أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أين أنت أيها التنوير ؟














المزيد.....

أين أنت أيها التنوير ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1942 - 2007 / 6 / 10 - 12:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من كثرة ما صرت أسمعه عن التنوير وما أقرأه عنه من مقالات وملفات في مجلات وصحف ثم ما أشاهده من برامج تـنـويـرأصبحت أظن أن ثمة شخصا يدعى " تنوير" ربما أصادفه في الطريق فأستوقفه لأطمئن على أحوال وأسأله : ما بتجيش ليه يا تـنـوير؟ . وعلى كثرة تجوالي في المدينة فإن " تنوير " لم يظهر أبدا ، وعلى العكس وجدت أن أوضاعنا في مجال الوعي العام تزداد تدهورا من سنة لأخرى ، وتتأجج الطائفية ، وتنتشر الخرافات ، والدروشة ، ونظرة التحقير للمرأة ، واعتبار الحياة موتا نحو حياة أخرى ، كما تتعمق روح الازدراء للفنون والثقافة أو على الأقل اللامبالاة بكل ثمار الفكر والإبداع ، ويتوغل اليأس في النفوس. والسبب الأول في التنوير عندنا بلا أثر أن أغلب المقصود به هو مواجهة التيارات السلفية وما تخلقه من تطرف وإرهاب. ولاشك أن تلك المواجهة التي يغطيها التنوير تشكل قاسما مشتركا بين أمن الناس وأمن الحكومة، لكن ماذا عن التنوير عندما تتعارض مصالح الناس والحكومة ؟! عندما يرى الناس خلافا للحكومة أن الأمر لا يتعلق فقط بحوادث الإرهاب الفردي الصغيرة المتناثرة ، ولكن بالإرهاب الأمريكي الضخم المنظم في العراق وفلسطين المدعوم بصمت الحكومات العربية؟ لماذا لا يمتد التنوير إلي تلك القضايا؟ هل هو تنوير حقا أم مجرد دعم نظري للحكومة في أزمتها ؟ . هذه الانتقائية في مكافحة الإرهاب هي التي ألقت بظلال الشك على دور التنوير وأحالته إلي مجرد شمعة صغيرة على باب الحكومة كلما انطفأت أشعلها كتاب الدولة – مشكورين - بحزمة مقالات. لأن السؤال الذي يدور في بال الجميع هو : لماذا لا يقوم أولئك المفكرين بتنويرنا فيما يتعلق بالإرهاب الإسرائيلي ؟ أم أن هناك إرهابا مرفوضا وآخر مقبولا ؟ .
لا يظهر للتنوير أثر أيضا لأن حركة التنوير التي حاصرت نفسها افترضت أن الناس يموتون شوقا إلي الكتب في مجتمع تتجاوز الأمية فيه نسبة أربعين بالمئة ، وليس أن الناس يموتون شوقا إلي المسكن والعلاج وزيادة الرواتب ! وبذلك عزلت الحركة نفسها عن الاشتباك بقضايا المجتمع الحقيقية ، فأسقطها الناس من حسابهم . فليس ثمة تنوير خارج إطار البحث عن العدل والكرامة، وليس ثمة تنوير مطلق ، ومعلق في الفراغ ، يشرح للناس مبادئ التفكير السليم . وقد تخلفت حركة التنوير حتى عن مشروع طه حسين للتنوير الذي قام على أساس أن التعليم وليس نشر الكتب هو مستقر الثقافة والتنوير ، وفي تخلفها ذلك تتشبث الحركة بإعادة إعادة إحياء التراث الفكري لرواد التنوير الأوائل، أي إعادة طباعة كتب علي عبد الرازق ، والشيخ محمد عبده ، وسلامة موسى ، وطه حسين ، وصبحي وحيدة ، والعودة إلي آباء التنوير كالطهطاوي ، وزكي مبارك ، وغيرهما. ولا شك أن أعمال كل أولئك المفكرين الكبار تحمل قسمات عامة مازالت صالحة لكي يستفيد منها الوعي العام . لكن عظمة تلك الأعمال لم تكن في أنها دعوة عامة للتنوير ، بل في كون تلك الدعوة قد اشتبكت في حينه بقضايا عصرها المحددة ، وبالكفاح ضد الطابع المحدد لسلفية ذلك العصر. وقد اختلف الطابع الرجعي لتلك السلفية في وقتنا اختلافا كبيرا عما كان الحال عليه في زمن على عبد الرازق مثلا . فقد كان التنوير عهد على عبد الرازق يعني تحديدا التصدي لفكرة الخلافة الإسلامية ، فهل أننا ما زلنا بحاجة الآن للتصدي لتلك الفكرة ؟ أم أن التيار السلفي قد جدد وغير أثوابه ومطالبه ؟ . ويعلم الجميع أن التنوير في عهد رفاعة رافع الطهطاوي كان يعني تحديدا مواجهة وزلزلة فكرة الحاكم الفرد المستبد بمشروع برلماني ، ولهذا قام رفاعة الطهطاوي بترجمة الدستور الفرنسي . وبذلك كان التنوير مشتبكا بقضايا عصره المحددة ، وليس مطلبا قاصرا على التصدي لحوادث فردية ، كما أنه لم يكن أبدا مطلبا عاما معزولا عن حاجات التطور. إن التنوير ينبغي أن يكون خطوة للأمام تستوعب المتغيرات، وليس خطوة للخلف باجترار مهام قديمة عالجها التنوير فيما مضى . فلكل مرحلة من مراحل التنوير مهامها المحددة ، التي تبرز في مواجهة واقع معين . أما حين يكون التنوير مجرد " خدمة " للحكومة فمن الطبيعي أن تبحث عن " تنوير " فلا تجد له أثرا ، ومن الطبيعي أن يزداد الوعي العام تدهورا من سنة لأخرى . مع ذلك ثمة أمل أن يصبح التنوير عملية متكاملة وأن يجد طريقه إلي الناس ، ليس بفضل المثقفين لكن رغما عنهم !



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية أن تكون من كندا
- لينين والقضية الفلسطينية
- عندنا ما فيش قتل .. فيه منع بس
- حماس لتحرير الحكومة أم فلسطين ؟
- الحركة الثقافية وحياة خليل كلفت
- رسالة بهاء طاهر إلي المعارضة المصرية
- عن أي حجاب يدور الحديث في مصر؟
- الناس يصعدون إلي السماء
- بلاغ ضد الشعب
- الإمبراطورية الأمريكية تحكم الرقابة على العالم
- د. رشاد الشامي .. رحيل عالم كبير
- المسلسلات المصرية
- غزة تفطر على مدافع الاحتلال
- قوات الديمقراطية الأمريكية والصحافة العراقية
- إسرائيل عدو الثقافة الأول
- نجيب محفوظ لحظة وداع
- حجر وورد .. وجوه لبنانية
- تحرير الانتصار اللبناني من الكذب القادم
- المقاومة اللبنانية وتفكيك الشخصية الصهيونية
- لن نغفر ولن ننسى


المزيد.....




- غيتار بطول 8 أقدام في موقف للمركبات الآلية يلاقي شهرة.. لماذ ...
- ساعة ذهبية ارتداها أغنى راكب على متن -تيتانيك-.. تُباع في مز ...
- اغتيال -بلوغر- عراقية وسط بغداد.. ووزارة الداخلية تفتح تحقيق ...
- ثوران بركان إيبيكو في جزر الكوريل
- -إل نينو- و-لا نينا- تغيران الطقس في أنحاء العالم
- مكسيكي يقول إنه فاز بشراء أقراط بـ28 دولارا بدل 28 ألف دولار ...
- سيناتور روسي يقيم جدوى نشر أسلحة نووية أمريكية في بولندا
- هذا هو رد بوتين على المساعدات لأوكرانيا من وجهة نظر غربية (ص ...
- الولايات المتحدة تطور طائرة -يوم القيامة- الجديدة
- الجيش الروسي يستعرض غنائمه من المعدات العسكرية الغربية


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أين أنت أيها التنوير ؟