أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - غسان كنفاني .. زهور في حدائق جرداء














المزيد.....

غسان كنفاني .. زهور في حدائق جرداء


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1982 - 2007 / 7 / 20 - 07:30
المحور: الادب والفن
    


غسان كنفاني (1936 – 1972 )
زهور في حدائق جرداء

عاش غسان كنفاني ستة وثلاثين عاما وغاب خمسة وثلاثين لكن العطاء المتنوع خلال عمر قصير بترته رصاصة في صيف 72 مازال يثير الدهشة : قصاص ، وروائي ، ومسرحي ، ومقاتل في الجبهة الشعبية ، وصحفي ، وكاتب سياسي ، ورسام ، جرب النحت ، والشعر ، غير ما تركه من دراسات . كانت حياته القصيرة وإبداعه أقرب إلي عاصفة من القدرة على التعبير عن الكرامة والوطن خرجت من مخيمات نكبة 1948، وحملت معها إلي العالم كله صورة تلك المخيمات وقضية شعب سدت أمامه كل الأبواب ولم يبق له سوى دخول التاريخ برأس ثابت كالرمح، لأن الوطن لا يستبدل بشيء آخر أيا كان . يقول كنفاني في رسالة له : " حاولت منذ البدء أن أستبدل الوطن بالعمل ، ثم بالعائلة ، ثم بالكلمة ، ثم بالعنف ، ثم بالمرأة . وكان دائما يعوزني الانتساب الحقيقي .. كنت أريد أرضا ثابتة أقف فوقها ، ونحن نستطيع أن نخدع كل شيء ما عدا أقدامنا ، إننا لا نستطيع أن نقنعها بالوقوف على رقائق جليد هشة معلقة بالهواء ". الأقدام التي سارت أول الأمر في عكا حين ولد غسان عام 1936 واصلت سيرها دون توقف ، إلي دمشق ، والكويت ، وبيروت ، إلي أن فجرتها شحنة ألغام وضعت داخل سيارة الكاتب والمبدع والمقاتل . ولد في أسرة فلسطينية فقيرة أرغمها احتلال 1948 على النزوح إلي دمشق ، فأخذ هناك وهو صبي يبيع في الشوارع الأكياس الورقية ، ويكتب الشكاوي بقروش أمام أبواب المحاكم إلي أن أنهى تعليمه ، فتزوج من بلده عكا ، وشد رحاله إلي يافا ، ومنها إلي الكويت عام 1956 . هناك نشر أولى قصصه " القميص المسروق " ، ثم رحل إلي بيروت عام 1960 ليعمل في جريدة " الحرية " التي كان يصدرها القوميون العرب ، إلي أن شارك عام 1969 في تأسيس مجلة الجبهة الشعبية " الهدف " وترأس تحريرها . ظهر غسان كالومضة في اللحظة التي خيم فيها ظلام الهزيمة الشامل على المنطقة بعد النكسة ، وعرف بشعراء المقاومة ، وقفز بالقصة القصيرة والرواية الفلسطينية إلي ذروة فنية وفكرية لم تعرفها من قبله ، وكان في ذلك كله نموذجا نادرا في تاريخ الأدب العربي لمثقف لا يفصل بين كلمته وموقفه ظل بسيط من التردد . أحدثت روايته " رجال في الشمس " ضجة حين ظهرت عام 1963 وشحنت الشعب الفلسطيني بفكرة المقاومة قبل بزوغها بسنوات ، وفيها يؤكد غسان أن العالم كله صهريج مغلق للموت الفلسطيني ، وأن الباب الوحيد المفتوح ليس للهرب ، ولكن للبقاء في الوطن ومقاومة الاحتلال . وهزت الرواية في حينه ضمير جيل كامل من أبناء الستينات في مصر وغيرها . سبق ظهور روايته مجموعتان قصصيتان " موت سرير رقم 12 " عام 61 ، و " أرض البرتقال الحزين " عام 63، وفيهما صور غسان أحوال الفلسطينيين في الخارج والداخل ، وترك ثلاث مسرحيات هي : " الباب " و " جسر إلي الأبد " عام 1965 ، و " القبعة والنبي " في 67 ، ثم أضاف إلي إنتاجه الروائي ثلاث روايات أخرى هي " ما تبقى لكم " و " أم سعد " ، وعائد إلي حيفا " ، علاوة على أربع كتب هامة حول " الأدب الصهيوني " ثم الأدب الفلسطيني تحت الاحتلال " ، " المقاومة ومعضلاتها " ، وأخيرا " ثورة 1936 " .
وخلال ذلك كله كان هم غسان الأول هو تأريخ المعاناة الفلسطينية ودفعها لتجاوز ألمها بحيث تستعيد بلادها . يقول غسان في رسالة له : " سأظل أناضل لاسترجاع وطني ، لأنه حقي وماضي ومستقبلي الوحيد ، لأن لي فيه شجرة وغيمة وظل وشمس تتوقد وغيوم تمطر " .
متى وكيف وأين استطاع غسان كنفاني أن ينجز كل ذلك وعلى هذا المستوى الأدبي والفكري الرفيع ؟ . يقول من عرفوه إنه كان يقضي طيلة اليوم في عمل شاق ما بين الاجتماعات الصحفية ، والسياسية ، ومسئولياته كعضو في المكتب السياسي للجبهة الشعبية ، وفقط عندما ينتصف الليل ، يخلو إلي نفسه في حجرة مكتبه في الجريدة ، ليكتب ، إلي أن وضعت الموساد الإسرائيلية عبوة ناسفة زنة تسعة كيلوجرام في سيارته تحت مقعده ، وحين خرج من بيته في الحادية عشرة صباح السبت 8 يوليو واستقل سيارته انفجرت العبوة وأطارت أشلاءه في الجو مع لميس الصبية الصغيرة ابنة أخته. وكان آخر ما قاله غسان قبل مغادرته البيت : " أعدوا لنا طعاما شهيا " ! وها هي ذكرى رحيله تحل كالزهور في حدائق جرداء لتعيد إلي الأذهان صورة ومعنى الكاتب والمثقف حين يغدو عاصفة.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الشاق نحو الكتابة
- جون شتاينبك ومنطق بيلون
- تحرير متبادل بين حماس وفتح
- تعذيب العقل
- أين أنت أيها التنوير ؟
- أهمية أن تكون من كندا
- لينين والقضية الفلسطينية
- عندنا ما فيش قتل .. فيه منع بس
- حماس لتحرير الحكومة أم فلسطين ؟
- الحركة الثقافية وحياة خليل كلفت
- رسالة بهاء طاهر إلي المعارضة المصرية
- عن أي حجاب يدور الحديث في مصر؟
- الناس يصعدون إلي السماء
- بلاغ ضد الشعب
- الإمبراطورية الأمريكية تحكم الرقابة على العالم
- د. رشاد الشامي .. رحيل عالم كبير
- المسلسلات المصرية
- غزة تفطر على مدافع الاحتلال
- قوات الديمقراطية الأمريكية والصحافة العراقية
- إسرائيل عدو الثقافة الأول


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - غسان كنفاني .. زهور في حدائق جرداء