أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 2175 - 2008 / 1 / 29 - 10:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
قام محمد أبو تريكه لاعب كرة القدم المصرية المعروف ، ونجمها اللامع أثناء مباراة مصر والسودان في دورة كأس أفريقيا برفع " فانلة " اللعب الحمراء التي كان يرتديها ليظهر للعالم كله من تحتها فانلة أخرى بيضاء مكتوب عليها بالعربية والإنجليزية " تعاطفا مع غزة " ! مستهينا بإمكانية أن يتخذ اتحاد الكرة الأفريقي قرارا بوقفه عن اللعب نظرا لمنع الشعارات السياسية خلال المباريات ، ومستهينا بإمكانية أن يخسر فريقه بخروجه من المباريات كأس أفريقيا ، ومستهينا بكل ما قد يعرضه له موقفه من غضب أو استياء رسمي . وبذلك سجل أبو تريكة أجمل أهداف حياته كلها ، لأنه الهدف الذي احتشد فيه تأييد الشعب المصري كله لنضال شعب فلسطين البطل وصمود غزة . هدف لم يسجله أبو تريكة بقدمه بل برأسه وبقلبه وباعتزازه بكرامته كمواطن مصري. إنه الهدف الذي اجتمعت فيه جنبا إلي جنب كل صفات اللاعب الماهر الفنان مع صفات المواطن الحقيقي . وأثبت " أبو تريكة " لمئات الآلاف من محبي كرة القدم الذين تابعوا المباراة أن الأمر " ليس لعبة " ، وأن تحت سطح كل ما يبدو مألوفا ، ثمة قلب آخر ، ونبض آخر ، تحت سطح لشوارع مصر الهادئة ، وتحت سطح منازلها الساكنة ، وتحت مظهر البشر الاعتيادي ، توجد قضية أخرى ، لأن الأمر " ليس لعبة " . فلا حصار الفلسطينيين ، ولا تجويعهم ، ولا كل مساعي الإبادة المستمرة يمكن أن تمر هكذا من دون أن تؤرق مصر ، ومن دون أن تثير غضبها وتعاطفها مع غزة . سجل أبو تريكة هدفا بأقدام مصر كلها، بتأييدها لحق فلسطين في التحرر ، بعدائها لإسرائيل والصهيونية ، بإدراكها أن كل حديث عن السلام هو أوهام ، وأنه لا خلاص لمصر من دون أن تتحرر من التبعية . لقد فزنا في المباراة في كل الأحوال ، وفزنا بكأس أفريقيا ، وبكئوس كل مباريات الكرة في العالم بمختلف أنواعها ، فالأمر " ليس لعبة " في نهاية المطاف .
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟