المتقابلة -أولا صورة لنفسها ، ثم صور الآخرين ، بادئة من حيث انتهت حكاية من سبقها. وقد ساعدت تلك الوسيلة على تفادي عبء السرد التقليدي الذي عادة ما يتولاه الكاتب ، خاصة أن الرواية كبيرة وتستعرض خريطة من العلاقات الواسعة المتشابكة. ويقدم عبد الوهاب الأسواني شخصية أساسية تتصدر العمل هي مراد ابن شفيق الخولي في " كرم العنب " الذي يقف حائرا ما بين نصيحة الشيخ أيوب له : " انصت للبسطاء فهم أهلك وناسك " وبين ما لقنه إياه عطوان بقوله: " دعك من الصعاليك الذين تجمعهم زمارة، وتفرقهم عصا ". وشيئا فشيئا يحسم مراد موقفه ويقرر شق طريقه إلي أعلى ، بالقوة ، وبمصاهرة عمدة كرم العنب ، وبالحيلة ، وبالجبن ، وأساسا بالتخلي عن المبادئ التي تشربها سنوات الفاقة من الشيخ أيوب نصير العرابيين، ويصبح مراد نائبا للعمدة ، بل وعمدة كرم العنب، لكن بثمن فادح ، إذ يقدم في سبيل الأرض والجاه والمنصب روحه ، وجسد أخته صباح ، إلي أن يلطخ يديه بالدم. وتموج " كرم العنب " الصغيرة الواقعة في الجنوب بكل متناقضات مرحلة الهزيمة ، الإقطاع ، وأصدقاء الباشوات، وعمد الريف الذين يستمدون ثقافتهم من جريدة " المقطم " صوت الاحتلال ، بينما يقف على الجانب الآخر " المطاليب " الذين تختارهم السلطة لأعمال السخرة ، والمطاليب عند عبد الوهاب الأسواني هم كل الفقراء المعدومين، وهم أنصار الصناعة الوطنية ، وأنصار التمرد على الملك فؤاد والانجليز ، وكل من يزرع أرضه ولا يجد قوته ، وهم المثقفون من أمثال عبد العزيز مهندس الطلمبات الذي يتغنى بقصائد عبد الله النديم ، والشيخ أيوب العواصمي ، وهم أيضا جنود عرابي الذين حولهم الاحتلال إلي جنود سخرة يحفرون المصارف لأرض الخديوي تحت فرقعة السياط ، وهم المقاليع الفقراء المتمردون الذين لا يأكل الواحد منهم سوى وجبة واحدة في اليوم ، والمطاليب هم كذلك النساء اللواتي يرحن في عمر الزهور قربانا للصعود إلي أعلى مثل صباح أخت مراد ، ومثل الأرملة العجوز التي تطوف طيلة الرواية لتؤرق الضمير بقولها إن لديها حكما قضائيا لاستلام أرضها لكن ليس لديها عزوة ولا قوة لتنفيذ القانون. ولا يبقى أمام المطاليب كما يقول عبد الوهاب الأسواني سوى : " الهجرة أو التحول إلي أجراء أو الموت جوعا "، أو التوقيع على " التماس " يعتذرون فيه بأنهم " كانوا مكرهين حين عضدوا أحمد عرابي " ! أو الحلم بأن زمنا ما سيحل ويعود فيه الثائرون ليعاقبوا الظلمة وينشروا العدل بين الناس، أو أن يستنفروا قواهم لتغيير حياتهم بشعار الشيخ أيوب " ليس ثمة حق يعود إلي أصحابه بغير صليل السيوف " ، وهنا يبرز اقتراح جيل جديد يتزعمه فريد ابن الشيخ أيوب بتشكيل حزب يعمل من أجل الاستقلال السياسي والاقتصادي ويصبح عزوة وقوة كل أرملة نهبت أرضها ، وبهذه الفكرة يختتم الأسواني روايته البديعة ، الأقرب إلي ملحمة تألقت فيها شخصيات قريبة من روح الشعب مثل اللص حلمي المقلوع المفعم بكل ما لدي المتمردين من كرامة ونخوة ، وعزيز الشاعر الذي يهوى تحطيم كل التقاليد البالية في الجنوب. وبذلك تصبح " كرم العنب" رمزا للعطاء والثروة المنهوبين،ولهذا يقول الأسواني في متن روايته" وكم ذا بكرم العنب من مضحكات " . لقد قدم الأسواني لنا ضفيرة بديعة ومحكمة من تفاعل الخصال الشخصية لبشر محددين مع وضع اجتماعي وتاريخي عام يموج بالرغبات القاتلة ، والمحبة العنيفة ، وبأحلام نبيلة محفوفة بالأهازيج الشعبية. تستحق الرواية أكثر من كتابة ، وأكثر من قراءة ، لعلها أن تحظى ولو بجزء منها ، لأنها عمل ينصت باقتدار فني " لأهله وناسه ".

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن والحياة الاجتماعية
- الأدب في خطر !
- حصان فلسطيني أحمر
- حدثونا الان عن السيادة المصرية !
- فيلم - حين ميسرة - عندما يولد الفن ولا يعيش
- مقالات د. محمد مندور
- أبوتريكة يسجل هدف التعاطف مع غزة
- الدب الروسي يثير القلق
- الشاعر أحمد حجازي و - استحالة حوار -
- بنات علم وكرامة
- البكاء على الأشرطة الأمريكية
- رحيل رمسيس لبيب
- فرصة سعيدة
- تشيخوف والمثقفون .. نص لم ينشر
- الخطر الذي يهدد الصحافة المصرية
- في محبة الوهم
- من أطلق لرصاص على هند علام .. لكي أشكره ؟
- من أطلق الرصاص على هند علام ..لكي أشكره ؟
- من الأردن إلي شيكاغو
- سلاطين المماليك وخيال الظل


المزيد.....




- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - كرم العنب تحفة عبد الوهاب الأسواني