أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سميرة الوردي - أنا وولدي والوطن بين ... سيغموند فرويد ... وعلي الوردي















المزيد.....

أنا وولدي والوطن بين ... سيغموند فرويد ... وعلي الوردي


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 2447 - 2008 / 10 / 27 - 07:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما أن اجتزتُ الباب حتى راعني شئ يتحرك من تحته ببطء شديد غير محسوس .. بدا لي كبقايا جذر نبتة بصلية .. وفوقها جذور أصغر منه .. وما أن أمعنت النظر حتى شعرت أن تحت عتبة الدار أفعىً وصلاللها .. مستكينة في البدء ثم أخذت تنشط وتتنفس تدريجيا وبوضوح .
استيقظت مفزوعة .. باحثة عن السبب النفسي الشعوري واللاشعوري والواقعي اليومي والواقعي المتمنى حسب كتاب .. (الهذيان والأحلام في الفن ) .. لفرويد .. عدت الى بضعة أيام قريبه .. وجدتها امتلأت بوعي أو بغيره وبإرادة مني أو بدونها بأحداث ومنغصات لم تكن لي يد فيها .
أخبار انهيارات البنوك وما يتبعها من تراجع في البورصات العالمية وما سيتبعها من انهيار في أسعار النفط .. وتأثيرها على الإقتصاد ..و على الحياة المعاشية .. أصبح شغلنا الشاغل على جلسات الطعام والشاي والتلفاز .. نناقشها بعقلانية ووعي ولاعقلانية ولا وعي وبعاطفة أحيانا وكأن لنا فيها ناقة وجمل بالرغم أننا ولدنا في هذه الحياة وسنخرج منها صفر اليدين لا درهم ولا حتى عانة * .
وما أن انتهيت من تفسيري لهذه المشكلة العويصة ومسحتها من شعوري الواعي والمبطن بأهمية النقود .. وسعيّ للعودة للعمل والحصول عليها بطرقها المشروعة .. حتى أدركت أني اصطدمت بسيارة مسرعة في طريق جانبي يكاد يخلو من السيارات .. وتحطيم مقدمة سيارتي والسيارة الثانية المسرعة والتي لم يبال صاحبها باشارة الإنطلاق التي شغلتها مما جعل تخطيط الحادث يشير الى انه أنا المتجاوزة لأن الطريق له .. جلست محتارة ! ؟ كيف أطمئن لوصول ابنتي لمعهدها الذي كلفنا كثيرا من المال وهي في المرحلة الدراسية الأخيرة فيه .. ويقع بعيدا وليس هناك من وسائل نقل عامة سوى سيارات الأجرة .. التي يسوقونها إناس شتى من كل بقاع الأرض
وأنا في دوامة قلقي ومحاولتي لإيجاد حل .. إذا بالتلفون يرن .. وما أن فتحت الخط حتى جاءني سيل السباب واللعنات على كل المهيمنين على مصائر الناس ومستقبلهم .. فالغريب لم يعد له مكان يستطيع العيش فيه .. والحكومات والأنظمة التي تدعي الديمقراطية .. والتي كانت تمنح الإقامة للمهاجرين عادت تضطهدهم من جديد .. فولدي منذعام2000 م علق في الغربة في ألمانيا .. ولا يستطيع العودة لاعتبارات شتى أولها محاولاته المتلكئة لإكمال دراسته .. التي تفشل أحيانا وتنجح أحيانا .. بسبب عدم منحه الإقامة .. ثم ارتباطه برفيقة دربه .. والسبب الأكثر أهمية هو احتلال الغرباء لدارنا .. وعدم الأمان في منطقة سكنانا .. إذ كانت لعهد قريب بيد الإرهابيين .. ولا نعرف شيئا عن بيتنا سوى ما أخبرونا به الأهل .. أن جارنا الإنسان البسيط ذو الأطفال العشرة قُتل ومن بعده قُتل ابنه البكر لأسباب مجهولة .
جاءني صوته متوعدا مهددا .. وهو على وشك الترحيل .. ثم عاد ضاحكا ساخرا من نفسه ومن ظروفه التي أنهكته واجبرته على الهجرة ..
يهدد ويتوعد من ! وهم بيدهم الحل والربط والحياة لهم ولمواطنبهم بعرضها وطولها .. وما الأغراب سوى أحمال غير مرغوب فيها .
انتهيت من تحليلي الثالث .. باحثة عن سبب حلمي .. فلم أجد خلال الأيام الأربع التي جعلتها مركز استقصائي وبحثي سوى كتاب ( وعاظ السلاطين ) لـ د. علي الوردي فنهاية الكتاب كانت في ختام يومي الرابع .. تحدث فيه وبجرأة غير معهودة سوى عند الأنبياء وذوي الرسالات والثورات الإنسانية الخالدين .
علي الوردي الذي لم يجد ما يستحقه في وطنه وبين أهله وناسه .. سوى من فئة قليلة أدركت ما لهذا الرجل من فكر تقدمي انساني .. قلّ مثيله في العالم .. فهذا الأبن البار حمل الوطن والإنسان في قلبه وعقله .. ولم يداهن .. حمل كل تلك الأفكار الوطنية والإنسانية .. و لم يؤطرها في محيط ضيق لحزب أو فئة معينة .. فهي لكل العراقيين بكل أطيافهم الدينية والقومية .. بل تتعداهم لكل الناس في جميع بقاع الأرض .
في كتاب ( وعاظ السلاطين ) وفي غيره من كتب الوردي يتحدث الوردي كثيرا عما يجري من مماحكات وتعصبات طائفية ودينية .. يدرسها ويحللها ويعيدها الى جذورها التي نشأت وتطورت بعد الإسلام بمدد متفاوتة امتدت منذ بداية الرسالة الى يومنا هذا .. يُعيدها الى منابعها الأُول بعلمية وموضوعية لا يدانيها شكٌ .
يركز الوردي في الكثير من كتبه على الديمقراطية والإنتخابات الحرة النزيهة .. للوصول للعدالة الإجتماعية التي نفتقدها .. وتخليص الناس من الظلم والجور الذي رافقهم منذ العصور الأولى لنشوء الدولة والمجتمع .. يلقي بتبعات وضع المجتمع المتردي الى مشاكل عديدة وفي كل مرة يلقي الضوء على الأسباب والنتائج والعبر والمحاذير المستخلصة والمستنبطة من التاريخ .. ففي كتابه وعاظ السلاطين يلقي الضوء على تأثير رجال الدين الذين لم يعرفوا من دينهم الحقيقي سوى ما يخدم مصالحهم ومصالح سلاطينهم وهم فئة مؤثرة وواسعة في مجتمعنا الإسلامي .. وحديثي هنا ليس لتقديم نبذة عن الكتاب فالقول فيه وعنه لا يغني عن دراسة كتب هذا الرجل .. والإستفادة منها في بناء مجتمع انساني يُحترم فيه الإنسان وتُصان فيه حقوقه .. وإنما للوصول الى أن ماآل اليه المجتمع من تخلف وانحدار ناتج عن سلطان غشوم وشعب مظلوم .. ودور وعاظه من المتاجرين بالدين .. فبدلا من توعية المجتمع وانهاضه من كبوته وتركه يختار ممثليه بارادة حرة واعية .. خدروه وسلبوه ارادته ..
فهم كما يصفهم الوردي: ( لقد صنع الواعظون لنا أنماطا من السلوك فوق متناول البشر ، وتركونا نركض وراءها من غير جدوى ـ كمن يركض وراء سراب ، وكان وعاظنا سامحهم الله لا يفتأون يدعون لأصحاب السيف والسوط بطول العمر في كل صباح ومساء ، فهم يقولون للظالم أحسنت وللمظلوم أسأت . ) .. وفي موضع آخر يقول
( ومن حسن حظ غاندي أنه لم يولد بين العرب فلو كان هذا الرجل ........ يعيش بيننا لأشبعناه لوما وتقريعا ، ولربما رمينا عليه الأقذاروضحكنا على ذقنه . )
(دأبنا أن نهاب المترفين ونحترم الجلاوزة الضخام ، وسوف لن نحصل في دنيانا على غير هؤلاء ـ ما لم نغير هذه العادة الخبيثة . ) **
وفي حديث له عن الإنتخابات والديمقراطية يقول:
( والديمقراطية لم تنشأ في الأمم الحديثة من جراء أفكار صبيانية تحذلق بها الواعظون . انما هي في الواقع نتيجة معارك طاحنة قامت بها الشعوب في وجوه حكامهم المستبدين . والديمقراطية لم تفتر عن الثورة حتى يومنا هذا .
فتاريخها عبارة عن سلسلة متلاحقة من الثورات لا نهاية لها .
إن نظام التصويت الذي تقوم عليه الديمقراطية الحديثة ليس هو في معناه الإجتماعي إلا ثورة مقنعة . والإنتخاب في الواقع ثورة هادئة . حيث يذهب الناس اليوم الى صناديق الإنتخاب ، كما كان أسلافهم يذهبون الى ساحات الثورة ، فيخلعون حكامهم ويستبدلون بهم حكاما آخرين .
يقول المستر ليمان ، الكاتب الأمريكي المعروف ، إن ثوار الأمم الديمقراطية يستخدمون أوراق التصويت بدلا من رصاص البنادق ) ***
في حين مازال هناك من وعاظنا وفي كل وطننا العربي وعاظاً للسلاطين .. وبدلا من بحثهم عن المشتركات بين الناس واعانتهم للنهوض بحياتهم المأساوية من كبوتها ..هناك منهم من يؤجج الفتنة ويتفرج ويستمتع بأوارها .... غير مبال بأرواح الآلاف من الناس .
استيقظت من النوم وأنا أشَدُّ وَهْنا وأضيق روحا ..باحثة عن كتاب آخر للوردي أؤجج به روحي و عقلي .
*العانة : عملةعراقية صغيرة تعادل الأربعة فلوس
** وعاظ السلاطين ص 62
***نفس المصدر ص233 ، 266



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن والحرية ... شعب في الإغتراب و شعب تحت التراب
- جواب
- القرضاوي وميكي ماوس
- ليلى والذئب وحكايات أُخرى
- جدلية الموت والحياة وغبارالحق الإلهي
- أحاديث منتصف النهار
- لماذا البكاء
- عينان خضراوان
- بين أوباما وماكين
- مسرح اليوم أو مسرح الستين كرسيا
- ! لماذا التشظي ؟
- التربية والتعليم والعقل
- أنموت بصمت !
- العراقيون يتوسلون
- الألغام والحياة
- أي مخترَع أو مكتشَف أفاد البشرية وغَيَّرَها ؟ !
- المرأة والإنتخاب
- المرأة والحرية
- رعاياكم في الداخل ، رعاياكم في الخارج
- ألف آه لنوروز


المزيد.....




- إعصاران متوازيان في لقطة سريالية يوثقها سيّاح خارج مطار أمري ...
- استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن ...
- في السعودية.. سيارات الأجرة الطائرة المستقبلية تشدّ رحالها و ...
- لافروف: الولايات المتحدة تغفر لنظام كييف كل تصرفاته
- مطالب بإعادة تفعيل تسعمئة ألف جندي احتياطي في الجيش الألماني ...
- السيسي مستقبلا ليندسي غراهام: نحذر من خطورة استمرار العمليات ...
- الخارجية الروسية تتحدث عن موعد شطب -طالبان- من قائمة المحظور ...
- الفوج الرئاسي يقدم استعراضه في الكرملين في درجة حرارة غير مع ...
- ليبيا.. نفوق غامض لأعداد كبيرة من الإبل يستنفر الشرطة الزراع ...
- مصدر رفيع المستوى: مصر أكدت عدم فتح معبر رفح طالما بقيت السي ...


المزيد.....

- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سميرة الوردي - أنا وولدي والوطن بين ... سيغموند فرويد ... وعلي الوردي