|
|
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا-10-
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 03:43
المحور:
الادب والفن
رست باخرتنا بميناء بلدة صغيرة في ولاية طكساس من أجل إجراء عملية صيانة للآلات والمحركات . وقبل دخولنا إلى الولاية عندما كنا في عرض البحر كان جل البحارة ينهبون العنابر ويسرقون معدات مختلفة وكان الجميع يشارك في هذه الجريمة بما في ذلك القبطان باستثناء المهندس الأول وضابط . لاحظت ذلك ذات ليلة بالصدفة لما عندما انتفلت من غرفة المحركات إلى حجرتي بعد انتهاء دورية الحراسة . وقد أراد أحد البحارة أن يشركني معه في العملية المشبوهة فاعتذرت ودخلت مخدعي. كما أنني حذرت ( فارس ) كي لا يقحم نفسه في هذه الشبهة وأفهمته بأن هذه السلع مسجلة ولا يمكن أن تكون المصير عاديا . أما البحار المصري فقد شارك اللصوص في عمليتهم. وكان مخدعه مليئا بآليات مختلفة وزرابي وكانت لديه آلة خياطة كان ينوي نقلها إلى بيته في مصر حسب تصريحه. وكان أيضا سعيدا بذلك كان يرقص على أنغام آلته الموسيقية ويقول ( حنبضع ياحمد حنبضع ) ولكن عندما تم ضبط الحادث وإيقاف المتورطين قلت له ( حنحبس يابراهيم حنحبس) وضحك الجميع من كلامي بما في ذلك المتورطون ). وقبل أن تنقل السلع إلى مخادع أصحابها كانت في البداية مخبأة في غرفة المحركات وكنت أراقب ذلك بحذر شديد. لكنني و (فارس) وحتى المغربي بقينا بعيدين عن الشبهة . كما أن البوليس كانوا أذكى من اللصوص . فقد حضر الجمارك أول الأمر ( بوليس كوستم ) وقاموا بإجراءاتهم العادية وانسحبوا لحالهم. وبعد أيام قام كل واحد بنقل سلعه وبضائعه إلى حجرته وكان كل واحد منهم قد إطمأن لما لديه وظن نفسه قد خرج غانما . سالما. لكن الأمن الذي كان مكلفا بالبحث في القضية كان هو الآخر يخطط بطريقته الخاصة وربما كان بالباخرة من يطلعه على مجريات السلوك الجماعي. ذات صباح كنت في الحراسة فلاحظت المهندس الثالث مصحوبا بشخص غريب عن الباخرة الذي خمنت بأنه شرطي وشعرت كما لو أنهما يتحدثان عني لكن الحديث لم يكن يتعلق بقضية الباخرة بل كان المهندس الثالث يخبر الرجل أنني أدخن الماريوانا . ولما كانت علاقتي به مشوشة بسبب إمتناعي عن العمل معه خلال الساعات الإضافية فقد كان يحرض رجل الأمن علي ولسيما وهو مورط في السرقة .وفعلا كان ذلك صحيحا فقد كان ظني في محله . سألني رجل الأمن ( سمعت بأنك تدخن الماريوانا ) وكان يقولها بالإسبانية وباللكنة الاتينية . قلت ( أدخن أحيانا حينما أجد شخصا يدخنها ) سأل عن حجرتي لكي يفتشها ثم انسحب. أصبت بالقلق فقد كان لدي سجارة محشوة أعطاها لي صديق يوناني هو أيضا مورط في السرقة . نزل (فارس) نحو غرفة المحركات وأخبرني بأن الباخرة باغتها رجال الأمن صباحا وهم يشهرون مسدساتهم ويقومون بإيقاف البحارة واحدا واحدا وتجميعهم بالصالون الكبير. صاروا يفتشون مخادع البحارة ويخرجون السلع المختلفة ويضعونها داخل صناديق كبيرة على رصيف الميناء وكانت تلك الصناديق هي نفسها التي توضع فيها النفايات ببلادي تأتي بها البلدية خصيصا لذلك وكان لونها أصفر. سلمت الحراسة لفارس وعند خروجي من غرفة المحركات وجدتهم في انتظاري وقال صاحبي الذي زارني مع المهندس الثالث ( فتشوه جيدا ). قادوني إلى الصالون ومن ثمة بعد هنيهة إلى حجرتي للتفتيش. سألني المهندس الأول إن كنت متورطا قلت له لست كذلك. ففرح وهنأني . لكنني كنت قلقا بسبب السيجارة . تم إصطحابي من طرف رجلين أمنيين نحو مخدعي وتم العثور على السيجارة ثم أريد لي أن أتحمل مسؤولية علبة ماريوانا وجدت على ظهر الباخرة أثناء الإقتحام وهي لا علاقة لي بها وأعرف صاحبها . أخيرا تحولنا كلنا إلى موقوفين لا نستطيع مغادرة الباخرة التي كان رجل أمن عجوز يحرس مدخلها وهو مسلح بمسدس يشهره كلما اقترب أحدنا منه وكان لديه راديو للإتصال. بعد يومين أو ثلاث تم نقلنا إلى إدارة الأمن التي لم يكن رجالها يلبسون اللباس الرسمي . كانوا كلهم باللباس المدني . وبعد النداء بإسمي دخلت عند المحقق. كان رجلا رزينا ويتكلم الإسبانية بلكنتها اللاتنية . وناولني بطاقة بحجم كبير مكتوب عليها بعدة لغات باستثناء العربية ( يمنحني القانون الحق في عدم الجواب على أسئلة المحقق إلا بمعية الدفاع . وفي حالة عدم توفري على إمكانية مادية لتسديد أجرة الدفاع فإن القانون يحيلني على عنوان أسفل البطاقة يدافع عني مجانا ) . قررت أن أخوض التحقيق لوحدي لأنني متأكد من براءتي و من العلبة اللعينة . قلت للمحقق بأن العلبة ليست علبتي كما أعرف لمن تكون إلا أن إخباري عن صاحبها سيكون بلا دليل وغير مجدي . وفجأة أشرقت فكرة في مخيلتي وأنا أنظر للعلبة وهي ملفوفة بجريدة يونانية فأضفت ( سيدي المحقق إن هذه العلبة ملفوفة في جريدة يونانية وهذا دليل قاطع على أن صاحب العلبة يوناني . قال الرجل نعم هذا صحيح . ثم فاجأني مشيرا إلى عنوان بالجريدة طالبا أن أقرأه . لكنني بقيت مصوبا نظري إليه وأضفت قائلا - لقد قلت لك بأنني لا أقرأ اليونانية - فوضع المحقق يده على الزر ودخل شرطي يحرس الباب فقال له ( هات شخصا يونانيا ) قال الشرطي لرئيسه ( من فيهم ؟) قال ( أي كان ) فأدخل يونانيا يشتغل بمطبخ الباخرة فبادره المحقق قائلا ( إقرأ هذا العنوان - مشيرا إلى عنوان آخر بالجريدة ) فقرأه اليوناني بسهولة لا تصدق . انسحب الرجلان . فنظر إلي المحقق وقال لي ( يمكن لك الإنسحاب فأنت حر .
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيأة العليا -9-
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا- 8-
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا -6-
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا / 7 /
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا- 3-
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -
-
ا لله
-
غرام الذباب
-
أنا الأرض أنا التراب
-
أوراق من الواقع
-
حمائم الحنين
-
ثرثرة داخل كلوب المغرب التطواني
-
الرائحة
-
مأساة العراق
-
الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا
-
العراء
-
هرا ء
-
إعتقال للمدينة
المزيد.....
-
أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا
...
-
من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة-
...
-
من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة-
...
-
لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي
...
-
الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال
...
-
ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
-
لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
-
مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار
...
-
جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم
...
-
شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه
المزيد.....
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
المزيد.....
|