أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الخميسي - رحيل رمسيس لبيب














المزيد.....

رحيل رمسيس لبيب


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 11:55
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ثمة جوهرة نفسية وعقلية أساسية في كل منا ، تجتمع حولها كل الصفات الأخرى ، جوهرة كأنها النواة في الذرة ، تدور حولها الخصال الأخرى . في شخص ما قد تكون تلك النواة هي القدرة على لتعاطف مع آلام الآخرين أو الشجاعة الواضحة في مواجهة الصعاب أو القدرة على التضحية بدون مقابل ، أو أشياء أخرى سلبية . لكن تلك الجوهرة هي التي تحدد حسب اعتقادي كل شيء في حياة الإنسان من مولده إلي لحظة رحيله، وهي التي تستدعي إلي طريقه تلك المصادفات وليس غيرها، وتلك العلاقات وليس غيرها ، لتضع في ختام الرحلة نقطة النهاية تلك ، وليس نقطة أخرى. هذه الجوهرة هي ما يشغلني في كل إنسان ألتقي به فأتطلع إليه شاردا متسائلا : من يكون؟ وما الذي يشع من داخله؟ زجاج ملون أم معدن أصيل؟
وحين أستحضر الآن صورة الصديق الكاتب المناضل رمسيس لبيب الذي فارقنا منذ أيام أحاول أن أحدق في صميم روحه التي قربته إلي النفوس وجعلته عزيزا هكذا على أصدقائه ومحبيه. أكثر ما يذكرني به رمسيس لبيب هو المنشد، الذي يقف في الظل مع أفراد جوقة ضخمة بعيدا عن أضواء المنصة ، تملؤه السعادة في الصفوف الخلفية لأن لحنا كبيرا وجميلا يسري في الجو ويسعد الناس ، بغض النظر إن كان هو المغني أم مجرد مردد لمقطع صغير وسط الأصوات المتراكبة . كان اللحن – وليس وضعه الشخصي كمنشد - قضية رمسيس لبيب - اللحن والفرحة التي تمناها رمسيس لبيب للناس وهو واقف في الظل. ومع أن الراحل العزيز بدأ الكتابة الأدبية منذ عام 1969 بنشر قصصه القصيرة في مجلة الكاتب ، وجريدة المساء والجمهورية ، ولم يتوقف عن العمل الأدبي ، إلا أن شغله الشاغل في السنوات الأخيرة كان التأريخ للحركة اليسارية بجمع شهادات المشاركين فيها ، وبجهد كبير تمكن مع حلمي شعراوي وآخرين من إصدار نحو ستة كتب ضخمة تضم شهادات حية لمن ساهموا في خلق التيار اليساري ، ثم عكف على إصدار كتاب عن دور اليسار المصري في الأدب والفن، وظل يجمع مادته نحو عام كامل إلي أن خرج إلي النور. وقد انخرط رمسيس لبيب في العمل الوطني مبكرا ، فتحمل وطأة السنوات المنهكة لمعتقل الواحات ، والمطاردة ، والحرمان من الأسرة ، وحين غادر أسوار السجن لم يبدل صفته من " مناضل يساري " إلي " نشيط حقوق إنسان " ، ولم يبدل رأسه ، ولا عواطفه ، ولا انتماءه إلي قضايا الشعب المصري جملة وتفصيلا . وعاش حياته كلها دون أن يشغل منصبا حكوميا ، أو حتى موقعا بارزا في صفوف المعارضة الرسمية ، واقتصر دوره على جمع حكايات السفينة الغارقة ، حكايات اليسار وأساطير البطولة التي عبدت مع غيرها الطريق إلي ثورة 1952 . وكان مسكنه بالقرب مني في مدينة نصر يتيح لي أن أزوره كلما دعاني ، فأجلس معه ومع زوجته الفاضلة في بيته فلا أسمع منه كلمة تنم عن مرارة ، أو كراهية لأحد ، لا شيء سوى تلك النظرة المهذبة الممتلئة بالاحتفاء بالحياة ، وبمشروعات عديدة لاستكمال تأريخ الحركة اليسارية ومخطوطات لروايات وقصص . وكنت أسعد بجلوسي في جو نقي لا تسري فيه بغضاء أو نميمة أو حسد مع شخص نبيل يشع بجوهرة من إنكار الذات . نشر رمسيس لبيب أولي مجموعاته القصصية " الحب فوق مستطيل الضوء الشاحب " عام 1972 ، وكتب في مقدمتها أنه يرى الكتابة رحلة اقتحام لهموم ومشكلات وأشواق الإنسان في وطن الكاتب وعصره ، وأن على الكاتب أن ينحاز إلي القوى التي يكون في انتصارها انتصار للإنسان . وواصل رمسيس لبيب الإبداع الأدبي دون توقف، وقد يجد البعض أن الكثير من قصصه ورواياته تندرج في باب الواقعية التقليدية ، إلا أن تعدد مستويات تطور المجتمع المصري وتنوع قضاياه ما زال يسمح في اعتقادي لكل ألوان التعبير الأدبي بالوجود والتأثير.
رحل الصديق الذي نفر من دور المغني وعشق الأغنية، ونفر من دور البطل وعشق البطولة ، ونفر من دور النجم الساطع وعشق النور حتى النهاية . تحية لروحه، ولأبناء جيله العظام الذين اصطفوا كالأشرعة المرفرفة عند الوداع.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرصة سعيدة
- تشيخوف والمثقفون .. نص لم ينشر
- الخطر الذي يهدد الصحافة المصرية
- في محبة الوهم
- من أطلق لرصاص على هند علام .. لكي أشكره ؟
- من أطلق الرصاص على هند علام ..لكي أشكره ؟
- من الأردن إلي شيكاغو
- سلاطين المماليك وخيال الظل
- روايات الكاتبة الروسية ناتاليا فيكو
- الدولة والإخوان في مصر
- احتباس حراري واجتماعي
- النقد والمجتمع
- ماتروشكا للاستبداد
- أحمد عبد المعطي حجازي وقضية الحرية
- فن الكذب
- التعذيب للجميع .. مشروع قومي
- معبر إلي وطن
- الباب المغلق
- معارك نقدية
- غسان كنفاني .. زهور في حدائق جرداء


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الخميسي - رحيل رمسيس لبيب