|
عينان خضراوان
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 10:13
المحور:
الادب والفن
تتالت سيارات المدعويين الى قاعة الأعراس الواقعة على البحيرة وقد القت شجرات النخيل ظلالها الباسقة . الرجال يوصلون زوجاتهم وهن في قمة تبرجهن الذي يشف من تحت البرقع الأسود الذي فُرض عليهن ، ومن لاتلبسه يُشتبه بأنها خادم ، فالخادمات والأجنبيات ، يحق لهن خلع الحجاب ، أما المواطنات وبنات العائلات فقد ألزمتهن الأعراف والتقاليد بلبسه ، ولأنه ضروري فقد اهتممن به وأبدعن في ( زركشته ) وزخرفة جوانبه وحواشي غطاء رأسه ، بعض المدعوات يقدن سياراتهن بأنفسهن ، ويركنها في الموقف الذي ازدحم .. الشارع الممتد أمام بهو القاعة جميل جدا تتراقص الأنوار وظلالها على الجدران وصفحة الماء ، لكن حرارة الجو ورطوبته في الصيف تفقد تلك اللحظات القليل من رومانسيتها . ولا تعود لها الا بالوصول الى القاعدة المبردة والمكيفة لمثل هذه المناسبات .. وقفن المضيفات صاحبات دعوة العرس ، بأبهى زينتهن ، في بهو داخلي للقاعة حُجب بستارة مزخرفة ، تمنع رؤية الداخلات عن أعين الفضوليين من الرجال . في مثل هذه المناسبات تتزين النساء ويرتدين أغلى الحلي والملابس وإن كن غير قادرات على الشراء قد يطلبنها من صديقاتهن أو معارفهن ، وكثيرا ما كن يُذكرنني بقصة ( جي دي موباسان ـ الحلية ـ ) والتي أثرت بي تأثيرا بالغا جعلتني أكره الحلي من يومها ، وهذا ما حدث مع إحدى أخوات العريس إذ استلفت صديقتها الأثيرة عقدها الذهبي الفريد والغالي الثمن لمثل هذه الليلة العرسية ، عند زواج إحدى شقيقاتها . ولكنها لم ترجعه ، لأنه ضاع ، وبدلا من أن تكدح لتسدد ثمنه كما فعلت بطلة موباسان ، اعترفت لصديقتها بإضاعته ، آملة بغفرانها ، وبعد عتاب طويل انقطع حبل الود ، ومضين كل لطريقها . ولكن مع كل ماحدث لم يتعظن النسوة ، بل في كل مناسبة تسري حمى الشراء والإستعارة ، فمثل هذه الحفلات مكلفة جدا لأصحابها ولمدعواتها ، ففيها تجتمع المهرجانات النسوية فقط ، لا يجوز اختلاط الرجال والنساء لا في مثل هذه الإحتفالات ولا في غيرها بل هو محرم . تأتلف عوامل عدة لإنجاح هذه الحفلات أولها عرض الأزياء وفخامة القاعة وجمالية ( كوشة العروسين ) والفرقة الموسيقية المصاحبة للإحتفال ، وكثرة المدعوات ، هذه المظاهر الثرائية هي التي تمنح تلك الحفلة بهجتها التي تبقى بعد انصرام الأيام والسنين ذكرى جميله في خيال من أحياها . أما كيف رأى عيسى ميرة في ذلك الجو المحجوب ، فما زال سرا لم تفصح عنه الأيام ، فقد هام حبا بعينيها الخضراوين ولون بشرتها الخمري ، أسرته بجمالها فلم يعد يستطع النوم ، أصبح هذا الحب كينونته ، حتى أصبح حديث الأهل والخلان ، وصار يخطبها من كل من له علاقة بها ، وصل به الأمر الى توسيط ابنة أخته والتي أصبحت زوجة أخ ميرة ، الى إقناعها بقبوله وإفشاء سره غير الدفين لها عن علاقته اللاودية بزوجته وعدم انسجامه معها ولحرمانه من مشاعر الحب بها ، فهي علاقة مقطوعة منذ أن فرضوها أهله عليه ، وله خمسة أطفال منها وقد مرَّ على زواجه ثماني عشرة عام ، و أصغر أبنائه لم يتجاوز السنة . لم يكن أمام ميرة سوى الإستماع باستمتاع لهذا الوله الذي لم تصادفه في حياتها ، وبالرغم من استماعها للجزء الثاني من قصته وزواجه بأخرى ، إلا إنه طلقها بعد انقضاء سبع سنوات على زواجه منها ، لعدم انجابها . اصغت ميرة لكل هذه الأحداث ، شعور الإنتشاء والوله لم يخفت عندها ، سبق لها أن تزوجت من رجل انفصل عن زوجته لسوء أخلاقها وشراستها ، وبعد أن أنجب منها أربعة أولاد ، التقى بميرة هرب من زوجته الى أحضانها ، وما إن اكتشف لون عينيها العدسيتين ورأى لونها البني الحقيقي حتى هفت حبه لها ثم انتهى الى الإنفصال والطلاق، وها هي على مشارف الوقوع ثانية . أطالت النظر في المرآة بعد أن أزالت كل مكياجها وخلعت عدستيها ، تأملت نفسها ، لقد سمعت أن بإمكان أطباء العيون زرع عدسات ملونه ، أتستلف نقودا لتزرع عدستين خضراوين ، أم تلتقي بعيسى من غير هذه العدسات الملونة ، ومن غير طبقة البودر الخمرية ، متجاهلة التفاصيل الأخرى في حياته ؟ ! .
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين أوباما وماكين
-
مسرح اليوم أو مسرح الستين كرسيا
-
! لماذا التشظي ؟
-
التربية والتعليم والعقل
-
أنموت بصمت !
-
العراقيون يتوسلون
-
الألغام والحياة
-
أي مخترَع أو مكتشَف أفاد البشرية وغَيَّرَها ؟ !
-
المرأة والإنتخاب
-
المرأة والحرية
-
رعاياكم في الداخل ، رعاياكم في الخارج
-
ألف آه لنوروز
-
نساء تحت الضوء
-
مواضيع لا رابط بينهما
-
آراء مُتعِبة
-
الإعلام والعراقية
-
عندما يسقط الشاقول عموديا (2)
-
عندما يسقط الشاقول عموديا
-
أفكار مبعثرة
-
أسطورة
المزيد.....
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|