أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - الى ولدي














المزيد.....

الى ولدي


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 2027 - 2007 / 9 / 3 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


الى ولدي
لن أبكي بعد اليوم ، وسأبتسم يا كل ما كسبته من هذه الحياة رغم تعبي ومعاناتي ، ليس الموت من يحيلنا الى ركام ، بل هي تلك الأفكار اللا إنسانية اللا أخلاقية، وبالرغم من مرورعشرات آلاف من السنين على وجود الإنسان ومرور آلاف من سنين أُخرعلى حضارته وتمدنه ، ولكنا ما زلنا نعاني من ذلك التوحش الذي سكن أفئدة وعقول بعض البشر الذين فقدوا آدميتهم ، فعاثوا في هذه الأرض تدميرا وفساداً يا بني
لاتبتئس ولا تيأس مهما طالت الغربة وعذاباتها ، لا بد من أن يأتي اليوم الذي يندحر فيه الإرهاب والطغيان والظلم ، وكل أنواع الضيم المحسوس وغير المحسوس، الذي عشناه والذي ينتظرنا بعد ، و لابد للأفكار الظلامية من أن تخبو وتموت بموت الجوع والطغيان وسيادة الوعي والمنطق والعقل والحكمة على حياة الإنسان.
ألم تشاهد الآباء والأمهات العراقيات الذين لم يستطيعوا إكمال دراستهم ، كل همهم منحصر على زوال الإرهاب وإحلال الأمن كي يواصل أولادهم الدراسة دون خوف أو انقطاع ، هؤلاء هم أولاد الرافدين ، أولاد أولى الحضارات . وقد ذكر لنا التاريخ الموغل في القدم أن أهل العراق كانوا يجهلون الفروق الإجتماعية وعدم المساواة في الثروة ، وكان للنساء دور هام في الإنتاج ، وكان في المدن مجالسَ شعبية ومجالس شيوخ ، تتمتع بحقوق انتخاب الحاكم ، وربما عزله وإقرار العدل ، والعراقيون أول من اخترع الكتابة ، ووضع الشرائع ودونها في تأريخ الحضارات البشرية ، وهم أول من اخترع الأرقام واهتدوا الى العمليات الحسابية ، وأول من أسس علم الفلك ، كما إنهم ساهموا في تقدم العلوم والفنون جميعها ، أليس من حقهم بعد كل هذا التطور أن تكون بلادهم مهدا للأمن والأمان وأن تكون حاميا ومستقرا لهم من ذلة التغرب ومآسيه ؟
يا بني
عذبنا التغرب ، وقد سُئل إعرابي
: ما الغبطة ؟ قال
: الكفاية مع لزوم الأوطان .
وقد قال أحد الشعراء
كلُ العذابِ قطعةٌ من السفر يا ربُ فاردُدْنا على خيرِ الحَضَر
نُفينا رغم أنوفنا، وبعد هذه السنوات لم نجد مستقرا لنا ، لا في الدول التي تدعي الديمقراطية وعلى قمتها السويد التي لم تحتضننا لأننا رحلنا اليها بجوازاتنا ، والتي انتظرناها عشرين عام واشتريناها بكل ما نملكه ، ولا في بلداننا العربية التي تنظر الينا كغرباء وعلينا أن نكافح وبمشقة من أجل التعليم والصحة والإقامة ولقمة العيش .
اصبر يا بني . فحالك من حال الملايين الذين هاجروا وهجروا، في السابق ، وفي اللاحق ، ولكن لا تنس تفوقك الذي حجمته وخذلته الظروف ، أصبر وناضل بكل ماتبقى فيك من قوة ، وشق لك مكانة مرموقة في هذا العالم الذي لم يتخلص بعد من شريعة الغاب ، لا تنس يا بني إن العلم والأخلاق الإنسانية وحدهما جوازك الى الحياة ولا شيء غيرهما ، وهما الباقيان في نواميس رقي الإنسان وتطوره .
سيأتي اليوم الذي يزول فيه الإرهاب وتسود فيه الديمقراطية الحقة حتى في البلدان التي تدعيها .
الكل يدرك كم هي صعبة هذه الغربة الطويلة، فالسنين تمضي ، والعمر ينصرم ، ولكن عليك أن تكون الأقوى في سعيك ، فسفينة العلم منجاتك كما كانت سفينة نوح منجاة الوجود الكوني .
الغربة ياولدي لا أخلاظظظق لها وما يصادفه الجميع محض مصادفات في النجاح والفشل ، لا قانون لها ولا ضوابط ، وانما كلٌ ونصيبه ومؤهلاته ومدى ما يتمتع به من قدرات خلاقة من تلافي الأزمة وعبورها ، كم من الناس الجيدين المبدعين هلكوا وكم من أُناس اختبرتهم المحن ولم يكونوا مستعدين لها نجحوا .
لا شيء سيوصلنا الى الطمأنينة والراحة والحب الا العلم الحقيقي والديمقراطية الحقة واللذان مازالا مستعصيان على العقل البشري ، ولم تُفك طلاسهما بعد . وما نمر به هو صراع بين الوجود الذي تفرضه نواميس الحياة وتطورها وبين فلسفة الإرهاب الذي لم يجد وسيلة له سوى استخدام آلة الدمار والموت ، وهذا هو كما يقول المثل العربي ( جهد العاجز ).
يابني
مهما شُقيت ، وطال زمن غُربتك ، فلا تتعب وتنزل من سفينة النجاة ،( ليس السباق في حسن الإبتداء بل في حسن الإنتهاء ).



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديقة النساء
- خا نَتْك ذاكرةُ الرغيفِ المر
- إمتحان أم إنتقام
- حواء وآدم والإرهاب
- ليلٌ مسكون بالغربة
- ﮔُْوك الله المنتشر من الجنوب الى الشمال
- نحن والحرية
- عن أي شيءٍ أكتب
- أنا والغروب
- الكتاب والأنترنيت
- اليأس مرض عضال
- هل من الممكن أن نرى الخطأ ونسكت عنه ؟ !
- المرأة والديمقراطية والعلمانية
- دعوة لعقد مؤتمر وطني للمثقفين العراقيين
- يا أُمة أخجلت من جهلها الأُمم
- ُنريد أن نحيا / مع رسالة من بغداد
- قراءة في ديوان طلائع الفجر ( 5 ) للشاعر/ علي جليل الوردي
- قراءة في ديوان طلائع الفجر ( 4 )
- الى سلام الناصر
- قراءة في ديوان طلائع الفجر 3


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - الى ولدي