أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أهمية أن تكون من كندا














المزيد.....

أهمية أن تكون من كندا


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1823 - 2007 / 2 / 11 - 12:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لأن المهاجرين الوافدين يشكلون أكثر من نصف تعداد سكان كندا فقد وصف " يان مارتل " الأديب الكندي الحائز على جائزة بوكر عام 2002 كندا بأنها : " أعظم فندق على وجه الأرض ". إلي ذلك الفندق شد الكثيرون رحالهم في أوقات مختلفة وكان من ضمنهم شاب سوري مهندس كمبيوتر اسمه ماهر عرار. استقر فيها وتزوج وحصل على الجنسية وعاش سعيدا بحياته وعمله وأسرته لولا أن لحيته كانت طويلة بعض الشيء وأن أصله عربي . ولأن أمريكا تعمل منذ مدة بشعار " ع الأصل دور " ، قامت باحتجاز ماهر عرار في مطار جون كيندي بنيويورك في 26 سبتمبر عام 2002 بناء على معلومات غير صحيحة من الشرطة الكندية تفيد أن ماهر صاحب اللحية الطويلة مسلم متطرف. ورغم أن جواز سفر ماهر كندي ، فقد تم ترحيله على الفور في طائرة إلي الأردن ومنها برا إلي سوريا ، ليسجن ويعذب في بلده سوريا نحو العام . هناك بالطبع أسباب وراء ترحيل ماهر إلي السجون السورية ، في مقدمتها الاعتقاد الأمريكي بأن الإنسان لا يستريح إلا في بلده مهما كان ، وثانيا الحرص الأمريكي على ازدهار وتنوع ثقافات التعذيب القومية، وثالثا لأن السلطات الأمريكية بذلك تدخر أجرة مترجم أثناء التعذيب . خلال فترة اعتقال ماهر في سوريا قادت زوجته الكندية الدكتورة مونيا مزيج حملة للإفراج عنه انتهت بإطلاق سراحه في 5 أكتوبر 2003 . ويمكن القول عند هذا الحد من القصة أنها لا تنطوي على جديد . ذلك أن إرسال المعتقلين لتعذيبهم في بلدان عربية أمر معترف به رسميا وأشار إليه مسئول سابق في المخابرات الأمريكية هو مايكل شوير في فبراير 2005 بقوله : " أرسلنا معتقلين إلي بعض الدول بما فيها مصر وتعرضوا للتعذيب ". الجديد والعجيب في القصة بدأ بعد ذلك ، عقب رجوع ماهر صاحب اللحية الطويلة إلي كندا . فقد أصر ماهر – ولا أدري من أين واتته الفكرة – على مطالبة السلطات الكندية بإجراء تحقيق علني لتبرئة ساحته، أول الأمر رفضت السلطات طلبه ، ثم انصاعت له تحت ضغوط حملة شعبية تندد بإسهام السلطات الكندية في سجن ماهر ! وبعد تحقيق مطول كلف الدولة 21 مليون دولار هي ميزانية لجنة التحقيق والدفاع ، انتهى القاضي الكندي في سبتمبر 2005 إلي أن ماهر تعرض للتعذيب في سوريا ظلما ، وأن الشرطة الكندية قدمت معلومات مشوهة إلي السلطات الأمريكية تسببت في إلحاق الأذى بمواطن كندي " . وبناء على هذا الحكم الواضح زادت جرأة ماهر عرار فرفع قضية على المدعي العام الأمريكي ورئيس الوزراء الكندي السابق وعلى رئيس الشرطة الكندية وطالب فيها بتعويض يصل لمئات الملايين . ووصفت الصحف الكندية ما جرى لماهر باعتباره " العار الوطني " ، بينما طالب زعيم حزب الديمقراطيين الجدد الحكومة الكندية بالاعتذار الرسمي لماهر وأسرته . وفي نهاية يناير العام الماضي تقدم جوليانو زكارديلي، رئيس الشرطة الكندية باعتذر رسمي لماهر قال فيه : " أعرب لك ولزوجتك ولأولادك علنا عن أسفي الحقيقي لكل ما اتخذته الشرطة من إجراءات قد تكون ساهمت في الظلم الرهيب الذي عانيت منه والألم الذي تحملته وعائلتك " . ولكن ذلك الاعتذار لم يكن كافيا بالنسبة للمجتمع الذي واصل ضغوطه حتى إقالة رئيس الشرطة ! عند هذا الحد يبدأ المرء في التفكير : هل يمكن لشيء كهذا أن يقع عندنا ؟ أي أن يتلقى معتقل بالخطأ اعتذارا رسميا من مسئول في الداخلية أو مأمور قسم أو حتى من مجرد شاويش بشريطين في الحجز ؟
الأكثر من هذا أن مجلس العموم الكندي في 21 يناير الحالي تبنى بالإجماع ( لاحظ الإجماع ) قرارا يعتذر فيه لماهر ! والأعجب أن ستيفن هاربر رئيس الوزراء الكندي قدم في يوم الجمعة 26 يناير اعتذارا رسميا لماهر باسم الحكومة الكندية قائلا : " أود باسم حكومة كندا أن أقدم لكم اعتذاري عن أي دور قام به المسئولون الكنديون في المحنة الرهيبة التي عشتموها " . هذا على الرغم من أن ما حدث لماهر جرى خلال حكومة الحزب الليبرالي ، بينما ينتمي رئيس الوزراء المعتذر إلي حزب وحكومة المحافظين التي لا علاقة لها بالقضية ! ولن أتوقف هنا عند قرار الحكومة صرف 12 مليون دولار كتعويض لماهر المحظوظ الذي دعت له أمه يوم مولده بقولها : " رح إلهي يعتقلوك سنة ويعتذروا لك ويعطوك الملايين يا ابني " . أريد فقط أن أتوقف عند أن الحكومة السورية لم تنطق بحرف ، لأن اعتذار جهة رسمية عندنا أمر يتجاوز خيالنا ، لا يخطر ولم يخطر أبدا على بال خلال كل عهود السجن والاعتقال . السجان والمسجون استبعدا نهائيا الحلم المستحيل بأن الاعتذار للإنسان ، بديهي ، وممكن ، وأحيانا ضروري ، وهو حقه قبل كل شيء .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لينين والقضية الفلسطينية
- عندنا ما فيش قتل .. فيه منع بس
- حماس لتحرير الحكومة أم فلسطين ؟
- الحركة الثقافية وحياة خليل كلفت
- رسالة بهاء طاهر إلي المعارضة المصرية
- عن أي حجاب يدور الحديث في مصر؟
- الناس يصعدون إلي السماء
- بلاغ ضد الشعب
- الإمبراطورية الأمريكية تحكم الرقابة على العالم
- د. رشاد الشامي .. رحيل عالم كبير
- المسلسلات المصرية
- غزة تفطر على مدافع الاحتلال
- قوات الديمقراطية الأمريكية والصحافة العراقية
- إسرائيل عدو الثقافة الأول
- نجيب محفوظ لحظة وداع
- حجر وورد .. وجوه لبنانية
- تحرير الانتصار اللبناني من الكذب القادم
- المقاومة اللبنانية وتفكيك الشخصية الصهيونية
- لن نغفر ولن ننسى
- المقاومة اللبنانية وفلاسفة الهزيمة


المزيد.....




- -ما تفعله اختطاف-.. فيديو يُظهر شابة متشبثة بشجرة وملثمون يح ...
- غموض وتساؤلات حول تداعيات قرار الحد من صلاحيات القضاة في الو ...
- مصر.. تحرك من السيسي بعد مصرع -عاملات اليومية- بحادث تصادم م ...
- الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء أحياء في غزة، و81 قتيلاً خلال 2 ...
- صحيفة: جدّ رئيسة الاستخبارات البريطانية كان جاسوسا لألمانيا ...
- انقسام في الولايات المتحدة بشأن نجاعة الضربات الأمريكية ضد إ ...
- هل نضجت ظروف اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة؟
- مسؤول عسكري أميركي: لم نستخدم قنابل خارقة للتحصينات في أصفها ...
- ويتواصل تدهور أوضاع الشعب التونسي
- باكستان: مقتل 16 جنديا في هجوم انتحاري غرب البلاد وإصابة مدن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أهمية أن تكون من كندا