أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا














المزيد.....

الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2429 - 2008 / 10 / 9 - 06:10
المحور: الادب والفن
    


.....................................................
من مدينة – بلباو - قررت أن أنطلق نحو العمل على ظهر باخرة تجارية كبحار . فقصدت الميناء للبحث عن العمل . بالميناء كان هناك عدد من البواخر التجارية مصطفة على جانب الرصيف . أول باخرة صعدت إليها كانت تحمل
علم الدانمرك . سألت عن مكتب القبطان فأرشدني إليه شاب في مقتبل العمر مبتسما في وجهي وكذلك هو الشأن بالنسبة للقبطان ما أن عرف مطلبي حتى أبدى أسفه مبتسما قائلا ( complet ) فعدت أدراجي مستسمحا . فكرت
أن مثل هذه البواخر التي تحمل أعلاما لدول متحضرة ومتقدمة لا يمكن أن تقبل بتشغيل أمثالي من سلالة مختلفة كليا عن سلالتهم . فجربت حظي لدى باخرة بائسة تحمل علم - بانما - كان أفراد الطاقم كلهم يتحدثون الإسبانية .
ولما اتصلت بالقبطان بغرفة القيادة وسألته عن العمل سألني إن كنت قد إشتغلت بحارا من قبل . فقلت نعم فطلب مني الرجوع بعد يومين ولما هممت بالهبوط عبر السلم نحو الرصيف وجدت أحدهم ينتظرني ليعرف إن كان القبطان
وافق على تشغيلي . فاخبرته بأنه علي الإنتظار يومين فطمأنني وبشرني خيرا . وسألني بدوره إن كنت اشتغلت بحارا من قبل وسألني عن إختصاصي ومن خلال الحديث بيننا إكتشف جهلي بأمور العمل فصارحته بالحقيقة
وبأنني أطلب العمل بالبحر لأول مرة . كما عرف جنسيتي وعملي بأوراش - بيلباو - فاستضافني في غرفته وقدم لي مشروبا واجتمع نفر من البحارة بالغرفة وعلمت أن جنسياتهم مختلفة لكنهم جميعهم من أمريكا اللا تينية
( الأوندوراس وبانما وكواطيمالا وكولومبيا ) أحدهم كانوا يلقبونه بالبطة وفعلا كان لقبه مطابقا لشكله . أما الآخرون فقد كانوا هنودا بشكل عيونهم باستثناء الكولومبي كان شكله مطابقا لشكل الإسبان .
من خلال الحديث الذي دار بيننا فهمت أن القبطان يوناني الجنسية أما مهندس غرفة المحركات فقد كان إسبانيا . بينما رئيس الربابنة العاملين على سطح الباخرة كان من أوندوراس . عرفت أيضا أن هؤلاء إرتاحوا إلي ويحتاجونني لكي أخرج برفقتهم وأكون مرشدا لهم كي أدلهم على الأماكن التي يريدون ارتيادها . وكان هناك
أمريكي يسمونه - الجانكي - يعمل بالباخرة البئيسة وبأجرة بئيسة قبل بها فقط لكي يعبر المحيط الأطلنطي
فارا من التجنيد وفعلا حالته كانت تعبر عن أفكاره . لقد كان غريب الأطوار . عندما يخرج من الحمام بعد أن
يغتسل كان يخرج عاريا تماما بالمنشفة على كتفه ورغم ما كان يحدثه سلوكه هذا من صفير وصخب من طرف البحارة فقد كان لا يهتم لذلك بل كان يرنو اليهم مبتسما إبتسامة غامضة كما لو أنه يحتقر تخلفهم .
كانت هناك غرفة أو غرفتين شاغرتين شغلت واحدة أنام فيها وآكل وأشرب على حساب الباخرة مع البحارة في
المقصف كما لو أنني واحد من طاقم الباخرة . وانسجمت مع البحارة وأصبحت صديقا لهم أخرج معهم وأدلهم على
الأماكن التي يريدونها . كما أن الأمريكي نفسه - الجانكي - رافقته إلى قنصلية الولايات المتحدة بالمدينة من أجل تسوية وضعيته كما قال . والبقاء بأوروبا وهذا كان هدفه . وأثناء مرافقته كان يقف أمام لوحة ما أو صورة تعبر
عن الطبيعة فيبحلق فيها بإمعان لعدة دقائق مركزا بنظره عليها لا يلوي على شيء وغير عابيء بي حتى . وكنت من حين لآخر أنبهه وأطلبه أن يتحرك . وكان لباسه مهلهلا مثلي ويضع شريطا حول رأسه كالهنود الحمر
وفي الأطوبيس إذا كان المقعد أمامه شاغرا كان يطلق رجليه فوقه ويصوب بصره نحو المجهول مركزا عليه .
كان هذا السلوك يثير إعجابي . وأشعر بالفخر مع نفسي وأنا برفقته .
مرت بضعة أيام وذات صباح كنا نتناول فطورنا في مقصف الباخرة وفجأة دخل القبطان وبادرني غاضبا
متسائلا عن وجودي على ظهر باخرته . فقلت له بأنه هو الذي وعدني بالعمل بعد يومين كما قال من قبل
لكنه أمرني بالرحيل فورا فقمت من مكاني ولاحظت وجوه البحارة علتها فورة غضب هاديء وفتور جلي
فقد كانوا قد تأقلموا معي وأصبحنا أصدقاءا وكانوا يظنونني مبحرا معهم لا محالة . وقبل أن أرحل صافحتهم
واحدا واحدا وكانت علامة الحزن بادية على محياتهم وقد لاحظ القبطان ذلك . وما أن خطوت بضعة خطوات سمعت القبطان ينادي علي فالتفت نحوه فقال لي إن كنت أريد العمل بصحيح فقلت له إنني موجود هنا من أجل
العمل الذي وعدني به . فأمرني بأن أحضر جوازي وأغراضي إن كانت لدي أغراض . فشكرته وأطلقت ساقي للريح ورجعت بعد ساعة أو أكثر بقليل ومعي حقيبتي التي كانت مودعة بمحل الودائع والأغراض بمحطة القطار لأنني كنت شبه مشرد . كنت سعيدا بعملي الجديد كبحار وأبحرنا نحو كندا ولأول مرة سوف أقطع الأطلنطيك على ظهر باخرة بئيسة وسط جبال من الأمواج .

- يتبع -



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراء
- هرا ء
- إعتقال للمدينة
- بكاء الروح
- الآن
- رغبة الغموض
- مرارتنا
- البسيط والهيئة العليا - 30 - سيرة
- يباب في الذاكرة
- البسيط والهيئة العليا - 29 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 28 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 27 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 26 - سيرة
- العصفور - ترجمة ابراهيم درغوثي للفرنسية -
- العوسج المكلوم
- العصفور
- البسيط والهيئة العليا - 25 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 24 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 23 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 22 - سيرة


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا