أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - قصائد مبتلة بالضوء / قصائد مختارة















المزيد.....



قصائد مبتلة بالضوء / قصائد مختارة


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2486 - 2008 / 12 / 5 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


كلُّ هذا البهاءِ المراوغِ حريَّتي ليسَ لي
خفقةٌ للكلامِ البريءِ على ماءِ أوجاعنا
شهقةٌ لانتباهاتِ أفراحنا
وشذىً مرمريٌّ يغلِّفُ شهوةَ أكتوبرِ
وخريفٌ من الذكرياتِ التي أثقلتْ كاهلَ الطفلِ في شاعري
وحمامٌ عنيفٌ يحطُّ على فسحةِ الأمنياتِ وفي غبشِ الأقبيةْ
وقصائدُ للنورِ تنحلُّ في ليلةِ العيدِ قافيةً قافيةْ
ويتامى مع الفجرِ يبتهجونَ برائحةِ الكعكِ والخبزِ تحملهمْ أمنيةْ
إلى ما وراءِ الغدِ الحلوِ .......
يومٌ فقيرٌ يضجُّ بمعنى أنوثتهِ
سحرُ أزهى الزرافاتِ في سفرِ تغريبتي
قدرُ الشعراءِ..... انفجاراتُ شوقي.... انكسارُ الحنينِ
إلى أيِّ شيءٍ يعانقُ بركانَ ما ظلَّ فيَّ من الأقحوانِ
غمامٌ أليفٌ وقبَّرتانِ تحومانِ
حولَ دمٍ لا يُرى في مدى اللا مكانِ
نداءٌ أخيرٌ لنظرةِ قدِّيسةٍ فوقَ نارِ الصليبْ
هواءٌ تكسرَّ مثلَ الزجاجِ على بحرِ عينيَّ ملءَ نهارِ اللهيبْ
هوىً عشتُ عشرينَ عاماً أسائلهُ في الليالي ولكنَّهُ لا يُجيبْ
لغةٌ لا تُغيِّرُ أحوالهَا
شفةٌ لا تُبدِّلُ صلصالهَا
وندىً يتقطَّرُ من لهجةِ العندليبْ
همسةٌ لليدينِ وللشَعرِ والمقلتينِ اللتينِ تمرَّانِ مثلَ
حفيفِ النوارسِ ملءَ الشرايينِ
والقلبُ ألفُ غريبٍ غريبٍ غريبٍ غريبْ
رؤىً تتناسلُ من سِدرةِ المنتهى كالدموعِ
وتيبَسُ في كفِّ ايزيسَ مثلَ المَحارِ الإلهيِّ....
مثلَ ابتساماتِ سيِّدةٍ في الثلاثينَ تُذهلُ ألفَ ليوناردو دفنشي وتوجعهُ
مثلَ سهمٍ يطيرُ إلى القلبِ من فجوةِ الغيبِ
والموتُ في زمنِ الموتِ لحنٌ رتيبٌ رتيبْ
وألحانُ جازٍ مكسَّرةٌ كالهواءِ وموسيقى بوبْ
وازدحامٌ على شفةِ الهاويةْ
وخريفٌ بلا أيِّ عطرٍ وأيقونةٌ عاليةْ
وصباحٌ أليفٌ على حافلاتٍ تسيرُ إلى جهةٍ غافيةْ
كُلُّ ما شعَّ منِّي ومنها وشعرٌ بلا قافيةْ
ضحكُ نيلوفرٍ في المياهِ التي شكلَّتها على هيئةِ الغيمِ ورداً
لطينِ غدٍ... وحفيفاً لأقدامها الحافيةْ
كلُّ ما رفَّ في ماءِ أجسادنا
كنداءِ الفراشاتِ في الفجرِ يصنعُ في
حضرةِ الخدَرِ الأزليِّ غواياتنا وانتظاراتنا
لما لا يُفسَّرُ من شوقنا
عنفوانُ صبانا وطفرةُ أحلامنا
شمعةٌ للظلامِ المُضيءِ
انهمارٌ لأعلى الصباحاتِ
وردٌ لشمسِ الدجى
قلبُ شاعرةٍ متمرِّدةٍ
شاعرٌ لا يُفرِّقُ ما بينَ واقعهِ والخيالِ
فيمرضُ سحرُ الضُحى.......
كلُّها.... كلُّ هذا البهاءِ المراوغِ حريَّتي ليسَ لي.... ليسَ لي
كُلُّ هذا البهاءِ المراوغِ لكْ

آهِ يا شهقةً من عبيرٍ خضيرٍ
تغشِّي مساءً سرابَ الفلَكْ
وتسبحُ في دمنا ....

- كيفَ يا زهرةَ الجلَّنارْ ؟
كيفَ مزقْتِني قطعةً قطعةً بخناجرِ عينيكِ ذاتَ نهارْ ؟
كيفَ علَّقتِ قلبي على ظفركِ الرخصِ ملءَ عيونِ التتارْ ؟
كيفَ يا زهرةِ الجلَّنارْ ؟

حرِّري لغتي من بر اكينها
حرِّري رئتي من بكاءِ الضبابْ

مرِّري بسمةً فوقَ ماءِ الحضورِ
يُفتِّحُ في الغيبِ وردُ الغيابْ

جرَّري في القصائدِ أزهى الغرورِ الأنيقِ الفراشِ
إلى شعلةٍ في أعالي السحابْ

بؤرةُ الضوءِ تلتاعُ بي ثمَّ تزدادُ في نفقِ الليلِ ظلاًّ ولوناً غريبينِ
عمقَ غموضٍ يُحيِّرني مثلَ وجهٍ يعاقرُ قلبي بألحانهِ الأبديَّةِ
يسبحُ في مهجتي ... في أقاصي دمي ... يسكنُ الخاصرةْ
مثلَ رمحٍ من اللهفةِ الغابرةْ

بؤرةُ الظلمةِ الغادرةْ
تحاصرُ ما ظلَّ فيَّ من الياسمينةِ والأسئلةْ
وبراءةِ ماءِ الصباحِ يسيلُ على مقصلةْ

بؤرةُ الظلمةِ الغادرةْ
تحاصرُ روحي وتصطادها
ثمَّ تقتلها وحدها... وحدها دونما ذاكرةْ

كلَّما انكسرَتْ شعلةٌ في عروقي مرضتُ
ودافعتُ عن أرضِ منفايَ .... فسحةِ حريَّتي
قدري المتأرجحِ ما بينَ بينْ

كلَّما انتحرَتْ بسمةٌ فوقَ هاويةٍ لشفاهي
تراميتُ في حضنِ أخرى وجاملتُ من دونِ أيِّ حماسٍ
ورمَّمتُ أغنيتي مثلَ ناطحةٍ من عواصفَ نائمةٍ في الشرايينِ
ملءَ عيونِ الليالي وملءَ انتباهِ الفصولْ

عزلتي في الكلامِ موزَّعةٌ
نصفها لابنِ حيَّانَ والنصفُ الآخرُ لي
لأبايعَ زهرَ السهولْ
ثمَّ أنقضُ ذاتي ملِّياً وأهدي ذئابَ الفلا للوعولْ

هل أقولْ
أنا أنزفُ يا صاحبي السرمديِّ الهوى بدماءِ النجومْ
بقصائدَ مخفورةٍ بنداءِ السديمْ
باختلاجاتِ زريابَ في حضرةِ العودِ
طولَ الدجى والنهارِ القليلْ ؟

من يصوغُ دمي من زهورِ الذبولْ ؟

آهِ من سوفَ يسحبني من حطامِ المعاركِ
يمسحني بيدٍ من غدٍ ورياحينَ ملعونةٍ
ثمَّ يستلُّني من خطايَ كشهقةِ سيفٍ قتيلْ ؟!

تشرين أوَّلْ 2008



*******

محمود درويش.... أقربُ من زهرِ اللوز

(1)

الآنَ بعدَ نزولكَ العبثيِّ عن أولمبَ. بعدَ هشاشتي كقصيدةِ الصوفيِّ
بعدَ مدى انتظاركَ في مهبِّ الحُبِّ من قد لا تجيءُ لوعدها أبداً
وبعدَ دمِ اشتعالكَ فيَّ كالعنقاءِ. بعدَ رمادِ روحي. ذلكَ المنثورِ
في بحرِ الأدرياتيكِ. بعدَ دموعِ أمكَّ في ظلامِ السبتِ فوقَ ثرى يديكَ
وبعدَ كُلِّ نساءِ بيكاسو ودالي. والغنائياتِ. ألحانِ البكائياتِ
بعدَ دمي ينامُ على حوافِ الشعرِ والشطآنِ. بعدَ هواكَ.....
أعجزُ أن أموتَ أمامَ موتكَ ميتَتي الصغرى....
وكلُّ الموتِ يا محمودُ – يا أشهى المرافئِ في هوى الأقمارِ-
كلُّ الموتِ عجزُ الكائنِ العربيِّ شيلَ مسدَّسٍ يغفو على مرمى قرنفلتينِ
والتصويبَ في فرحٍ على تاريخهِ.....

(2)

الليلةُ العمياءُ رغمَ فداحةِ الأشياءِ ليسَ تنامُ. تتركني أعضُّ محارَ هذا الليلِ
كالمجنونِ من حزني. وليسَ أنينها المرئيُّ يتركني أنامُ على انهمارِ الشوكِ
ليسَ تصوغني شجراً لصرختها ولا بشراً سويَّ نصاعةِ الأحلامِ. طهرِ الياسمينةِ
وانهماراتِ الفراشاتِ الفقيرةِ فوقَ ضوءِ معارجِ البلَّورِ. قمصانِ النجومِ الفارسيَّةِ
آهِ ليسَ تصوغني سهَراً يسامرُ قلبها المكدودَ حتى يرتضي عطشي شفاهَ عبيرِ
من يهوى..... إلى أن تشرقَ الشمسُ الأخيرةُ في الوريدْ

(3)

ويكونُ أن أصغي لعينيكَ المشرَّدتينِ في برِّ المزاميرِ الشفيفةِ والخفيفةِ مثلَ جرحِ النايِ. والعسلِ المقطَّرِ في العشيَّاتِ المذَّهبةِ القوافي ..
أقتفي جرحَ البنفسجِ فيهما.... أصغي لعينيكَ المعذبَّتينِ مثلَ نبوءةٍ سرِّيةٍ
تتقاسمانِ اللوحَ والقرآنَ والتوراةَ والإنجيلَ...
أصغي دونَ أن أصغي. وأكتبُ في جحيمِ عواطفي الليلَّيةِ الخرساءِ
بعضَ الماءِ في مرثَّيتي بدمي ودمعي الأسودينِ
ولا أصدِّقُ غيرَ عطرِ الزنزلختِ... وصوتكِ المشحونِ بالحلمِ النديِّ....
وغيرَ ليلِ حدائقِ العُنَّابِ ملءَ سماءِ آبَ..
وشهقتي البيضاءَ. غدرِ الأصدقاءِ. وطعنةِ الدنيا
أصدَّقُ ما تقولُ هناكَ عنكَ وعن سواكَ
ولا أصدَّقُ أنَّ جسمكَ صارَ خلفَ البحرِ والرغبوتِ
زنبقةً مثلَّجةً...ونائمةً ....وحالمةً تصوغُ ضبابَكَ الأعلى من الأوتارِ
أو من رقصةِ البجعِ الأخيرةِ. وانكسارِ السنديانِ
وحُبسةِ الدمعِ البليغةِ في مرايا القلبِ
في سُدفِ الذهابِ إلى خريفٍ موجعٍ ومؤجَّلٍ
كخطاكَ فوقَ بحيرةٍ خضراءَ يا قلبي .../

كأنَّ أصابعَ العبثِ الخفيَّةَ راوغتكَ وراودتكَ عن النزولِ. عن الوداعِ
وعن مقاسمةِ الجمالِ. كأنَّ ضوءَ غزالةٍ سحرِّيةٍ
في الغابةِ القمرِّيةِ الأقواسِ والأجراسِ.. تصرعهُ الذئابُ..
وفجأةً من مرتقى مللي ومن نومي أشبُّ كجمرةٍ في قلبِ هذا الليلِ تحرقني
أدبُّ كآخرِ القتلى... أربُّ زهورَ ما ترثُ القيامةُ فوقَ هذي الأرضِ..
رائحةَ التذكُّرِ . لحظةَ الحُبِّ المُقدَّسةَ العصيَّةَ
مثلَ وردِ الثلجِ فوقَ فمي
أصبُّ على ضفافِ غدي
أشبُّ هناكَ عن طوقي... وعن جرَيانِ أسئلتي القديمةِ والجديدةِ
لن أصدِّقَ وردَ هذا الموتِ أو صفصافهُ الأزليَّ
بل سأصادقُ الأبدَ الوحيدَ هنا كذئبِ الرملِ يتبعني وأتبعهُ
يلامسني وألمسهُ.... إلى أجلٍ مُسَّمى

(4)

حنَّاءُ شمسكَ في دمي شبقٌ إلى ورقِ النساءِ... ندىً.... صدى العُذريِّ
شوقُ العاشقِ الصوفيِّ.. ضوءُ الكائنِ الشمسيِّ .. والحبَّارِ في جسدي.. وحُمَّى

(5)

يدعوكَ صيفُ المريمِِّيةِ كي تودِّعهُ على مرأى شتاءٍ شاعريِّ الروحِ
من ريتا... ومرمى وردةٍ بيضاءَ تحفنُ وجهَ يوسفَ فيكَ....
ثُمَّ على شذى قدميكَ.. ملءَ جمالكَ السحريِّ والفجريِّ تدمى

(6)

محمودُ لا توقظْ دموعَ قبائلِ الطيرِ المهاجرةِ العنيفةِ والعصِّية
محمودُ لا توقظْ دمي الغافي على قرعِ البرابرةِ الذينَ تناثروا بيني وبينكَ
مثلَ أحجارِ الكواكبِ والحظوظِ على بساطِ النردِ...
لا توقظ دمي واتركهُ محمولاً هناكَ على حوافِ الدمعِ مشبوحاً على الدنيا
مسيحاً للنساءِ المخطئاتِ...وللرجالِ المخطئينَ
الحالمينَ بعالمِ الفردوسِ ...
لا توقظْ دمي بحنانِ ربِّكَ
فوقَ هذي الأرضِ.. فهو كمائكِ العاجيِّ يجري دونَ أن يجري
ويشهقُ ميِّتاً في جُبِّ يوسفَ...
حُبِّ من ذهبوا بلا معنى إلى المدنِ الخفِّية
محمودُ سلِّم لي على لوركا إذا صادفتهُ
قبِّل يديهِ - نيابةً عني - .... وبسمتهُ الشقّية
(7)

في التاسعِ المشهودِ من آبِ الحزينِ وفي انتصافِ الليلِ يوم السبتِ
كنتُ مرنَّحاً بالصمتِ أو بالعوسجِ البشريِّ
أشرحُ لهفتي لسواي خارجَ أمنياتي.... مُقفلاً وهجَ الحدائقِ في حدودِ قصائدي
أو قافلاً شعراً وأحلاماً مضببَّةً الى بيتي ... فهاجمني نشيدكَ أنتَ
هاجمني بكاءُ الزنزلختِ عليكَ في أوجِ السماءِ
ونازعتني زرقةٌ مجنونةُ الأصواتِ
(ماتَ اليومَ حوذيُّ القصيدة والندى والأقحوانِ .... حبيبُها الممهورُ بالأمطارِ والإنشادِ ... ماتَ ربيبها درويشُ عرَّافُ الرؤى الأزليُّ ....زهوةُ هذهِ الأرضِ النبيَّةِ....عرسُها العالي....وأجملُ شاعرٍ في الكونِ حنَّى طهرها الحافي وروعة سحرها.... من شعلةِ القدمينِ حتى شعرها)
وجمحتُ في قلبي كما الفرسِ العنيدةِ
وانتبهتُ... فكيفَ أشرحُ بالمجازِ وبالبساطةِ ما أصابَ النجمَ في عينيَّ من رؤيا ؟
وكيفَ أعيدُ ترتيبَ العواطفِ ؟ كيفَ أحملها كسيزيفِ اللعينِ ؟ وكيفَ ..؟/

ها أنِّي انكسرتُ عليَّ حاصرني المجازُ سُدىً
وبحرُ الكاملِ الهدَّارُ حاصرني وشتتَّني نقاءُ زهاءَ أيامٍ بلا عددٍ
أقولُ الشعرَ أو أهذي على أمواجهِ ...
قلبي مصابٌ بالغناءِ الليلكيِّ كقلبِ أودسيوسَ في ترحالهِ الأبديِّ
أرثي مُرغماً نفسي ولا أرثيكَ يا محمودُ يا طفلَ الندى والشمسِ ..../

فجري تائهٌ يسعى على قدمينِ غائبتينِ في البلَّورِ.. لا يسعى.. يطيرُ..
يخفُّ مثل نجومِ أغنيتي التي غطَّت أرميا في الرثائِّياتِ ...
مثلَ طيورِ قلبي في مدى رؤيايَ تسبقني
تشفُّ وراءَ ثوبِ الزرقةِ الملساءِ في الشفقِ المُعلَّقِ في مدى الما بينِ
تحرقني كحبرِ رسالةٍ عنقاءَ فرعونيَّةِ اللعناتِ هوميريَّةٍ ...
فجري يهفُّ كأنهُ قمرُ المجازِ ولا يجفُّ دمي ولا دمعي يكفُّ ...
ترفُّ آخرُ قبلةٍ بي نحوَ روحكَ في الأنينِ العاشقِ الأبديِّ تقبعُ ....
في بكاءِ الضوءِ.. في الطرفِ المراوغِ حاجتي لحنينِ صوتكَ
وانهماركَ في رمادِ الظلِّ والأشجارِ.. في عبقٍ يذرذرهُ المسيحُ الطفلُ
في وجهِ البحيراتِ التي ولدتكَ والريحِ التي حملتكَ
عبر فصولِ ريتا.. زهرةً لوزِّيةً بيضاءَ أقربَ من شفاهِ العاشقينْ
ليديكَ.. أو للمخملِ الغافي.. لروعةِ نهركَ الحافي على جمرِ السنين

(8)

متأمِّلاً ما هبَّ من معناكَ فوقَ هجيرِ ألفاظي
فتنحلُّ الفراشاتُ المُلوَّنةُ الرفيفِ على فراغِ يديَّ
ثمُّ يسوطني ويسوطها ألقُ الهواءْ
يا ليتَ زرقاءَ اليمامةِ والقيامةِ أنبأتني سرَّ عينيها
لكنتُ قطعتُ صدرَ الأرضِ لثماً موجعاً
وغسلتُ جرحَ الروحِ في عسلٍ يزوَّجُ مقلتيكَ إلى الضياءْ
يا ليتَ زرقاءَ اليمامةِ علَّقت عينيَّ كالمصلوبِ في أبدِ الخواءْ
ونعيقُ فريِّسينَ من حولي.. ومنسِّيينَ منسلِّينَ من أحشاءِ تاريخِ البغاءْ
لو أنها لمَّتْ رمادي مرةً أخرى
وضمَّتْ ملحَ هاويتي إلى غدها
لكانَ دمي أضاءْ
ولعادَ عمري وردتينِ وبسمتينِ ودمعتينِ إلى الوراءْ

(9)

نايُ قلبيَ ينكسرُ الآنَ في ريشِ عنقاءَ بحريةٍ
ويبيحُ الصدى للصدى.... وجمالَ الندى للردى
نايُ قلبي يتوِّجني خاسراُ فوقَ عرشِ السرابِ....
وسنبلةُ الجسدِ الشاعريِّ تقومُ وينفرطُ الحبُّ منها
ويطلعُ من خصرها الأنثويْ
قمرٌ حاضرٌ في غيابِ اشتهاءاتهِ
قمرٌ حائرٌ.... قمرٌ شاعرٌ يتنزَّلُ من هالةِ الدمعِ والدمِ
من بسمةٍ يتشكَّلُ ....
أعضاؤهُ البشرِّيةُ شمعيةٌ تحتفي بتشرُّدِها
وبأقواسِ أطيافها
تختفي ثمَّ تبدو كجسمِ الملاكْ
تضيءُ مواجعنا وترمدُّها

(10)

من أنا لأقولَ لكَ الآنَ يا شاعري
ما أقولُ لكَ الآنَ ؟
يا مبتلىً بفراشاتِ ريتسوسَ خلفَ البحارِ وعطرِ العذارى
بأوجِ التوَّحدِ والإنتظارِ
من أنا لأقولَ لكَ الآنَ ما سأقولُ لكَ الآنَ ؟
يا أبلغَ الصامتينَ ويا أجملَ الذاهبينَ لنسوةِ طروادةِ الفاتناتِ ...
وروحكَ كالبرقِ تجري على نارِ سيفِ النهارِ
لحنُ بُحَّةِ صوتكَ يأخذني ....
آهِ كم كانَ يومكَ أجملَ من أمسنا
كم حريرُ يديكَ بأضلاعنا ناشبٌ
كم جمالكَ.... كم سحرُ هاروتَ فيكَ
يورِّخُ يا سيِّدي لانكساري

(11)
هل يصدِّقني أحدٌ منكمو ؟ هل يصدِّقني أحدٌ من قبيلةِ لوطْ
أنني كنتُ أبكي لأسبوعَ .... أهذي لأسبوعَ بالشعر... بالملحمِّياتِ
لكنني حينَ قمتُ لأكتبهُ ضاعَ مني وشردَّهُ المنطقُ
ولو أنني قد كتبتُ رثاءً على قدرِ دمعي
إذن لكتبتُ معلقَّةً دونما آخرٍ .. سحرها يفلقُ

(12)

فلسطينُ محلولةُ الشعرِ تندبُ عاشقها وتولولُ كالأمهاتِ الحزيناتِ
تبحرُ في بحرِ أدمعها ...
والأكفُّ التي لوَّحتْ لكَ يا سيِّدي زورقُ
فلسطينُ تلثمُ عينيكَ.... مخملَ كفَّيكَ... تلثمُ منكَ الشذى بالشذى
يا لهذا الوفاءِ وهذا الجنونِ الجميلِ بحارسِ شمسِ أنوثتها
يا لأحلى الشفاهِ التي كانَ جنَّنها المفرَقُ

(13)

ماتَ من حزنهِ ما تركتَ وحيداً من الأحصنة
ماتَ جسمُ اشتياقيَ واشتعلَ الشيبُ في الروحِ سوسنةً سوسنةْ
آهِ يا صاحبي في الطريقِ إلى أمسنا
انكسرَ الظلُّ منَّا على مئذنةْ

(14)

تتناثرُ أحلامُ روحي وروحكَ فوقَ الطريقِ السحيقِ ولا تصلُ الأندلسْ
كي تضمَّ إلى صهدِ أشواقها لحظةً تحتوي قلقَ الأزمنة
كي تقبِّلَ في عشبها في السماءِ
وفي صمتها وثرى صوتها
كلَّ ما شعَّ من ألقِ الأمكنة

(15)

ماتَ كلٌّ على حدةٍ
مُتَّ أنت هناكَ على صدرِ من عذَّبتكَ
ومن قلَّبتكَ على نارها
زمناً كانَ يكفي لخبزِ الأساطيرِ
أو ربمَّا دفنها في الترابِ وفي الثلجِ ....
مُتَّ وحيداً هناكَ بلا أيِّ سنبلةٍ حيَّةٍ
وأنا ماتَ قلبي هنا
ماتَ قلبي هنا
ماتَ قلبي هنا


السابع عشر من آب 2008

************
كأنَّ الوردَ يهذي

[ قصيدة في مخاطبةِ السديم ]


من بُحَّةِ النايِ احتضنتُ كشهريارَ غيابها وسرابَها
ودفاترَ المحكومِ بالوجَعِ السماويِّ.
احتضنتُ بيارقَ الجسدِ الرهيفِ
جديلتينِ من انصياعِ الماءِ للذكرى. هناكَ وراءَ هذا الليلِ
هذا الأخضرِ الشفَّافِ. بحرِ اللانهايةِ. لعنةِ الصفصافِ
هذا اللازورديِّ الرقيقِ , اللانهائيِّ السحيقِ
تُمسِّدانِ ضبابَها وترابَها

ولممتُها شفتينِ من شمعٍ ومن دمعٍ نبيذيٍّ وبلَّورٍ لهُ طعمٌ شتائيٌّ بلا معنى .....
كأنَّ الوعدَ ليسَ يفيقُ من جريانها المجنونِ في شريانِ أغنيتي ..
كأنَّ الوردَ يهذي باسمِ من قتلوهُ باسمِ الوُدِّ .. أسفلَ باحةِ الكونكوردِ
ثُمَّ رموهُ في جُبِّ الذئابِ السودِ ..... آهِ
كأنَّ أمنيةً بلا قدمينِ تُسندني على قلبي .....
كأنَّ يدينِ عاريتينِ تلتمعانِ في الكلماتِ
ثُمَّ تجفِّفانِ عذابها النبويَّ بالقبلاتِ ..

كنتُ كلهفةِ الصوفيِّ مرتعشاً ومحموماً ومطوِّياً على شَغفي
لظى كُلِّ القيانِ , وكُلِّ محظيَّاتِ مُلكِ الرومِ
ينزفُ فيَّ كالنوَّارِ في آذارِ ....
كلُّ عواصفي الملغاةِ
كلُّ عواطفِ الثلجِ الغريبةِ فيَّ
كالعنقاءِ تخفقُ بعدَ هذا اليومِ في شفتيَّ
راعشةً إلى ما شاءَ حبرُ القلبِ من لُغةٍ أطاوعُها وتَعصيني
كغصنٍ من ضلوعي واجفٍ في الريحِ
أو كحمامةٍ بيضاءَ تحملني لقرطبةَ العصِّيةِ مثل زهرِ النارِ ..
تنعفني إلى غيرِ انتهاءِ

.......... أحياناً أفكِّرُ كُلَّ خمسِ دقائقٍ بي ثمَّ أهجسُ بالزنابقِ
وانكسارِ الآخرينَ, هشاشةِ الشعراءِ تنبعُ من مكانٍ ما عميقِ الجرحِ والنوستالجيا
بعذابِ ملعونينَ أهجسُ .. آهِ لكنِّي بلا فهمٍ لسورياليَّةِ الضوءِ الخفيِّ النبضِ
سوفَ أغيبُ. سوفَ أذوبُ دونَ دمٍ هنالكَ. كانَ يلمعُ في حناياهمْ
كلعنةِ ليزرٍ حمقاءَ . يغسلني كما الوهجِ الخفيفِ الإشتهاءِ من العبارةِ ...

بعدَ هذا اليومِ يا قلبي سأغفرُ للَّذينَ بلحظةٍ عمياءَ
أنهوا نزهةَ الشغفِ القصيرةَ. في حدائقَ ليسَ ترحمُ أو تُجاملُ
بسمةً لوجوهِ قتلاها ........
حدائقَ غاصَ طحلُبُها إلى قاعِ الكوميديا في الجحيمِ
وفي حشا المُدنِ الكبيرةِ ....... والنساءِ

يا أنتَ يا قَمرَ البُكاءِ الصرفِ يا شفةً تُقلِّمُ لي اشتهائي
يا أنتَ يا حجراً يُؤرِّخُ لابتداءاتِ السديمِ...
لكُلِّ أنهارِ الغناءِ على فضائي

ويُنصِّبُ المخلوعَ من شدوي على أغصانِ ناطحةِ الغيابِ
يصوغني محواً يُشكِّلُني . وسرَّ ندى عميقِ الروحِ ......

أحياناً أصيخُ السمعَ للنغمِ الرتيبِ لوقعِ أجنحةِ الفراشِ
على اللهيبِ الرطبِ فيَّ .....
كأننَّي في غفلةٍ منِّي أشيلُ صليبَ هذا العالمِ المنكوبِ, عنوانَ الغريبِ...
كأننَّي عرشُ الفراغِ وإرثهُ المنسيُّ , حكمتُهُ ولعنتُهُ
وطعنةُ ذلكَ الحمصيِّ - ديكِ الجنِّ – زهرتَهُ
وراءَ الليلِ .........

جمري تائهٌ في منتهى جسدي
يخيطُ بلا اختيارٍ مُبتدى روميو إلى جولييتَ ..
وحيُ قصيدتي يلتاعُ
سوفَ يجئُ بعدي من يقولُ بأننِّي أهذي
كوردِ الجسمِ بالمجَّانِ فيكِ. بدونما عطرٍ
وأنِّي صُغتُ من صدفِ الكلامِ لجيدكِ الممهورِ بالأمواجِ
عقداً لاذعَ الرملِ المُخفَّفِ والمُضبَّبِ ......

ذاتَ حُبٍّ سوفَ تفتكرينَ بي كظنونِ ذاكرةٍ
يشُفُّ بها اليقينُ . وتغفرينَ حماقتي وبراءتي
ووضوحَ أسئلتي عن الأشياءِ حدَّ تفاهةٍ نثريةٍ ....
وأقولُ سوفَ أظلُّ أهذي حاملاً حرِّيتي بيدٍ وروحي باليدِ الأخرى
على مرأى الذنوبِ أصوغُ فكرتيَ الأخيرةَ عن بلادٍ لم أزرها
في الشذى المرئيِّ تقبعُ... ثَمَّ في اللوحاتِ....
وليرجُمْ خُطايَ الراجمونْ .


19 حزيران 2008

**********

رؤى يوحنَّا الجَليلي

( أحد عشرَ التماعاً )

(1)

أرفو الزنابقَ من جسمي وتجلدُني
دنيايَ ظلماً بلعناتِ الثعابينِ
كأنمَّا نشوةُ الخيَّامِ تملؤني
حتى تحفَّ دمي نيرانُ بايرونِ
آهٍ لو أنَّ جميعَ الأمنياتِ لها
جسماً وحيداً أوافيهِ فيشفيني
أو كنتُ أسبحُ من معنايَ في أبدٍ
ثانٍ يوزِّعُ أشيائي ويُلقيني
راءٍ أنا من زماني حلمَهُ بغَدي
ولي مكاني هنا. صوتٌ يناديني

(2)

ذاتَ ليلٍ ستخرجُ منِّي الأناشيدُ عُريانةً
تلبسُ الماءَ والنورَ ......
وحدي الذي سوفَ يعرفُ أنَّ القصيدةَ
تجسيدُ لحظةِ ما نشتهي ونحُبُّ.....
القصيدةُ مفتاحُ لا وعينا والغدُ المستحيلُ ....
سأصرخُ في ذاتِ ليلٍ : وجدتُ القصيدةَ فيَّ فلامستُها..
انتثرتْ في عراءِ دمائي وضيَّعتها...

(3)

بشواطئٍ بيضاءَ أحلمُ. ملءَ هذا الكونِ
أحلمُ بالفراشاتِ الخضيلةِ من شذى النيرانِ
أحلمُ بالسماءِ, بهالةٍ شفَّافةٍ زرقاءَ
راحَ يمُسُّها شبقُ الضياءِ .......
ومسَّني الطوفانُ في أطرافِ أزهاري
صحوتُ. ركضتُ مذعوراً. بلا قلبٍ يدُقُّ
وراحَ يخرجُ من منامي أفعوانْ

(4)

من رمادِ الخساراتِ ينبتُ أبطالنا القادمونَ إلى عرسنا
مثلَ زهرِ الأناجيلِ. والذاهبونَ إلى شمسنا
من رمادٍ يوحِّدُ أصواتنا في نشيدِ الحياةِ
يُجدِّدُ أشواقنا المنتقاةَ
يُعمِّدنا أوَّلاً بالحنينْ
من رمادِ الخساراتِ....
لا من خيامِ النساءِ ولا من بيوتِ سحابٍ وطينْ
سوفَ ينبتُ أبطالنا القادمونْ

(5)

أصنعُ من نثارِ وقتي قُبلةً ثلجيةً, ناريةً
أدفنُ فيها القلبَ ريثما يُبرعمُ الصدى الصوتيُّ في رسائلي
وتنهضُ الجهاتُ واللغاتُ من نومِ مجازِ الشعرِ في قصيدتي
الحُبلى بأحلامِ لوتريامونَ أو رمبو .....
ويخطو آخري المسكونُ مثلي بالبحيراتِ ....
إلى براءةِ الأشياءْ

(6)

وحدي ألمُّ خطايَ في وطنٍ حياديٍّ
أرى الأشياءَ تزهرُ في رؤايَ رذاذَ أجنحةٍ
وورداً فاضَ عن حَدِّي ...
وُلدتُ من القصاصاتِ الأخيرةِ للسنا عِندي
أنا سفرُ الندى المكتوبُ في سِرِّي بماءِ الغيبِ
وحدي شاهدٌ وشهيدُ ما سأخطُّ من حُرِّيتي فوقَ الفراغِ
وحينَ أُبعثُ من ظلامِ الحُبِّ حيَّا

(7)

أُحاولُ ايجادَ معنىً لنصفِ الكلامِ الذي في الحروبِ احترَقْ
ونصفِ الغرامِ الذي دشَّنتهُ الغوايةُ. ملءَ الغروبِ انعتَقْ
أحاولُ أن أبدأ الشعرَ. إذْ تنتهي الطائراتُ غداً
من سمائي التي أشتهي أن أراها
فتسكنني ألفُ طائرةٍ من ورَقْ

(8)

ذهبتُ أبحثُ عن معناكِ فافترَستْ
عينيَّ رؤيا سالومي. واحتوتكِ يدي
لكنَّ عينيكِ كالعنقاءِ تُفلتُ من
ألحانِ روحي وتحشوهنَّ بالرمدِ
حتى بحيراتكِ الصغرى مُجللَّةٌ
بوردةٍ من دموعِ الطائرِ الغَرِدِ
حتى رمادُ مساءاتي يُبعثرُني
أوراقَ حورٍ أتتْ من لوعةِ الأبدِ
لُمِّي نصاعةَ هذا الليلِ. واجترحي
جسراً إلى صبحكِ الوسنانِ في خَلَدي
هناكَ فوضى جمالٍ لا تُؤلِّفني
إلاَّ كما ألَّفَتْ عشتارَ بالزبدِ
هناكَ لم أنتبهْ.. حتى إذا احترَقتْ
فيَّ الشواطىءُ أجراساً على الأحَدِ
رأيتُ نفسَكِ في نفسي ولمْ أعُدِ
حيَّا من البئرِ يا من عُدتِ من جسَدي
من ماءِ مرآةِ روحي. حينَ أسكُبهُ
على ترابِ الثُرَّيا...... من حنينِ غدي
إلى تفلُّتِ نهرٍ منكِ يُرعشُني
على ضلوعي. على جنبي. على أوَدي
يكونُ مثلَ عمادِ النارِ يبدؤني
أو اقترافَ خطيئاتي على عَمَدِ

(9)

لا حكمةً لي في انكِسارِ معارجِ البلُّورِ
تنبتُ حكمتي كالعَوسجِ البريِّ والنبويِّ
في قلبي وتُشعلني بلا وَهجٍ
ليأتي الغيرُ يقبسُ من أنايَ
ويستضيءُ بليلِ من وهَبوا الغيابَ دماءَهم......

(10)

في الجليلِ طيورٌ سماوِّيةٌ من وصايا الغمامِ
ترِفُّ على عطشي كيْ ينامَ
بلا لهفةٍ تتسلَّلُ من خللِ الماءِ مثلَ بروقِ المدى
في الجليلِ سأصنعُ لاسميَ معناهُ
أحملُ رأسي بنفسي على طرفِ السيفِ عشقاً ...
وكيما أصيرَ جديراً بحَلِّ سيورِ حذاءِ المسيحِ
وكيما أُحرِّرَ بعضَ صفاتِ الزهورِ
وبعضَ صفاتِ الندى
في جليلِ هيروديا من الليلِ
من سُمِّ أفعى التآويلِ
لا بُدَّ لي أن يضيءَ احتراقي ظلامَ الوجودِ
وأخصبَ جدبَ الحياةِ
بدمعي ودمِّي سُدى

(11)

ستمُرِّينَ بي في أقاصي الرياحِ
كوردٍ عصيٍّ على الفهمِ
من غيرِ تلويحةٍ لمراياكِ.....
أنهضُ من قاعِ حُلمٍ قليلٍ, ضليلِ البُروقِ
يُطاردهُ شبقُ العنكبوتِ
بعدوِ السُلَّيكِ أو الشنفرى.... وتماهيكِ بي
يا انعقادَ التويجاتِ في شفقي
وانسكابَ أجنَّتها في دمي
يا احتفاءً شهيَّاً ببحرٍ تغلغلَ في معصَميكِ وفي عُنُقي
ثمَّ تاهَ بهِ قلقي ......
تاهَ حتى الوصولِ إلى وردةِ الظَلموتْ .


شتاء 2008

***********

دعيني أقلْ إنهُ المستحيلْ


[إلى روح نجمةِ الأرز الضائعةِ والفراشةِ غامضةِ الزهر إيريس نهري ]

هذا كلامٌ عفويٌّ ليس سدادَ دينٍ ولا ردَّ جميلْ . كلامٌ عفويٌ لا غير . لطهرِ وسحرِ روحٍ ذوت في أوجِ الحياة وعنفوانها وأينعت في حدائقِ القلب . كلامٌ ينبعُ من مكانٍ خفيٍّ قصيٍّ هناكَ في أعلى الروحِ وأسفلها ولا يجفُّ ماؤهُ أبداً . ولا أريدُ له أن يجفَّ .

(1)

شعلةٌ من دمٍ . ومضةٌ في أعالي الشعورِ . ضحى شاعريٌّ . وليلٌ بطيءُ الهمومِ . إحتراقُ رؤىً تتسللُ من خللِ القلبِ ........
وحدي أنا وجميعُ البراكينِ بعدي هنا سوفَ تأتي كما قالَ ألبرتُ
في الأمسِ . واليومَ صمتكِ هذا المجللُّ بالغارِ . طهركِ . سحركِ
عيناكِ . رؤياكِ . مثلي الذي لا يُقالُ تقولْ

(2)

يتحرَّشُ بي فصلُ نيسانَ أن أتلاشى بكلِّ الفصولِ التي أينعتْ قبلَ يومِ القطافِ . وسالتْ على شفتيَّ كشهدِ الرحيلْ
تتحرَّشُ بي صفتي أن أمرَّ نبيّاً حزينَ الخطى في المساءِ على لغتي دونَ أن أشتهي جسمَ مفردةٍ في المجازِ النحيلْ
تتحرَّشُ بي دمعتي أن أسيلْ
أما آنَ لي بعدُ أن أترجَّلَ عن صهوةِ الريحِ...... أن أستقيلْ ؟

(3)
سأصادقُ – غير القصائدِ – إن شاءَ ربي . طيورَ الشمالِ . إنتباه النهارِ إلى لوعتي العربيةِ . صوتَ الأذانِ . ورودَ البيوتِ . إنتحابَ الشواطئِ . طعمَ الحنينِ . إنكسارَ الضلوعِ على من تحبُّ . بكاءَ الخطى في ترابِ العواصمِ . شمسَ الضحى والأصيلْ
سأصادقُ ما ليسَ يستلُّني من بياضٍ جميلْ
ها هنا مدنٌ ذبحتْ ساكنيها بسيفٍ ذليلْ

(4)

ليسَ هذا الصباحُ صباحي وليسَ الهديلُ المراوغُ قلبي هديلي .....
أنا توأمٌ آخرٌ للهديلْ

(5)

دعيني أقلْ إنهُ المستحيلْ
دعيني أقلْ إنهُ المستحيلْ

(6)

عطشٌ للسؤالِ تلألأ في أسفلِ الروحِ منِّي وراحَ يخضُّ إلتماعَ المياهْ
كيفَ أعددتِ موتاً جميلاً يليقُ بهذي الحياهْ ؟
كيفَ أعددتِ موتاً جميلاً يليقُ بهذي الحياهْ ؟

(7)

أنا منذُ ثلاثينَ عاماً أقولُ الذي لا أريدْ
وأفعلُ بي مثلما يفعلُ المكرهُ البطلُ
أتسلقُّ شوكَ صليبِ الحبيبِ ولا أنزلُ
أتسلقُّ شوقَ دمي .... فمتى يستريحُ المحاربُ فيَّ ؟
متى أطمئنُّ لإسطورةِ الدونِ كيشوتَ ملءَ دمي من جديدْ ؟

(8)

الفراشاتُ لا تحترقْ
في ظلاميَ إلاَّ بجمرِ الألقْ

(9)

لهفةٌ شبهُ غامضةٍ تتعرَّى
لعينينِ آخرَ هذا النفقْ

(10)

إصمتي يتُها الروحُ إنَّ جميعَ البشرْ
منكِ لا يستحقونَ شيئاً . فكيفَ تضحيِّنَ فيهم بشعركِ أو بجمالكِ هذا المُشعِّ ؟
فهم كالأعاريبِ أغلاظُ أفظاظُ لا يفقهونَ ولا يستحقونَ غيرَ الظلامِ وغيرَ الدمامةِ ..
غيرَ الدبيبِ وغيرَ الحفرْ

(11)

الكتابةُ معنى العدمْ
الكتابةُ ما لا أسمِّيكِ ذاتَ ربيعٍ صريعِ المعاني . الكتابةُ تجريدُ أحلامنا العاطفيةِ والعبثيَّةِ من صدقها . صنفُ موتٍ غريبٍ نمارسهُ في الحياةِ . الكتابةُ صنفُ حياةٍ نمارسها في المماتِ . نمارسها في أوتوبيا الندمْ
الكتابةُ دمعٌ حبيسٌ ودمْ

(12)

كلُّ شعري الذي كانَ يكتبني منذُ مليونِ عامْ
يجسِّدُ ......لا بل يُمجِّدُ في حبرِ كوكبهِ لحظةً للألمْ
(13)

لن أقولَ وداعاً لمن كنتُ أبحثُ عمَّا يفسرُّ صوتَ الحمامِ بأسمائها
ويربِّي الخزامَ العصيَّ على الحُبِّ في عزلتي مثلَ وردِ الحطامْ

(14)

أنتَ من أنت ما أنتَ يا مبتلىً بالشذى الأنثويِّ المسافرِ في باطنِ الأرضِ أو في عروقِ الغمامْ ؟

(15)

أنتَ من أنتَ ما أنتَ يا رجلاً في الثلاثينِ يعلنُ في الزمنِ العولميَّ إندحاراتِ آدمَ فيهِ . إنكساراتِ جلجامشِ البابليِّ . وحزنَ أبيقورَ قبلَ إشتهاءاتهِ إذ تصلُّ صليلَ البروقِ على خزفٍ من دمٍ في جنونْ

(16)

سوفَ تفهمُ معنايَ بعدَ سنينْ

(17)

عندما شمعةٌ من دمِ الضوءِ تذوي على مهلها
عندما لا تموت
عندما لا يموتْ
عندما يتبخرُّ في شمسِ أشواقهِ قلبُ شاعرةٍ مثلَ ايريسَ نصبحُ أقوى على الإحتمالِ أمامَ الجمالِ .......أخفَّ قليلاً من الأقحوانِ الصباحيِّ أصفى من الماءِ في أغنياتِ البراءةِ . أمضى من السيفِ في صيفِ بابلو نيرودا وفي نارهِ الأبديةِ . نارِ الغرامْ
عندما لا يموتُ الكلامْ
نتطايرُ في الجوِّ مثلَ زهورِ مجففَّةٍ ونعاودُ ترتيبَ أعضائنا بإنسجامْ
عندما يشرئبُ لأعلى السماواتِ . أعلى الغواياتِ. أعلى الجراحاتِ .
أعلى الصباحاتِ فينا الخزامْ
عندما لا ننامْ

(18)

قدرٌ واحدٌ في الحياةِ يصوِّبني مثلَ سهمِ إلى الخلفِ أو مثلَ قافيةٍ دونَ بيتٍ ليسكنها , قدرٌ واحدٌ , قمرٌ شاهدٌ دمنا فوقَ عشبِ المجراتِ , أزهارنا المنزليةِ , منتصرٌ لصراخِ الندى .....................

1أيار 2008
************

إفعلْ ما الذي يُغويكْ


قُلْ ما الذي يُغويكَ
وافعلْ ما يشاءُ العابرُ الساحرُ
ما بينَ قوافيكَ
مُحمَّلاً بنيسانَ وعيَنيّْ قَمرٍ مُعَذَّبٍ.....
فقولكَ القادمُ من كُلِّ الأقاليم ِ إلى
هالاتِ زهرِ الياسمينَ
جارحٌ مثلَ شفيفِ الضوءِ
لا يستنفذُ الشعاعَ في قصيدتي
بل أنهُ يرفعُ من هبوطِ أسمائي
قليلاً نحوَ لفظٍ غامضٍ ......
يحاولُ التخفيفَ من تصحُّرِ الأشياءِ
في قيامتي الصغرى
تهجِّي العطرَ في الأقدام ِ
تفكيكَ رموزٍ ذبلتْ في معبدِ العُمرِ
كما تذبلُ في داخلنا
الأيامُ والأحلامُ
أطرافُ الرواياتِ التي نقرأها
الأجفانُ , والألحانُ , والأمكنةُ الحُبلى بنا
الليلكُ , والأمطارُ , عنوانٌ قديمٌ لإشتهاءٍ
جدَّ في قلبي , وفي عينيّ َرانَ برقُهُ اليانعُ
في أقصى دماءِ الروح ِ .......

قُلْ يا أيُّها الشاعرُ
وافعلْ ما الذي يُغويكَ
عانقْ ذاتكَ الأخرى
وتُهْ في الشفقِ الأعلى من الناياتِ .....
جِدْ لغتكَ البكرَ وحلِّقْ بجناحينِ
عظيمينِ لأهوائكَ حتى الضفةِ البيضاءِ ....
حتى رفَّةِ النارنجِ في دمي
إلى ما لا إنتهاءٍ
ربمَّا تصلني أو تصلَ اللهفةَ في الأشعارِ
كالأجراسِ عُلِّقتْ على ديرِ النداءاتِ ...
على الضلوعِ كالتمائمِ المُنحلَّةِ الشعورِ ....
أو تمتصَّ كالإسفنجةِ انبهارَ ديكِ الجنِّ
وانكسارَ قلبهِ كما شقيّْ هلالٍ عاشقٍ
رنَّا على مرأىً من الرخامِ
حينَ من جمالها / مسمَّياتها المُطلقةِ المعنى
تصيحُ وردُ

كنجمةٍ مُبتلةٍ بجمرها
وحينَ تستلُّ حساماً غيرَ مرئيٍّ من الآهاتِ
من صلصلةِ الأنَّاتِ
في بريَّةِ الأجسادِ
في نهرِ مراياها الأخيرِ يعدو

ماذا تُرى أقولُ بعدُ عنكَ أو عني ؟
أجبْ يا شاعري
ماذا أقولُ بعدُ ؟

الوَجعُ الشمسيُّ في هذا المخاضِ شهدُ .

**************
محاولةٌ أخرى لفهمكِ


ما عُدتُ أفهمُ أيَّ شيءٍ غيرَ ركضي كالحصانِ الجامحِ الطيرانِ
في هذا الفضاءِ اللانهائيِّ المجازِ . على كواكبَ
لا انعتاقَ ولا حدودَ لها سوى عينيكِ....
أرعى عشبَ حُبَّكِ والحقيقةِ مثلَ أنكيدو بغيرِ فمٍ....
كأنَّكِ في المدى قمرٌ تأرجحَّ بينَ هاوتينِ
نفسي . والأحاسيسِ العصيَّةِ والمُضاءةِ بالنعاسِ
وغيرِ ما يرثُ الفراغُ من الخواتمِ فوقَ قلبي ....

لستُ أفهمُ غيرَ فلسفةِ القتالِ الأبيضِ الشفَّافِ
في نظريَّةِ بروسلي الذي قتلوهُ في ذاكَ النهارِ بمثلِ سنِّي الآنَ .....
أينَ دمُ البراءةِ صارخاً بي آخذاً بالذئبِ من عينيهِ
( آخرِ جمرتينِ تمسِّدانِ حرائقي الأولى هناكَ )
دمٌ.... شذىً .....قُزحٌ تعلَّقَ في مدايَ
وسالَ من حزني عليهِ على ضحى هونغ كونغِ أرضِ الشمسِ .....

أفهمُ عنفوانَ الحُبِّ في ينبوعِ حكمتهِ
وفي علمِ الجمالِ يصبُّ ليلاً في كاليفورنيا كَشلاَّلٍ خريفيٍّ
تشرَّدَ ناعمَ الأظفارِ في الأشعارِ ....منسيٍّ ..طُقوسيٍّ ....

سأفهمُ في غدٍ معنى كاما سوطرا
حلولاً كاملاً بسوايَ . شوقاً هادراً من كُلِّ ما صوبٍ
على رمليَّتي . قدري . على ما ظلَّ من قُرويَّةِ الألحانِ في شفتيَّ
يملأني بشعرٍ صامتٍ كالدمعِ .... شعرٍ صامتٍ في الليلِ
مثلَ الحزنِ في نَظرِ الخيولْ

ما عُدتُ أفهمُ أيَّ شيءٍ غيرَ ما يأتي طواعيةً بهِ
من عالمِ المستقبلِ الماضي إلى أسمائنا الأولى
بغيرِ مجرَّةٍ ألقُ الصهيلْ

سيظلُّ من قلبي هواءٌ في معارجِهِ
ونارُ دمائهِ أبديَّةٌ تعلو إلى الأيامِ والأيدي
كما يعلو الصليلُ إلى وصايا برقِ ما أعنيهِ .....
سوفَ يظلُّ من روحي رمادٌ في بحيراتٍ تشفُّ
وراءَ ما تنفي النصاعةُ من تأملِّنا وعزلتنا الفقيرةِ
فقرَ كُلِّ حراشفِ الأسماكِ في الدنيا ...
كما قلبُ الشهيدِ يشفُّ
أو أيقونةُ القدِّيسِ . ضوءُ دمِ الأناشيدِ
التي نبتتْ على جسدي كأزهارِ الجليلْ

سيظلُّ منِّي غيرَ ما تعنيهِ أجنحةٌ وأحلامٌ مُعلَّقةٌ
على قلبي . تؤثثنُي بأصواتِ الأماكنِ والفصولْ

عشقٌ يؤرِّخُ للجبالِ وللسهولِ الخضرِ . طعمُ صبا تحوَّلَ
محضُ حُبٍّ لا يحولْ

صبحٌ توَّضأَ للصلاةِ وللحياةِ على روابي الروحِ
عنقودٌ على شفتينِ . أشجارٌ تُفكرُّ ملءَ أشرعةِ الفراشةِ
سحرُ ليلٍ لا يُقالُ جمالهُ
وغموضهُ شوقٌ يقولْ

كُلُّ القصائدِ زنبقٌ عارٍ سوى منِّي . سوى من طينِ أشيائي
ومن كَذبي ومن ناري
إلى أعلاكِ أرفعهُ لأفهمَ مرةً نفسي
بغيرِ لجوءِ ذاكرتي وأعضائي إلى القاموسِ ....
أفهمَ هجسَ روحكِ . نبضَها الحسيَّ في جسدِ الحقيقةِ
مرةً أخرى وألفَ غوايةٍ صُغرى
وأغرقُ ...
ثمَّ أغرقُ ...
ثمَّ أغرقُ في الذهولْ .

أيَّار 2008

*********************
في الشارعِ الخامسِ



منذُ مساءٍ طاعنٍ في عهرهِ . عرفتهُ فتىً كنهرٍ ضائعٍ في أبدِ الصحراءِ
كانَ هادئاً وناعسَ العينينِ والمسحةِ كابنِ النبلاءِ . مائعاً
جمالهُ مُهذَّبٌ . مشذَّبٌ . وصوتهُ مُقصَّبُ الصباحِ والمساءْ
نظرتهُ / بسمتهُ . مصيدتانِ للَّتي ما رجعت يوماً إلى أحلامها البيضاءِ
أو جنتِّها الخضراءْ
نموذجاً مُطوَّراً عرفتهُ . لكلِّ ما في الذئبِ من قساوةٍ
لكلِّ ما في الثعلبِ الأحمرِ من دهاءْ
مُحتالُ عصرِ النتِّ والبورصةِ والعولمةِ الهشَّةِ والفضاءْ
يمزجُ عبقرِّيةِ الخداعِ والزيفِ بعبقرِّيةِ الذكاءْ
لكنني مستغربٌ لوهلةٍ . كيفَ استطاعَ ذئبهُ استدراجَ آلافَ الظبِّياتِ ....
استطاعَ نَسرهُ استدراجَ آلافَ اليماماتِ ؟
كأنَّما كلامهُ المُصَّفى مثلَ طُعمٍ نافذٍ في الغيبِ في صنَّارةِ القضاءْ
كيفَ استطاعَ ذلكَ الفتى الوسيمُ الناعسُ العينينِ والمهّذَّبُ الجمالِ والكلامِ
- لن أفهمَ بعدَ اليومِ نفسي . آهِ . لن أسخرَ منها أبداً –
كيفَ استطاعَ فارسُ الأحلامِ أن يعودَ
من غيبةِ روبنْ هودَ
من أشعارِ رولانَ . ومن أحزانِ سرفانتسَ . لا أفهمُ ...لا
كيفَ استطاعَ ابنُ عصرِ النتِّ والبورصةِ والمرِّيخِ
قتلَ واغتصابَ كلِّ ما في الشارعِ الخامسِ
من نساءْ ؟!

*******************

لم أقُلْ ..آهِ كلاَّ
( إلى أدونيس )



جسدٌ ليسَ إلاَّ
حفنةٌ من ينابيعَ تبحثُ في جسدِ إمرأةٍ عن مصَّبْ
لغةٌ أزهرتْ , نجمةٌ أشرقتْ في أقاصي دماءِ المُحِّبْ
لم أقُلْ ... آهِ كلاَّ
ليتني كنتُ أكثرَ من رغبةٍ أو أقلاَّ
لبكاءِ الخزامِ المُجَفَّفِ مثلَ علاقتنا في خيوطِ السُحُبْ
على طللِ القلبِ لا ......
لم أقُلْ ... آهِ كلاَّ

كلمَّا انهمرَ الصبحُ فينا.. على الجرحِ .. طارَ شعاعاً .. وأصبحَ ليلا

كنتِ لي ما تُربِّي المسافةُ ما بيننا من رياحٍ سديميَّةٍ
تركَتْ في حقولِ يدينا هواءً . غماماً . ضياءً . وظلاَّ
كنتِ لي ما أكونُ لنفسي غداً . وهلالاً على القلبِ
أرخى جدائلَهُ وأطلاَّ
كائناً لا يسافرُ في الأبجديةِ إلاَّ بقلبي . وعينيَّ إلاَّ ......

كيفَ فردوسُنا صارَ محلا ؟
آهِ يا قمراً مثلَ عنقودِ كرمٍ تدَّلى

ليتَ ما ظلَّ منكِ كعنفِ الحمامِ الحزينِ لكفيَّ . لهفةِ عينيَّ ... ظَلاَّ
لم أقُلْ ..... آهِ كلاَّ

رمادُ المساءِ المُلوَّنِ حطَّ على منكبيِّ القصيدةِ . عابثَ زهرةَ عبَّادها . واستوى بينَ قلبي وهاويتينِ . استوى بينَ عاطفةِ الماءِ والمُرتقى الأنثويِّ . استوى بينَ تبرِ مُعلَّقتينِ وصوتِ تأبطَّ شرَّاً وسحراً .......
رمادُ المساءِ المُدوَّنِ في سفرِ تغريبتي بدموعِ القوافيَ والياسمينِ . انتهى فيَّ ...
صارَ رذاذاً يهبُّ على جسدي من جهاتِ رؤايَ . حليبَ كلامٍ تحوَّلَ في قبضتي ... صارَ ما صارَ لي ....كوكباً للغموضِ . فضاءً بلا آخِرٍ . ومزاميرَ من غيرِ ما شاعرٍ . صارَ أنشوطةً للحدائقِ في ليلتي . من دماءِ القصائدِ مجدولةً . صارَ زهراً يُغلِّفني بحزيرانَ . بالأرجوانِ البريءِ .... وفُلاَّ
لم أقُلْ ...آهِ كلاَّ

ما توَّحدَ فيَّ وعانقني عندَ رأدِ الضحى والعبارةِ . كالإستعارة . أجهلُهُ وأسمِّيهِ :
لا شيءَ . كالضوءِ . لكنَّني صرتُ في لحظةٍ طيِّعاً في يدِ الشمسِ . مُسترسِلاً في الندى .. عدتُ طفلاً تزملُّني وردتي في الرجوعِ الأخيرِ من الغارِ أو من سمائيَ ..
تحملنُي في العبيرِ جديلةُ نهرٍ فينيقيَّةٍ
نحوَ عزلةِ أقمارِ مملكتي . نحوَ غيمٍ يُكوِّنُ فيَّ شتاءَ الأحاسيسِ
يذهبُ حتى غوايةِ أمطارها . وابتدائي على خصرِ أوفيليا شجراً يتجلَّى
لم أقُلْ بعدَ هذي القصيدةِ ما كانَ يسكنُ حُلْمي من الزمنِ المُرِّ
هذا عشائي الأخيرُ . مجازي الأخيرُ . فما كانَ يبحثُ في القلبِ عن مخرجٍ
للدموعِ وللدمِّ .. ولَّى
... ليتَ عينيكِ من كوكبٍ تبرقانِ على شغفِ الروحِ نصلا
لم أقُلْ .... آهِ كلاَّ
لم أقُلْ ..... آهِ كلاَّ

24 أيَّار 2008

*******************
كلامٌ أخيرٌ إلى ويليام والاس


عالياً عالياً مثلَ نَسرٍ يطلُّ على ما وراءِ القممْ
تحدَّ الألمْ

وكن ذاتَ ذاتكَ . كن أنتَ أنتَ . ولا يتغيَّرُ فيكَ مصبُّ الينابيعِ
تلكَ التي في أقاصي الضلوعِ
وكن واحداً في دبيبِ الجميعِ
لما يعشقونَ . نبيَّاً لنصفِ الزمانِ الفقيرِ . بلا حبقٍ كيْ يُغلِّفَ إنجيلَهُ ....
وسراجاً على ليلِ أعداءِ روحكَ
ليسَ يضيءُ سوى قلبِ شيطانهم بدموعٍ ودمْ

عالياً . لا تطأطئْ لهم كبرياءكَ . لا تحنِ قلبكَ يا سيَّدي – حذوةٌ لحصانكَ أشرفُ من دُرِّ تيجانهمْ – وارتفع في مدارِ بهائكَ حتى ولو علَّقوكَ كأضلاعِ صاريةٍ في الجحيمِ مُكسرَّةٍ . كهلالٍ يموتُ على مهلهِ دونما سببٍ . كنهارٍ قتيلِ الخطى . كأصابعَ عثمانَ . قمصانَ يوسفَ في ليلِ يعقوبَ . عطرِ زهورِ الأناجيلِ . أنثى تشمسُّ زينتها في الهواءِ القليلِ . دمائي مُضيَّعةً في الفصولِ وحافيةً مثلَ أقدامِ نيلوفرٍ ....

قلبُ لؤلؤةٍ حيَّةٍ أنت في نارهم . خفقانٌ لعنقاءَ لا تترمدُّ أوصالها . شارةٌ رفعوها على بابِ مملكةِ الجنِّ – لندنَ – لا تترَّجلْ . فما زالَ ممَّنْ تحبُّ دمٌ فوقَ جمر السيوفِ لعينيكَ يصهلُ . لا تترَّجلْ وقاتلْ إلى أن تفيقَ الجماداتُ من نومها / موتها / عشقها / سُكرِ برزخها .......

لا تقايضْ بروحكَ لا ترمِ سيفكَ . قاتلْ لتُمحى الفواصلُ . قاتلْ . ولا تتذَّكرْ سوى لونِ عينينِ تنعتقانِ وتفتتحانِ السواحلَ . قاتلْ . لكي لا تموتَ الجداولُ في جسدِ الأرضِ أو تختفي من عروقكَ أو تتحولَّ لا شيءَ لا شيءَ . أمنيَّةً صدأتْ في الرمادِ وأغنيَّةً لا تُفسرُّ إلاَّ بمعنى الغيابِ .........

فأنتَ امتدادُ السماءِ التي أغلقوها . امتدادُ السماءِ . امتدادُ السماءِ . وصوتُ البحارِ الغريبةِ . أيقونةُ العنفوانِ . إنفلاتُ المراحلِ والإحتمالاتِ من جاذبيَّتها . أنت سرُّ الطبيعةِ .
سحرُ خميرتها . طهرها المتوارثُ في كلِّ رابيةٍ . قلبها وارثُ الإنعتاقِ النبيلِ . هوى يتناسلُ منها . إنتحابُ البحيراتِ فيها . وما تحملُ الأبديَّةُ من ألقٍ .......
أنت في حِلِّ عشقٍ غريبٍ لحرِّيةٍ لا تُنلْ تحتَ شمسِ الحياةِ إلى أن تجفَّ بحارُ الدموعِ إلى أن تشفَّ وصايا الدماءْ

في قتالكَ . مثلُ جمالكَ يا سيَّدي . وحمٌ للنساءْ
إلى لا ابتداءٍ . إلى لا انتهاءْ

لا حياةَ مع الظلمِ . يا من صنعتَ بموتكَ حرَّاً نقيَّ السريرةِ
من لوثةِ الصمتِ أبهى وأزهى حياة
يورِّخُ رأسُكَ في كُلِّ تاريخِ إنجلترا لاندحار الطغاة .


أيَّار 2008

*********************

حالة اندهاش

محاولتي أن أرى آخرَ النفقِ الآدميِّ مكللَّةٌ بالجنون
وفهمي يجللِّهُ العقمُ
قلبي يجللِّهُ حلُمٌ مزعجٌ
وأنا في اندهاشٍ غريبٍ عجيبْ
محاولتي لا تلامسُّ من حكمةِ الشيءِ غيرَ الرخامِ الرتيبْ

أناسٌ يجنُّونَ قبلَ الثلاثينِ . تصدأُ أرواحهمْ كالحديدِ الجديبْ
أناسٌ يجنُّونَ . ينتحرونَ . بأوجِ احتفاءِ الربيعِ بهم يذبلونَ بلا حكمةِ الصيفِ
ينكسرونَ . كأشجارِ رملٍ . لكلٍّ طريقتهُ حينَ يعلنُ لعنتهُ . حينَ يطفىءُ وردتهُ
آهِ قبلَ الثلاثينَ . قبلَ الثلاثينَ
هذا بلا سببٍ . ذاكَ شيطانهُ بلغَ الحلمَ . ذا يتنصلُّ من نفسهِ أوَّلاً ثمَّ من زوجهِ
تاركاً لغدِ الزمهريرِ عصافيرهُ . آخرٌ كافرٌ بالنعيمِ المقيمِ
يشطُّ الى كوكبٍ أحمرٍ يابسٍ جائعٍ
تلكَ تقتلُ زينتها . تتبَّرأُ من قلبِ جولييتَ من عطرِ عُشَّاقها
ثمَّ تلقي هواها / صباها / فتاها بجبِّ الجنونِ
وهذي ترشُّ الشذى الدمويَّ على كلِّ أشيائها الأنثويَّةِ . فسحةِ أحلامها
وتغيبُ تُلوِّحُ أطرافُها للحياةِ السعيدةِ
أخرى ضحيِّةُ ذئبٍ
ضحيَّةُ أقدارها دونَ ذنبٍ
سوى أنها أذنبتْ
في حياةٍ خلتْ
آهِ ... ما عدتُ أفهمُ شيئاً هنا فدمي قد أصيبَ بداءِ اللهيبْ

ولا أتذكرُّ من ذلكَ الصيفِ . صيفي الطفوليِّ . صيفي البدائيِّ .
صيفي النهائيِّ . صيفي المُوَّشحِ بالشهدِ والوردِ .......
غيرَ ضبابِ الحليبْ

أنا في إنكسارٍ لكلِّ النساءِ اللواتي تحوَّلنَ أعمدةً من رمالٍ وملحٍ
يُشيِّعنَ قلبي على جنباتِ الظنونِ . وأعمدةً من نحيبْ

لم يذُبْ في دمي عطرُ تلكَ العشِّياتِ بعدُ . وأنَّى لهُ أن يذوبْ ؟
لم يغبْ بدرُ تلكَ العشِّياتِ عنِّي . ولم تتبخرُّ أنفاسُ فينوسَ
مثلَ رذاذِ النجومِ . وصوتِ النباتاتِ والوردِ منِّي .......
ولستُ أرى الآنَ غيرَ أناسٍ يساقونَ صوبَ سدومَ بقبضةِ نخَّاسهم
ثمَّ يحنونَ أهواءَهم بإرادتهم تحتَ مقصلةٍ من رمادِ الغروبْ

لستُ أسألُ عن أيِّ شيءٍ فإنِّي تعلَّمتُ الاَّ أبيعَ كتابَ الحبيبِ
بجيتارةِ الغجرِ الراحلينَ . تعلَّمتُ ألاَّ أكونَ سوايَ سوى في الحنينِ
وأن أتسللَّ من سدَّةِ الظنِّ دونَ رقيبٍ . تعلَّمتُ أن الأمانَ الذي كانَ يحلمُ
فيهِ أخي بدرُ عندَ حوافِ الجحيمِ طيورٌ خرافيةٌ لا تجيءُ
تعلَّمتُ أنَّ الهواءَ دمٌ لا يُجيبُ . دمٌ نافرٌ . كائنٌ من أساطيرَ
لا تنتهي . لا يطيقُ الغريبْ

أنا في اندهاشٍ غريبٍ عجيبْ


28 أيَّار 2008
*******

كأني سوايْ


(1)

أستلُّ نظرتكِ التي انتحرَتْ على أسوارِ أشعاري
كسرِّ الضوءِ في الأرواحِ
أسندُها ذراعَ الوردِ... صدراً مخمليَّ الموجِ ليسَ يضُمَّني ..
غاباتِ موسيقى... وشلاَّلاً مسائِّياً على حيفا...
أعُضُّ بمقلتيَّ الريحَ... عنقاً ليِّنَ الدُفلى لرائحةِ المساءِ
كأنَّ فيَّ غباءَ قلبِ الثورِ في شمشومَ حينَ أدورُ حولي دونما مغزى
أهوِّمُ في فضاءِ اللا مكانِ. يدايَ أغنيتانِ عن ليلايَ
قلبي فوقَ أبوابِ الظلامِ فراشةٌ عمياءُ
فولاذيةُ المعنى أدقُّ بها غدي....
وأحلُّ كاسمٍ هاربٍ منِّي بتمثالِ المُسَمَّى الفردِ
أو جسدِ المُثنَّى لحظةً أخرى. وأسألُ هل أنا فعلاً أناكِ ؟ أناكِ أنتِ ؟
مُدجَّجاً بنحيبِ عنترةِ بنِ شدَّادٍ أجيبُ دمي
بتقبيلِ السيوفِ لأنها لمعتْ كبارقِ ثغركِ المُتبسِّمِ .../

انعجني كبوحِ الليلِ في أقواسِ تحناني
وصُبِّيني كزئبقِ نرجسٍ حافٍ وعارٍ
من مراودةِ النهارِ عن المدى الورديِّ
في أعلى فراديسِ انكساري
وتعلَّقي برموشِ أوتاري..
بفسحةِ شقوتي في الأرضِ...
إنِّي قد تركتُ هناكَ آدمَ وحدَهُ
لا.... بل تركتُ هناكَ روحي وحدَها
تبكي وتضحكُ من خفايا حكمةِ الأفعى
وتلعنُ قيدها الحبقيَّ. ترفو زهوَها أو وعدَها
" دنياكَ فاكهةٌ مُحرَّمةٌ كما تروي السماءُ
فكُلْ بروحكَ من جنى حوَّاءِ...
خُذْ ملءَ الرمالِ سحابتينِ خفيفتينِ إليكَ وانهمرِ انهماري "

(2)

أستلُّ من صدفِ الألفاظِ لؤلؤةً
أضيءُ منها دمي الغافي فينكسفُ
أرُبُّ عطراً لأنثى البرتقالةِ من
كفَّيكِ يجري على ثغري فينخطفُ
وحدي أضُمُّ خياناتِ الزمانِ إلى
وُدِّي ويجمعني حُبِّي فأختلفُ
وحدي وزرقاءُ دالي ألفُ عابثةٍ
على نوافذِ أيامي. بها صلفُ
موديلُ ايغونُ شيلي لا تطاوعني
ولامُ أعضائها تجتاحها الألفُ
أنفاسها في صراخِ اللونِ أغنيةٌ
خرساءُ توحي بها في مهجتي الغُرَفُ
حديقةٌ في مدى أحلامها بددٌ
كأنَّها ثوبَ ريحِ النارِ تلتحفُ
بُرجٌ مدَمَّىً أنا في ريحِ عاطفتي
أقبِّلُ الأرضَ تحتي ثُمَّ أنقصفُ
نهرٌ تعلَّقَ في الما بينَ يشربُ من
دمعِ الذينَ ذووا فيهِ وما اعترفوا
ثغرٌ يمسُّ ثلوجَ المفرداتِ على
جمرٍ يُوَّزعُ في أجسادها اللهفُ

(3)

أحتاجُ دهراً ما اضافِّياً لأختصرَ المسافةَ بينَ صوتي الداخليِّ
وبينَ ضوئكِ..... لعنةً أخرى لأفهمَ أنني نسيٌ لعشقٍ ما تبخَرَّ في الحجازِ
وأنني... لا شيءَ ... أنِّي محضُ لا شيءٍ
أنا إرثٌ لأشياءِ الفراغِ...
فقُلْ لجسمِ قصيدتي يدنو لأعرفَ أنني
بشرٌ سويُّ الحُبِّ والأركاديا...

(4)

من ضلعِ بحرٍ آخرَ الدنيا وُلدتُ كفتنةِ الماءِ المُعذَّبِ
لا أعانقُ فيهِ غيرَ وجوهِ موسيقاكِ. حُمَّى صوتكِ الخضراءَ
وهيَ تشُفُّ في أغصانِ هذا الليلِ
يرفعها النهارُ بغيرِ كأسٍ طافحٍ بمواجدِ الصوفيِّ...
أحلمُ.. كنتُ أحلمُ لا لوجهِ الحلمِ في أقصى التلاشي والتماهي
في دفاتر ذلكَ المجنونِ ريغو بيرتو....
مسائي بيعَ بالمَّجانِ. واللغةُ التي راهنتُ في شعري عليها كالحصانِ
تحوَّلتْ تمثالَ ملحٍ في الطريقِ إلى أثينا..
ثُمَّ ماذا بعدُ.. ماذا بعدُ... إنَّ يدي تهزُّ نخيلَ مملكةِ السرابِ
فيسقطُ التعبُ الجنيُّ عليَّ...
تنهمرُ الرياحُ على المجوسِ الذاهبينَ إلى جنوبِ نبوءتي
بوجوهِ أطيارٍ على أجسادِ أنهارٍ../

تركتُ دمي وراءَ شواطئِ المرجانِ في الأسحارِ يصرخُ
آهِ.. منفلقاً إلى قمرينِ / سنبلتينِ تختزلانِ شهوةَ آبَ في ماءِ الظهيرةِ....
إذْ يُعمِّدُ في مدى عينيكِ لهفةَ هذهِ الدنيا
" زليخةُ يا زليخةُ دثِّري برموشِ هذا العنفوانِ دمي ينامُ على شفيرِ البرقِ
والرغبوتِ. أضلاعي بما ملكتْ ظنونكِ من عبيرِ الآسِ والنعناعِ
ماذا لو فعلتِ... وألفُ ماذا لو مررتِ هنا بقربِ المجدلِّيةِ
تحبسينَ بحارَ دمعكِ في عيوني أو دمي
وجررتِ لي فرحَ القصيدةِ للنصاعةِ طائعاً أو مُرغماً... ماذا يكونْ "

(5)

قريبٌ من المُتقاربِ. تحملني فكرةٌ من ضبابِ الفراشاتِ
أهجسُ فيما يُفكِّرُ فيهِ سوايَ الغريبُ الذي هدْهدَته القطاراتُ
كالأمهاتِ الحزيناتِ. فيمَ يغيبُ ويحلمُ فيهِ الذي ابتلعتهُ المحطةُ.../

أستمطرُ الشعرَ من غيمةٍ عاقرٍ. ثُمَّ أنتظرُ الماءُ لكنَّهُ لا يجيءُ
أفكرُّ في الآخرينَ. أدرِّبُ نفسي على ما تحسُّ بهِ من غموضِ العواطفِ
أقطعُ وعداً لها بقراءةِ دانتي وماركيزَ ثانيةً في الغواني الحزيناتِ هذا المساءَ
الرواياتُ في الصيفِ أجملُ... سوفَ أعيدُ قراءةَ ديوانِ شعريَ
بعدَ انتهائي من اللازِ هذا الربيعِ وروعةِ وطَّارَ
سوفَ أقودُ اليمامَ الذبيحَ إلى أوَّلِ النهرِ والاشتهاءِ
وأكبحُ نثري الجموحَ عن الجريانِ المُضيءِ /

كأنِّي أناكَ هنا حينَ أنظرُ في آخري ساهماً حالماً
غارقاً في البحيراتِ. مستسلماً لهبوبِ الأحاسيسِ من جهةٍ لستُ أعرفها
مثلَ نصفِ هلالٍ أنا في السماءِ
يطوِّقُ خاصرةَ الليلِ ..../

أحتاجُ شهراً طويلاً من العشقِ أصغي لموسيقى بتهوفنَ العذبة العربيةِ
شهراً طويلاً من العشقِ... كي ينحني الفارسُ الشهمُ فيَّ على قدميِّ الحبيبةِ
كي ينثني السهمُ عنِّي إلى أجلٍ لا أسمِّيهِ صمتاً ولا شبقاً فوضوِّياً
فتزهينَ زهوَ الحصانِ العنيدِ يصُبُّ دمَ الشعرِ والأقحوانِ على خطوكِ
المُتشبِّثِ بالغيمِ أو بانهياري الجميلِ كناطحةِ من زهورِ الضبابِ
يُهشِّمُ شمعَ المسافاتِ. كُلَّ وجوهِ الينابيعِ.يسحقُ أغصانَ قلبي بلا رحمةٍ
وحشاشةَ أغنيتي. وسياجَ القرنفلِ والتوتِ...
حسيَّةَ الصبحِ حينَ يعانقني فأفارقهُ.. هكذا.. مثلما يفعلُ الربذيُّ بأصحابهِ
مثلما تفعلينَ بما ظلَّ منِّي ومن شهريارَ الأخيرِ/

أحاولُ ألاَّ أقولكِ. ألاَّ أشمَّ وصاياكِ. ألاَّ أحلِّلَ صلصالكِ الرطبَ
ينحلُّ بي مرةً فأعيدُ صياغةَ نفسي على ضوئهِ الصلبِ...
إنَّ العصافيرَ فيكِ تهدِّدني بشراستها ونصاعةِ أحلامها
وتبدِّدني بتساؤلها.../

ما الذي يصعدُ الآنَ من حقلِ عينيكِ أو يتطايرُ
مثلَ رذاذِ مُخيَّلتي في ربيعٍ بلا قمرٍ ؟
ما الذي راحَ ينسكبُ الآنَ فوقَ الكتابِ المُقدَّسِ
فوقَ جفافِ الضلوعِ التي شحذتها أصابعكِ الذهبيةُ..؟
ما كُلُّ هذا الذي فاضَ من فجوةِ الضحكةِ الثرَّةِ الماءِ...؟
ما سرُّ ما فاضَ فيَّ بكلِّ الرحيقِ الأنيقِ .....؟/

سوايَ يمرُّ غريبَ الخطى سائلاً عن سوايَ
كأني تفيَّأتُ نظرتهُ واتخذتُ مكاناً ببستانِ أشيائهِ
لا يليقُ سوى بالصعاليكِ في أوجِ فتنتهم
أو كأني سوايْ

(6)

قريبٌ من المُتقاربِ تبدؤني فكرتي ها هنا
ثُمَّ لا أنتهي منكِ.... أو من سديمي المُشعِّ بماءِ انتحابِ النجومْ

(7)

جراحي مُسكَّنةٌ بقوافيكِ. صفصافها نافرٌ في أعاليكِ
في غُرَّةٍ زيَّنتها العصافيرُ واحترفت وجعي
انسكبت كحليبِ اللهيبِ على إصبعي
في الغناءِ الفقيرِ الأخيرِ لبلبلِ جون كيتسَ ../

من مُعجمِ النفرِّيِ كأني ألمَّكِ
من هجسِ ذاتي بخالقها. حبةً حبةً تتناثرُ سنبلةُ الجسدِ الآدميِّ
وينفرطُ اللؤلؤُ ... العسجدُ المُتشرِّدُ في أسفلِ الظهرِ منكِ ..
كأنِّي أراكِ بعينينِ غائبتينِ عن اللمسِ
ثُمَّ أحسَّكِ من غيرِ حسٍّ
بأقصى نوافذَ قلبي كعصفورةٍ غيرَ مرئِّيةٍ تنقرينَ زجاجَ الحنينْ
بنبلِ الطيورِ التي انتحرَتْ في بحارِ الجنونْ
بما اجترَحتْ كائناتُ الهيولى من الوجدِ....
لا بالأصابعِ لا بخفاياكِ لا بمراياكِ
أقصى شغافِ الندى. اللغةِ المستعارةِ
صوَّانِ كفِّ الردى المُخمليِّ
بكلِّ امتزاجِ ولاداتنا بأساطيرنا تنقرينْ
لن يجيءَ البرابرةُ الميِّتونْ

(8)

مررتُ على الشنفرى وعليَّ وكانتْ تُلوِّحُ أطيافُ مرثيَّةٍ
في مهبِّ الرجوعِ لشمسِ بخارى
على بُعدِ مرمى خطى الهندباءْ

(9)

هيَ من سوفَ تأتي غداً وحدَها
ملءَ معجزةٍ صنعَتْ مجدَها
لا مباليةً بالدماءِ التي لفَّ أزهارَها ورقُ السيلوفانْ
هيَ من سوفَ تأتي غداً وأنا
من يضمُّ السرابَ الذي أمسِ كانْ

(10)

أضغاثُ أبراجٍ مُهدَّمةٍ حياتكَ أيُّها المنهوبُ مثلَ حقيقةِ الدُفلى
بغيرِ أشعةٍ تبتلُّ شمسكَ. والعناوينُ السريعةُ منكَ تنبثقُ..
المساءُ مُهيَّاٌ لفحيحِ عطرِ غوايةٍ عبرَتْ دماءَكَ مرةً
بعبارتينِ أليفتينِ جهلتُ سرَّهما
وصغتُ محارتي الأولى على مرأى يَدَيْ عشتارَ حينَ
تُهذِّبانِ المعدنِ القاسي. وتصطفقانِ في الألفاظِ
مثلَ فراشتينِ غريبتينِ تؤثِّثانِ الثلجَ في أقصى الكواكبِ
بالنداءاتِ العصِّيةِ في انكسارِ الياسمينْ

(11)

سأرفعُ من جسدي ذاتَ حلمٍ وعمرينِ
ما سيدشِّنُ في الأرضِ مائدةَ السخرية

(12)

أتأملُّ وجهينِ يأتلفانِ ويختلفانِ. وأغرقُ في لحظةٍ شاردةْ
أتأملُّ وجهي بعَينيْ سوايَ
فيأخذني من يدي طلسَمٌ لا يقاسُ مداهُ ولا يُرتقى بكلامِ ابنِ حزمٍ..
سوى بالشموسِ الأخيرةِ في شفقِ الأوردةْ
إلى منتهايَ إلى مُبتدى البسمةِ الجاحدةْ

(13)

مالي على نفسي تعاقرُ شمسها جلدٌ
وليسَ للهفتي جسدٌ يرِفُّ كأنهُ أبدٌ
خيوطُ اللابرنثِ تشدُّهُ للهاويةْ
أبدٌ عقيمُ الحِسِّ ليسَ يخُصُّني وأخُصُّهُ .... وهوى مُقيمْ
وأنا بلا قمرِ البنفسجِ تائهٌ بينَ الغيومْ
أهيَ الشفاهُ العاصياتُ تشُفُّ عن عطرٍ
وعن جمرٍ شحيحِ النارِ تصرخُ ذاويةْ ؟
تستلُّ من أقصى رمادِ الروحِ حكمتها التي ضيَّعْتها
في المهدِ كيْ أشقى بلا سببٍ وأصرخُ في الحياةِ
مخاطباً نفسي / سوى نفسي.... بألفاظٍ زرادشتيةٍ
" دنياكَ عاهرةٌ مُدَّنسةٌ وأقذرُ في المحيضِ دعارةً منها بنوها " /

أحتاجُ لحناً ما إضافِّياً لأطعِمهُ لخاصرتي وأحشو حزنَ أندلسي بهِ
حتى ثمالاتِ النساءِ الناظراتِ إلى سدومْ

(14)

متداخلاً بعوالمٍ مخفِّيةٍ.. هلْ كنتُ أهجسُ دونَ أن أدري بأشياءٍ مُغيَّبةٍ ؟
بحُبٍّ ميِّتٍ... أهذي بأسماءِ الملائكةِ الحواريينَ
حينَ يخاصرونَ إشارتي الأولى....؟
كأنَّ الزئبقَ المصبوبَ في لوحِ الوصايا
سرُّ ماءِ القلبِ في زهَرِ القرنفلِ...
كنتُ أجهشُ دونَ أن أدري بدمعِ قصيدةٍ عنقاءَ
كنتُ أغصُّ.. كنتُ أفيضُ حتى آخرِ الرؤيا بشِعرٍ غامضٍ
ينحلُّ في ما لستُ أكتبهُ
ورغوةُ لونهِ القُزحيِّ تجرحني..../

وراءَ دمي أرتِّبُ رغبتي المنعوفةَ الأصواتِ
أضبطُها على ايقاعِ بحرِ السندبادْ

(15)

تعلو يدايَ على عرشِ الخواءِ وما
في الروحِ غيرُ هشيمِ الصمتِ يلتهبُ
حاولتُ تفسيرَ أحلامي فلفَّقني
من قاعِ جُبِّ خطيئاتي دمٌ كذِبُ
شفاهُ أفعايَ في الفردوسِ طاهرةٌ
والذنبُ ذنبي... أنا أغوانيَ العنبُ
ناديتُ "أوَّاهُ يا دانتي" فهبَّ صدى
صوتي.. فكُلُّ زهوري في المدى نهَبُ

(16)

حديثُ الجرائدِ : قالَ لصاحبهِ وهو يكسرُ بلَّوْرِ قلبي بلا سببٍ
غيرَ ما يتركُ الصبحُ من شهوةِ الانكسارِ
بمقربةٍ من رخامِ الصباحِ جلستُ
وكانَ يفتُّ القرنفلَ في قاعِ عينيَّ سحرُ القتيلةِ
مثلَ رفيفِ الحجَلْ
كانَ يهمسُ عن بعدِ أيقونةٍ
- آهِ لو كانَ لي مثلُها... مثلُ تلكَ التي كانَ نخَّلَ مخملَها الأنثويِّ
بلا رحمةٍ طعنةً طعنةً ديكُ جنٍّ غريبِ الكيانِ ..
استباحَ على ليلِ حيفا البريئةِ / حيفا الشقِّيةِ حزنَ العسَلْ
آهِ لو كانَ لي مثلُها امرأةً
كنتُ أغسلُ أقدامها بدموعِ الشذى
وأجفِّفها بعطاشِ القُبَلْ
كنتُ من لعنةِ الإنتظارِ – انتظاري لغودو- ومن وجعِ الحُبِّ
أحلمُ مُستسلماً لملاكٍ يُهدهدني
أتظاهرُ أنِّي أمَكيِجُ وجهي بزيفِ التبسُّمِ ....
أو أنني لستُ أسمعهما... لستُ أفهمهُما
كنتُ أصرخُ من جُبِّ حلمي
ومن قاعِ ناري وأقصى جنوني: أجَلْ
لستُ أفهمْهُما... لستُ أفهمُ هذا
الحديثَ الغريبَ وهذا الزمانْ

(17)

بماذا أودِّعُ أشعارَ وليمَ بتلرَ ييتسْ ؟
بماذا أغلِّفُ أزهارَهُ ؟
- هل أغلِّفها بمرايا دمي ؟ -
وبماذا أناديكِ ؟ ماذا أسمِّيكِ ؟
ماذا أسمِّي الكسوفَ الشفيفَ لشمسِ الرخامْ ؟
وهذا الخسوفَ البهيَّ لدَى قمرِ التوتياءْ ؟

(18)

سؤالٌ يحطُّ كصقرٍ رهيبِ اللظى فوقَ عينيَّ مفترساً فوقَ شوكِ الصليبِ رؤايْ
- أما آنَ لي بعدُ أن أحتفي بأسايْ ؟!
أما آنَ لي بعدُ أن أقتفي فرحي مثلَ قبرَّةٍ هشَّمتها صخورُ السماءْ ؟
أما آنَ لي أن أكونَ أنايَ الوحيدَ بكلِّ اشتباهِ حياتي ... وألاَّ أكونَ سواي ؟
فأنا لستُ يا صاحبي الجاهليِّ ..
غيرَ نقطةِ طلٍّ على وجهِ نرجسةٍ
لستُ غيرَ سنا لحظةٍ للحنينِ إلى غزَلٍ أنتَ من خطَّهُ
في سرابِ النداءِ على امرأةٍ من سرابِ النداءْ ِ
على امرأةٍ ...
فضاءاتُ نرجسها أحرقتني

(19)

عبقُ العاجِ ينزفُ ممَّن تمرُّ رويداً رويداً بكاملِ زهوتها قربَ تمثالِ ملحي ورملي
بغيرِ انتباهٍ أفتِّشُ رغبةَ صابونها حيثُ لا يعثرُ البحرُ فيها على نفسهِ ...
- كم هلالاً ينامُ على شجرِ التوتِ أحتاجُ ؟
أم كم تويجاً لقلبي بظفرِ السياجِ ؟
لأفهمَ نفسيَ أكثرَ في قربها..
آهِ كم بسمةً تنقصُ الدمعَ في بئرِ يوسفَ فيَّ ..؟!
وكم لحظةً كنتُ ألقيتها كالرسالةِ في وجعِ الماءِ
والنيلُ يجري كهمسِ الكواكبِ تحتَ الضلوعِ .. وفي يقظةِ الحلمِ تحتَ مساماتِ جلدي ... وفي الوهمِ يجري .. ولا أستطيعُ اللحاقَ بقيصرهِ
أو مواراةَ أمطارِ حبِّي التي في المساءاتِ تسبقني نحوهُ
- سوفَ أجري إلى ما يشاءُ حنانكَ فيكَ
وتجري بصحراءِ جسمي بلا أن يشاءَ الزمانْ

(20)

- العيونُ لها ألفُ صوتٍ يرفُّ عليَّ ويخفقُ ملءَ الظلامْ
ألفُ صوتٍ يوحِّدني بفراغِ الزحامْ
أهشُّ بطيرِ الكلامِ على قلقي وأنامُ على الريحِ تحملني للوراءِ
على نهرها ألفَ مليونِ عامْ
سأضمُّ نحيبَ يديَّ بهذا الفضاءِ الفسيحِ الجريحِ إلى خفقاتِ اليمامْ
وأراودُ قافيتي عندَ هاويةِ المرتقى اللولبيِّ ومقبرةِ البرقِ والكهرباءِ
أراودها عن أسايْ
- لستُ نفسي ولا كنتُ شخصاً سوايْ
لستُ غيرَ انهماري الأخيرِ كمفردةِ الماءِ والكبرياءِ بقفرِ الهوانْ
كيفَ أستلُّ من خصركِ العنفوانْ ؟؟!

(21)

لن أخيَّبَ ظنَّ القصيدةِ .. ظنَّ يقينِ البياضِ إلى آخرِ النصِ
أو آخري في طلول نساءِ الغلامِ القتيلِ
وشعرِ الصعاليكِ ... روحِ الملاكِ الشريدِ الضليلْ
لن أهذِّبَ ذائقتي المنتقاةَ بغيرِ الكلامِ الذي يصفُ الفرسَ الجاهليَّةَ
بالخدرِ الأنثويِّ المراوغِ.. والقمرِ الفارسيِّ الصقيلْ
لن أشذَّبَ أزهارَ يثربَ إلاَّ بأزهارِ لوزِ الجليلْ
وسأختارُ قافيتي بعدَ هذا المساءِ المدجَّجِ بالإستعارةِ والزمنِ الإنتهازيِّ
لا لأخطَّ مديحاً لرائحةِ المشمشيَّاتِ .. بل لأقولَ بأنَّ الكلامَ
الذي كنتُ أهذي بهِ منذُ عشرينَ قرناً ونرجسةٍ في أعالي البكاءِ
كلامٌ جميلٌ جميلٌ جميلْ

(22)

هل أشيعَ بأني غبارٌ مريضٌ على حافتيها ؟
وأنَّ دمي ليسَ يعرفُ برقاً لشمعِ اخضراريَ يولدُ من راحتيها ؟
هل أشيعَ بأنَّ ضلوعيَ ملحٌ عقيمٌ قديمٌ لأنثى سدومْ ؟
هل أشيعَ بأني غموضُ الشفقْ ؟
وروحي لهيبُ الضحى وحليبُ الغسقْ ؟
وشوقي الأبيدُ عمودُ دخانٍ بصحراءَ يطوي البحارَ إليها ؟
ويشربُ دمعَ الرمادِ الضبابيَّ ....
دمعَ الحياةِ التي قتلتْ شاعراً
وعلى جسدي زرعت كالزنابقِ كلَّ جبالِ الهمومْ ...
وأزهارَ سودِ الغيومْ ..؟

(23)

يحلمُ الشعراءُ المريضونَ بالحبِّ يوماً بقبرٍ لهُ أجنحةْ
كأهدابِ عينينِ ذابلتينِ
وحينَ يموتُ النهارُ يحومُ على مذبحةْ
غامضٌ ذلكَ الحلمُ أو مشبعٌ بالتماعِ النجومْ
غامضٌ ذلكَ الحلمُ حينَ يحومْ

(24)

وأذكرُ كانتْ تسوطُ فضاءاتِ روحي بعاصفةٍ من ثلوجٍ ونارْ
وكانتْ تربُّ زهورَ اشتهائي بسمِّ الأفاعي التي استترتْ في شقوقِ الجدارْ
وذاتَ نهارٍ لهُ نكهةُ الرملِ في مرتقى ذكرياتي إلى قمةِ الهاوية
تحسستُ جوفَ طريقي بكفَّيْ ضريرٍ
أضاءتْ لهُ الحلمَ رؤياهُ ....
يستيقظُ النبعُ فيَّ .. وجسمٌ شهيٌّ من النورِ والنارِ
من مخملِ الوردِ والشوكِ ... مجراهُ
يستيقظُ الدمعُ في كفِّ ذاهبةٍ في الخريفِ إلى أمنيةْ
ويستيقظُ الشمعُ ملءَ الأصابعِ والسخريةْ

(25)

صوتها خنجرٌ من حريرِ المثنَّى
ونهرُ حمامٍ بقافيتينِ يودِّعُ صيفاً دماءَ الأغاني
وينحلُّ مثلَ بهاءِ الأنوثةِ في الأقبيةْ

(26)

لن أفكِّرَ إلاَّ بزرقةِ عينيّْ ملاكٍ صغيرٍ تقمصَّ طفلةْ
رموها ذووها إلى النهرِ أو لدجى الذئبِ
ذاتَ مساءٍ مضاءٍ برغبةِ ما في دماءِ الظلامِ
فلم يرتفعْ بعدها الأرجوانُ ليحضنَ فلَّةْ
نشرة الساعةِ الخامسة
تردِّدُ هذا الكلامَ الحقيقيَّ ... هذا الكلامَ الشقيَّ
وترغي الجرائدُ طولَ النهارِ
ولوعةُ أيامنا الهامسة
لن أصدِّقَ إلاَّ نصاعةَ زهرِ ملاكٍ تقمَّصَ طفلةْ
لن اصدِّقَ إلاَّ استدارةَ بدرٍ تقمَّصَ وجهاً لها مثلَ سنبلةٍ حيَّةٍ
لن أصدِّقَ غيرَ صراخِ دمي في وصايا الأهلَّةْ
لن أصدِّقَ دمعَ الروبوتِ وشعرَ الهباءِ
ابتسامَ التماثيلِ للساجدينَ لها ....
لن أصدِّقَ إلاَّ الفراشَ الأنيقَ الذي فاضَ
ملءَ السماواتِ والأرضِ من ضحكِ طفلةْ

(27)

آهِ أيتُّها الحكمةُ المطلقةْ
إمنحي شاعراً هامَ في الصمتِ خمسَ دقائقَ أخرى
ليكتبَ مرثيَّةً في نباتِ البيوتْ
ورائحةِ القهوةِ العربيَّةِ ......
كيْ لا يموتْ ....!


تموز وآب 2008
*****************
خطىً لظباءِ القوافي على القلبِ


هل بلغتُ أشدَّ مناطقَ شعري حساسِّيةً والتماعاً ووجداً
وماءً وظلاً وليلاً شريدَ الحواشي... وورداً ؟
أقولُ لها ... زملِّيني بحزنِ الغريبِ يحنُّ ..يجنُّ سدى
وأجيبُ أنا باحثاً عن حروفٍ من الطلِّ والأقحوانِ الخضيرِ
- بلى قد بلغتُ أشدَّ مناطقِ شِعركَ فيَّ حساسّيةً..
وعجنتُ خميرةَ فجري بكفَّيكِ / كفيَّ ..
ثمَّ كتبتُ روايةَ ما في حياتي وعينيكِ من وهجٍ أبيضَ المرتقى ....
- هل سكبتِ دمَ الفجرِ فوقَ فضائي الشفيفِ
المطرِّزِ حاشيةَ المدنِ العاشقة
بعاطفةِ اللونِ والزرقةِ الحارقةْ ؟

هل بلغتُ أشدَّ مناطقَ سحري شفافيةً ؟
وأجيبُ ..... بلى قد بلغتُ أشدَّ مناطقَ سحركِ فيَّ شفافيةً
وأهيلُ الشذى فوقَ صحراءِ حُبِّي .. ودمعَ الندى والصدى
وغوايةَ هذا المكانْ
وصرخةَ ما في العروقِ من الضوءِ والنوءِ
لحظةَ ما في زهورِ الكلامِ الخريفيِّ ملءَ شقوقِ الزمانْ

إرتمى كوكبي خارجَ الكونِ... خارجَ مجرى دمائكِ
خارجَ مجرى دمائي ..... وتشعلني الأسئلةْ
في أصابعَ ثلجِّيةِ الشمعِ تبحثُ في سرمدِ الروحِ
عن مقلتَيْ عسلٍ ...أوَّلَ الحبِّ أو آخرَ السنبلةْ
وتمسحُ عن منكبيَّ الشريدينِ مثلَ معلَّقةِ الشنفرى
غبارَ الطريقِ إلى الجلجلةْ

شغفي كائنٌ غامضٌ لا أسمِّيهِ
مستوحدٌ في أعالي شتاءِ لياليهِ
مستوحشٌ في ضحى الصيفِ
ينزفُ من مقلتيَّ ومن شفتي .. دمهُ لا يُرى
هو هجسُ الخليقةِ قبلَ التكوُّنِ ... قبلَ انتحابِ المحيطاتِ
قبلَ تلوُّنِ أرواحنا في مدى الفرحِ الأزليّْ
شغفي بالحياةِ سدىً لا أسمِّيهِ ....
أهجرهُ ما وراءِ الأماكنِ أشياءَ عابقةً بالبكاءِ
ومبتلَّةً بانهمارِ الكلامِ الايروسيِّ
في المشهدِ النوويِّ
المُشيِّبِ ناصيةَ الشعراءِ الخليعينَ
- لا لن أكونَ أنا هو لا
/ سوفَ أطردُ أبا نواس ومسلمَ بن الوليد
الطارئين الغريبينِ على ممالكِ قلبي واشتهاءاتهِ /

لغتي أزهرتْ قبلَ نيسانَ
قاموسُ وردٍ كلامي
وعفراءُ إن شهقَتْ في المساءاتِ
رفَّ لها في الرميمِ دمُ ابنِ حزامِ

لأيلولَ رائحةٌ لا تفسِّرُ إلاَّ هيامي
لأيلولَ ما لإناثِ الطيورِ من الروحِ والرقةِ المنتهاةِ وذوقِ العذارى..
لأيلولَ أيقونتي ... لوعتي .. لونُ حبرِ دمي ...
فسحةُ الشعرِ فيَّ.. وحبلُ نجاتي
ولي ما لأيلولَ لي شغفُ الوردِ.. ما ظلَّ من نهبِ حريَّتي...
قدري... لعنةُ الوقتِ.. أغنيتي .. شارتي .. لي حياتي

كلُّ من سيمرُّ على نصبِ حريَّتي ذاتَ يومٍ سعيدٍ سيبكي بكائي
ويُغمدُ فيَّ وراءَ المزاميرِ كلَّ ظباءِ القوافي التي انطلقَتْ من ندائي
كلُّ من سيشيِّعُ لي بحَّةَ النايِ يوماً
سيسرقُ أزهارَ قلبي.. شقائقَ عينيَّ
ختمَ شفاهِ القرنفلِ من كربلائي

خطىً لظباءِ القوافي على القلبِ ضحكتها الثرَّةُ العطرِ
أو طيرُ أسطورةٍ يسكنُ الروحَ والقدمينِ ونهرَ دمي والندى
خطىً لظباءٍ تجرَّعنَ سُمَّ الحياةِ بكاملِ روعتها
وبنقصانِ ما في الليالي الرخيصةِ من علمِ سقراطَ أو جهلِ أهوائنا

أحاولُ أن أحتفي بالبياضِ فلا أستطيعُ
بلوغَ أشدِّ وأعلى مواطنَ نفسي سراباً
فأسكبُ في تيهِ كينونتي
حبرَ هجسي ونارَ حساسِّيتي

وصلتُ إلى قلقي في الطريقِ المؤَّدي إلى المعرفةْ
رائياً... عاشقاً تتدَّلى أغانيهِ مثلَ زهورِ المنازلِ
من شرفةِ الفلسفةْ


أيلول 2008
*************




قصائد حُب




كُتبتْ قصائدُ القسم الثاني ما بين
الأعوام 1998 و 2002


*********







كرعشةِ نجمةٍ خضراءْ


تُرى أتصيَّدُ القمرَ الوحيدَ بغيرِ أجفاني ؟
تُرى يا صوتَ إيماني
أصيرُ إليكِ أنتِ ... لجوهرِ الدنيا عن العَرَض ِ ؟
وأسمعُ رجعَ وهوهةِ الزمان ِ بغيرِ آذاني ؟
أنا كالليثِ عضَّتْ كلُّ أنيابي على مضض ِ
من القدَرِ الذي عرَّى من الزهراتِ أغصاني
من الدنيا التي ملأتْ
فراديسَ الهوى الأرضيِّ بالحيَّاتِ والناياتِ
تجذبني لهاويةٍ من الشهواتِ
في أعماقِ إنساني

تُرى أرفو جراحَ الروحِ .. وهيَ المدمعُ الهتّانُ
ينزفُ في مساءٍ صامتٍ من مهجةِ الأبدِ

وبينَ الروحِ والجسدِ
مسافاتٌ من البُعدِ
تراني في الغدِ الآتي
أمسُّ الجمرَ .. جمرَ جبينها بيدي
وتجمعني مسافاتي

تُرى يا صوتَ إيماني
أثورُ على هوان ِ الحُبِّ
آهِ ....لو إستطعتُ ملكتُ أحزاني
وواريتُ الهوى في مهدهِ ....لكنَّ إنساني
برغمَ المنطقِ المأفون ِ للأسمنتِ والذهبِ
ورغم الزيفِ في الزمن ِالمريضِ الروحِ والقلبِ
ورغم فظاظةِ الأشياءِ رغمَ هشاشةِ الحُبِّ
تحدَّى السيفَ والجلاّدَ والنارَ الحديديّة
وشالَ جبينَه المجبولَ بالنارِ الإلهيّة
كسوسنةٍ وراء الطلِّ والأوراق ِ مطويَّة
كشمس ٍِ آهِ ....من حبق ٍ شتائيٍّ وحريّة

أنا من ذلك الآتي على خوفِ
ومرتعشٌ كرعشةِ نجمةٍ خضراءَ في الصيفِ
كأني حاملٌّ تعبَ السنين ِالجدَّ منسيّة
على كتفي
سدىً عيشي بعصرِ الضوءِ .. عصرِ حضارةِ السيفِ
بأرضي بيدَ أني في قرارةِ داخلي مَنفي
سدىً أمشي أفتشُّ في طريقي
عن سنا حبِّ وحريّهْ ...............

******************

لماذا أحبُّكِ؟

لماذا أحبُّكِ؟
كيْ أتكاثرَ تحت السماءِ وفوق السماءِ
لكيْ أوقفَ الدهر كي أوقظَ اللحظة الهاجعة
لماذا أحبُّكِ؟
كي يصبحَ القلبُ متسعاً للأغاني
والعمرُ أيقونة ماتعةْ
لماذا أحبُّكِ؟
كيْ أتنفسَّ كالصبحِ كيْ أتوَّهج كالجرحِ
كي أتذكرَّ كالرملِ بعضَ شجون البحار وأحلامها الوادعةْ
لماذا أحبُّكِ؟
كي أتوَّحدَ في كلِّ شيءٍ وفي كلِّ ضوءٍ
تقمَّصَ جسمك في ذات يومٍ....
وإذ من دمي تنسلينَ. تمرِّين عبرَ انتحابِ الشواطئْ
أرى طيرَ غيمٍ مفاجئْ
وأشعر أنَّ ثلوج الشمال تلفّعُ قلبي
أحبُّكِ.. أهربُ يوماً بعيداً إلى صحوك المكفهرِّ. إلى روعةِ القادسيةْ
فهل توصدينَ سماوات حزني أمام بلاطِ الدماءْ؟
وتنتظرين قليلاً لعليّ أكلمّ رؤياك تحت المطرْ؟
وأنزعُ عني يدَ البرتقالِ... شظيّة... شظيّة؟
أحبك يوما.. وأذهبُ في الأرضِ
ملءَ الجذوع وملءَ الدماء وملءَ السفرْ
فأين يفرُّ دمي من بروق الجسدْ؟
أحبكِ يوماً.... وأقسمُ أني أمام تضاريس وجهك ضعتُ
ولم أتبيّنْ جمالك لم أملأ العين منهُ
كأن الجمالَ الحزينَ ضبابُ الحياة
وعشقي له ضاربٌ في الفلاةْ
يفتشُّ عن فلةٍ في رماد المياهْ
وعن نجمةٍ في زبدْ
لماذا؟ وفي القلبِ من خطواتِ الصغار كنقر الدرابكِ
في القلب وقعُ مياه الميازيبِ. في القلب بوابةٌ سابعة
لنجم الشمالِ.. وأغصان زيتون تعشق لون الهواء وشكلَ الضحى...
من يوَّزعُ حزني على هذه القافلة
أحبُّكِ حتى بقدر التخلصِّ منكِ
فإنَّ إضاءةَ وجهكِ تحرقُ وحيي برغم البعادِ
الدجيِّ... وحالاتها في دمي شائعةْ
أحبُّك يا لاغتماض الخريفِ
على صدر أوجاعيَ الثاكلةْ...!

***********************
حوارٌ على غيمٍ عابر

لا تنبسي بشيءْ!!!
لا تنبسي بشيءْ!!!
فأنتِ من أسلمني للعسس الليليّْ
صهيلُ هذا الحزن في يديكْ
أسلمني للعسسِ الليليّْ
ولكلابِ الواليَ المجنون ِ
لا أقوى على التحديقِ في عينيكِ
فالعشبُ بريءٌ لا يغطّي أثرَ المذبحةِ....../
الحجارةُ الخضراءْ
تبكي إذا لامستها
تطيرُ من شواطئ القلب الشمالية في المساءْ

دمي غبارٌ مزهرٌ تحت قميصِ النومِ.......
في جسمك جابتْ شرطة الوالي حدودَ النجمة الزرقاءْ
والجانبَ المضيءَ من تفاحتي الأولى - بلا عيونْ -
والجانبَ المظلمَ من خاصرة الضياءْ
من أنتَ؟
لا أذكرُ!
ما تفعل ها هنا؟
أنا؟!
أحاولُ الخروجَ من سدومْ
ومن دماءِ الوردِ في الجحيمْ
وأشتعل الليلُ على خاصرتي وفي جبين العالمِ المحمومْ
سمعتُ من يقولُ أنَّ الليل والقبرَّة العمياءَ توأمانِ من زمانْ
وأنتِ من أسلمني...........
ـ متهمٌ أنت بان أعدتَ لونَ الوردِ للورد
وأخرجت شظايا القمرِ المسروقِ من بحيرةِ الزبدْ
ـ لستُ أنا المشتعلَ الوحيدَ بالورودِ
والباحثَ عن أسماء محبوباته في مشرقِ الشمسِ وفي عواصمِ الرمادِ
والمحكومَ بالصخرة للأبد
متهمٌ أنتَ بقتلِ الواليَ المجنونِ واستباحةِ الأشياءِ...
لا لستُ... أنا المقتولُ في بحيرة المساءِ
والصارخُ بالسماءِ أن تلدْ
متهمٌ أنت بان أعطيت للهواءِ لونهُ الطبيعيَّ
وللطيورِ شكلَها النهائيَّ
وللهجرةِ هذا الطابعَ المنسيَّ ... لا أحدْ...
يسيرُ في شوارع الشموسِ في الليلِ وفي الأمواجِ يتقِّدْ
مثليَ.... أو يعجنُ خبزَ قلبهِ بمطر الغناءِ
لا أحدْ / لا أحدْ / لا أحدْ..........!
**************

أريدُ كتابةَ شعرٍ جديدْ

سأكرهُ قلبي الحزينَ كثيرا
لأن كان يوماً يحبُّكْ
سأنزعهُ من ضلوعي إن استطعتُ
كم كان يخدعني فيكِ.. كان غرورا
غرامُكِ.. كنتُ أكابرُ من شدَّة العشقِ
كنت أذوبُ كضوء الصباحِ الطريِّ
وأنت التي من حديد جهنمَّ قد قُدُّ قلبك
سأكره قلبي وكلَّ دقيقة وصلٍ هباءْ
فان حماقته لم تكن مرَّةً بالوفاءْ
غداً سوفَ يأكلني ندمي مثلَ تنينِ بحرِ
عليكِ.. ويكرهني فيكِ شِعري
دخانٌ هو العمر يصعدُ من صحنِ عينيكِ يملأُ روحيَ
باليأسِ منكِ يغشِّي السماءْ
هواءٌ هو العمرُ لا شيءَ يُحسبُ منذُ رأيتكِ
منذُ عرفتكِ... عمري هواءٌ.. غرامي هواءْ
يحرِّكُ طاحونة الذكريات القديمةْ
وقلبيَ طاحونةُ الذكريات الأليمةْ
سأكرهُ قلبي كثيراً وأطردُ عينيكِ منّي... من كلِّ خبزي
ومن كلِّ ملحي ومن كلِّ قطرةِ ماءْ
لستُ شحَّاذَ حبِّ لأطلبَ منكِ الهوى والصفاءْ
غداً تعرفين بأن جعلتك حواءَ روحي غداً تعرفينْ
أنا الفنُ والشعرُ والحبُّ .... قلبيَ تفاحة
ستكشف كل المخبأ منَّا.... وقلبك طينْ
تمنّي عليَّ العذاب اللذيذَ الذي تعشقينْ
ستهوينَ يوماً بناري وأثبتُ للعالمينْ
بأني فوق الجمال وفوق جميعِ النساءْ
أريد استعادة قلبي أخيرا
أريد استعادة قلبي من كفك القاسية
أريد استعادة آخر مقطوعةٍ للحمامْ
وآخر سربٍ من البجع المتناثرِ
فوق براري الثلوجِ وفوق براري الظلامْ
أريد استعادةَ كلَّ دقيقةِ حزنٍ
وكلَّ دقيقةِ يأسٍ وكلَّ إنعتاق صباحٍ وكلَّ إنعتاق مساءْ
أريد استعادة حسِّي بـهذا الجمالِ الشرودْ
أريد الصراخ بأنك لن تقدري ما فعلت عليَّ
وأن القصائدَ ما خلقتْ أبداً للنساءْ
أريد الكتابة عن كل شيءٍ سوى عنك إن يدي ظاميهْ
لشعرٍ جديدٍ تكونين منه كما هو منكِ خلٍ خاليةْ
فلم تعدِ اليومَ تملأ عينيَّ فتنةُ كلِّ نساء الوجودْ
وفتنةُ كلِّ نساءِ اليهودْ
أريد كتابةَ شعرٍ جديدْ
يليق بليلِ وكحلِ زليخا
أريدُ كتابةَ بيتٍ جديدْ....!
******************

أعمدةُ العاجِ والضوءْ

سبعٌ من العاج قد شكَّلن أعمدةً
فيهنَّ ضوء سوادٍ كُنّ لي شفقا
وكنّ أروعَ آيات الجمال وإنْ...
أمطرن قلبي وعيني الداءَ والأرقا
تُصاغ كل طيور الحبِّ من زبدٍ
في كفهنَّ ويعوي البحر.... محترقا
في الصيفِ يحملهنَّ العطر من غسق
ناءٍ ففي كلِّ صيفٍ أرقب الغسقا
لهنَّ طعم عذاب عشت أمضغه
وحدي كمضغِ جراحاتِ الدجى الحبقا
آهٍ تفرقنّ عنِّي مثل سوسنةٍ
تساقطت لوعة في مهجتي ورقا
وسدّنني قبرَ ذكرى وإنصرفن فراشاتٍ
إلى زرقةِ الحلمِ الذي ائتلقا
أصعّدُ الأمل المحروقَ في رئتي
وقد تنفّس قلبي في الضحى عبقا
ما قيمتي... قيمةُ العمر الذي مُهرت
به الدموعُ إذا لم أقهرِ القلقا...!
******************
سمفونِّية المطرِ العاشقْ

غناءُ عينيك يُبكيني بلا سببٍ
مثل الربيعِ الذي يُبكيكِ بالمطرِ
غناء عينيكِ يروي قصَّتي بأسى
وفوق خديَّ يحثو دمعة العمرِ
يا من يؤرَّخ أيامي بنورسةٍ
من زرقة البحرِ.. لا بالشمسِ والقمرِ
حُبي وحزني بطعم البُنِّ قد مزجا
سبحان مخرجُ حورٍ عينَ من شجرِ
يا جسمك الأخضرُ الرطبُ الموزَّعُ في
جسمي.... كما ترقدُ الأضواءُ في نهرِ
توَّسَدي ذكرياتي إنها حطمٌ
على شواطئك الحمراءِ وانكسري
مدينة السِحرِ والانغام غافية ً
أيقظت قلبي على حلم ٍ بلا سَحَر
لا ترجميني بأحزانِ العيون
فتصليني كما يرجم الشيطان بالحجرِ
روحي فراشةُ عُبَّاد تصوِّبـها
أنثى فتسقطُ في ليلٍ وفي حُفرٍ
زرعتِ صوتكِ في قلبي فأينع بي
حبٌّ كلوز شتاءٍ ناعمِ الزهرِ
****************
لوحةٌ مائِّية للحصانِ الأسودْ


غريبة ٌ ولعينيها صهيلُ دمي
وضوءُ شمس ِ الدجى في قبو أيامي
دنوتُ بالحزن ِ سرِّي من قداستها
وما رشفتُ بقلبي قلبها الظامي
كانت صهيلَ الأماني وأنتحابتَها
وكنتُ أحسو بعيني دمعها الهامي
كانت حضوريَ في أطيافِ أغنيةٍ
وغيبتي ......كانَ منها بوحُ أنغامي
أرخَتْ ظلالَ الأسى فوقي وداعتها
وكسرّتْ في الهوى قلبي وأقلامي
وأستنطقتْ روحها صمتَ السنينِ شذىً
وزيّنتْ مقلتاها ليلَ أعوامي
كانت كتابِيَّة ً أحببتها وجفَتْ
فلم أمرِّغْ على أعتابها هامي
الشوقُ لوَّعَني فيها وروَّعني
وأنفتَّ قلبي عليها كابنِ حزّامِ
لثمتُ ماءَ صباها فأنتشيتُ وما
لي غيرُ نارِ هواها ثغرُ لثّام ِ
وتسحبُ الروحَ من رمليَّةٍ فسَدتْ
تقولُ نامي على مائيِّتي نامي
كانتْ حصاناً عنيداً جامحاً أبداً
يعدو على أفقٍ من صدريَ الدامي
له جناحا حريرٍ أسودانِ على
قلبي خفقنَ .... فيا وحيي وإلهامي
يغرقنني بإخضرارِ القطْرِ حين أفِقْ
من يقظةِ السحَرِ الغافي بأوهامي
وفي مساءاتيَ النشوى يجئنَ لكي ْ
يحملنَ للشاطئِ المجهول ِ أحلامي
أوّاهِ أيقونتي الأسنى التي حفظتْ
قدسَ الشقاءِ وكانتْ طهرَ آلامي
غريبة ٌ ولعينيها عويلُ دمي
والذكرياتُ التي في قبوِ أيامي
لكَمْ إلهي إنحنى قلبي وبلَّلني
ما كان يرشحُ بي من جمرها الدامي
حتى أبنُ حزمٍ رمى روحي وضلّلني
من حولها كفراش ٍ حائرٍ ظامي
أوّاهِ من حقنتْ روحي ملا ئكة ً
وبالشياطين ِ من رأسي لأقدامي
جميلة ٌ ولعينيها بكاءُ دمي
على ضياع ِ خيالاتي وأحلامي .

*************************

موت أبي حيَّانْ


مات أبو حيان في غربتهِ!
مات وحيدا وشهيداً... آه لم يترك وصيَّةً ولا خبرْ
أراد أن يعيش أن يموتَ في سلامْ
أراد أن يعمل كيْ يكسبَ قوتاً خالصاً
من منَّةِ القويِّ من يكسبُ قوتاً خالصاً
من منَّةِ القويِّ في أزمنةِ الإقطاعِ والظلامِ؟
أرادَ أن يقاومَ الحياة والدبابة العمياءَ والصماءَ
بالشعر وبالحبِّ وبالزَهرْ
هُشمّ رأسُهُ بصخرةٍ كبيرةٍ ولكنْ
قهرَ الموت العنيف ثمَّ بابتسامْ
يرحمه الله لقد كان وديعا طيِّباً
يحلمُ بالخلدِ وبالوردِ وبالشهدِ وبالنجومِ في مزبلةِ البشرْ
ويمسح الدموع في العيون . والعذاب في القلوب
بيده هل كان قدِّيساً . وكان الشوقُ في معطفهِ يذوب؟
ومرة رأيتهُ في ساعةِ الغروبْ
يحنو على ضعيفْ
يُطعمُ للفقيرِ قلبهُ فمن ذا قلبهُ
حبةُ تفاحٍ ومن ذا قلبهُ رغيفْ ؟
يرحمهُ الله لقد أرادَ لكن... غالهُ الحجرْ
فتى يساوي نصفَ هذا الكوكبِ الموبوءِ بالشقاءْ
بمن عليه عاشَ لا يملكُ ما يقتاتْ
يرحمه الله أبيِّا عاشَ لا يزاحمُ الذئبَ على الفتاتْ
يرحمه الله أبيِّا ماتْ
الموت والحياة ذئبان من الرماد والثلوج والدماءْ
هما الذانِ افترساهُ ساعةَ المساءْ
مات أبو حيَّانَ في غربتهِ
طفتْ على مقلتهِ / صورةُ محبوبتهِ / وانعكسَ القمرْ
وماتَ فيهِ الشاعرُ الملتاعْ
وبيعَ في شوارع العالمِ... في أسواقه السوداءْ
عيناه كالأيقونتين تذبحان الليل بالضياء
قد فهمَ اليومَ بأنَّ العصرَ ليسَ عصرهُ
فالوقتُ وقتُ الجاز والروكِ
وطبعِ الوشم فوق جسد الصبية الحسناءْ
رأيته بحراً بلا شراعْ / رأيته صيفاً بلا سحرْ
تفيضُ من عيونه.. رائحة العذاب والمطرْ
ونشوةٌ سحريةٌ.. كأنها الغرامُ في الصغرْ
رأيته يبكي على بوَّابةِ الموتى
وكان النجمُ في السماءِ واضحاً وضوحَ الدمِ..
والأشجارُ كالأفكارِ.. كانت كلُّها سوداءْ!

*****************
لأني أحبُّكْ

لأني أحبُّكْ تفيضُ عيوني
صباحاً مساءً
بدمع.. بشعرٍ.. بوهجٍ حزينِ

لأني أحبُّكْ
أحبُّ إخضرار الحياة تمطَّى بغير إنتهاءِ
أحبُّ النجومَ التي بعثرتها الليالي ورائي

يميناً سآتيكِ يوماً
وقلبي على كفَّكِ الباردة
سأنفخ فيه فيصبح طيراً
من الضوءِ أو نجمةً شاردة
سآتيكِ يوما... وعندَ اللقاءِ
بكفيك سُدِّي تجاويفَ جرحي القديمِ الجديدْ
بعينيك مُرّي على شفتي بوهج الخلودْ
سأعشقُ فيكِ العذاباتِ حتى النهاية
وحزني الذي ضمَّختهُ الورودْ
بقطرٍ. بسحرٍ. بشوقٍ... بآية
ترانيمها في صميمي تعيدْ
سأصنعُ منك إذا عشتُ أحلى وطنْ
وأجملَ منفى
سأصنعُ منك شتاءً وصيفاً
سأجعلُ عينيك ماءً بآنيةٍ من سرابِ
وأجعلُ كفيَّكِ سوطَ عذابِ
لمثلي....
إذا عشتُ لا شيءَ أصنعُ منكِ بتاتاً
وأصنع منكِ زمانَ المكانِ....مكانَ الزمنْ...
وعيناكِ أنت أناديهما في الدجى من جروحي
كنرجستين لآدمَ... ريحانتين
إذا الشوقُ لوَّعني أن أطلِّي
سأصنعُ منكِ إذا عشتُ شمسَ نهاري وأقمارَ ليلي
وأصنعُ منكِ حياتي وموتي وخيط الكفنْ
وأصنعُ منكِ فلسطينَ روحي
التي لا تزالُ تعذِّبني مقلتاها
فأهتف "شكراً على كلِّ هذا
العذابِ الجميلِ العذابِ الحسنْ"

****************

أشعارٌ داميةٌ على جدرانِ الزمانِ والمكانْ

في الطريق لطروادةٍ
يموت حصانُ أودوسيوسَ.... صاحبهُ يتزوَّجُ واحدةً
من نساءِ البحارِ.. وينسى الوطنْ

٭٭٭
في الطريقِ إلى الجلجلةْ
تزيلُ اللثامَ.. وتغسلنا بالشذى سنبلةْ
- مروراً على جنةِ النارِ والشوكِ -
تخرج عنقاؤنا من رمادِ الخلودِ
ويأوي المكانُ إلى نصفهِ الآخرِ الأنثويّْ
ويضيءُ الزمنْ..

٭٭٭
كلَّما أنشبَ الموتُ في زنبق القلبِ مخلبَهُ المخمليَّ..
ارتميت على قدمٍ للسماءِ حريريةٍ..
- كان ضوءٌ من البحر يرشحُ
يا لصراخِ السماواتِ فيّْ-
الزمانُ يضيءْ
- وسيزيفُ يحمل قلبي إلى قمةِ الحزنِ فيّْ - ...
والمكانُ يجيءْ...!

٭٭٭
كلمَّا حاصرَ الليل عصفورةً من دمائي
تسلَّلتُ من جسدٍ كوكبيّْ..
.. من يعيدُ السماءَ إليّْ
إن وجهَ السماءِ تغيَّر.. تلك التي
كنتُ أقضمُ أوراقها كالفراشةِ..
واللحظاتِ التي هدهدتني يداها الحريريتانْ
تغيّرت الآن......
لا بدَّ من زمن آخرَ لا يضيءْ
ومن وطنٍ لا يجيءْ..

٭٭٭
وحدهُ القمرُ المتناثرُ في الذاكرة
وحدهُ الشجرُ المتكاثرُ في الخاصرة
بعد كورٍ ودورٍ يظلاَّنِ ... لاأنتَ باقٍ هنا / أو أنا
بعد كورٍ ودورٍ يظلُّ السنا..

٭٭٭
أتركوا القمرَ الأنثويْ
يتدلَّى كبرعم لوزٍ عليّْ
ولا تتركوني...
فإنَّ شموس الحضارات تصدأ في ذكرياتٍ صباحيّةٍ
وبمجرى دمائي وفي مقلتيّْ..

٭٭٭
عبثٌ كل هذا الجنون ـ فلن يستجيب القدر ـ
عبثٌ أن تلفَّ حبال رصاصيةٌ
على عنق نورسةٍ في الضحى
عبثٌ أن تقصَّ لها الأجنحةْ
عبثٌ ان يُلطّخَ بالوحلِ هذا البياضُ الخجولُ - وشاح القمر-
عبثٌ أن يموت كموتةِ (لوركا) الشجر
عبثٌ أن يضيءَ الزمان إذا الدمُ فيهِ احتقنْ
عبثٌ أن يجيء المكانُ إلى عرسنا الدمويِّ
- إنتحارِ الوطن -

٭٭٭
إلجأوا للأنوثة كي تحسم الامر ما بيننا
إلجأوا للنساءْ
إلجأوا للعصافير في البحر كي تحسمَ الأمرَ
ما بيننا الجأوا للعصافيرِ........
ما زال في الحبِّ متسّعٌ كي أموتَ على جنباتِ السماءْ
ولفجر يهوذا إلجأوا . لدموع يسوع الحزينْ
هو الحزنُ حبٌّ دفينْ
غرقتْ نارهُ في الرواياتِ
واشتعلت في قلوب المحبِّين والانبياء
الجأوا لروايات كافكا... لأشعار بوشكين
للغيم.. للبحر.. للارض..
أو لحنان يوحنا وسيف هيرودوسَ...
إنَّ الزمانَ يضيءْ
والمكانَ يجيءْ
ولا بدَّ من زمنٍ آخرَ لا يضيءْ
ومن وطنٍ لا يجيءْ..!!!


****************
أوراقٌ مجهولةٌ لمحمَّد الدرَّة

(1)

سلامٌ وبردٌ وورد وبعدْ
أنا اسمي محمَّدْ
وعمريَ عشرُ سنين
من الآن في كرم زيتونَ أولدْ
وتحت شجيرةِ تين ْ

من اللحظة الهانيهْ
ترفرفُ روحيَ شوقاً إلى التربة الغاليهْ
من الآن أعشق ربِّي أصلِّي
على ضوء بدرٍ حزينٍ حزينْ
من الآن اهتف شكرا لحاكورة الياسمين
عددتُ النجوم التي في السماء
وكيف بعينيَّ تزدادُ شيئا فشيئاً
وأنتِ تمدِّينها بالضياءْ
تمدِّينها بضياء الدماءْ
وأنتِ الجمال الوحيد وأنتِ الحياةْ وأنتِ المماتْ
لعينيكِ أبكي ويحلو البكاءْ
لعينيك أذوي كغصن الحنين
لعينيك أغفو كذكرى وراء الدجى غافية
يميناً سأرجع يوماً ولو كان من بعد حينْ
يمينا سأحلم بالفلِّ والقمح والأغنيات
يمينا سأحضن أمي . وألثم دمعا ترقرق في مقل الطيبينْ
كتبتُ وصايايَ بالدم، بالدمع هذا الصباح
كتبتُ وصاياي فوق غصون القرنفل فوق غصون الأقاح
- أحبُّك... سوف تعيشين فينا برغم المماتْ
تصيرين حقل نجوم جميله
تصيرين رغم الخراب خميله
فان متُّ في غابةٍ داجيهْ
فخليّ ضفائرك المقمرة
ترفرف حولي كرحمة ربي
وخلِّي عيونك تغسل قلبي
تعمدني بمياه الخلود
اذا متُّ كالغابة المثمرة
وكانت غيومُ حنانكِ فوق دمي هاميهْ

(2)
سأصرخ في ليلة من سناء الدماء
لأجلكِ أعشقُ حزني وأهجرُ شمسَ الفرح
إلى ليلكِ الليلكيِّ على فرس من قزحْ
تطيرُ العصافيرُ باسمي وتعدو الفراشاتُ
يرقد وحيُ عيونك حولي
ويملأ بالأنجمِ القرمزيةِ غابات ليلي
ويطردُ عني إذا سرت في الليلِ روحَ الظلامْ
ويحرسني إن غفوت قليلاً على تربةِ الأنبياءْ
ويقتلني بسيوف الغرام
من اللحظة الهانيهْ
سأولد يا فرحتي من جديدْ
وأعرف سرَّ البحارِ.. وسرَّ المطرْ
وسرَّ الحقول وسرَّ الشجرْ
سلام لكل ملاكٍ شهيدْ
وقد رجعت روحهُ راضيهْ
سلامٌ يعيدُ رفاتَ اللحودْ
رفيفاً على جنةٍ زاهيهْ

(3)
تزوَّجتُ بالدمِ هذا الترابْ
تزوَّجتُ بالحبِّ هذا العذابْ
تزوَّجتُ وجهَ بلادي الحزينْ
وقد نُفيت مهجتي في الغيابْ
ولما وُلدت لأوَّل مرهْ
كان قلبيَ جمرهْ
في بحارِ الرمادْ
لأصرخُ من ظلماتِ السنينْ
لماذا قتلتم صباحَ البنفسج والياسمينْ
لماذا حملتم مساءاتِ عمري
إليَّ كطيرٍ حزينٍ حزينْ؟
لماذا؟؟؟ لماذا؟؟

(4)
أريدُ قليلاً من الذكرياتْ
لأحيا وألثمَ وجهَ الحبيبْ
أريد قليلاً من الذكرياتْ
لأنزلَ عن خشباتِ الصليبْ
أريد قليلا من الذكرياتْ
لعلّي بعينيكِ يوما أضيء ظلام المماتْ
لعلي بعينيكِ يوما أضيءُ الذي لا يجيءْ
لعلِّي بعينيكِ يوما أضيءْ
لعلِّي بعينيك يوماً
لعلِّي لعلِّي...!

*****************
نقوشٌ على جناح نورسةٍ زرقاءْ


على جناح تلكما النورسةِ الزرقاءْ
ظللتُ أعواماً كمن ينقشُ بالقطيفة الخضراءْ

كانت برازيلية ً حسناءْ
تشربها القلوبُ مثل النغم الحزين كان حسنها
فوق حدود العشق والشعر وكانَ
بيننا الفُ سنين ضوءَْ
كان جمالها الحزين يوجعُ القلوب مثل الداءْ
وعندما أحببتها ظللت مسكونا بكل شيءْ
بالعشبِ الأخضر بالطير وبالبحرِ
وبالليل وبالنجوم والغناءْ
ظللت أياماً أرى نفسي نبياً كإرمياءِ
وبينها وأخرى يتعب القلبُ ويرميهِ أبو لهبْ
بسهمه المجنونِ فأكتبي على صدري
- اذا قضيتُ- بالدم ِ
- المجد لله وللجمال لا للقبح والعربْ-
ليس همُ اليهودُ من قد قتلوا
في البدءِ أنبياءهم.. بل العربْ
وليس نيرون الذي أحرقَ في
جنونه روما.. بل العربْ
أوَّل مرة أحسُّ يا حبيبتي
أوَّل مرة بأني.. أكرهُ العربْ
٭٭٭
أوَّاه من حضارة الشعرِ التي تسقط في يديكْ
وأنت ربما من الغرور لا تدرينْ
لكم يصيح شوقنا إليكْ
من أبد الذكرى أتسمعينْ؟
حورية ً من زبدِ البحر ومن أصدافه أراك تنسلينْ
إدعي ليَ الله بان يغفر لي لأنني
عبدتُ في براءتي عينيكْ
إدعي ليَ الله وابن مريم الوضيءْ
يغسل بالدموع جسمي ودمي الحزينْ
يغسلهُ بالنورِ كي يراكِ
إني ظالمٌ نفسي وإني المخطىء المسيءْ
٭٭٭
هل أنتِ في حيفا تقمَّصتِ ، وهل تقمصَّتْ
فيكِ التي أحبُّها حينا ولا أحبُّها حيناً
كنجمة الصباحِ في دمي تذوبْ
حيفا التي تطير من ذاكرتي تغيبْ
في الشفق الناريِّ طيراً أزرق الريش
وفي دوامة اللهيبْ
آوَّاه كم وادعةٌ حيفا وكم مسكونةٌ
بالروحِ.. أو مخضوبةُ العينين بالصفاءْ
آوَّاهُ كم بعيدةٌ حيفا عن الموتِ وعن حرائق المغيبْ
ومن"دي جانيرو" الى حيفا كألف عامْ
تقسَّمَ القلبُ على سمائها
نوارسَ حزينةَ المساءْ
هل من دي جانيرو إلى حيفا ومن حيفا
إلى قلبي.. أيا أفعى الأمازون
لكم مترعةٌ عيونك الخضراءُ بالغرامْ..
٭٭٭
لكم توَّسلتُ إليهنَّ وكم دعوتُ
والدعاء رمح يهتكُ الفضاءْ
ليتك ترجعينْ..
وأنت تبعدينْ..
أوَّاهُ عشرون قصيدة من السماءْ
قد سقطتْ في الشاطىءِ الغربيِّ من عينيكِ
عشرون قصيدة من السماءْ
وأنت في قلبي ذكرى تبعث البكاءْ
وتبعثُ الحنين ذكرى من شذى وطيبْ
لثمتها بكل ما في الارض من شوق شممتها
بأدمعي أزهار نارنجٍ.. هو الحبيبْ
سيطرق الابوابَ من عمري وتنعسين
مثل نبيٍّ وتنامين على تربة روحي ثم تذهبين
في يقظة . الاحلام يا حوريتي أراك تذهبين
٭٭٭
أريد أن أسفحَ قلبي اليوم فوق قلبك الحزينْ
أريد أن أكتبها قصيدةً واحدةً فيكِ
وأثوي بعدها لريثما يملَّني الثواءْ
أريد أن أبوح بالضوء الذي يسكنني سنينْ
وبين جانيرو وقلبي يولدُ الضياءْ
ويولدُ التاريخُ من بدءٍ..
فكُلُّ حجرٍ في الكون مولودٌ.. وكل قطرةٍ من ماءْ
أريد أن أصدقَ مرةً وأن أخلع عن قلبي لكِ القناعْ
أريد أن يعذب الفؤاد من عينيكِ بالنارَينْ
أريد أن أموتَ يا عيني على يديكِ مرتينْ
آوَّاه ألف طائر ملتاع
رأيت مذبوحا بعينيك الحزينتينْ
آوَّاه مخزونٌ بعينيك الحزينتينْ
تراثَ كلِّ شعراءِ الأرض . مدفونٌ عذاب الفلِّ
يا كنـزاً صغيراً خالداً يفضلُ بحر التبرِ واللجينْ
آواه لو جئتكِ قرباناً من السماءْ
حديقةٌ جسمي للجراحِ... قلبي ثمرٌ أحمرُ او نهرْ
آوَّاه لو جئتك طيراً أبيضَ من عالم الصحراءْ
مبللاً يريد أن يضيع في عينيكِ حتى آخر الضياع
لا بأس عندي اليوم في أن تصبحي حفيدة
لامرأة العزيز والنساءْ
فلم تزل بقيةٌ في القلبِ
للشعر.. وللحب, وللحزن.. وللنساء
أحببتُ فيك البحرَ والصحراءَ والقمرْ
أحببتُ فيك الشعرَ والنوَّارَ والصباحْ
ولوعةً لشاعرٍ مكلَّلٍ الفؤادِ بالجراحْ
يا أيَّها الكائنُ لا أعرفُ
من أنتَ.. أطيرٌ من سماء الله ؟ .. أم بشرْ؟
تركتني كناسكٍ معذَّبٍ
أسأل فيكَ اللهَ من تكونْ
أسألُ فيكَ الروحَ من تكونْ
أسأل فيك القلب من تكونْ
أسأل يومي فيكَ كلَّهُ
وفي كهفِ الدجى أُقلبُّ الفكرْ
من أي أرضٍ جئتني؟ من أيَّما بَحَرْ؟

*********************
لمن تراني أكتب الأشعار ؟

خواطري كئيبةٌ كئيبةْ
كأنها لوعةُ بحر ضاعَ في الظلامْ
كأنها عيناكِ شعَّ فيهما الغرامْ
خواطري كروحِ شاعِرٍ وحيدٍ في الدجى حزينْ
يقلّبُّ السنينَ علَّهُ يرى حبيبه
مكللاً بنرجسِ الأنوثةِ المصبوغ بالحنينْ
بألفِ ألف رغبةٍ غريبة
أَوَّاهُ كم يحزنُ من يقلّبُ السنين
أواه كم يذوبُ من وجدٍ بهِ دفينْ
يصيرُ خيطَ أنجمٍ من شدةِ الشوقِ
هديلاً يأسُر الحمام
خواطري كئيبةٌ لأنني أعرف أن شاعري
الجميلَ سوف يهجرُ الأوطانَ للشيطانْ
ويهجرُ الشموس والفرحْ
ممتطياً قوسَ قزحْ
نحو جزيرةٍ يغنِّيها الأسى.. ودمعها جدرانْ
تحبسُ قلبي في محارةٍ من الأحزانْ
لأنني أعرف أن الشرَّ سوف ينتصرْ
وشاعري سينكسرْ
وأنهُ سيقتلُ
على يد الرعاعْ
أعرف جيداً بأن الفارس الأبيضَ سوف ينـزلُ
عن الجوادِ الحلمْ
مضرجاً بالدمْ
جسدهُ زنبقةٌ حمراءْ حول النهرْ
وروحُهُ شراعْ
خواطري كئيبةٌ تقولُ ألف شكرْ
على الخياناتِ التي مارستها
ضدّي وألف طعنةٍ في الظهرْ
شكراً على الحزنِ الذي رجمتِ خافقي بهِ
شكراً على حجارةِ الضياءْ
أغويتني حواءُ بالعيون
بالشَعَر المصبوغِ بالأحمرْ
بزهرةٍ فيهِ حريريهْ
الحبُّ يا حوريتي أكبرْ
هذي أحاسيسٌ إلهيَّه
أغويتني.. أغويتني حواءْ
بكلِّ ما في المرأةِ الحسناءِ من فتونْ
بكلِّ ما في حسنكِ الهادئِ من جنونْ
سكبتِ لي سلافة الأشواقِ في الإِناءْ
أخرجتني من جنة اللهِ ومن بحبوحة السماءْ
لمن تراني أكتب الأَشعار
من بعدكِ ؟ ولأجل عينيكِ أنا
والحزنُ ملءَ خافقي أضحكُ للنهار
لمن تراني أكتب الأشعار ؟
توسدي زندي فقد نسيت ذنبكِ الأبيد ...آهِ أيَّ ذنبْ
مسحتهُ بدمعةٍ مسحتهُ بقلبْ
يعُبُّ ما في الأرضِ من طهرٍ ومن جراحْ
كزهرةٍ خمريةٍ يربُّها الندى
قد شقَّقتها الريحُ في طراوةِ الصباح
وضعتُ من قلبي في تلّهفي إليكِ كُلُّ يومْ
وضعتهُ في النظرةِ الساجية الحزينةَ الضياءْ
وضعتُ من قلبي في أحلاميَ السكرى
التي تحملني إليكِ في اليقظةِ أو في النوم
وضعتُ من قلبيَ في الولاعةِ الحمراءْ .


******************
فوحُ الوردِ الحار

[ بكت عينها والقلبُ يحسو دموعها
يفوح فراشاتٍ ومسكا ً وعنبرا
فقلت ُ لها لا تبكِ عينُكِ إنمّا
نحاولُ حُبّاً او نموت فنُعذرا ]

أنا محتاجٌ لعينيك ِ وتشرين الحزين ْ
أنا محتاجٌ لفوح الورد ِ في جسمك ِ
في هذا المساءْ
فلماذا تذهبينْ ؟
أنا عفَّرتُ لعينيك ِ التراب ْ
بدمي الطاهر كالنجمة ِ
عفّرتُ لعينيك ِ القمر ْ
وتوّسدتُ على تربة اشواقي لأحيا
إنَّ من مات َ لعينيك ِ إنتصر ْ
أنا محتاج ٌ إلى صوتكِ يأتيني
ولو كان سراب ْ
أنا محتاج ٌ له هذا المساء ْ
كل ُّ ما أملكه ُ محض ُ عذاب ْ
فلماذا تذهبين ؟
ولمن هذي المكاتيب التي تحملُ روحي كغمامه
في متاهات الحنينْ
والتي تجعل من روحي سماواتَ نداءْ
وهديلا ً لحمامه
..........................
إنّ هذا الليل َ في قلبي َ تسبيحةُ ميلادٍ
وموتٍ وقصيدهْ
أشعلت أنفاسي َ الثكلى ترانيم َ صلاة ٍ
وضراعات شهيد ٍ لشهيدهْ
.......................
أنا لا أنتِ ... وهذا الصلب ُ حبّاً فوق َ أزهار الحديقهْ
وسياطُ الشمس فوق الجسدِ
المملوءِ بالنيلوفر ِالمائيّ ِلا خمر ُ الحقيقهْ
أيُّ شيءّ ٍ في مخاض ِ الضوء ِقد أصبحَ منيّ؟
أي ُّشيءّ ٍ في مخاض الظلمة ِ
الزرقاء ِ قد أصبح َ مني ّ؟
حفنة ً من نور هذا الليل ِ
تغفو فوق شباك ِ الطفولة ْ
وتناديني بأسمائي فأمشي
في إنعتاق ٍ أبدي ّ ٍ فوق أحزاني الطويلة ْ
....................
أنا عفّرت لعينيك ِالتراب ْ
بدمي الطاهر ِ كالنجمة ِ
عفّرتُ لعينيك ِ القمر ْ
وتوّسدت ُ على تربة أشواقي لأحيا......
إن من مات لعينيك ِ إنتصرْ

*****************

كتابةٌ بدمعِ غيمةٍ سوداءْ


وجهكِ سمفونيّة الوداعْ
وقلبكِ الملتاعُ روضةٌ لطيرِ الحبِّ
أو مقبرةٌ مثلوجةُ الدموعْ
وصوتكِ المسكونُ بالعنقاءِ
تحتَ المطرِ الأخضرِ والمورقِ بالحنانْ
يسيلُ في مدينةٍ ميتَّةِ الأضواءْ
يلمسُ وجهي فيذوبُ في دمي شعاعْ

عشتُ زماناً أصفرَ أحلمُ والنيرانْ
تـهطلُ في دمي بلا إنتهاءْ
أكتبُ بالدمعِ الذي يهطلُ من غيمتكِ السوداءْ
أسيرُ في الشوارعِ المجففَّهْ... الشوارعِ المحنطَّهْ
الشوارعِ الميتةِ الزهورْ
أسيرُ في حلمي ولا أسيرُ مثلَ ظلِّ نرجسٍ
وأثوي في حرائقَ من البكاءْ

يصرخُ للسماء قلبي . في جحيمِ الأرضِ والشتاءْ
متوَّجاً بغربةِ الأشياءْ

حديقةُ أنتِ وبوَّابةُ ليلٍ تشبهُ الضلوعْ
تسمرَّتْ ثلاثُ حيّاتٍ عليها تشربُ الدموعْ

رميتِ للرياحِ زهرَ الروحِ ...للتنيّنْ
حملتِ نعشَ الشمسِ في أصابعِ السنينْ

أألتفتْ إليكِ والصقيعُ في
أصابعي بركانْ؟
وزهرةُ النارِ على شاهدتي تورقُ .. والضريحْ
في موضعٍ خلفَ غيومِ مقلتينا حملتهُ الريحْ
أألتفتْ إليكِ أو أحاولُ الولوجَ في بوّابةِ الملحِ
وفي بوّابةِ الشيطانْ ؟
عدا على الأمسِ الذي كانَ هولاكو بعثرَ الأيامَ
كالأزهارِ في النهرِ أتتْ نيرانَهُ على جمالنا
البريءِ تنفثُ الدخانْ
لا تفتحي الدفاترَ الحمراءَ وانسيها لأنهُ
يرقدُ في دفاترِ الحبِّ التي كتبتُها ثعبانْ

كانَ الجمالُ في الصبا سلاحنا الوحيدْ
كانَ لهيباً أزرقَ يطردُ عنَّا ثعلبَ الخوفِ
الذي يقضمُ فينا الآنْ
كانَ حساماً من حنانٍ في يدينا ....كانْ
أمومةً تحرسنا من كُلِّ شرٍّ أينَما نسيرْ

تشوَّه الجمالُ فينا إنحطمتْ كلُّ أباريقِ
الحياةِ فوقَ رأسينا وما نزالُ سائرينْ
تغيرَّ الهلالُ والنهرُ وما نزالُ سائرينْ
وربمَّا للشفقِ البعيدْ
نسيرُ في أواخرِ الرؤيا
لكي يبعثَ فينا الصبرَ والعزاءَ من جديدْ

*********

وقفة قصيرة أمام حزن جميلْ

لمْ جئتَ يا أيهّا الحزنُ الجميلُ وما
تريدُ مني؟ ومن قلبي وأجفاني؟
عيناكَ محزونة ٌ مثلي وشاربة ٌ
من بحرِ قلبي وآلامي وأحزاني
ذهبتُ........ يسألُ قلبي بؤبؤيكَ كما
عن إخضرارِ الليالي شفَّ إيماني
إني سأهواكَ قلباً نازفاً أبداً
وريشة ً رُميتْ ظلماً بنيران ِ
وسوفَ أصنعُ من هذا الكيانِ سنا
وحيٍ وأحرقُ فيهِ ألفَ شيطان ِ
ثلجٌ جمالُكَ غطَّى كلَّ نافذةٍ
صيفيةٍ وعواءُ الذئبِ أشجاني
عصرتُ عنقودَ نيسانٍ بأوردتي
فكلُّ حزنٍ جميلٍ طعمُ نيسان ِ
سهرتُ.....والقمرُ الورديُّ محترقٌ
بجبهتي ....ليتَ من أنساكَ أنساني
وليتني مثلَ معنى الضوءِ منكسِرٌ
على قوامكَ أرفو لفظَ ألحاني..!

**********************
مزمور الحُبْ الضائعْ

داءٌ هو العشقُ لا ينفكُّ يسكُنُني
ضوّى دمائي نجوماً في الدجى الكابي
منايَ لو كنتُ أصحو والصبا سِنة ٌ
يوماً وأمشي بلا عشقٍ وأوصابِ
رأيتكِ الأمسَ يا حورّية ً ملكتْ
عليَّ قلبي ...وأحلامي ... وأعصابي
في الحلمِ أجلو على ضوءٍ محاسنها
وأستبينُ خفايا حسنها السابي
.................................
نشدتكِ اللهَ ألاَّ تلثمينَ يدي
إلاَّ بدمعٍ سخينٍ أو بأهدابِ
هذا الجمالُ غريبُ السحرِ يوقظني
من نومِ روحي وقلبي في دجى الغابِ
هل كانَ خلفَ سماءِ اللهِ محتجباً ....؟
أم كانَ خلفَ شبابيكٍ وأبوابِ؟
هل جاءَ طيراً جميلاً من حمى سبأٍ؟
أو نجمة ً لسماءِ الحزن ِ ترقى بي؟
تذوبُ في شفقٍ للصبحِ تخضبهُ
وتستحيلُ سلافاً ملءَ أكوابي
ما كنتُ أدري بأنَّ النهرَ يعشقني
والطيرَ تغفو مساءً تحتَ أثوابي
الغابُ خلدٌ جميلٌ أنتَ داخلهُ
ـ بالروحِ ـ..... يضحكُ أنهاراً لأعشابِ
فيهِ الربيعُ لأشواقٍ يُمسِّدها
ثلجُ السنين ِ على قلبي وأعتابي
إنّي سأفني الصبا لثماً بأفئدتي
حتى تذوبَ شموعاً ... للهوى الخابي
منايَ أصحو ولو في الحلمِ مختلساً
سكونَهُ قبلَ أبواقٍ وتصخابِ

********

كالبجعِ المتعبِ ..كالنداءْ

أصابعُ الكواكبِ البعيدةِ البيضاءْ
تمسّني ..تحيلني نورسة ً باكية ً
على ضفافِ الروحِ أو .... حديقة ً من نارْ
تمشي على ظهريَ أمواجاً من البروقِ
والحريرِ والأعشابْ
وتُشعلُ الجبينَ بالحنينْ
إلى الحنينِ ذاتهِ وتشعلُ الأزهارْ
******
الشعرُ إنصافٌ لنا منكِ ومجدُ الفقراءْ
وأنتِ من ينقطُّ السماءَ
في عينيكِ من ينقطُّ السماءْ؟
بدكنةِ الضوءِ وبالقطيفةِ الخضراءْ
لهثتِ فوقَ الصدرِ في أحلاميَ الزرقاءْ
كالبجعِ المتعبِ ..كالنداءْ
خفقتِ فوقَ الوجهِ بدراً خائفاً يجرحهُ الضياءْ
يخفقُ فوقَ العُشبِ الذاوي بأطرافِ المجرّاتِ
فراشاً للأغاني ضائعاً . يغيبُ في بوّابةِ القطبِ الشمالية
يذوبُ في أرضٍ ضبابية
******
لفَّ على أجنحتي البيضاءِ أخطبوطُ حزنكِ ألذبيحْ
يلقفُ ما في القلبِ من دموعْ
تكوّرتْ فيهِ شتائية
يرقصُ مجنوناً على تابوتيَ المجروحْ
آهِ أنقذيني الآنْ
يا غابةً من الجمالِ والدموعِ والمرايا ....أنقذيني الآنْ
يا غابةً من وجعِ المرجانِ في عروقها
تصرخُ حتى آخرِ الزمانْ
*******
فيما مضى كنتُ شعاعاً أعشقُ الأنهارْ
وصافياً مثلَ سماءِ الصيفِ لمْ يدمِّرْ الإعصارْ
حديقتي .....كنتُ كنهرٍ هادىءٍ يعشقهُ الخريفْ
تسبحُ في مياههِ وجوهُ كلِّ الناسِ كالنجومْ
وفي حصاهُ تهدرُ الهمسة ُ كالحفيفْ
ثمَّ إستحالَ ألنهرُ في أقلَّ من ثانيةٍ مستنقعاً من يأسْ
تعلَّقتْ شوائبُ ألحياةِ فيهِ .......عشَّشَّ ألتنيّنْ
وزفرَ ألجحيمُ منهُ فأتركيني مثلَ أشجارِ ألسماءِ
شامخاً وعالياً ....فسندبادُ رغمَ كلِّ الموتِ لن يموتْ
إلاَّ على صخورِ كبريائهِ في بحرهِ الأخضرِ
لن تخدعهُ دليلةٌ أخرى
إذا أصغى الى ندائهِ ودمهِ الصموتْ
******
تحجرَّتْ دماءُ من كنتُ أحبهمْ
وأصبحتْ ورداً جليدِّياً
ولوناً باهتاً لليلِ أعضائي وللنهارْ
يسكنُ في جدارِ شمسٍ طعمها رمادْ
******
صرخة ُ روحي شفقٌ ملتاعْ
يزحفُ فوقَ الجبلِ الأزرقِ بإنكسارْ
دمعٌ هوائيٌّ بعينيَّ
إمسحيهِ الآنَ لو بلفتةِ الوداعْ
******
في قبضةِ النارنجِ مشبوحاً على السياجْ
وجهي.... وعيناكِ ترفّانِ على نومي كحلمينِ فقيرينِ
كطيرينِ من الإنجيلِ يسبحانِ في نبوءتي ........
كم سنةً أحتاجُ كي أعرِّفَ ألرؤيا التي تملأني
بكلِّ ما في الغيمِ من دمعٍ , وكيْ أعرِّفَ الجمالَ
هذا اللا نهائيُّ يشقُّ الروحَ مثل نخلةٍ بيضاءْ
يشقّها البرقُ بلطفٍ كحنينِ الماءْ
تشقّها صيحةُ موسى في دجى سيناءْ
وصيحةُ المسيحِ بعد الصلبِ يومَ الجمعةِ الحزينة
تشقُّها ملءَ دمي السكينة
كم سنةً ضوئيةً للروحِ كم نبوءةً أحتاجُ
كي أمشي على الأمواجْ؟

*********
نرجسةُ الخيمياءْ

هل آن للقلبِ بأنْ يسجدَ
مشدوداً بضوء ِ وتر ٍ حيرانْ
هل آن للقلبِ بأن يسجدَ
مأخوذاً بحسن ِ الحور ِ والولدانْ
كنتِ له الدنيا بلا إنتهاءْ
تمتدُّ حتى الشاطىءِ الأخضر ِ في القمرْ
لو كان لي بعض الذي فيكِ من الضياءْ
كنتُ تحوّلتُ الى مساءْ
كنتُ تحوّلتُ الى سَحرْ
يطلعُ من نرجسةِ الخيمياءْ
ملكة الروحِ التي تضحكُ ملءَ قلبها
في غمرةِ الشعر ِ الذي أكتبهُ
وتشربُ الحياةَ كالأغنية الحسناءْ
كنتِ لنا حديقة ً /غزالة ً تعدو / هلالاً حارساً
يصرخُ من حرائق الغجرْ
عيناكِ ينبوعا عذاباتٍ / فراشاتٍ
يسيلان ِ من السماءْ
عيناكِ وردتان ِ من آس ٍ وقد ذبلنَ في إناءْ
عيناكِ ذابَ الوجدُ فيهما وراحَ يحلمُ المساءْ
قلبكِ في الهجيرة....
نورسة ٌ ميتةٌ / نرجسة ُ يعُبّها الرمادُ
تغزوها طيورُ الصمتْ
قلبكِ مركبٌ لأشواقكِ, أو قطعة ُ قصدير ٍ على أسفلتْ
عبّادُ شمس ٍ ساعة َ الظهيرة
ينطفُ دمعاً أسودَ
قلبكِ قطرةٌ من النارِ تنامُ في دماءِ الوقتْ....
من غرفتي الحزينة الجدرانْ
من ضجري المقيمِ في ذاكرةِ النسيانْ
من حُلمي المفقودِ في جزيرةِ الأحزانْ
أوّاه ِ لو أكشفَ فيكِ السرَّ , لو أسرّحُ العيونْ
في الغبشِ المجهول ِ كالزرقاءْ
وقلبكِ المملوءِ بالأسرارِ والغيوبِ مثل قمقم ٍ عجيب ْ
وما فتحتُ مرةً غطاءْ
أراكِ كلَّ لحظةٍ ورديّةِ النجيعْ
في الغجرِ المارّين في أواخر الربيعْ
تلمعُ عيناكِ وجيتاراتهم في الليلْ
والشمسُ أجراسٌ من الفضةِ والنحاسِ والدموعْ
يدُقهّا في عربات الخيلْ
غناؤك ِ الفاجعُ والمفجوعْ
بكاؤكِ الخفيُّ أو حنينُكِ المسموعْ....!

*******************
البكاءُ بين يدَّيْ أمَلْ دنقَلْ

عصفورة ً محروقة َ الجناحْ
تحلمُ في الصباحْ
أن تحملَ البحارَ في منقارها.....
أتيتني يا سيِّدي في الحلمْ
أتيتني البارحةَ.. الليلةَ.... لا أدري.. وكان النومْ
جنيّة ً سوداءْ / تبكي بعينيَّ بدمع القمحْ
حتى يجيءَ الصبحْ.....
وتزهرُ الدموعُ في عينيكْ
وعندها خجلتُ من عضّةِ زنبقٍ على كفيّكْ
وعندها بكيتْ
لأنَّ أفعى الداءِ في جسمكَ لا تزالْ
راقدةً في مائه ِ السلسالِ
والطيرَ السدوميَّ الذي
أفلتَ من صوتكَ قد حطَّ على الشبّاكْ
ينذرنا....ينذرُ قوم لوط بالهلاكْ
لأنَّ في السماءِ ألف َ عنكبوتٍ أسود َ الدماءْ
لأنَّ هيرودوسَ لا يزالُ مخموراً . وسالومي تغنّي ......
فيعومُ القصرُ في شهوتها الحمراءْ
ورأسُ يوحنّا على صينيّة الغناءْ

******

يا أيها الجميلُ والطويلُ مثل شجر المرجان ِ
والمسكونُ بالليلكِ والنيران ِكالغاباتِ.....
لا تحزنُ ..لا تحزنُ ..لا تحزنْ
فنحنُ أمة ٌ شريفة من المحيطِ للخليج ِ
لم تشبهها كُلُّ بغايا الليلِ أبداً...
ولم يزن ِ بها أبن ُ العلقمي
في غرفاتِ قصرهِ يوماً فلا تحزنْ

******

ما أفسد الزمانُ من شبابنا أصلحهُ العّطارْ
سنابكُ التتار ِفي جلودنا أزالها العطارْ
اليوم لا نُسألُ عن شيءٍ
ولا ندخلُ في الجنةِ آمنينَ بل في النارْ

******

يا سيّدي زرقاءُ في أغماتْ
رأيتها يوماً تضيءُ الفحمْ
- بلا عيون ٍ-
تشعلُ الثلوجَ في حديقةِ الأمواتْ

******

أحصنة ُ البكاءِ وحشيّة
تكسّرُ الضلوعَ والأحزانُ لا تخافْ
من شجرِ الليلِ الذي تسكنُهُ الجنُّ ........
هي الأحزانُ حبُّ نبويٌّ
قاتلٌ في آخرِ المطافْ
وصالبٌ.... حتى على الشمس ِ الخريفيّة


**************************
أحبّكِ يا سماء الصيفْ

أحبّكِ يا سماءَ الصيفِ . يا أمطارَ تشرين ِ
أحبُّ هواءَكِ العنّابَ.. يشهقُ في شراييني
أحبُّ ضياءَكِ المنسابَ . مثلَ نسيمِ أسحاري
يداعبني ...ويحرقُ في صميمي ألف َ تنين ِ
روته الشمسُ بالشكوى .... ويزرعُ سربَ أقمار ِ
بقلبي..... كلُّ ما في الأرض ِ يهتفُ أن أحبيّني
وإلاّ يا حبيبة ُ فأعذريني إنها حُرَقُ
من الماضي تلذّعني وعن عينيكِ أخفيها
وراء القلبِ.. يكفي أنَّ نظرتكِ الجميلةَ بالدموع ِتكادُ تحترقُ
وكنتُ أرّشها بشعاعِ قلبي .. كنتُ أطفيها
وأدفنُ في رمادِ الروحِ منها جمرَها الواري
أحبكِ أنتِ أختُ الروحِ
كلُّ جفائها المصنوعِ يرضيني
وأمسِ رأيتُ وجهكِ, كنتُ أرقبُ طلعةَ السحَرِ
وأحلمُ بالبراءةِ وهي من عينيكِ تنسكبُ
فتغمرُ روحيَ الظمأى الى الأمواجِ والقمرِ
وحينَ سمعتُ صوتكِ . عرّشَ النعناعُ والعنبُ
بقلبي ....كلُّ أشواقِ الزمان ِ بلمحةِ البصر ِ
تداهمني لأجلكِ... كم أحبّكِ صامتاً في الله يا من لا تحبيّني
وأهوى عنفوانكِ آهِ ...... حتى آخرِ العمُر ِ
تعالي نسمة ً صيفية ًهبّتْ على سحَرِ
تعالي نجمة ً قطبية ًسقطت على حلُم ِ
لأشربُ من شجونكِ أنتشي من شدّةِ الألمِ
لأذهبُ فيكِ حتى آخرِ الظلماتِ / حتى آخرِ الكلماتِ.... يا نصرا
على الموتِ الحزين ِ فأنني أسكنتهُ قبرا
أحبّكِ أتفه الأشياءِ زلزالٌ يحرّكني
وطوفانٌ / ونيرانٌ / من الأشواقِ تكويني
فيا أفراحيَ الثكلى
ويا ناري الحبيبة كمْ أتيتِ على شراييني ؟
تذكرْنا غموضَ الضحكةِ الأولى
تذكرْنا الظلامَ وكيفَ أمسى حقل َ زيتون ِ
وأن البدرَ كانَ على صبانا قرمزيّْ اللونْ
كثغركِ ....ناطفا ً بمياه روحي .. كان مبتهلا
لأصرخُ دونه بالقلبِ . بالعينينِ منفعلا
لأصرخُ ملءَ هذا الكونْ
بما في الكونِ من وجدٍ .. أحبيّني ...أحبيّني

****************
رومانس فرعوني

(1)
سنا عينيكِ في أبدِ الليالي
يوكدُّ ليسَ سحركِ للزوال ِ
وجمعُكِ مصرَ في إمرأةٍ أراها
يشقُّ على فؤادي أو خيالي
ونورٌ لا يُفسرُّ فيكِ يصفو
كأنكِ في الدجى نورُ الهلال ِ
صفاتُ العبقريّةِ فيكِ طرَّاً
يوَّحدها إختزالٌ للدلال ِ

*********

مياهُ النيلِ في عينيكِ تجري
كلوعةِ طائرٍ صوبَ الشمال ِ
رفيفُكِ أم حفيفُكِ لستُ أدري ؟
كأنَّ فراشة ً حضنتْ ذبالي

*********

ربيعكِ لم يزلْ غالٍ وعالٍ
وتيَّاهٌ بهِ شممُ الجبال ِ
يحنطُّ وجهَكِ العلويَّ ماءٌ
نسائيٌّ لهُ صفة ُ الكمال ِ
كأنَّ صميمهُ دمعُ العذارى
تفجرَّ من أصابعها الزلال ِ
كأنَّ شميمهُ في الأرضِ يُبقي
بهاءً وارثاً عطرَ الغزال ِ
(2)
من أعلى الأرض ِ وأنبلها
آتيكَ بهذا الحُبِّ الأبيضِ
يا شجرَ الدمعِ المصريّْ
أهبطُ من أولمبَ الرغبةِ
أمشي في بريَّتكَ العذراءْ
مسكوناً بالأحلامِ وبالعشقِ القتَّالِ , وبالزلزالِ الأوَّلِ
مسكوناً بالنارِ الطفلةِ , مملوءاً بعواطفِ وردِ الشام ِ
وملتحفاً أشعاري الأولى في الليلِ التتريِّ القاسي
ممتشقاً أقواسَ قزحْ
في وجهِ عدوَّي, منتصراً لدماءِ جمالكَ أو لطفولتكَ المنسيَّة
أحفنُ بالكفَّين ِ غناءكَ إذ يتنزلُّ من جسدي الصاعدِ
في الفردوسِ إلى أعلى الأسرارْ
(3)
كأنكِّ من رمالي فيكِ ضلعاً
أو أنكِّ تحشدينَ دمي وآلي
فيا قزحيَّة الصحراءِ لبَّي
سمائي قبلَ أن يفنى سؤالي
نداءُ البرقِ يشعلُ لي زهوراً
يبعثرها ضبابكِ في الأعالي
وغيمكِ سابحٌ بدمي لأرضٍ
تظلُّ بلا جنوبٍ أو شمال ِ
(4)
من يشعلُ صلصالي المطفأ ؟
في حضرةِ هذي الزحمة
من يطرحُ لي ألمي في النيلْ ؟
من يسرقُ لي من شفةٍ حُبلى بالألوانِ / وبالألحانِ / صدى بسمة ؟
من يُنزلُ عن خشبِ صليبي كلمة ؟
(5)
في ذهولِ القصائدِ عنكِ, وفي همساتِ البساتينَ
فيما أرتبُّ من ولهٍ , كي يسيلَ على أغنياتي
كدمعٍ على حجرٍ مرمريٍّ....
وفيما تبقىَّ من الحُبِّ
أحملُ شمسَ الأناشيدِ, ملءَ دماءِ المُحبّينَ
والأنبياءِ اليتامى وملءَ الأصيلْ
ملءَ هذا الفضاءِ الحبيبِ الجميلْ

***********
تيه ٌ جديد

لماذا أتيتُ هنا ؟ والبداياتُ موصدة ٌ / والنهاياتُ موصدة ٌ
والرياحُ تكبّلني بالدموعْ
وأشياءُ تهمسُ بي .... فوقَ خديَّ ريحٌ تهوّمُ ...
لن تستفيقَ الحجارةُ من نومها الأبديِّ
ولن تتغرّبَ أكثرَ هذي الطيورُ / الضلوعْ
الى أينَ أذهبُ يا زرقة ً تستريحُ وراءَ المدى من عذابي؟
ومن أينَ جئتُ ... أعانقُ ضوءَ الترابِ الكثيفَ ؟
وهل من رجوعٍ أنامُ على عشبِ خاصرتي فيهِ
هل من رجوعْ؟
وراءَ المدى فرصةٌ للتوّجعِ ....
لا تأخذيني اليكِ أيا ناطحاتِ الهموم ِ ......
فللجسمِ جذرٌ من الضوءِ
للروحِ جذرٌ من الشيءِ...
يا فرحَ الشامتينْ
غداً يومُ بعثي ويومُ الرمادِ الحزينْ
....دعيني أضمّدُ جرحَ الشموعِ
دعيني أضمّدُ جرحَ الشموعْ
فلن تستفيق الحجارةُ من نومها الأبدي
ولن تتغربَّ أكثرَ هذي الطيورُ / الضلوعْ ....!

*********
من حبّنا قدرٌ للقدرْ

لدنياكِ مجمرةٌ للشقاءْ
لعينيكِ نهرٌ يردّدُ في طرفِ الأرضِ أن َّ النساءْ
هُنَّ ملحُ القصائدِ ترشحُ منه دموعُ السماءْ
ومجمرةٌ للرؤى , فذريني بها عودَ طيبٍ ندٍ عاشق ٍ للهواءْ
ذريني بها الطفلَ إذ يرسمُ
بأجفانه غابةً من شجرْ
هواكِ الرهيب ْ
عدا وتتبّعَ خيطَ القمرْ
ترجرجهُ رعشة ٌ من بهاءٍ وراءَ الدروبْ
وخلّفَ وجهُكِ معجزةً في المساءِ تشّدُ بخيطِ الضجرْ
وتلهمُ أضعافَ ما تلهمُ
فوا عجباً من عيون النساءْ
أتورقُ إبّانَ فصلِ الشتاءْ
وتمطرُ عند إنحسار ِ المطرْ ؟
عشقتُ أنا فيكِ كلَّ إمرأه
ولم أعدُ بعدُ الزمان َ الحبيبْ
زمان الصدى والصدى مبهمُ
زمان الرؤى فلكم أحلمُ
زمان الدموع وياما نثرْ
وشعشعهنَّ بلون الغروبْ
كما نثرَ الليلُ ضوءَ القمرْ
وفتَّ الأزاهيرَ فوقَ الدروبْ
سآخذُ دربي ودوني سقر ْ
وهيهات ألوي لشيءٍ أثوبْ
اليه.....ألا كونيَ المدفأه
أكونُ أنا فيكِ أعوادَ طيبْ
ألا سوفَ تشعلُ منّي الأناملُ
عينيكِ والأنجمَ المطفأه
وأجعلُ صدريَ قارورةً
لأفعاكِ يا حلوتي في الرئه
وأغصان تينٍ وأحلى ثمر ْ
فمن حبّنا قدرٌ للقدرْ....
ومن دمنا هالة ٌ للقمرْ
************
أعدْ ما تغنيّني

أعدْ ما تغنيّني ...ألا أنت صائحا
بعثتَ حياتي والهوى والجوانحا
تباعدُ ما بيني وبينَ سرائري
فأصبحُ للسرِّ المعتقِّ فاضحا
تمنيتُ لو خيطاً يشدُّ خواطري
عن الهوّةِ الدنيا ويُنأي الجوارحا
ومن يقتلُ الساعات في كنه يقظتي
ويبعثها في سكرةِ الحلم ِ مانحا
ويرفعني للشمسِ حتى أمسّها
وأغزلُ من ذوبِ الشعاعِ المدائحا
ولكنَّ ما بيني وبينكَ فجوةً
وشيطان ُ فاوستٍ يمدُّ الصفائحا
ويقطعُ صوتَ السحر ِ بابل ٍ أتى
صدى سربروس ٍ حين يلهثُ نابحا

كتبت هذه القصائد خريف عام 1998
**********************
إمتزاجُ السنا بالأُوارْ

دمي فارغٌ منكِ إذ قبضتي من غدٍ فارغة
وللماضيَ النظرة الزائغة
إذا ما خبا شوقُ عيني الضرامْ
ومرَّ شتاؤكِ عاماً فعامْ
تمنيّتُ قوّتكِ الدامغة
تمنيّتُ قوة نوركِ تدمغُ هذا الظلامْ
وتقشعُ عن وجهيَ المستنير ِضبابَ الغرامْ
وتقشعُ إلأّ ضبابة
مدّخرةً من صباح الصبابة
تمنيتُ قوتكِ الهائلة
تزحزحُ عنّي الذي أحملهْ
فما أوعرَ الدربَ للجلجلهْ
وما كانَ أقسى صخور الكآبة
سأشربُ خمرَ محيّاكِ حتى قرار ِ الأوامْ
فقولي بربكِ قولي لقد ضاع مني الكلامْ
وضلَّ شياطينَه الشاعرُ
غداةَ تفلّتَّ من بؤبؤيكِ وأغربَ ذلكمُ الطائرُ
أأنتِ الحقيقة ُ أم.. أنتِ أنتِ الخيالُ إتخاذا؟
معاذ الشقاوة يغوى لساني وقلبي معاذا
ولكنَّ عقلي يحارْ
آهِ لا....... كنتُ أقصدُ قلبي يحارْ
يحارُ وإما أعادَ السؤالْ
أأنتِ الحقيقةُ أم أنتِ أنتِ الخيالُ الخيالْ؟!
زرعتِ على شفتيهِ إنتظاراً وراءَ إنتظارٍ أمامَ إنتظارْ
يطولُ ..وأزهارَ ماءٍ ونارْ
جمالكِ لا لستُ أدريهِ ماذا
أأنتِ إمتزاجُ السنا بالأوارْ..؟..!

********************
أصواتُ سيرينْ


من ذا يصعّدُ أنفاسي فتختنقُ؟
أو من يلطّفُ إحساسي فيحترقُ؟
أنا المؤّرقُ والمقرورُ جانبُه
والليلُ بحري وعرشي والأسى غسقُ
وأنت عيناكِ نايٌ راحَ يجذبني
والنايُ أنغامُه في مهجتي مِزقُ
كأنَّ عوليسَ في قلبي ينازعني
أصواتَ سيرينَ يُفشي سرَّها الحدَقُ
ألذ ُّ للعينِ سهدٌ طائفٌ أبداً
يأتي بهِ الشوقُ لا يأتي به الأرقُ
صارتْ مخيّلة ُ الأفكارِ مُشبهةً
عندي إشتباهَ الليالي وهي تحترقُ
أو إشتباه بحارٍ والسنا بددٌ
أو إشتباه بحارٍ والسنا طُرقُ
وللنجوم ِ على يمِّ الظلامِ إذا
ما جارَ في الليل ِ أسماكٌ بها فرَقُ
لولا شعورٌ على التغريبِ ألَّفنّي
ما ألَّفَ النُظمَ الكونيةَ النسقُ
هيهات ما ضرَّني منكم جمامُ أسىً
وهذهِ أمهري تعدو وتستبقُ
أو ذلك الحرقُ إنّي لستُ أكفرهُ
أيكفرُ العودَ أو إحراقََه العبقُ؟
أمن تنفسَّ عن فجرٍ وعن سحرٍ
ومن يوّشحُ من أجفانهِ الشفقُ
يخشى السمامَ الذي مجّتْ مزافرُه؟!
أو الدجى وهو الإبلاجُ والشفقُ؟!
كأنَّ صفصافةً بيضاءَ قد طلَعتْ
من عشقهِ فأدلهمََّ النَوْرُ والورقُ
لمّا إنحنى يحتوي عنقاً يُمسِّدُهُ
بلوعةٍ فأحتواهُ العطرُ والعُنُقُ...!

*******************
على غيرِ هداية

بغير هدايةٍ أكتب ْ
بغير ِ هدايةٍ كالنهرْ
ركضتُ مع الحياةِ لغير ِ ما هدفٍ ...وكان الدهرْ
ورائي مثل طيف الذئبِ , في قدميَّ قيدَ التبرْ
كثيرا ً سوفَ تقرؤني وتقرؤني وتستغربْ
ولكنيّ كذلك َ حين أكتبُ لوعتي والشعرْ
بغير ِهدايةٍ كالشوقْ
لأني عشتُ أيامي بغيرِ هدايةٍ كالشوقْ
كآخر نجمةٍ سقطتْ أو إنسبرتْ بغور ِ العشقْ
وحتى حين َ تلمسُ جبهتي كفّاكِ ....يهبط ُ في سماءِ
الروحِ من عينيكِ غيمُ البانْ
أرى كفّا مياهٍ أو زنابقَ تنفضان ِ الجمرْ
على جسدٍ / توّزعَ في مدى أبدٍ / من الحرمانْ
بغير ِ هدايةٍ يا ليتني .... يا ليتني الإنسانْ
يعيشُ بدورةِ الأشواق ِ ....مثل البدرْ
ألا يا ليتني الإنسانُ إن يرضى وإن يغضبْ
ليكسرَ آلة َ الدنيا, ويحطمُ باليدينِ وبالهوى روتين َ هذا العصرْ
ويمشي فوقَ ماء ِ الذكرياتِ على هواءِ الشعرْ
يغيّرُ ما يريدُ .. هُوية َ الأشكالِ والألوانْ
ويبني من رؤىً دنيا بها تتأرجحُ العينانْ
ألا يا ليتني الإنسانْ...!

صيف 2000
*******************
أوّدُ لو أقولْ

أودُّ لو أقولُ ... لو أحرّكُ الرجامْ
كنفخةِ الصور ِ , ولو أبعثر ُ الأنامْ
أودُّ لو.... وللكلامِ ...... في فمي إزدحامْ
أودُّ لو أسطعُ في السماءْ
لساعةٍ سكرى أو التفاتةٍ عمياءْ
كنجمة ِ المدّله المسلولْ
(كيتس) الذي حدثّها عن حبّهِ الأبيدْ
عن إنتصار ِ اليأس ِأو هزيمة ِ الرجاءْ
وسرقتْ أناملُ الأفولْ
سنا الحياةِ منهما .... وإنطبقَ الظلامْ
أوّدُ لو أشرب إحساسي الى القرارْ
أودُّ لو أعصفُ بالثمارْ
وأطلقُ النداءَ كي أصدّعَ الجليدْ
أوّدُ لو أقوم من جديدْ
في غابةٍ ينطحني الثورُ بها أعودْ
عودة َ تموزٍ عليهِ من دمٍ دثارْ
يصطفقُ البكاءُ والعويلْ
في جانبيهِ ...أهِ لو أعودُ لو أعودْ...!
أوّدُ لو أتبعُ سندبادْ
في عالمِ البحارْ
سأجمعُ الؤلؤَ والمحارْ
وأتبعُ الرُّخَ على التلولْ
أحملُ روحَ عاشقٍ وحالمٍ تختزنُ النهارْ
كالليلكِ الأبيضِ... عيناه دم ُ النضارْ
أودُّ لو أتبعُ أودوسيوسْ
من لُجةٍ ليبسٍ , ألقي على الشموسْ
وهاريَ القديمَ , والمشغولَ بالنجومْ
ومقلتايَ عبر شُبّاكِ الدجى تجوسْ
أودُّ لو أطرّحُ الصخرَالذي إندحرْ
بهِ الى الهوّةِ سيزيفٌ ....هو القدَرْ
أتعبني الغداةَ والمحبّ يتعبُ
وصخرةُ النساءِ كاللعنةِ لا تبقي ولا تذرْ
ولي دمٌ يذوبُ يسربُ
كأنهُ الضياءُ إذ يسربُ في السحَرْ
***************
روح أيَّار

هيهات يغرقني بحرُ الظلاماتِ
أو يخنقُ العطشُ المبحوحُ نبراتي
هيهات فيكِ الرزايا أن تحطّمني
أو أن تكسّرَ يوما ً معنوياتي
هيهات تفنى جذوري فهيَ لاهبة ٌ
وسوفَ أطلعُ من أعماق ِ مأساتي
لا الليلُ يوصدُ دوني والنهارُ ولا
يُرمى السعيرُ حدوداً حيثُ خطواتي
لا شيءَ يُمسكُ قلبي أن يطيرَ هوىً
فوقَ النجومِ وإنْ قصَّوا جناحاتي
نافورة ٌ من ندى ثغري ومن لهبٍ
وتنفضُّ القطرَ والنيرانَ أصواتي
قدْ جئتُ من فجرِ هاتيكَ العصورِ لكي
بالحُبِّ أغسلُ ماضي الناسِ والآتِ
إني بأعصابكَ الكسلى ....أتشعرُ بي؟؟
يا عالماً من نحاسٍ من جماداتِ
تموتُ أشياؤكَ الكبرى مخدّرةً
من ألفِ ألفٍ وليسَ تموتُ كلماتي
تظلُّ مثل أنين الدُرِّ يحملهُ
موجٌ لأصدافِ قلبٍ في دجى عاتي
تظلُّ روحاً لأيّارٍ يهّبُ بها
شوقُ النسيمِ عليلاً من غواياتي
تظلُّ مسحةَ نارنجٍ لناصرةٍ
وعطرَ طلٍّ لأقدامٍ نبيلاتِ

****************
هو العلمُ ما تقرأي في عيوني

ألا قبلةٌ من لهيبٍ ومن ياسمينٍ وغارْ
ترفُّ على جبهتي العائده
رأيتُ الهزيمةَ فيكِ إنتصاراً يطلُّ من القمةِ المارده
رميتُ على كتفيكِ الهمومَ الثقيله
وقضيّتُ ليلي وحيداً كطيرِ الجنوبِ بقبضتكِ البارده
هناكَ رأيتُ نجومَ الطفولة
تسافرُ في غيمِ عينيكِ .. في غرةٍ كالدوالي ظليله
وبي فجوةٌ بين قلبي وبين العيون الجميلة
وتنقصني في هواكِ المناعه
فمن أينَ جئتِ ؟ ومن أيٍّ أرضٍ تسرّبَ
وجهكِ / لونكِ / طعمكِ / دفؤكِ هذا اليْ؟؟؟
ومن أينَ ؟.... - إن َّ على شفتيّْ وفي مقلتيَّ كثيراً أقوله-
تعلمتَ يا قلب ُ هذي الشجاعه؟؟
.....ويحتلني جيشك ِ البربريْ
ضاعفيني كحبة ِ قمح ٍ
كفقرِ الأشعةِ من دون جسمكِ , في عالمِ اللازوردِ ....
إجمعيني كما تجمعُ الريحُ شهوةَ أوراقِ وردٍ موّزعةٍ
خبئيّني وراءَ ضفائركِ الليلكية
وفي كلِّ فرحة دمعٍ , إذا ما بكت مجدليه
وفي عبق اللوزِ والخوخِ ... آهِ برائحةِ الميرميه
ضعيني كوردة ذكرى طريّه
كطوقٍ من الياسمين ِ
على الرفِّ فوق الدفاترِ .... بينَ حقائبكِ المدرسيه
هو العلمُ ما تقرأي في عيوني...!

كتبت هذه القصائد في خريف عام 1998
*************


تذييلات لمزامير عُذريَّة

(1)
يا ربِّ أزرى بقلبي الحُبُّ والندمُ
وعادني ما يعودُ المخطئُ الجاني
لو تابَ ..عيناه تجري والدموعُ دمُ
وثغرهُ الغضُّ ممدودٌ بنيران ِ
كما تناثَرُ عن بركانها الحممُ
والقلبُ يا ربُّ مأخوذ ٌ بحرمان ِ
وباتَ يعصرهُ التسهيدُ والألمُ
يستخبرُ الليلَ عن عفوٍ وغفران ِ
يشعُّ خلفَ لمى طفلٍ ويرتسمُ
يضاحكَ الأرضَ أو وجه السما هاني
وفي حشاه الأسى والنارُ والسقمُ
وروحهُ خلدُ من أقنومه ُ فاني
(2)
يا ربِّ أوشكتُ في غمرِ الهوى وعلا
رغوُ الخطيئة ِ فوقي كالدياجير ِ
أدعوكَ والقلبُ في يأسٍ فهبْ أملا
يجلو الظلامَ بفردوسٍ من النورِ
والشوق ِ, قد شدّني عن سربروسَ إلى
دنيا الجَمالِ وأصداءِ المزامير ِ
أرقى إليها ...لأسبابِ الهوى بطلا
كأنني بعضُ أحلامِ الأساطير ِ
تبدو بأخيلةِ الطفلِ الذي إقتبلا
في مقلتيهِ وفي ذاكَ اللمى الجوري
قد عاشَ ظلاً بأكنافِ الطفولة ِ لا
يقتاتُ إلاّ على عظمِ العصافير ِ
(3)
أمشي وحاملُ أرزاءِ الهوى تعِبُ
وزادهُ الشوقُ دونَ الناسِ إطراقا
ما غير رؤيا لنجمٍ عاشقٍ تثبُ
فوقَ السماواتِ أطباقاً فأطباقا
فيما أرى قلبَهُ الأوّاه يلتهبُ
وقودَ أضلاعهِ ...يا طولَ ما إشتاقا
والوعتاهُ ..وقلبي ما بهِ لعبُ
والدهرُ لم يألُ ثوبَ العمرِ إخلاقا
أمشي وناركِ في عينيَّ تضطربُ
فتستحيلُ الى ما سالَ رقراقا
يا ربِّ أينَ لمىً كالليلِ ينسكبُ
بينَ الشفاهِ ضحىً ينداحُ إشفاقا ؟
(4)
يا ربِّ أينَ الذي أهوى ..؟ قسائمُهُ
مِنيّ ..وعيناهُ قالوا نجمتا صيفِ
وشعرُه سرمديُّ الطيبِ دائمُهُ
يجري كبوح ِ غواياتٍ على الكتفِ
نهراً من الليلِ ...هلاَّ ماتَ نائمُهُ..؟
وما لدى القلبِ من نُكرٍ ولا عُرفِ
رحماكَ والثغرُ ما سحّتْ غمائمُهُ
أوّاهِ ....لولا ببقيا ذلكَ النطفِ
وسميِّ عمري ,ولو هبّتْ نسائمُهُ
تشفي من الحُبِّ...أو من وجدهِ تشفي
لم ندر ِ أنَّ الذي بتنا نلاثمُهُ
تقمصَّ الروحَ كالأشواق ِ للطيفِ


شتاء عام 1998

***********************

ملأتني كبرياء

ملأتني كبرياءْ
يا روح روحي يا سماء السماءْ
يا نفحة هبّت على عالمي
تحملني عبر صباح الشقاءْ
لألف دنيا... للهوى الناعمِ
...................
قولي أما هزّكِ ذاك المساءْ؟
حنين ُ حواء الى آدمِ
....................
رواية ً ما بيننا تُستجد ْ
تظلُّ خفقى في ضمير الأبدْ
بين ضلوعي كاللظى المطّرد
........................
وكيف للفارسِ هذا الألم ْ؟
يرمي بعنف الواريَ الصارم ِ
وينحني من فوق جرح القلمْ
آهٍ لو أني لم أكن شاعراً
إذاً لضيّعتك كالخاتم ِ
بين طلول ٍ لم يزل داثراً
غرامُها تحت ظلام الشتاءْ
ملأتني كبرياء
يا روح روحي يا سماء السماءْ
..............................
وللأسى قلبي قطار فمن
محطة يعدو إلى أخرى
أحرقتِ فيه خشب الذكرى
غدى بهِ الشوقُ طويلا ً وراحْ
يحملُ لي أنفاسكم كالأقاح
أكاد أن أعرفها في الرياحْ
تدق ُّ مسمارَ الهوى في العصبْ
والدم ُ في كفي ّ توقٌ إلى
بحر عيون ٍ موجها مضطرب
وضحكة ٍ شفافةٍ كالصباح ْ
توقظني منها وتمشي على
وجهي نوافير الفراش المضاءْ
ملأتني كبرياء
يا روح روحي يا سماء السماءْ

صيف عام 1999

*************
ما هي جدوى الشعر

(1)
ما هي جدوى الشعرِ في زماننا
ما هي جدوى الحبِّ في زماننا
وكلمّا أردت ُ أن أهتف َ . أن أغازل النجومَ
والشقيقَ . واستنارةَ الضبابْ
وكلما عثرتُ في أكوام ِ . أفكاري على عبارةٍ . تبدىءُ الكتابْ
وجدتني منطرحاً . فوق رمال النار والعذابْ
وفي فمي جنادلٌ . وفي فمي ترابْ

(2)
وكلما مرّ عليَّ الدهرُ صرتُ حارقا كالنارْ
مفترساً كالنارْ
إن ّوجودي ها هنا . مضيعة ٌ كبيرة ٌ
وشوقي َ المظفّرُ انكسارْ
ماذا تراني قائلٌ . ماذا تراني فاعل ٌ
وهل أظلُّ هكذا لفترة ٍ طويلة ٍ . أخاطبُ الأشجارْ
وهل أظلُّ هكذا لفترة ٍ طويلةٍ . أصارع ُ الغبارْ
اليوم َ يذبلُ السنا . شيئاً فشيئاً........
تختفي حضارة النجوم والشقيقِ
واستنارة الضبابِ...... ثمَّ يسقطُ الستارْ

(3)
ما هي جدوى الشعر في زماننا المنـزلقِ المجنونْ ؟
ما هيَ جدوى الحُبِّ في
عولمة الإنسان والإحساسِ في عالمنا الجديدْ ؟
الولدُ المعاقُ والطالعُ من ذاكرةِ الأفيونْ
أوَّاهُ لن تفهمَ أحزاني سوى الصحراءْ
أرجعوا لي السماءَ . من سرقتم السماء ْ
أرجعوا لي براءة ألاطفال في العيونْ
والقمر ألابيض والنخيل والزيتونْ
لا الشجر ُ الأسود في قارعة الطريق ِ يستوقفني
لا الشمس إذ تموت تسترحمني
ولا أخي قابيل ُ يستفهمني
جميعنا في غربة ٍ مريرةٍ
كأنما قابيل لا يفهم ُ احساسي ولا يفهم ُ ما أقولْ
كأنما من ألف عام ٍ ربّما قتلني . من ألف ٍ عام ٍ ربمّا قتلته
تذكّر الحقدُ الذي يأكله بأننا كنّا سوّياً مرة ً
وفرّق الشيطان ُ فيما بيننا
وخلط الزمان من ورائنا القاتلَ بالقتيلْ
في دربنا الطويلْ

(4)
أهذه البلاد لا يطلع في سمائها الصباحْ
أمطارها ميتةٌ وغيمها نباحْ
تزعجني ....تخيفني .....
كأنها مسكونة ٌ بألفِ ألف ِ مهجة ٍ شريرةٍ
أخاف إن غفوتُ أن تأكلني الرياحْ
لا الشعر يسقيني .... ولا يطعمني الحبُّ ...ولا يُسكنني
وقد ْ أظل ُّ هائماً طريدْ
تعلكني مصانع الحديد ْ
تنفثني المداخن العظامْ
وأغمض الجفون َ عن ذاكرتي لعلَّني أنامْ
الشعر ُ في مدينتي كوجه طفل ٍ حالمٍ
قد ضاع في الزحام ْ....!

(5)

اليوم ما عدت ُ نبيّاً عاشقاً
ولم أعدْ أذكر ُ شيئا ً واحداً من ذلك الغرام ْ
أهربُ من حبيبتي / أهرب من طفولتي / أهرب ُ من سماوتي
أهرب من براءة الخيامْ
من أيّما سيارة ٍ تضيءُ في الظلام ْ
أهرب ُ من نفسي فإنَّ الشعر في
زماننا إنفصامْ
والحبُّ في زماننا إنفصام ْ
وكلُّ ما أحمل ُ في حقيبتي حطامْ......!

صيف عام 1999
****************
رسالة من دون كيشوتْ

سأحملُ سيفي ودرعي وأرجعُ عن قلعةٍ مقفلهْ
فإني بقيتُ ثلاثين شهراً ذليلاً وملقىً كقطعة ِ ثلج ٍ....
كجذع ٍ قديمٍ تمرُّ بهِ اللوعة ُ المُرسلهْ
لكَمْ يا إلهي نموتُ ونحيا بلحظةِ ضوءٍ ......
بلحظةِ حزن ٍعلى هذه المقصله
وكم يلثمُ القلبُ شعرَ الحبيبْ
ويغسلهُ بندى السنبلهْ
سأحملُ سيفي ودرعي وأمشي
على ضوءِ عينيكِ في عتماتِ السنينْ
أحبكِ يا صحوَ روحي ويا دفىءَ قلبي الحزينْ
ويا غصة الذكريات ِ بقلبي
ويا لوعة الشعرِ في خاطري
أما ترفعي السيفَ عن رأس ِ هذا السجينْ؟
هو القلبُ ما بين نطع ِ العذابِ وسيفِ الحنينْ
ولمّا تناهى بيَ الحبُّ حتى حدود السماءْ
رأيتكِ بينَ ضبابِ الغيومِ كلوتسةٍ من دماءْ
ترجّلتُ أمشي لها عن صليب الجراحْ
على حدِّ سيفٍ من الشوق ِماض ٍ شديدَ المضاءْ
لأقطفها ثمَّ أرجعُ فوقَ الأصابعِ منها جمارُ الشقاءْ
وأجمعَ قلبي المبعثرَ فوقَ مرايا السهوبْ
تفجّرَّ بركانَ ضوءٍ .. فهذي ضلوعي تذوبْ
على صخرةِ الكبرياءْ
سأحملُ شيئاً إليكِ من الذكرياتِ جميلا
وأحملُ قلبي القتيلا
وأقفلُ بابَ البطولةِ أنسى طواحينَ ذاكَ الهوى لا الهواءْ
...........................
وتأتينَ لي من مرايا الصباحْ
تذوبينَ لوناً وطعماً لخنجرِ شوقٍ وحزن ِ
بدمّي تذوبينَ أروعَ ذوبٍ / وأعنفَ حُبٍّ / فأني
تقمصتُ شكلَ القرنفلِ والأقحوانِ وشكلَ الجراحْ
وأحببتُ فيكِ رمادَ الشقاءْ
وما ربَّ من وردِ قلبي المباحْ
....وفي الليلِ أعدو أطاردُ قلبي وظلّي الكسيرْ
وحيداً على قمة ُ الحُبِّ تبكي عيوني وقلبي
أمدُّ يديَّ لتلكَ النجومِ البعيدة
وأصرخُ مستنجداً بالقمرْ
أسائلُ من اين جاءَ إليَّ القدرْ؟
ليحجبَ ما بين قلبي / وما بين رحمة ربِّي
وهل تحجبُ الشمسَ عني جريدة؟
وحيداً أذوبُ كقبلةِ ضوءٍ
بديجور هذي الليالي الوحيدة
وفي الليلِ عطرٌ وفوقَ النجومْ
رمادٌ وثلجٌ وفوق القمرْ
وأحسستُ إذ ضوؤكِ المخمليُّ عليَّ إنهمرْ
وأنتِ تجيئينَ عبر التخومْ
إليَّ كطيرٍ حزينٍ أتى من عصور المطرْ
نديِّ السنا ناطفٍ بالهمومْ
كعينيكِ وقت السحَرْ
يشعُّ إنعكاساتِ عمرٍ لقلبي
حزين الهوى والنوى والصوَرْ



صيف عام 1999

************************


أزهار أولى




قصائد كُتبت ما بين الأعوام 1997 إلى 2000




أغنية أوديس الفلسطيني


هذي فلسطين الحبيبة في دمي
حوريةٌ عذراءُ من حلم الصبا
تصحو فترتفع السنابل
آثار قبلتها الندية لا تزال على فمي
وعلى يديّ رفيف أجنحة العنادل
هذي فلسطين الحبيبة قلبها يعدو على
نهر الرماد بلوعة حرّى فتستبق الجداولْ
حورية عذراء تعجبني براءتها
وعيناها كأطياف الهناءْ
وأنا الذي ما خان عهد جمالها , وهوى النساء
وأنا المتيّمُ في سواد عيونها- في مجد قامتها-
وفي عطر الجدائلْ
ولأجل عينيها أموتُ لأجل عينيها أقاتل
ولأجل عينيها الجميلة والحزينة كالمساء
أمضي إلى قدري كأوديس لها
وأعود من أمواج ذاتي
وأعود يا بنلوب في يوم من الأيام من قلبي
إلى عينيك فالفجر المؤاتي
سيتمُّ ما بدأت به عيناكِ من غزْل ومن غزَل
ويعطينا مفاتيح السماءْ
مُدّي يديك وعانقيني
وخذي سنا عمري إليك وسامحيني
اليوم أسألك الهويَّة والهوى
وترابَ قبري يا فلسطين الحبيبة
هذي شموعُ العين لو أوقدتها
ومسحتِ عن قلبي لظى الشفة الكئيبة.

*********************
رسالة بلا عنوان

إستندي على هشاشة قلبي في الشعر
فكتابتك شفافة تنثالُ كالشلال ِ
في أغوار الروح الجريحة
ويعجبني أيضاً تناولك للأفكار الجميلة
الكتابة هي أشبه بالبحث عن حقيقة مجهولة
وهي في هذا الوقت بالذاتْ
أشبه بالعيش في جحيم جميلٍ
يغسلنا بندى الحب الهاطلِ من سماءِ المغامرة
على غابة أحلامنا الاستوائية
شعراً وشعوراً بألم الكلام الحيِّ في جحيمنا الخاصِّ
والمغمورِ بسحر النبوءة
ليبكي على حرير قدميكِ الأبيضِ كالثلجْ
النائمِ على ضفةٍ قمرية في ليالي الصيفْ

******************

ونجمي في السماءِ تشي جيفارا



أوَ اندفعتْ على الليلِ القُمارى
وراحت ترسلُ الشجنَ المُثارا
أدرنَ ليَ الغناءَ ولستُ أدري
غناءً كانَ ذلكَ أم عُقارا ؟
أجاراتي لدى الإظلامِ إنِّي
قطعتُ العمرَ للأوهامِ جارا
وبي في جؤجؤِ الصدرِ انكسارٌ
رمى في جؤجؤِ الطيرِ انكسارا
وكنتُ إذا غضضتُ الطرفَ قبلاً
غضضتُ على قذىً , وكتمتُ نارا
ومن أقصى لهيبِ الروحِ منِّي
سكبتُ على دمي شفقاً فغارا
ومن رولانَ أغنيةً وسيفاً
غمدتُ بوردِ شرياني انبهارا
أرددُّ همسةً ليديكِ عنِّي
وألثمها , وأنتصرُ اندحارا
أرددُّ همسةً ...وتروحُ أخرى
فترمقها أحاسيسي جهارا
سأقطعُ ليلكِ الضوئيَّ سَعْياً
على العينينِ ......أنهمرُ انهمارا

*******

لبستُ على هواكِ الشوقَ طفلاً
وأنتِ خلعتِ في حبِّي العذارا
ولكنْ قصَّ شعري..وانهياري
دليلةَ , في غرامكِ كانً عارا
سيركضُ فيَّ بحرُ رؤاكِ حتَّى
تغورُ يداكِ برقاً في صحارى

*******

شعاعي في الثرى غارسيا لوركا
ونجمي في السماءِ تشي جيفارا
ومثلي لو مشتْ شفتاهُ يوماً
على صخرٍ بقلبكِ كانَ فارا
ولو بالوهمِ رُحتِ من الليالي
مروَّعةً , غدوتُ المُستطارا
ولو ألقيتِ قلبي في إسارٍ
لكنتِ وجدتهِ عشقَ الإسارا
وأصبحَ ضيقهُ عندي انفراجاً
وصارَ حديدهُ ذهباً نضارا

*******

ولكن أينَ بينَ الناسِ من لمْ
يمِلْ بالقلبِ ناحيةَ العذارى ؟
وأينَ مُوَّقرٌ طَعَمَ الليالي
وذاقَ الحبَّ ما خلعَ الوقارا

*******

وقعتُ على هواكِ , فضجَّ ليلي
عليَّ , ولوَّعَ القدَرُ النهارا
ورنَّقَ شمسَ أحلامي غروبٌ
فآذنتِ المداركَ والمدارا
يميلُ الزهرُ فيها صوبَ قلبي
وقد زيدتْ شحوباً واصفرارا
قرارتها الدماءُ , ولستُ أدري
لها بينَ المصائرِ , لو قرارا
وما هذا ...؟ جمارٌ ؟؟ أم ذراها ؟
إذا للعينِ أشبهتِ الجمارا
وكُلُّ الشعرِ رنَّاتٌ عليها
إذا ما موكبٌ في الغيبِ سارا

*******

فقلْ لرشا تريشُ سهامَ لحظٍ
ونحنُ الميِّتونَ بها سكارى
حجبتِ الوجه عنِّي , غيرَ أنِّي
عرفتُ على أصابعكِ المحارا

*******

ولي كبرى شموسِ الشعرِ تزهو
يخرُّ الآخرونَ لها صغارا
ولكنِّي شواظٌ في عراءٍ
لسيفٍ شفرتاهُ لا تمارى
وضيَّعني أواخرُ قومِ لوطٍ
مسيحاً لا صليبَ ولا نصارى
كأني السامريُّ أصيحُ حتى
تعلَّقَ في المدى شِعري نضارا
وكنتُ أطعتُ شيطانَ الغواني
وشيطانُ الغواني لا يُجارى
ولو أُنصفتُ كنتُ بلا مراءٍ
نبيَّاً في نبوءتهِ توارى

*******
سأُشعلُ فيكِ ثلجَ القلبِ يوماً
وأجعلُ من يديكِ لهُ نثارا
ويوماً لا تردُّ عليكِ روحي
سأمنحها نوارسَ أو بحارا

*******

هوىً قد شعَّ منِّي في الوصايا
هواءً في الغدِ اللُجيِّ صارا
****************

قلبُ الأسفلتْ

أبداً ترنُّ خطاكَ في صُمِّ الشوارعِ كالنقيرِ
ويصُدُّكَ الزمنُ المريرُ ... عليكَ يوصدُ ألفَ بابْ
منفاكَ أرضُ سدومَ .... فأحملْ قلبكَ المسكونَ
مثلكَ بالمزاميرِ القديمةِ .....أو صدى القبلاتِ
وأرحلْ عن زمانكَ أو مكانكَ في إغتراب
يا آخري المملوءُ بي
المحفوفُ بالأطيافِ أو قلقِ الضياءِ أو السرابْ

لأكادُ أسمعُ من بعيدٍ رجعَ وسوسة الخمورْ
وأرى الدجى المُنسلَّ من كهفٍ جليديِّ العصورِ
يلُفُّ أغربة َ المدينة في المدارجِ بالضبابْ
........................................
والعابرونَ كأنَّ أيديهمْ مخالبُ من حديدٍ كالحٍ
وكأنَّ أعينهمْ صخورْ
الراجمات الرسلَ أو ربَّ الحقيقة والشعورْ
الساخرات على المدى مني ومنكَ ............
من العذابْ

من كلِّ حمراء الظلالْ
والداءُ في دمها وفي فمها سؤالْ
ميدوزُ يكفرُ قلبها بالحُبِّ يكفرُ بالحنينْ
الملحُ يطفرُ من شراييني كفيزوفٍ دفينْ

ما جئتُ أحترفُ الشعورَ هنا وأحترفُ الخيالْ
والحُبَّ ...لا ......... بل ْ جئتُ أحترفُ التوّجعَ والشجونْ
يا أنت َ يا أسفلتُ ...يا فمُ ...يا ظلامُ ....
ويا نساءُ ....ويا رجالْ
الحُبُّ صخرٌ في المدينةِ لو يكونْ
الحُبُّ صخرٌ والجمالْ
حتى الجمالُ هناكَ صخريُّ التلفتِّ والعيونْ
حتى الدجى والنورُ
نورُ الشمسِ أو نورُ الهلالْ
لو كانَ يبصرهُ هنالكَ ألفُ خفّاشٍ لعينْ
أو كانَ يبصرهُ هنالكَ مبصرونْ
أصحابُ حاضرةِ الرقيم ِ
ـ مضى الزمانُ فمن يعيده ـ؟
ما زالَ في أعماقهم بعضُ البروده
والذرُّ والعبراتُ شالتها الى الأبدِ الجفون ..!

*********************


صراخ الليل الصامت


أذكرياتكِ ملءَ القلبِ تبكيني؟
من أيِّ غيمٍ على صحراءِ حرماني ؟
من أيِّ نومِ سماءٍ فوقَ ألحاني ؟
تهمي وتندفقُ
كأنها الألقُ
كأنها قطراتٍ سحَّها الأفقُ
تميتني في الدجى الكابي وتحييني
كأنني من سدومٍ عائدٌ ...فعلى
قلبي أمرُّ على عينيكِ تحملني
اليكِ مثل رذاذ الورد أسئلتي
والأغنياتُ التي تمشي بأكفانِ
سأنفضُ النار عني كلمَّا احترقت
بمائكِ الصلب ِ أزهاري وأجفاني
فيخفقُ الحلمُ في عينيَّ والرمقُ ..

**************

كم ذا أبيتُ على الآلامِ في فُرشِ
ترفُّ فوقكِ أنغامي وأجنحتي
أسرّحُّ العينَ فيما لفَّهُ العبقُ
ينثالُ من ألقٍ ..ينثالُ من غبشِ
عليَّ ....أحسستُ أنَّ رؤى حريرية
ستحملُ القلبَ ..والأجواءُ تنصعقُ
إلى جزيرة خوفٍ سندبادّية
كأنهُ للقطا فرخٌ من الماءِ
أو زهرٌ يمسدّهُ
بياضُهُ ....وصراخٌ صامتٌ أبداً
لليلهِ وفتيلُ الروحِ يحترقُ
في غابةٍِ من جليدِ القارِ مرميّة
على جناحي الذي قد شلَّه الفرَقُ
وظلُّ جنيّة

*************

يدايَ أشجاركِ الحبلى بكلِّ سنا
قد ذابَ في الزمنِ المجنونِ ... تزحمني
منكِ المرايا التي يممّتُ لوعتها
.........................
عينايَ دنيا عصافيرٍ شتائية

************

يا أنتِ يا من براكِ الشوقُ يا قدَري
وطّنتِ عينيكِ مذبوحاً بها سهري
لعودِ عوليسَ من دوامةِ القمرِ
لا لن يعودَ ومن ذا عادَ؟ فأختصري
مدّي نشيجاً وراءَ البحرِ مضطربا
كأنهُ النارُ باتتْ تشربُ العبَبا
مدّي نشيجَ الهوى مدّيهِ للسحرِ
لا لن يعودَ ولن يأتي ولن يثبا
لو ترخيَ الحُجُبا
على ظلالٍ وتمثيلٍ يفيضُ أسى
أبطالهُ أشقياءُ الناسِ والبؤسا
لا تحفلي لا......
واستقبلي الليلَ ..ما أدّى وما همسا ..!


**********************

يومياتْ تابع عربي

هذه صورة من صور الإقطاع العولمي الجديد ,تعكس ضياع المعايير الإنسانية وقيم الحرية لدى التابع العربي ,الذي أصبح ظلا وغبارا وصدى صوت مرتجف في الريح , يتحدث الى سيده النبيل.

(1)

أيهّا السيّدُ من قلبي سلامٌ وتحيه
واعترافاتي بذا الودِّ القديمْ
دمت دون البشريّه
ولكَ المجدُ العظيمْ
مثل ُ آبائي وأجدادي أنا في يدكم ملكٌ قديمْ
هل تُرى تقبلُ مني أمنياتي أن تدومْ؟
ودعائي أن تدومْ؟
أن يمدَّ اللهُ أيامكَ بالخير العميمْ
أن يهبكَ الدهرَ عيشاً ناعماً
كلُّ أعيادكَ فيه سرمديّه
إنمّا أنتَ وجودي وحياتي ....لا أكونْ
لكَ إلاّ الظلَ في هذي الحياهْ
وصدى الصوتِ الذي يرجفُ في الريح ِ وآهْ
منكَ يا كلَّ عذابي وهمومي الأبديه
إنني أهواكَ والحبُّ جنونٌ ..وفنونْ
.......................................
إنَّ في قبضتكَ الصغرى كنوزَ الروحِ , يا كلَّ كنوزي الأثريه
.........................................
عندما يهبطُ في نفسي الظلامْ
عندما يسكنني أفزعُ من نفسي ومن يأسي إليكْ
أيُّ شطٍ من أمانٍ وسلامْ ...
أنتَ؟...هل تفتحُ صندوقَ يديكْ؟
إنني آخرُ مملوكٍ لديكْ....

(2)

أنا لا أملك ُ أرضاً أو كياناً أو هويّه
إنمّا وحدكَ أرضي وكياني والهوّيه
وحقوقي البشريّه
وعلى مرِّ العصورِ الحجريّه
هل عرفتم مخلصاً مثلي أميناً للولاءْ؟
هل تُرى قد أنجبتْ مثلي لكم ْ حرائرٌ؟
أترى قد أنجبتْ مثلي إماءْ؟
........................................
إنني آخرُ عبدٍ من عبيدكْ
وأنا الفضلةُ من سربِ جنودكْ
وأنا لا أجدُ الحريةَ الزهراءِ إلاّ في قيودكْ
............................................
إنني آخرُ أقنان الرياءْ
ومماليكِ الرياءْ
ولقد أسألُ نفسي في الظلامْ
عندما أخلو بنفسي
عندما أخلو بيأسي
عندما يخلدُ قلبي للهوامْ
من تُرى غيركَ قد علّقَ في الأنفسِ مصباحَ الرجاءْ؟
من تُرى غيركَ قد أشعلَ في الناسِ الغرامْ؟
إنني في لحظةٍ واحدةٍ من كبرياءْ
من جنونِ الكبرياءْ
خلتُ مع أني على ما خلتُ أستغفرُ ربّي
ومن التوبةِ واللوعةِ ما يأكلُ قلبي
أنتَ من قد خلقَ الأرضَ قديماً والسماءْ
أنتَ من علّقَ هاتيكَ النجومْ
أيهّا السيدُ تحيا ولكَ المجدُ العظيمْ


(3)

عندما يسكنني الليلُ وأغتابُ جميعَ الأصدقاءْ
عندما يأكلني الحقدُ إلى غيرِ إنتهاءْ
وأداجي وأماري وأخونْ
أحفظُ العهدَ لكم ....عهدَ الوفاءْ
أيها السيدُ أنتَ الزوجةُ المثلى
وأنتَ الأبُ والأمُّ وخيرُ الأصفياءْ
إنمّا أنتَ وجودي أنتَ معنى أن أكونْ
ولقد يفضلُ نفسي أيُّ كلبٍ في العراءْ
عندما أكشفها للناسِ من غيرِ ستارْ
عندما أقذفُ بالياقوتِ في حومةِ نارْ
عندما أنزعُ عن جسمي الثيابَ العربيه
عندما أهذي إعطني حرية ً لأسمي
وميلاداً جديداً لفمي
وأعطني لونَ دمي
وليكنْ أسودَ مثلَ النفطِ أو أبيضَ من
حمامةِ السلام ِ أو ما بينَ بينْ
عندما آخرُ عذراواتنا تقتلُ أبنَ العلقمي
عندما أخرجُ من عصرٍ الى عصرٍ ولا
أسقطُ عن حبلِ الخياناتِ الى هاويةِ الهذاءْ
عندما..................................

ربيع 1999
***********************
كلمة وفاءْ

إلى روح الدمشقيِّ الذي إحترف الهوى
نزار قباني



عُلواً جبهة الدنيا دمشقُ
فإنكِ حرةٌ لا تُسترقُ
ومعذرة القريض فكلُّ يومٍ
تغصُّ لهاته والدمعُ دفقُ
فلي عامٌ أحاولهُ رثاءً
وتعصيني قوافيٌّ ونطقُ
تلقّي نفحةً ضاءتْ وضاعتْ
على الأيامِ وأهفي يا دمشقُ
خذي المشتاقَ في أحضانِ زهرٍ
وغطيّهِ بأفئدةٍ ترّقُّ
وكيدي الموتَ سخريةً وكبراً
فهذا فارسٌ لا يسترقُّ

*******

بروحي جلقٌّ وإن إستقرّتْ
بيَ الغصاتُ والأضلاعُ حلقُ
أرى الشرفَ الرفيعَ بمنكبيها
عباءتهُ التي تسمو وترقو
وما لسواعدِ الأبطالِ فيها
كلالٌ كيفَ يضويهنَ رشقُ؟
هوايةُ كلِّ نفسٍ أن تضحّي
هنالكَ ..وأحترافُ الناسِ عشقُ
ولو تركَ الهوى مني بقايا
لقلتُ وقالَ عني فيكِ صدقُ
أراني فيكِ سوريا مُلقّى
أيصرخُ من دجى عينيكِ شوقُ؟
وما زالتْ بأعراقي حياةٌ
من الأجدادِ ثمَّ وفيكِ عتقُ
تمنيّني الشفاهَ منضّداتٍ
وليسَ يفوتها في الطيبِ خلقُ
تمنيتُ الغداةَ يلفُّ وجهي
ثرى للعبقريةِ فيهِ عبقُ
ثرى قد غيبَّوا فيهِ نزاراً
وما يخلو من الجنباتِ خفقُ
بربكَّ يا نزارُ وما إلتقينا
وما أن ضمنَّا غربٌ وشرقُ
أتسمعُ كلمَّا رعدتْ ضلوعي
من الذكرى التي في الفكرِ برقُ ؟
وتبصرُ ما جرى مني سخيناً
وكيفَ يحوكهُ في العينِ عوقُ؟
أتذكرُ إذ طلعتَ وكانَ غيمٌ
يشفُّ خلالهُ القمرُ الأحقُّ ؟
تُزفُّ لكَ العرائسُ وهي تُجلى
وأنتَ لريحهنَّ المسكِ فتقُ
أجبني اليومَ والذكرى عذابٌ
تشقُّ على دمي فيما تشقُّ
أشحّوا بالصلاةِ عليكَ جهلاً
وما يدرونها فرضاً يحقُّ ؟
وما جاءَ الرسولُ بمثلِ هذا
ولكن عصبة خرجوا وشقّوا
سأعرفُ رغمَ خفيتهِ يهوذا
وشيكاً قبلَ أن بنداحَ غسقُ
وأعرفُ خنجرَ الوثنيِّ فيهم
ووهجُ اللوعةِ الحمراءِ دفقُ
توّجستُ المنايا والرزايا
كما خافت من البركانِ ورقُ
خيالي كانَ في تعبٍ مساءً
وقلبي لا كعادتهِ يدقُّ
ومدَّ الليلُ أحزاني كسربٍ
هنالكَ من عصافيرٍ تزقُّ
وعلقَّ لي الصباحُ دماً شفيفاً
على جيدِ السحابِ فمالَ عنقُ
فرُحتُ وذلكَ الدمُ من جراحٍ
حملتُ صليبها والحزنُ عمقُ

ربيع 1999
**********

يوليوس قيصر شاعرا

ما هذه الطعنة ؟
آهٍ..............
وكيف اليوم تغدر بي ؟
يا بروتس الوهم ِ
ماذا لديَّ وما لدى قلبي
في هذه الدنيا سوى اللعنهْ ؟
.................
أسمعت َحين قصيدتي سقطت
وتكسّرت شفتي صراخ دمي ؟
عينايَ حين زجرتها صمتت
عن كركرات النهر والغيم ِ
صمتتْ الى أبدٍ سوى أنّهْ
ليست تموت ُ...........
وتنطفىء في وجهيَ السحنهْ

/دعوني من الكلمات العجافْ
وصبغ الحياة ومضغ الهوى
دعوني افجّر هذا الجفاف
ربيعاً واعراقه مرتوى
سئمت ُ من الفلسفات الخفاف
ومزج مصيباتكم بالطوى
أساطير والسم فيها الزعاف
دماء الضعاف وسيف القوى/

ولتحرقوا عبر الظلام دمي
ولتنثروا في مقلة الصبحِ
منه الرماد.........
ستملأ الوديان بالقمح ِ
او تملأ الوديان بالملحِ
عيناك يا روما سماواتٌ مهشمة على بيتي
عيناك سنبلتان / ضائعتان
في أرضٍ وراء نعاسك ِ
المضفور مثل الغار ِلي
وأنا صهيلٌ نائمٌ يمشي بلا رؤيا........
ربيعٌ قادم من حفنة الموتِ
فلتأكل النيران من صوتي
ولسوف أطلع من شفاه السيفِ والجلاد والجرح ِ
من لوعة ٍ حمراء كالنار ِ
لو تسدلون ستار تذكار ِ
ليموت ماضي العمر في صمت ِ

/سؤال ٌ بعيني ّ مثل الضبابْ
يموج على الرمّة الباليه
يوسوس اين التماع الشباب؟
ألا اين مملكتي الخاويه؟
لقد أصبحت مهجتي في كتاب
أسيرة أحلامها الطاغية
لقد كنتُ نهر الاسى والعذاب
ولا زلتُ في هذه الفانية/

ويلاه أين المجد والذهبُ؟
والأصفياء ُ؟ فكلهم هربوا
أين السنا العالي وغفوته؟
بين الرموش يكاد ينسكبُ
يا للزما ن ووحش آلته
ما كان في الحسبان أنغلب ُ
ويحي ..أأسكن ُ قبري َ الظامي
بضريبة من غرّ ِأيامي
ماذا لديَّ ؟؟وكيف أدفعها؟
سأمدُّ من احساسيَ الدامي
كفّاً كأن خيالها لهبُ
الحب في طيّاتها تعَبُ
والتبر فيها نجمة تثبُ
وشكايتي لله أرفعها
هل تسمعين صراخ أحلامي
يا برسفون بقبضةِ الوحش الحديدية
إني أكاد اليوم أسمعها
خلف الظلام وبحره الطامي
ويدي على الاشواق مطوية
والليلُ في عينيَّ معتكرُ
أوّاه ممّا يصنع القدرُ
فينا وفي الشفة النبيذية
اوّاه ممّا يصنع القدرُ

هذه القصيدة رغم تواضع فنيّتها التي تظهر خطوط شاعر موهوب مستند الى موروث جمالي يعمل بكدّ على تطويره هي اوّل قصيدة منشورة للشاعر نمر سعدي رسميّا وبالاسم الصريح في صحيفة الاتحاد الحيفاويه بتاريخ 1 اذار عام1999 وكان الفضل في نشرهاللكاتب الفاضل يوسف فرح الذي تحمس لكتابات وقصائد الشاعر وكان له الفضل الجم في نشر قصائد البواكير.

*********************
جحيم الأحلام
ـ1ـ
أوجهكِ البضُّ , أم خيطٌ من النورِ؟
يمدهُ الله يمحو همُّ ديجوري
رسفتُ في شرك الأفكار حين بدا
وبات يحبسني ليلُ القواريرِ
أمدُ كالنار أنفاساً مقطّعة
توحي إرتياحاً لتعبان الأساريرِ
في كل ظل ٍ همامات أهُم ُّ بها
تشّلني بالعيون الحور والصورِ
فكيف مسرايَ والآلام تدفعني
وها أنا اليوم بُدٌّ حق ّ تكسيري
وجه ُ الحقيقة يبدو والخيال به
مرآهُ يجلو سخافات التصاويرِ
حطّت على جانبيه كآبة ٌ تركت
فيها ومن حولها إعمال ناقورِ
تمتد كالغيمة السوداء تحملني
إلى وراء الليالي والدياجيرِ

ـ2ـ

يا أنت ِ يا كلّ روحي أنت ِ جوع يدي
لكلِّ وجه ٍ مصوغ من دنانير ِ
إنّا مشينا ولو لا تذكرين معاً
على جحيم ٍ من الأحلام ِ مسجور
أرقى على سلّم ٍ مدّ الشقاءُ الى
عينيك ِ دنيا من الصفصاف والحور ِ
أهنّ آخر ُ أمطار الوعود فقد
طال إنتظاريَ من تحت القناطير
يفرُّمنّي مصّبي والحنين غدا
يسفُّ نهر دمائي كالنواعير ِ
في كل سنبلة بعضي وبعض هوىً
ملء السهول ِ وتحت الذر مطمورِ
هنا الصبابات أرميها وأحملها
هنا تكوّر قلبي قبل تكويري
هنا وينثرني في كلِّ خابيةٍ
حبّات قمح ٍنجوما ً في دياجير
شيءٌ بعينيك مجهول يحوّرني
ماءً وخمراً فماذا أمر تحويري ؟
أللعطاش الى سرّّ ٍ فتشربني
والجائعين الى خبز ٍ على طور ِ؟؟؟
ـ3ـ

فلمّا انكفأنا ودان الزمان
سكارى نلّم ُ ذيول النغمْ
تقول ُوقد أفحمت شاعري
وصبّت على القلب سوط الندم
أتنسى اعتكار الدجى خلسة ً ؟
وصفو اللقاء البرود الشبمْ ؟
وتنسى التعاطي بماء الورود ؟
وثغريَ في لجة النحل كُمْ
فقلت ُ لها أيهذا الملاك
رويدكَ او بعض هذي التهمْ
عراني زمانكمُ الجرهميُّ
وأجرى حياتيَ شهداً بسُمْ
ولست ُ بناس ٍ ولكنني
لثمتُ ثناياك ِ من غير ِ فم ْ .....!

صيف عام 1997
************
فراشة الحزن ونبع الضوء

(1)
في بعض أحيان الكآبة
يستأذن المتعذب الآوَّاه ان يلقي عذابه
يحنو لملء يديه أحلاما وموسيقى جميلة
ظهرت بشاعته الزمان فكيف يحلم بالخميلة
ظهرت بشاعته الزمان فكيف يحلم بالغيوم
ايظل يسأل والشوارع لا تصيخ ولا تجيب
ايظل يحلم بالنجوم
وبروعة الغسق الشفيف, وكيف تشتبه الدروب
ومرارة الاهات في شفتيه والدم واللهيب
طفحت كوؤس العيش يا قلبي بأنواع الهموم
فاترع وناول حيث لا ساقٍ هناك ولا حبيب
(2)
في بعض أحيان الكآبة
تشتاق ذاكرتي اليكِ , حملت من روحي ضبابة
عبر الجبال الخضر والصحو المغازل والسهول
أعراضُ حبّي لا تزولُ وليس تتركني أزول
فهوايَ منقوش ومحفور على النمش الخجول
يا ليتني كنت اقتربت وكنت ألقيت السلامْ
وغسلت بالنمش الجميلْ
وجهي وأشواقي وأسرابَ الحمامْ
يا ليتها اقتربت فراشة جانحيَّ من الضرام
يا ليتها غمست بماء الوجه منقار الحنين
يا ليتها قد سرَّحَت جنحانها فوق الجبين
كالتائهين العائدين
يا ليتها من فوق نبع الضوء قد لمت من النقط الخضيلة
ومن الحروف الزنبقية في خميلة
لغة تجدد مثل شوق في فمي
لغة تبرعم في دمي
لغة افك بها عصافيري الحبيسة في كتابي
ويدا امرّ بها على قلبي على وهج العذاب
وانا الحزين انا الحزين انا الحزين
الريح من تحتي وفي اذني صراخ الهالكين
أطبق على عينيّ يا صقر السنين ...!

*******
وأحزاني عصافير خريفية

تخًّطي في سمائي واسحقيني انك الألق
فإني لا أحسّ الحب الا حين أنسحق
وإني لا أقول الشعر إلا حين انسحق
ولا تستيقظ الأشواق فيّ كلمعة المدية
وليس تحرك الدنيا هواياتي الطفولية
تخطي لي حدود الوح أنت البحر والأفق
وأنت كما تسرّب في كياني الضوء والغسق
بعيني أم بعينك راح يبكي ذلك الشفق
تخطي وأسقطي فوقي كأوراق رمادية
فأنت حديقة النارنج ليس يزورها العبق
وأحزاني عصافير خريفية
وإن هواي نايٌ ملؤه الريح الجنوبية
ضعي كفيك سدّي كوّة القمر
وفوّهة الأسى في داخلي ولهيب أفكاري
تخطي وأسقطي ابًدا على ناري
كزخات من المطر..!

*******
العودة الى زيوناز
(1)
ألا انّ قلبي كأرضٍ موات
وقد هجرتها عصافيرها
وشرّش في الطين ديجورها
دعوهُ ملاكاً كئيباً كئيبا
يطيف بهِ حشد الذكريات
دعوهُ دعوهُ غريبا
هناك ويا ليت قلبي صفاة
ألا إنَّ قلبي
يراودُ جفنيه من خيط حُبّ
وفي الليل ضوء خبا ثَم مات
أهذا الذي ذقت طعم الحياة
أهذا الذي ذقت يا ناسُ حسبي
أهذا الذي ذقت طعم السنين
أهذا الذي ذقت طعم الحنين
أهذا ويا ليت قلبي صفاة
أهذا ويا ليت قلبي صفاة


(2)
أعودُ اليك وكلّي نشيد
أعود وكلّي نشيد يعيد
زيوناز يا رقتي النائمة
ويا قريتي الحالمة
أعود اليك أخيراً
أعود اليك كسيراً
ولكن بهذي الخطى القائمة
زيوناز إنّ خطانا تموت
فمن يشعل الشوق فيها
وللقبر ألف جدارٍ صموت
ويعلك اسئلتي ويقيها
أعودُ بلا شعلةٍ للرجاء
سوى الرفض في مُقليتيّ
سوى الرفض أحمله في يديّ
فمن ذا الذي يرفضُ
وعيناكِ صوتٌ يصيح انهضوا


(3)
وإن حروفي عصافير حزن ٍ تفرّ ُ
إلى ربوة ناعسة
وينصتُ قلبي اذا قيل شعرُ
إلى لوعة هامسة
وهذي الخطى اليائسة
جواز سفاري ستقرعُ
أبواب أرض ٍ تجوع
جميع شرايينها للمطر
وأنت كفيلة هذا الرجوع
بأن تخرجيني وشعريَ
من بين هذي الغجر
عسى شمسنا ما لها من طلوع
وليل الهوى ما له من سحَر
ألا أين من يوقدون الشموع
دجىً في معابد هذي العيون
ألا أين من يوقدون
سيخفق فيها الهوى والحَوَر..!

*******

سيزيف الجديد

-1-
صخر الأفكار يسدّ فمي
ويشدّ ُ خطاي الى العدم
أعيى سيزيفَ فأحملهُ
ما أثقلهُ

-2-
الصخر سيورق من ألمي
يسقيه القلب ويطعمه
القلب الجوعان الصادي
والغصن لكم اغوى فمه
كضبابٍ يسرب في الوادي
فعلام صحبت معي زادي
ما دام سيروق من ألمي
صخرٌ بفمي
-3-
لم ألقَ لأيّامي طعما
ولياليََّ اعتكرت أوًّاهُ وما لثمتْ نجما
ستشفُّ اللوعةُ في خلَدي
عنها فيموج ضبابُ يدي
فسأنكرُ أمسي أنكرهُ
وأذمُ اليومَ وأكفره
وغداً سأجيءُ مع الفجرِ
تتماوجُ أحلامي الحلوة
وتذوبُ وأنفاس الربوة
في صدري آهٍ في مجمرة الروح
ويحرقها فكري
أبداً سأعود من الهوّة
أعدو كالنهر المنكسر
وسأقطع صخرك أمخرهُ
مهما أربى الموج النطاحُ
سأمخرهُ مهما مهما...!

********

قصيدة شعري الوحيدة

وللمرة العاشرة
أعيد قراءة تاريخ حبي
أعيد قراءة ديوان قلبي
وفي نار أجفانيَ الساهرة
أقلّبُ ايقونتي النادرة
فتملأني الكبرياء
وللمرَّة العاشرة
تسافر ذاكرتي للوراء
لها عبر عينين من كستناء
وتخرج عيناكِ لي من شقوق السنين
ومن ذكرياتي العجاف كأصوات نايٍ حزين
وغارقةً عبر صبح الشقاء بطَّل الشقاء
كأزهار نارٍ وماءْ
وعيناك إذ ما تلوح لقلبي يشاهد فيها بحار الحنين
ألم تبصريني على ضفة الشوق عند انعتاق الغروب ؟
أمدّ خيوط فؤادٍ يذوبْ
والقي شباك القصيدةِ في كل بحرِ
لأصطادَ أسماكَ روحي
التي خُلقت من ضياءْ
وأرجعَ لا ضحكةٌ لا رجاءْ
وتأكلني جائعات الدروبْ
وها أنا في العالم المكفهرِ
أعيش ويختصر الحزن عمري
تمنّيت لو تسكبين عليّ حنان السماء
ولو تفرغين بعيني لون المساء
وأنت كنجمة قطب أضاءت سماوة فكري
ودنيا بعيدة
وأنت حفيف الدجى والبحار
باذنيَّ أنت قصيدة شعري
قصيدة شعري الوحيدة
وأنت أيا لوعة الكبرياء
ويا لوعة الذكريات
تصير السنين هباءً كأوراق هذا الشجرْ
كأوراق هذا الشتاءْ
وتأتين من عالم الذكريات
إليَّ ومن ضوء ذاك القمر
وعينايَ فيك معلَّقتان بضوء القمر
ووجه القمرْ
وسحر القمرْ
يمدّان قلبي بهذا الشتات
تمنّيت لو أن قلبي حجر
يواجه هذا الهوى والشتاتْ
ويعرف كيف يعيش بصمتٍ
وكيف يموت بصمتٍ
وملء رباه حريق الغجرْ
*********
إني شربت الأسى من راحة الساقي

أرسى عليه التعب يفجأه فانغلب
قالوا ضنىً من جوى أو حالة من طرب
وهكذا يفترى لكلِّ داءٍ سبب
بات يقاسي الدجى وشؤم بومٍ نعب
كألف ليلٍ وقد يكون أنكى نصب
يسقى الليالي وما سقراط منها شرب
سخافة عيشها تذرّ ُ فيًّ العصب
والناسُ لا لا تسل إن زماني عجب

أساهراً تفتل الآلام أعراقي
حبائلا ً لاصطياد النجمة الباقي
شرودها ليلة السهد التي اعتكرت
فيها شجوني وعلاّتي وأشواقي
عرفتها حين شاءَ الوهمُ يفلتها
قرأت في مقلتيها سرًّ إطراقي
يهزّني عن رتاج ٍ من محاجرها
مبللٍ بدموع ٍ أو بإشفاق
أجوب صحراءَ..أفكار مموّهةَ
على ظنوني لم تخلق لذي ساق ِ
أحسستُ بالنظرةِ الشزراء تخنقني
عن احتقار قراطيسي وأوراقي
يا حرقتي يا بُرودي يا التياع يدي
ويا هواءَ الذرى في محضَ إغراقي
خضّي هدوئي أبيديه كأن ردىً
يجنّ ُ دونك يا يا كلُّ أشواقي
أنت العذاب لقلبي والنعيم لهُ
وأنتِ فيما مضى سَمّي وترياقي
لا تجزَعي وخذيني مندلاً رطباً
أو عود مسكٍ أما يكفيكِ إحراقي
ولستُ أنكر والدنيا منادمةً
أنّي شربت الأسى من راحة الساقي

*******
راهب الحياة

صعبّ على يديَّ أن تختصرَ الزمان
صعبّ على الرموشِ أن تكتبهُ
صعبّ على الشفاهِ أن ترسمهُ
صعبّ على ملامح شربها الهوان
أن تجمع الزمان في دقيقة واحدة
تخـتصر الزمان في بيتٍ
من الشعرِ بلا أوزانْ
أن تفهم الحياة او تدركَ
سرًّ البؤس والعذاب والحرمانْ
مثَّلت فوق المسرح الرهيبِ عشرين سنة
وما فهمت مرةً دوريَ.. من أنا ؟
والناسُ سائرون سائرون... وهنا
جلستُ لا شوقٌ ولا مالٌ ولا رفيقْ
أمضغ أحزاني على قارعةِ الطريق
اُرَكِّب الدنيا بمفردي
افكِّك الدنيا بمفردي
قد أفلتت قوافل الأشواق من يدي
قوافل الضباب والتراب والغيوم والشقيق
وتركتني مضغة يسوغها الحريقْ
وللحياة ألف سرٍّ غامضٍ غريبْ
فساعديني أيّها الآلامُ مزّقي
غشاوة الاشياء عن عينيَّ وامنحيني اللهيب
لعلّني أكشف ما تخبّىء الغيوب
وأستشف الشفق البعيد والزمان والمكان
وأستشفُ لوعةَ الاحزان
وأبصر السماء من قريبْ
لعلَّني أبصرها وأنحني
تحت سنا أبوابها الثقال كالغريب
وبسؤالٍ معتم تختلج الشفاهْ
هل هذه الحياةُ حلمٌ بعدهُ نفيقْ
على سؤال الملكينِ عندما الجدارْ
يصدم رأسينا! هنا قرَّت بنا الطريق
ولا نصيح آهْ
أين ثيابُ الليل والنهارْ
أين المدى العريض كالبحارْ
والقمر التبريّ ُ والأشعة التي
كأنها حقلٌ من النضارْ
هل هذه الحياة
ما اختزن الشاعر من رؤاه
وامرأةٌ غريبة تلسعنا بمثل برد النار
ألست محتاجا لمن يفهمني الحياة
دقيقةً دقيقةً
وكلمة فكلمة يترجم الحياة..!

********

رسالة حبّ صغيرة الى القدس

(1)
دمُ القدس الحبيبة في شراييني
دمُ القدس الحبيبة صارَ نبضاً في شراييني
وصارَ رنين أجراس ٍلبرج ٍ آه مدفون
كأسراب السنونو في القرارةِ أنت من روحي
كَرَفَّ شعور ليلتي التي زادت تباريحي
حنينُ لظى العيون ِيعصبُ القسمات في الريح ِ
ألا يا قدسُ يا كَلًّ الهوى ... أغصان أغنيتي
أموتُ على يديكِ .... على شفاهكِ محض أمنيتي
أغيّبُ في جذوع السنديان ِلديك والتين ِ
تُعمَّدني يداك بزَيتِ زيتون ِ
كأني آخر الأملاك في كنعان أزدهرُ
كأني في فلسطين
ألا يا قدسُ لو قُبلة
أموتُ بدونها الليلة
أموتُ بدونها وحدي وفي الأمطار أندثرُ
(2)
وبي شوقٌ للثمِ يديكِ يكتبني ويمحوني
يعلِّقني على هذي المآذن ثمّ يرميني
نما من فجر هذا الدهر أو من عهد قايين ِ
يفارقني فراق الروح ِ ثم َّتردُّه حيفا
تغلغل طيبها الأوّاه في جسمي
وشرّش في مساماتي وذاكرتي وفي عظمي
وللأشياء في حيفا
جمالٌ يصبغ الصيفا
أأهربُ من هواي وكيفَ
أهربُ من هوى كيفا
أأهربُ من دجى المنفى
أطير إلى دجى المنفى
تعيسٌ أنت يا قلبي ومنكودٌ بذي الدنيا
فكم ستظلُّ تخفق بالعذابِ .... إلى متى تحيا ؟
ويا أسماك روحي جفَّت الأمواهُ في نهري
وكانَ خريرها الأوّاهُ بين أضالعي يجري
يردّ ُ عليَّ روحي من قرارٍ كانَ منسيّا...!

*********

مرثية عبد الوهّاب البياتي- شاعر الحبْ والعذاب

فقير وفي قلبه محرقة
يجوع ويطعم كل الجياع
ويضرب للتائه الاروقة
وفي مقلتيه يغيم الدجى
إذا ما سجا
ويغربُ في مقلتيه الشراعْ
وكل السنون الحزين الحزين
فما زال طفلا من الحالمين
نجوم حزيران ضاعت على صدره
ورائحة الخبزِ
والتبغ في شعْرهِ
ورائحة النار حتى المطرْ
وحتى الزهرْ
يرف اشتياقاً إلى ثغرهِ
سلامٌ وبردٌ ووردٌ سلامْ
على بطلٍ عاشقٍ لا ينامْ
هو الإرث ممَّا تبقّى لنا من بلادِ الشآمْ
ولا شخصَ يعرفه ها هنا
ولا شيء يفهمه ها هُنا
إذا ما تكلَّم غيرُ النخيلْ
وغيرُ الحمامْ
ويحفظه الخوخ عن ظهر قلب
وعن ظهر حُبً ّ
ويعرفه التين من ألف عام
وتوت الشآم
لقد عاش فينا بسيطاً غنّيا بتبر الغرام
بما يسكب الحزنُ في مقلتيه
بما يتساقط دوما عليه
كريش النعام
لقد عاش فينا كأي البدور
على وجهه دعة كالغمام
وهلا تعيش البدور سوى في الظلام
إلى شاعرِ
تدقّ الأزاميل في صدره
ويُصلب فوق جذوع الأسى العنقُ من فكرِه
ولّما تدلى رأينا على وجهه الساخرِ
كأن اللهيب الذي في الفم
كأن الحنين الذي في الدم
سيجري مع الغيمة الهامية
مع النار والأدمع الدامية
أسى أو هوى كشفيق الغروب
وقطراً تسَّاقطَ فوقَ الدروبْ
قرأنا على وجههِ الثائرِ
ليندكَّ حتى جدارُ الزمنْ
ليندكَّ هذا الجدارُ الرهيبْ
أأبوابهُ من غيومِ المحنْ
وتهمي دماً في الدروب
أنا بعض احجاره
أموت على يد جزاره
وإن عظامي بقايا غريق
طفت فوق ذلكمُ الساحلِ
وداري بعامورةٍ تستفيقْ
على الحلم الهائلِ
فتهوي إلى الدرك السافلِ
إلى شاعر قدره القافية
وتمتدُّ أشجاره العالية
من القلب حتى الفم
أقدّمُ زنبقة ضافية
أقدِّمُ زنبقة من دمي
ومن بعد سبعين عاما من الحب والجوع والذكرياتْ
يعود الغريب إلى دارهِ من بلاد الشتاتْ
ومن بعد هذا النزيف الحرور بصحراء نجدِ
وثلج سيـبيريا يسافر من بحر وجد لوجد
يعود السنونو إلى وكره
يحط الرحال ويلقلي ذخيرة شوق قديم على ظهرهِ
سلوهُ لماذا يعانق صمت الدجى والبحار
ويرقد في جفن هذا النهار
سلُوهُ وفي مقلتيه الجوابْ
كضوءٍ بهِ يستنيرُ الضبابْ
لماذا يصير لهيب العذابْ
رماداً ويُطوى جناح السفار
ويبرد كالثلج قلب الحياة
وتنطفىء النار ... تخبو قناديلها الذكريات

*********

الحلاّج يتكلّم

قفوا لا تذهبوا فاليوم أشكركم على صلبي
وأشكركم على حبي
فأنتم ما فعلتم هكذا إلاّ من الحُبّ
وأروي كل أشواقي ولو من غير كلمات
ولن أشكو... ولو تنداحُ مثل الغيم آهاتي
سأشكركم وأنفث مثلما البركان لو فورة
عسى أشفى ولو مرّة
عسى أشفى من الحسرة
عسى ينزاح صخر الهمّ عن قلبي
وأبصر في متاهات الدجى دربي
كمثل الخيط من فجر
أريحوا قلبيَ الأواه مما يحفر الجشعُ
وممّا شبّ في صدري
أيخمد كل نجم في السماء وليس يخمد ذلك الطمعُ
تعالوا فاقتلوني كي أعيش فإنني بالشوق لستُ أموت
وذرّوا روح روحي آهِ في أبدٍ من الملكوت
وذروّا جسم جسمي آهِ في بحرٍ
من الأشواق والوجدِ
أغيرُ الحُبِّ في دنياكمو يجدي
سيجمعني ويجمعُ قلبي المنثور يجمعهُ
ويُرجع قلبيَ المكسورَ يرجعهُ
كبلّور النوافذ مثلما كانا
رجاءً أضرموا الترب الحبيب عليًّ نيرانا
سأشكركمْ على الموت الجميل فأعتقوا جسَدي
وعن صدري فهلاّ زحتمو حبلا ً من المسدِ
وعينايَ التي حملت لكم أشواق أزمان ِ
خوت من كل شيء ٍ وانطفت فيهن أفراحي وأحزاني
غشاها مثلما يغشى الضحى ليلٌ من الرمد ِ
فلا ضوءٌ وسقسقه ٌ تذوبُ تذوبُ في خَلَدي
أسائلُ في عيون الناس وهي تمرّ ُ بي شزرا
ترشّ ُ السم ًّ والسخرا
أسائل كلَّ ما دمعة
أسائل كلًّ ما لوعة
أصرتُ الفاديَ الثاني
حملتُ قميصه الوهّاج والأشواق والزهرا
حملت الليلَ والفجرا
على دربٍ غدى يمتدّ ُ بي كصلاةِ رهبان ِ
ويطلع لي يهوذا من وجوه الناس من قمصانهم فانوسَ أحزاني
ومن أشجار ذاكرتي كشيطان ِ
فداكم كل عمري أيّ ُ سخف ٍ هذه الدنيا
أكالحجر الثقيل أظلّ ُ مطروحاً بلا معنى ؟
وكالحقل الحزين أظلّ ُ منبوذاً بلا سقيا ؟
وتحدجني نجوم الليل وهي تمرّ ُ بي وسنى
تُمزًّقني رياحٌ آهِ من كفرِ وإيمان ِ
أصارعُ خلف بحر الفكر شيطاناً من الزبدِ
ويحرقني شهابُ الليل ِ إذ أستطلعُ الرؤيا
أهذا كلًّه ثمن الذي أحيا...!
وما زلتُ أهذي وأسألُ يا إخوتي ما الفداءْ ؟
وما الدم ما القتل ما الكبرياءْ ؟
إلى أن عرفتُ وجرّبتُ موتي وصلب المسيحْ
وقتل النبيّين والأولياءْ
فديكُ الرزايا ثلاثاً يصيح
وتسقط أوراق سدر القضاءْ
فكيف عساني أصوغ الرثاءْ ؟
وكيف عساني أقول الرثاءْ ؟
أنا فارسٌ قد فتحتُ حصون السماءْ
وإني رددتُ وشاح البطولة
على منكبيّا
رفعتُ السلاسل عن ساعديّا
وعُدتُ مساءَ حياتي النبيلة
وفي جعبتي كلّ ُ أسرار هذا الوجود وهذا...الفناءْ
وأنّ َ الليالي هباءٌ هباءْ
وأنَّ الهوى خطةٌ مستحيلة
لقد شمتُ فيها انطفاءَ الرجاءْ
أهذا مخاضُ السنين الطويلة
أهذا ربيع السنا والدماء...؟!



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شمسُ يوشع
- كلمات في وداع أجمل الفرسان محمود درويش
- كلُّ هذا البهاءِ المراوغِ حريَّتي ليسَ لي
- عذابات وضَّاح آخر
- خطىً لظباءِ القوافي على القلبِ
- قصائد مختارة من ديوان أوتوبيا أنثى الملاك
- كأني سوايْ
- إنفلاتُ هوميروس العرب إلى الأزرقِ الورديّْ
- محمود درويش.... أقربُ من زهرِ اللوز
- ماركيز ويوسا : رحمةً بنا
- مهزلة - أمير الشعراء - المُبكية
- كأنَّ الوردَ يهذي
- رؤى يوحنَّا الجَليلي
- حسين مهنَّا : علاقةٌ متجددَّة مع مسمَّيات الجمال
- قصائد من الجليل/ مختارات
- ونجمي في السماءِ تشي جيفارا
- حالات اندهاش
- لن أقُلْ ..آهِ كلاَّ
- في الشارعِ الخامسِ
- كلامٌ أخيرٌ إلى ويليام والاس


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - قصائد مبتلة بالضوء / قصائد مختارة