أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سميرة الوردي - الفن والحرية ... شعب في الإغتراب و شعب تحت التراب















المزيد.....

الفن والحرية ... شعب في الإغتراب و شعب تحت التراب


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 09:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هل هناك مفاهيم واسعة للحرية أم مفهوم واحد يمكن اختزاله ، والتعبير عنه باحترام حق الآخر والحفاظ على انسانيته .
منذ زمن بعيد وأنا أُحاول أن أجد تعريفا أو مصطلحا بسيطا وواضحا لمعنى الحرية ومفهومها ، فلا أوفق في إيجاد ذلك المصطلح لأن الحرية هي حق كل فرد في العيش الكريم والتعبير عن أحلامه وخلجاته دون أن يسبب أذى جسدي أو نفسي له أو لغيره ، وهذا نتاج حتمي إذا ما تربى الفرد ونشأ في مجتمع تُحترم فيه الآراء والمعتقدات ويُؤمن فيه الجميع بأن كل الناس وبكل ملياراته البشرية لايمكن أن يتطابق فيه اثنان تمام التطابق حتى وإن كانا توأمين ، فالإختلاف سنة طبيعية في الخَلق والأخلاق كأختلاف الليل والنهار والألسن ، واحترام هذه الإختلافات هو الذي يؤدي الى التعايش السلمي بين الأمم والأقوام المتباينة الأعراق والمعتقدات.
حدثان جعلاني أكسر صمتي لأكتب في موضوع شائك عذبني ويعذبني منذ أن فتحت عيني في شارع الرشيد على مظاهرة سلمية شاركت فيها مع أبي وأمي لأحياء الواحد من آيار عيد العمال وكنت آنذاك لم أُدرك معنى السياسة بل كنت أعي رغم صغر سني أن ما يقوم به أبي وأصدقاؤه ما هو الا نشاطات سلمية من أجل بناء مجتمع ديمقراطي يسوده السلام والرخاء وتحترم فيه المرأة ويحترم فيه الإنسان سواء كان عالما أو عاملا بسيطا ، دون تمييز أو تفرقة عرقية أو دينية .
وفي حينها طلب مني أبي أن أجمع تواقيع المتظاهرين احتجاجأ على سجن أجهزة الشرطة لمتظاهرين سابقين والمطالبة باطلاق سراحهم على إثر قيامهم بالتظاهر من أجل حل مشاكل الحكومة مع كردستان العراق حلا سلميا لا حلا عسكريا واحلال السلام في ربوع كردستان بدلا من سفك الدماء وشن الحروب وبدلا من الإستجابة لهم زجوا بالسجون وبقوا مددا متفاوتة ، أما مسيرتنا السلمية فقد جوبهت بوابل من الرصاص لم تُعرف مصادره آنذاك فأصيب صبي لم يتجاوز العاشرة كان مستطرقا ، وهذه كانت أول صدمة أججت داخلي حب الحرية والإيمان بها كحل وحيد لحياة إنسانية .
أما الحدثين اللذين أثارا هذا الموضوع الذي أخرجني من دوامة الصمت فالأول محاولة الفنان والزميل علي رفيق وهو في غربته وقلة إمكانياته بالقيام بعمل تسجيلي لتوثيق غربة الفنانين العراقيين وضياع حياتهم وإبداعاتهم في المهاجر من خلال زميل مغترب آخر( منذر حلمي ) ضاعت سنوات عمره في الغربة بدلا من انقضائها في وطنه وبين جوانب مسرحه .
الحدث الثاني إقامة المؤتمر الثاني للمقابر الجماعية تحت شعار ( شعب تحت التراب ) . ومما حز في نفسي أن يقول أحد المشاركين الأجانب – ممثل الامم المتحدة في المؤتمر - ما معناه أن القضية العراقية لم تحس بها الكثير من الدول . نعم فقضيتنا لم يعشها و يحياها ويدركها الا العراقيين وحدهم دون سائر الأمم لأنه الشعب الوحيد الذي ذاق من المحن ما لم يذقه شعب آخر وأنا هنا لا أنكر من وجود أنظمة ظالمة كثيرة وخاصة في عالمنا الشرقي ولكن ما ناله الشعب العراقي تعجز حتى أبشع الكتب دموية في التاريخ من وصفه وأكبر دليل على ذلك الحروب الخارجية والداخلية التي شنها النظام منذ1980 م ولغاية 2003م، و ما تلا هذه السنة من إستنهاض لخلايا الموت والإرهاب القابعة في المنظمات الإجرامية المحلية والعربية والعالمية واستنفارها للقتل والتنكيل بالعراقيين الذين ما إن تنفسوا بصيص من الأمل بخلق حياة جديدة تنسيهم مقابرهم الا وتفاجؤوا بالأبشع منها ، وما زال الناس يُنكل بهم ويُقتلون تحت ذرائع شتى فلم تنته العبوات الناسفة والمفخخات والنساء المحزمات بأحزمة الغدر حتى عادت الإغتيالات الفردية واستهداف العناصر الوطنية وكأن الصعود الى السلطة لا يتم الا عبر جماجم الأبرياء .
ففي الحرية يسود السلام والمحبة ، وفي اللاحرية يسود العنف و الرذيلة .
في الحرية تنتشر الثقافة وتزدهر الفنون فتزدهر الحياة فتحيا المجتمعات وتنمو ، وفي اللا حرية يختنق المجتمع وتضمحل قواه .
الحرية في المجتمع هي قمة الهرم للحريات الشخصية وإبداعاتها في شتى المجالات العلمية والأدبية والفنية ، والعمل الفني سواء كان في المجال التشكيلي أو الموسيقي أوالمسرحي وغيرهم لا يستطيع أن يحيى ويبدع الا في جو حر ، يُحترم فيه الإنسان وتحترم حياته لا أن تقدم قربانا وهو ما زال في أول الطريق لكلمة حرة قالها أو لحدث عام كتب عنه فيهدر دمه وتضيع حياته كما حدث لكثير من مثقفينا وعلمائنا الذين راحوا ضحية للإرهاب والإرهابيين . أو للنظرة الضيقة لبعض المهيمنين على مسيرة الفن والأدب في بلادنا .
للتذكير فقط والذاكرة ملأى كنا – في سبعينيات القرن المنصرم - نستعد للتمارين الأخيرة لتقديم مسرحية ( دائرة الطباشير البغدادية ) وفي اليوم الأخير للتمارين ..قبل العرض الأول للجمهور أُلغي العمل المسرحي تحت ذرائع وتبريرات لم تكشف للمثلين.
وفي نفس الفترة .. قبل عرض مسرحية السور وبعد أن انتهينا من مسرحية ( نشيد الأرض وكانت المسرحية منقولة ومعرقة عن نص فرنسي) ، عقد مديرالمسرح والسينما آنذاك – عبد الامير معلة - اجتماعا مع العاملين في المسرحية وقد وجه اتهاما مباشرا لهم ..مشككا بنوايا الممثلين تجاه (النظام والحزب القائد ) عندما كانوا يمثلون ..من خلال إيماءاتهم اليدوية باتجاه القصر الجمهوري ..
فأي فن ينمو ويزدهر في ظل ارتياب عقائدي كهذا ! .
إن عمق المأساة التي عاشها وطننا من شماله لجنوبه ، في جوهرها غياب الحرية ، ولم تنته فاشية القرن المنصرم باستلاب أبسط حقوق المواطن العراقي وتهجيره وتغيبه في الخارج وفي الداخل وقد كان أكثر مرارة وضيما لأنه كان تحت رحمة السلطة وطائلتها متى ما أرادته ، حتى ورثنا المفخخات والعبوات وتفجير الإنتحاريات ، في هذا القرن الملئ بالإنجازات العلمية في كل ميادين الحياة ، لقد تغير القرن الحالي كثيرا عن القرن المنصرم ولكن تغيرت أيضا وسائل الإرهاب والتدمير ، فما زالت حرية المرأة وحقوقها مستلبة ، وما زال المجتمع يعج بالإرهابيين المأجورين ، وليس الفن والثقافة بمعزل عما يجري في واقعنا ، فتخلف الفن ووجوده بعيدا عن واجهة الحياة لهو دليل حي على تخلف أي مجتمع .

الحرية بكل مضامينها الإنسانية والأخلاقية متلازمة مترابطة ، لا يمكن عزلها وفصلها فحرية الفن والصحافة نابع من حرية الثقافة وحرية الثقافة نتاج باهر لحرية المجتمع وتنامي تطوره ، وحرية المرأة هو التجلي لتطور المجتمع وحيويته في كل الميادين .
لا يمكن فصل الحريات في مجتمع من المجتمعات لتنمو في ميدان دون غيره ، فالحرية بمعناها الواسع هي ما يحتاجه أي مجتمع كي ينمو ويبدع ، واحترام حرية الآخر ووجوده هوما يمنح مثقفينا ومبدعينا القدرة على التواصل والعطاء وهذا ما نسعى اليه في ظل مستجدات حياتنا الراهنة .
إن حرية الثقافة واحترام ثقافة الآخر وحياته هو الذي يمنح للحياة بهجتها وديمومتها ويمنح الفن نسغه وللفنان ديمومته
( كي لا يضيعَ ثانية في الإغتراب أو يُغيبَ تحت التراب )



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جواب
- القرضاوي وميكي ماوس
- ليلى والذئب وحكايات أُخرى
- جدلية الموت والحياة وغبارالحق الإلهي
- أحاديث منتصف النهار
- لماذا البكاء
- عينان خضراوان
- بين أوباما وماكين
- مسرح اليوم أو مسرح الستين كرسيا
- ! لماذا التشظي ؟
- التربية والتعليم والعقل
- أنموت بصمت !
- العراقيون يتوسلون
- الألغام والحياة
- أي مخترَع أو مكتشَف أفاد البشرية وغَيَّرَها ؟ !
- المرأة والإنتخاب
- المرأة والحرية
- رعاياكم في الداخل ، رعاياكم في الخارج
- ألف آه لنوروز
- نساء تحت الضوء


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سميرة الوردي - الفن والحرية ... شعب في الإغتراب و شعب تحت التراب