أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا الغش!















المزيد.....

فنطازيا الغش!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 06:21
المحور: كتابات ساخرة
    


حدث ذات مرة أن استشرى الغش في إحدى بلدان الله الواسعة بشكل كبيروأكثر ما كان شديد الوضوح هو الغش في الإمتحانات طبعا فالطلاب أكثر الشرائح تأثـّرا بالظواهر الإجتماعيّة، وتمادى الطلاب في الغش في الإمتحانات كثيرا جدا وبلا مبالاة وبتطرف وقد ساهم حينذاك حال المعلمين والمدرسين المادي المتدهور في أن يهمل الطلاب توجيهات معلميهم وتهديداتهم التي لا تنفـّذ أبدا فأصبح الطالب لا يُكلـّّف نفسه عناء النقل من الطالب المجاور له في قاعة الإمتحان ولا يحمل أوراقا أو قصاصات كما كان عهد الخبراء في الغش على أيّامنا في الماضي (السحيق والمتخلف في فنون الغش) بل كان كل ما على الطالب أن يفعله هو أن يفتح الدفتر أو الكتاب ليبحث عن موضوع السؤال ثم يقصّ الورقة من الدفتر أو الكتاب ويرفـّقها بمسمار الكابسة مع ورقة الإمتحان، وهكذا لا تتجاوز مدة الإجابة والإمتحان سوى بضعة دقائق ،وأفاد حينذاك بعضهم أن الدفاتر الإمتحانيّة كانت قد أصبحت تُستبدل أغلفتها بغية مساعدة بعض الطلبة المساكين من أهل (الواسطات! أحيانا) فالمجتهد سينجح في المرة القادمة بالتأكيد،وعندما انتشرت وسائل الغش وأساليبه أكثر فأكثر فقد سخر من الغشاشين بعض الطلاب المجتهدين قائلين: ـ ماذا سيفعلون بعد التخرج ؟ فمنهم من سيصبح طبيبا أو مهندسا أو مدرسا أو عالما ، فما عساه سيصنع حينذاك؟ ولكن للحقيقة فقد تجاوز الغشاشون كل المصاعب وقفزوا فوقها فقد علمتُ أن أحدهم بعد أن أصبح طبيبا وافتتح له عيادة في شارع مكتظـّ بالأطباء أخذ يستخدم شخصا على حسابه ليقف في باب عيادة أحد الأطباء المشهورين ليجمع له الوصفات والمعلومات التي تصدر عن الطبيب المشهور هذا ويقتبس عنه وعن وصفاته كثيرا من نتائج التشخيص وأنواع الدواء الذي يعتمده وبالتالي فإنه استمرّ دون عناء على منهج الغش بل فاق أولئك المجتهدين الساخرين، وقد عمل آخرون على تطوير وساءل الغش بعيدا فعمدوا إلى استخدام وسائل التشفير العلميّة بل قيل أن أحدهم استخدم لغة الحاسب الآلي الداخلية ورموزها العويصة بموجب كود منظمة ASCI))وقد عمل أشياء معقّدة لا أفهمها ، كما علمت أن أحدهم يعمل الآن على تصنيع جهاز إرسال واستقبال وخلية اتصالات متكاملة بالإستعانة بعلوم النانوالجديدة وأن حجمها ربما لن يتجاوز حجم بذرة السمسم أو أقلّ من ذلك وبالتالي يمكن أن تُزرع تحت جلد الرأس ويتحقق بالتالي الإتصال مع أحد المتخصصين وعن طريق الفعاليات الدماغيّة والذبذبات الألكتروكيمياويّة ، وهكذا يستطيع الطالب أن يرسل المعلومات المطروحة في الأسئلة إلى المتخصص الذي سيقوم بالحلّ عن بُعد وإرسال الأجوبة إلى خليّة الإتصال ثم إلى الطالب ليُحرر الإجابة بيُسر وسهولة ،ويُقال أن أساليب الغش قد اتسع استخدامها إلى الوسط الوظيفي حيث لم يعد من الضروري حيازة الموظف على الشهادات والخِبَر بل أن خلية الإتصال ستوفّر كل هذا ، وانتشر الغش بين التجار الذين وجدوا فيه مصباح علاء الدين، حيث أصبح هناك مستشارون متخصصون يبعثون استشاراتهم عن بُعد إلى الباعة وموظفي المشتريات وغيرهم لاعتماد وسائل مبتكرة وفوريّة في الغش بالبضائع والأسعار والمواصفات وسوى ذلك كثيرٌ جدا.
ولا ننكر أنه كان هناك بائسين في هذا الفن ولكنهم حاولوا جهدهم الإبتكار والتجديد ولكن أحيانا حالفهم الحظ وأحيانا أخرى لم يفعل ويُقال أن بعضهم الآن يُطوّر خلايا من النانو صغيرة جدا بوسعها أن تُحلّق في الجو دون أن يراها أحد كحشرة صغيرة جدا وتستطيع أن تبثّ كثيرا من المعلومات لأدمغة بعض المستقبلين وحتّى من دون أجهزة استقبال بل تبث إلى مراكز الدماغ المتخصصّة وتندمج مع أوامر الدماغ الداخليّة لتصدر وكأنها نابعة منها وعنها ويبحث احد الخبثاء في أن يستطيع أن يُقنعَ إحدى الفتيات بالزواج منه بهذه الطريقة ولم نعلم لحد الآن ما ذا حصل بصدد ذلك ،وعلم النانو هذا يحمل لنا أغرب الأعاجيب التي قد يستخدمها اهل الغش في مجالات شتى،وقد يستثمره بعضهم للأعمال الإجراميّة للأسف إذ سيكون ممكنا إقناع شخصٍ ما بالإنتحار مثلا للأسف ، وهناك من الأطروحات العلميّة الكثير مما يؤكّد على أن الذاكرة لدى الدماغ إنما هي عبارة عن مادّة تتشكّل في ظل عمليّة التعلّم والمعرفة ويقولون أنها تتحلل بعد زمن محدد إن لم تُستدعى للإستخدام باستمرار ولكنها تبقى طويلا عندما تكون تحت الطلب كما ذكرنا باستمرارإلى أن تتبلور كمادة (Substance ) ولهذا فإن فريقا من العلماء (غير الغشاشين) يعملون على استخراج تلك المواد من ألأدمغة التي تدخل مراحل الشيخوخة خصوصا عند العلماء والمفكرين لحقنها في أدمغة الشباب وصغار السن لتبدو عليهم فورا معالم النباهة والذكاء ويُصبحوا يمتلكون نفس ذاكرة العلماء السالفين للعمليّة وعندها لن يحتاج الناس للمدارس والأساتذة ولا للمعلمين لأن الأطفال بعد أن تُحقن أدمغتهم بالمواد الموصوفة(بما يُشبه اللقاح) حتّى يباشروا التفكير والتصرف بنفس كفاءة المفكرين والعلماء الذين تم سحب تلك المواد من أدمغتهم، وعندذاك سيكون الغش شرعيا ولن نحتاج إلى وسائل وأساليب للغش في الإمتحانات ،ويقول أحد المتخصصين عندما سمع بهذه الفنطازيا أنه عندذاك سيكون من الممكن معالجة السمنة إذ سيكون ممكنا إقناع المريض بالشبع فيكفّ عن تناول الطعام وينخفض الوزن .
كما أنه سيكون الإستفادة من ذلك في معالجة الأمراض النفسيّة أيضا
ويقول أحدهم مستنتجا أنه سيكون ممكنا أن نجعل الجياع يقتنعون بجوعهم فيكفّون عن إثارة الإضطرابات بوجه الأثرياء فيما يقول أحد الفقراء هذا عظيم ! لأننا سنكون قادرين على إقناع الأثرياء بالكف عن الطمع والشره ويستبدلونه بالشعور بالإكتفاء وبالتالي الكف عن استغلال الناس
ويقول أحد السياسيين في تعقيب له أن هذا سيتيح فرصة لإقناع الزعماء والقادة والرؤساء بالتخلي عن حبّهم للزعامة و ترؤُّس الجماعات وإقناعهم بلا جدوى التعذيب وقمع الناس وتجويعهم بالإكراه.
أما بعض رجال الدين والمؤمنين فيقولون هذا جيد لأنه سيجعل الناس يتخلّون عن منازعة الرب في ألوهيته فتعمل الطبيعة وفق ما شرعه الله ، أما العلمانيون ففرحون بمثل هكذا أفكار لأنهم يعتقدون أن فيها إمكانيّة كبيرة لإقناع رجال الدين بالكف عن تهافتهم في سبيل مراكز الحكم والقيادة ، وسيمكن أن يتم إقناعهم بالإكتفاء بدورهم الروحي ودعوة الربّ فإن استجاب الربّ دعاءهم فهذا شيءٌ عظيم وإن لم يستجب فالأمر له من قبل ومن بعد ولا يُمكن العمل بالقوة أو بفعل التسلط الدنيوي لتغيير إرادة الباري فهذا منازعةٌ لإرادته .
هكذا نرى أن الغش يوفّر لنا أجواءً من التخيّل وغنيٌّ عن القول والذكر أن أحد أهم وظائف الدماغ البشري هو الخيال..! وإذ لم أرَ ولم أعرف احدا ثمّنَ وأثنى على الخيال قدر ما فعله العالم المعروف آينشتاين ، ولكن أعتقد أن الراحل الدكتور عمر جعفر هو الآخر جعل الخيال من أهم وظائف الدماغ العليا إلى جانب اللغة والإنتباه والتفكير والذاكرة، لهذا ولغيره من الأسباب أنصح أن نحترم الغشّ لأنه أحد معالم الخيال وحُسن توظيف الدماغ الإنساني ، ولو تتبعنا وسائل الغش في الحياة نجد كثيرا من الأحياء تُمارسه لسبب أو لآخرأيضا.
فالغش إبداع ونتاج العقل المبدع، وكل ما هناك انه ليس من الفضائل، ومن يا تُرى هذه الأيام تشغله الفضائل من الرذائل؟



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودةٌ إلى الواقع الحضري والإقليمي!
- مجرد المساس بقدسيّة قوانين السوق لا يعني الإشتراكية!
- ماهي مؤشرات ومعالم تلاشي شبح الحرب الأهليّة؟!
- هل أن شعوبنا لا تقرأ.. حقاً؟
- خصخصة Χ عمعمة
- تحسين الأداء من أهم دعائم النزاهة ومواجهة الفساد!
- ثقافة الفساد
- أضواء على جوانب من الواقع الحضري والإقليمي العراقي
- قطعة أرض وبضعة آلاف بلوكة!؟هل هذاهو حل أزمة السكن؟
- هل هي مقبرة للمواهب فعلا؟!
- فضاءُ جهنَّم..!
- نداء لمنع توزيع الأراضي لأغراض السكن!
- هل أن ثورة تموز أسّست فعلاً لظاهرة الإنقلابات؟
- كان هناك أستاذٌ كبيرٌ وتُوفّي!
- مالشرف ومالشريف؟!
- تبيتون في المشتى ملاءً بطونكم...وجاراتُكم غرثى يبِتنَ خمائصا ...
- المستقلون عناصر تُثري الحياة السياسيّة لا ينبغي قمعها!
- فجرٌ جديدٌ جداً ،حقّاً!
- الحلّ..! في فن العمل بين الجماهير.
- الشِّعريّةُ وقصيدةُ النثر !


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا الغش!