أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - عندما يسقط الشاقول عموديا (2)















المزيد.....

عندما يسقط الشاقول عموديا (2)


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 2145 - 2007 / 12 / 30 - 12:30
المحور: الادب والفن
    


خواطر في الظل
سأبيح لنفسي أن أستخدم كلمة لا أدري ، وأنا التي تعلمت أن أبحث عما وراء الظاهر ، قد تكون كذبة بيضاء ، وإن كنت أدرك وأُؤمن بكل شئ جميل في الكون أن ليس هناك كذبة بيضاء وأُخرى رمادية ، أو من أي لون آخر، فالكذب كذب ، وقد تكون عندي رغبة داخلية في انجاح علاقة صدف فيها الحب ، أو أود التوهم أن الحب الذي يربط بين إثنين لابد أن يحيا ، أم هي رغبة مني في أن يكون لكل الفتيات اختيارٌ في أن يقضين العمرمع من يحببن ، دون ضغط وإكراه من أطراف لا حق لها في تقرير حياة اثنين .
هل أعتذر عن كذبتي أم استمر فيها ، الحقيقة مهما طال الزمن ستظهر وسيعرف الجميع أن أمل لم تقترن بأكثم ، فقد أمات أهليهما الحب وهو بذرة صغيرة لم تستطع مقاومة الظروف .
لو اعتذرت فهل ستسامحوني وتعودون لتصديقي وأنا قد كذبت عليكم ، قد أكون تعلمت الكذب الأبيض عندما دُقت بابنا وأنا صغيرة ، كان الطارق شرطيا ومعه رجال مدنيون أي مرتدين ثيابا مدنية ، ما أن سألوني
: أ والدك في الدار ؟ أجبت
: بنعم .
فلم تكن كلمة نعم أو لا تعني شيئا عندي ، اقتحموا الدار واقتادوا أبي وهو مسترخيا على كرسيه الخاص ، الذي يجمع بين شكل السرير والكرسي وكان يسميه المستراح ، وكثيرا ما شاهدته فيما بعد عندما دخل التلفاز الى بيتنا ، على البلاجات في الأفلام السينمائية ، وعندما أُطلق سراح أبي ، نبهني أن لا أجيب بنعم لأي شرطي أو غريب أشك في أمره ، قد يكون من الأمن ، أو لا أدري ثانية ماذا سماهم ! ، قد تكون تسمية مخبرين أو جواسيس أصح وأقرب للحقيقة .
المهم والأكثر أهمية ما جرى لأمل بعد تلك الخطبة الموعودة ، التي أُجهضت بتبريرات تافهة جدا الا وهو مقدم المهر ومؤخره فمن أجل حفنة من الدنانير تعيش أمل كابوس إحباط لا يدَ لها فيه ، أما أكثم فقد أصابته خيبة ليس بعدها خيبة ، لكنه كأي شاب لم يحرك ساكنا ، ترك لأهله البحث ثانية ، أعجبته أمل وبشدة ، إلا أنه أسلم قياده ، فالمسائل المادية دمرت الود بين الطرفين .
لم تعد أمل كما عهدت نفسها ، التفكير بأكثم وما حدث هدم أحاسيسها ، لماذا لم يستشيرونها ؟ ، هل ستقتنع بآرائهم لو خيروها ؟ ، كم ودت لو يحدث لها ما حدث لصديقتها وجارتها حذام عندما أحبت وقررت الإرتباط ، وقفوا أهلها معها وساندوها ، مالفرق بينها وبين صديقتها وظروفهما متشابهة ، لا لم تكن الظروف متشابهة .

صوت صراخ قاس ملأ الحي انبعث من بيت حكيم ، قرب نهاية الزقاق أو كما ألفنا تسميته ( بالعكد ) استغرب كل الجيران تلك الضجة فذهب اليهم معظم الناس فلم يعتادوا أن يروا و الأكثردقة أن يسمعوا أي ضوضاء لديهم ، عكس بقية بيوت الشارع ، أغلبهم لديهم فتيان وفتيات ذاهبين وراجعين الى المدرسة ، أو للعب مع أقرانهم قرب بيوتهم . أما بيت حكيم فقد تجاوزوا سن الفتوة الأولى ووصلوا لعمر الشباب بل البعض منهم تجاوزه قليلا فحكيم وهوأكبرهم بلغ الأربعين ولم يرتبط بعد ، كانت أمل تحلم برجل يحمل مواصفاته ، كم عبرت عن إعجابها به أمام اخته فتبتسم حذام دون أن تُجيبَها أو تأيدَها ، وله أخ أكبر منه قليلا ولكن ليس له أي أثر يذكر على العائلة ، بعكس حكيم وأخواته ، بالرغم من يُتمهن المبكر كن متألقات مثابرات ، لهن مكانة اجتماعية على مستوى أبعد من الحي بل على صعيد المدينة بما تميزن به من مشاركات في الكثير من المظاهرات السلمية التي يقدنها إذا ما حدث أمر سياسي يستدعي ذلك ، أومساهمات بأعمال أدبية وفنية بالرغم من كونهن ينتمين لعائلة محافظة .
الحدث أكبر وأجل مما يستوعبه محيط ( العكد ) فإحدى أخوات حكيم ( مريم ) أُصيبت بطلق ناري وهي بمظاهرة أودت بحياتها ، حذام أصغر الجميع ، كثيرا مانلتقي ثلاثتنا أنا وهي وأمل ونحن في طريقنا الى المدرسة ، ضمتنا مرحلة الثانوية وعندما انتهينا منها لم نعد نلتقي كما كنا ، وإنما لقاءاتنا حسب الظروف ، وفي أحايين كثيرة كانت حذام تدعونا للذهاب لرؤية مسرحيات ، تقام على المسرح الوحيد الذي أُنشئ في المدينة ، كان أهلي يوافقون على ذهابي معها بل كثيرا ما كانوا يشاركوننا في الذهاب والخروج معها ومع اختيها مريم وبيان ، ولكن أهل امل يمنعونها من المجئ معنا ، لأنهم يخافون من مخالطة أمل لنا ، وومما زاد قطيعة أمل عنا موت مريم بتلك الطريقة المرعبة ، لمجرد اشتراكها بمظاهرة سلمية من أجل تحسين ظروف الحياة ، دفعت حياتها ثمنا لها . لم تعد أمل تفكر بحكيم بل ألغت كل إعجابها له بمجرد استشهاد مريم .
بردٌ حادٌ ألغى صحتي وراحتي ، لم أستطع النوم ليلتها ، سهرت أُمي جنبي تمسح عني عرقي وتخفض الحمى التي انتابتني بمجرد سماعي بموت مريم ، هل هو الخوف ؟ أم الألم ؟ كلاهما . لم تكن مريم شخصية عادية فقد امتلأت بالفتنة والحنان كانت بالنسبة لبنات الحي أمثالي أختا وصديقة وأما ، كلما رأتني تحتضنني وتقول لي أتمنى أن أكون أما لفتاة مثلك ، فقد كانت أكبر منا سنا ، تجاوزت سن الزواج المبكر، فضلت أن ترعى وتربي بقية إخوتهاعلى الزواج بعد موت والدها ومرض أمها المزمن .
لم أصدق رؤيتها مسجاة بين تلك النسوة النائحات المتلفعات بالسواد ، بين الحياة والموت لحظة واحدة فقط . يكون أعز إنسان قد اختفى من على وجه البسيطة وأصبح حسرة تملئ الصدر مدى الحياة .
لم نعد نرى أمل فقد غيرت طريق رواحها لكليتها من الإتجاه الثاني للشارع ، إحترمنا رغبتها ولم تعد حذام تزورها أو تدعوها ، أما أهل حذام فقد انتقلوا من الحي وكذلك نحن فقد اقام أبي بيتا جديدا خارج مدينتنا ، بعد أن بدأت سلسلة من الإغتيالات لشخصيات المدينة .

بالرغم من مرور السنين لم أستطع نسيان حذام التي فرقنا المكان وأمل التي فرقتنا الأحداث . بقيت على اتصال بحذام الى أن رحلت وبيان لإكمال دراستهما في الخارج ، التحق بهن حكيم بعد زواج أخيه الأكبر وموت امه . أما أمل فلم استطع نسيانها ، أسأل عنها إحدى معارفنا التي تسكن جوارهم ، فعرفت منها أنها تزوجت برجل وافق عليه أهلها ويملك ثروة لا بأس بها .
تمر السنين وتختفي الأحداث من حياتي ولم يتبق سوى خبر صغير في ذاكرتي أن أمل نادمة على زواجها ، وقد تُجبِر أهلها على الإنفصال .



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يسقط الشاقول عموديا
- أفكار مبعثرة
- أسطورة
- الحوار المتمدن
- همساتٌ لكَ
- كلمات لا تحدها جدر
- المرأة والسياسة
- وطني
- نزيهة لن تموت
- منعطف
- صمتٌ
- يوميات امرأة حالمة
- طفولة ينقصها السلام
- الى ولدي
- حديقة النساء
- خا نَتْك ذاكرةُ الرغيفِ المر
- إمتحان أم إنتقام
- حواء وآدم والإرهاب
- ليلٌ مسكون بالغربة
- ﮔُْوك الله المنتشر من الجنوب الى الشمال


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - عندما يسقط الشاقول عموديا (2)