أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - ذاكرة قصيرة














المزيد.....

ذاكرة قصيرة


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


ذاكرة قصيرة

مدن من خزف تزف عرسانها الميدانيين إلى زوجاتهم في علب من كلام، يتبعثر العريسُ الأكثرُ إشراقاً على ثوبٍ مظلَّلٍ بالشجر، وينتهي المشهدُ كاملاً بقطّةٍ تقطعُ الشارعَ بسرعة الخائفين.
على جهةٍ من قلق، ولاؤها لغير ما تُمَثّلُهُ، جلَسَتْ بريّةً كوصايا إلهية، قهوةٌ معدّةٌ بمهارة الشعراء، ندوب كثيرة في قاع الفنجان، واحتمالات لا تفسّرُها الكيمياء.
يعتني الهواءُ بمظهرِ الصبايا اللواتي يذهلهنّ النضوجُ المفاجيءُ لأجزائهن العادية، ويفسّرُ الصباحُ والمرآةُ والشارعُ والسائقُ جميعَ الأخطاءِ التي يرتبُها شبحٌ مرتبكٌ في مشهدٍ مرتبكٍ من شباكٍ مرتبكٍ وعينٍ أشدُّ ارتباكاً.
سليقةٌ عمياءَ بشالٍ برتقاليٍّ تدعكُهُ الرؤيا المنقوشةُ في جبينها، يغازلُها الشارعُ كاملاً، تختبرُ الروائحَ كي تتبعَ قلبها المتداعي حديثاً من قصةِ حبٍّ عابرة، تكتشف بحزنٍ أن رجالَ الشارعِ كلَّهم دونَ رائحة.
جنديٌّ يخرجُ من زقاقٍ لم يكن زقاقاً قبل قليل، يرتّبُ الليلَ والنهار، الأحياء والأموات، يزوّقُ الشارعَ بالحربِ، يصفّفُ العائدين من وعيهم السلطوي كحجارةٍ رصيفٍ منسيٍّ، يفردُ ذاكرتَهُ القصيرةَ فوقَ قماشةٍ قديمةٍ ويعلّقُها في أنفاسِ المارينَ صدفةً، يحتمي من نفسه بوقتٍ صمّمَهُ جهازُ استقبالٍ رديء، وبين وقتين من عرقٍ وزنبق، يقتل بعض الواقفين على الجدارِ كي يجربَ المجدَ الذي لا مفرّ منه.
أولادٌ كثيرون يعبونَ شوارعَ كثيرة، الطرق تشمُّ الأرجلَ الصغيرةَ كي تحمّمَ ذاكرتَها، الطرقُ وصايا حين تنجبُ البلادُ وسيلةً أخرى للموت، وحين يصيدُ الموتُ غزالةَ المكان، الطرقُ فرقُ العارفين والجاهلين، الطرقُ اختبار الولاءِ حين تغيّرُ عابريها، الطرقُ وهمُ الوصولِ وعبثُ المحاولة، الطرقُ ليلْ والطرقُ خواتمْ.
وقتٌ للعتاب: شجرتان، عاشقان، عاشقتان، عشقان، كلامٌ كثيرٌ على جلدِ الشجرةِ لم يعد أي منهم يذكر أية جملةٍ لأي عاشق، ارتبك العاشقون وارتبكت الأسئلة، العاشقتان تذهبان إلى الوهمِ دونَ رسائلَ جديدة، العاشقان يختبران قدرتهما على الجري، الوقتُ يؤلّفُ عشّاقاً آخرين ولا يكترث.
إمرأة وحدها تمدُّ يدين من هجرةٍ إلى سماءٍ من فَراش: يا ربُّ، إحفظ لي يديّ..
الفجرُ يتنفّسُ مثلَ عاصفةٍ تتهيّأُ للنومِ، رجالٌ مخدّرونَ يقفزون من لسعة النومِ تحتَ حلوقهم المعقودة كنثارِ نصٍّ مُربِكْ، أبوابُ المدينةِ تمتحنُ أخشابَها، الأسماءُ تتغيّرُ من تلقائها، الأشجارُ تخزّنُ ظلالَها، أسرابُ طيورٍ هائلةٍ عكسَ اتجاهِ الريحِ، موجةٌ وحيدةٌ تفلّي الرملَ من بقايا سهرةٍ طارئة، ومن ثم مطرٌ كثيرٌ يغسلُ الكلامَ عن مصاطبِ المدينةِ، أما المدينةُ فما تزالُ ظهيرةً تنتظرُ برودةَ المساء.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبعد مما يحق لك
- المساء مساء
- كبرت وحدها
- الليل
- الريح في جنازة
- نصف قصيدة
- مرآة على الحائط المقابل
- عن اللغة
- الحواجز
- عن موت الإله الصغير
- فيلم قبل المونتاج
- الأعمى
- الكابوس
- إلا قليلا
- كما تتغير الخيول
- عن سيجارة في منفضة
- فراغ في الخارطة.. فراغ على الخارطة
- الدول والشعوب والطوائف والديانات والمذاهب في التاريخ الفلسطي ...
- الدول والشعوب والمذاهب والديانات والطوائف في التاريخ الفلسطي ...
- يؤلِّفُ أُفُقاً ويُضِيْؤُهُ


المزيد.....




- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...
- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...
- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - ذاكرة قصيرة