أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مرح البقاعي - مرح البقاعي: المثقفون العرب خاضعون لأيديولوجيات متجاوزة















المزيد.....


مرح البقاعي: المثقفون العرب خاضعون لأيديولوجيات متجاوزة


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2429 - 2008 / 10 / 9 - 07:12
المحور: مقابلات و حوارات
    


حاورتها منى وفيق
أحيانا تحسّ أن مرح البقاعى ليست فقط أستاذة الإسلام المعاصر فى قسم الدراسات المستمرّة بجامعة جورج تاون فى العاصمة الأمريكية واشنطن، ليست فقط شاعرة ومترجمة متميزة، ليست فقط مستشارة ثقافية وتعليمية فى العديد من المؤسسات الرسمية والتعليمية فى الولايات المتحدة. وليست.. وليست.. وليست.. بل هى الساعة الخامسة والعشرون الإضافية فى اليوم، وتعتبر أحيانا أخرى أن هذه المثقفة السورية تنافس النمل والنحل والأرض فى الإنتاج والعطاء، مغتربة عربية أخرى تترك أثرا لا يزول فوق الماء وفوق الصخر وفوق التراب. من واشنطن أطلقت مرح البقاعى حركة من أجل دفع مسيرة الليبراليين فى تحرير الفكر وتسريع التحديث فى العالم العربى وها هى تصير نارا فوق النار.

* ما طبيعة نشاطك، كثافته وفعاليته فى المجتمع السياسى "التنويري" كما أطلقت عليه فى مقالك الأقرب إلى مشروع سياسى شامل "آل البيت السوري"، على الصعيدين الاقليمى والدولى فى آن؟
- أهمية الفكر التنويرى ومريديه التنويريون "Enlightenists" تتأتى من كونه فضاء مفتوحا يستوعب تيارات سياسية تمتد من أقصى اليمين إلى حافات اليسار، ذلك أن الفكر التنويرى فكر جامع يستوعب الكل، لأنه يطلق الحريات لعنان العقلانى والفكرى المتحرر من لوثات الأصوليات السياسية والدينية. هذا الفكر هو حركة وعى اجتماعى سياسى داخل المجتمع تهدف إلى تحرير الإنسان/ الفرد من القيود السلطوية السياسية والاقتصادية والثقافية، ومن الخطاب الدينى الانعزالي، وليس من النص الدينى المفتوح.

فالفكر التنويرى يعترف بالتنوع الديني، ويهيء المناخ لأتباع الديانات كافة للتعايش بسلام فى ظل مجتمع مدنى يشدد على حرية الرأى والعقيدة، ويلتزم برعاية حقوق المواطنة، ويشجع الممارسة السياسية، ويدفع باتجاه نظم ديمقراطية برلمانية يقيد صلاحيتها الدستور، ويمكّن الإصلاحات الاجتماعية ودور المرأة فى مجتمعها. أما فى الاقتصاد فالفكر التنويرى يؤكد على المنافسة الحرة، والسوق المفتوح، وحق الملكيّة والشروع فى الأعمال التجارية دونما قيود ومعوّقات. فالحريتان السياسية والاقتصادية وجهان لعملة واحدة تدمغها حكومات مستنيرة ويعززهما قانون مدنى متزن وعادل.

على الصعيد الإقليمى تبلور هذا المشروع كما قرأت فى مقال "آل البيت السوري" فى استدعاء هؤلاء التنويريين والإصلاحيين السوريين فى تشكيل أشبه بكتلة وطنية تدفع باتجاه المشاركة والتعددية السياسية فى سوريا. وهذا المشروع ليس مشروعا لإعادة ترتيب البيت السورى وحسب، بل هو نموذج تنويرى للعالم العربى بأسره من أجل المساهمة فى نشر ثقافة مدنية تجديدية فاعلة، تشكل المسألة الديمقراطية جزءا لا يتجزء منها، وعنصرا فاتحا للتغيير المنشود فى ثقافة المجتمعات العربية. إن الثقافة المدنية، مضافة إلى القراءة المعاصرة للحريات العامة والفردية، هى أبسط ما ترنو إليه شعوب المنطقة العربية، والتى تكاد تكون متجانسة فى أجنداتها السياسية وفضائها الثقافي. وليست التجربة العراقية إلا دليلا مريرا ـ لا نريد له تكرارا ـ على حاجة شعوب هذه الساحة من العالم إلى منطق المصالحة الوطنية بين آل البيت الواحد، فى رؤية معاصرة للتجديد المؤسسى السياسي، والترشيد الاجتماعي، والتحديث الثقافي.

أما الحامل الإعلامى والمنبر الفكرى لهؤلاء التنويريين فهو معهد"الوارف" للدراسات، وهو مؤسسة غير ربحية وغير حكومية، تنطلق من العاصمة الأميركية واشنطن قريبا على هيئة مركز بحثي، إعلامي، إخباري، مستقل؛ مركز رديف لقوى التنوير والسلام والتعايش بين الشعوب والثقافات والحضارات كافة، فى اتجاه بناء ثقافة إنسانية كبرى وجامعة. وسيعمل القائمون على معهد الوارف على إنعاش الحوار حول الدولة المدنية، وتحفيز النخب السياسية والفكرية والثقافية على الخوض فيه. وسيقدّم معهد الوارف مادة ثرية فى شأن ثقافة المجتمع المدني، ما يعمق الإحساس بأهميته، ويحفزعلى المساهمة فى بنائه وتعزيزه.

كما تتجه مساهمات الوارف لغرض حماية ودعم حقوق الإنسان، وتعميق الاهتمام بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والتصدى للفقر والهشاشة الاقتصادية والإقصاء الاجتماعي، والتجديد فى مجالى التربية والتعليم؛ القضايا التى تشكّل، مجتمعة، مدخلا إلى الاستقرار والاندماج الاجتماعيين، وعلاجا موضعيا فاعلا لاجتثاث أسباب التطرف والإرهاب. سيهدف معهد الوارف إلى حوار جاد وندّى بين مختلف الثقافات والحضارات والتجارب الإنسانية من أجل صياغة ثقافة إنسانية مشتركة بين شعوب الأرض، وصولا إلى تحقيق توافق إنسانى عالمى يشكل ظلا وارفا يعيش الكل فى رحبه فى سلام مديد.

*لا تقاطعين الشأن السورى سياسيا وثقافيا واجتماعيا الخ.. وتقاطعينه جغرافيا.. أنت القائلة إن "التاريخ هو محصلة الجغرافيا"؟!
-أنا لا اقاطع الجغرافيا الأولى حيث مسقط الحلم والرأس معا، وإنما أنظر إلى المشهد السورى عن بعد، وأستحضر تفاصيله بحياد وقراءة متأنية وموضوعية لما يدور هناك فى وطن المولد. هذه المسافة تمنحنى القدرة على التمعن أكثر بحيثيات الموقف السياسى والاجتماعى عن بعد، فى حين يمنحنى المكان هنا حرية الكتابة والنشر والفعل السياسى كحق مكتسب فى الوطن المختار الولايات المتحدة.

أنا أفرّق فى علاقتى الزمنية بالجغرافيا بين مصطلحى تاريخ وتأريخ، فالتاريخ هو ذاكرة الشعوب وحافظ طريق آلامه وآماله، أما التأريح فهو ما تسجّله السلطة بلغتها وبرؤيتها وأدواتها. وأنا هنا أتحدث عن تاريخ هو ذاكرة الناس بعامة وذاكرتى بشكل خاص بصورها فى المكان حيث الأرض الأولى أضحت، من مكانى الذى أنتسب إليه الآن، شريطا دراميا من صور الطفولة الراجفة، بدءا بمزارع التفاح والدرّاق فى جبال مصيف بلودان، مرورا بمشهد الطابور الصباحى الطويل واليومى على أبواب الفرن الذى يقابل شرفة بيتنا فى حى المهاجرين، هناك حيث نبتت أشواك وعيى السياسى المبكّر بحقيقة اعتلال الحياة المدنية فى دمشق ورجاحة كفة "العسكر"، حين كنت أشهد الوقفة المذلة لأهل الحي، سيدات وشيوخا وأطفالا، على أبواب المخبز، بانتظار الحصول على ربطة من الخبز، فى حين يتمكن سائق سيارة جيب عسكرية، تتوقف بعصبية استفزازية على الرصيف، من اختراق صفوفهم فى برهة، ليأخذ المذكور خبزه فورا، متجاوزا كل المنتظرين، بحجة ضرورة إسراعه للالتحاق بمهامه العسكرية، والتى كانت، فى حقيقة الأمر، مهام أمنية بامتياز! وصولا إلى مشهد جهاز "الهاتف الأسود" الضخم والمرموق الذى كان يتربع فى صدر غرفة جلوس العائلة فى منزلنا الدمشقي، ذلك الهاتف الذى كان أبى يحظّر علينا استعماله، لأى ظرف، لأنه ببساطة ملك للدولة التى ائتمنته عليه لتصريف مهام الأمن العام الذى كان يديره ـ طبعا هذا فى زمن كان الأمن فيه مسخّرا لحماية المواطن وتأمين سلامته على أرضه، لا للتجسس عليه وترهيبه واختلاس خصوصيته. هذه صور تتشبث بجدران الذاكرة الرطبة عن بلدي، أدوّرها كل يوم فى رأسى حتى لا أبتعد، أوتبتعد.

* تقومين بتدريس اللغة العربية والإسلام المعاصر المستنير فى الجامعات الأميركية، هل جهودك مثمرة مع الآخر – الأميركي؟ هل هناك تقبل ورغبة فى المعرفة أم تجاهل وبحث عن صدام جديد؟!
- الأميركيون شعب تواق إلى الجديد دائما. وطلبتى يبدون تجاوبا كبيرا مع المواد التى يدرسونها عن الثقافة العربية والإسلام. وهوما تطرقت إليه فى مقالى "شرق الغيب وغرب المعرفة".
الأميركيون ليسوا شعبا صداميا أوعدوانيا على الإطلاق. وينبغى التمييز تماما بين الشعب الأميركى والسياسة الأميركية الرسمية فى مرحلة تاريخية معينة. والعالم العربي، كشعوب، عليه أن يتحرر من لعب دور الضحية المغلوبة على أمرها بفعل "مؤامرات الغرب"! وأن ينتقل إلى مرحلة الفعل فى حركة التاريخ والتفاعل معه.

ما يعتقد أنه صدام بين الأميركيين والعالم العربى يرجع فى العمق إلى الواقع العربى نفسه. فلم يعد اليوم ممكنا، باسم خصوصية مزعومة، أن يستمر العالم العربى قلعة مغلقة فى وجه التغيير باتجاه تعزيز الديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان وتحفيز التبادل الثقافى وتمكين التعددية السياسية. هذه مطالب قدمت من أجلها الشعوب العربية تضحيات عظيمة منذ استقلالها وحتى الآن، وهى تلتقى تماما مع المبادرات الأميركية المدنية الخاصة بالعالم العربي. وإذا كان هناك من صدام حاصل بالفعل فهو بين الديمقراطية والحرية من جهة، والاستبداد والظلامية من جهة أخرى وليس بين الأميركيين والعرب أوبين الأميركيين والمسلمين.

* هل هناك إسلام غير مستنير وغير معاصر؟! أم أنه عطف على مسلم منفتح على ثقافة ودين الآخر وآخر منغلق على نفسه؟!
- قطعا لا. الإسلام هو دين مستنير ومنفتح على كل التجارب والحضارات الإنسانية والعصور. وافضل مثال على هذا دولة بنى أمية فى الأندلس التى عمّت فى جنوب اسبانيا لما يقارب الخمسة قرون. الإسلام دين يؤمن بحرية الاعتقاد وتقديس الحق فى الحياة والكرامة لكل الناس. لكن فهم الإسلام تاريخيا من طرف الاستبداد والظلامية هو الذى أساء إليه وجعله يتحول إلى أداة لتكريس الشمولية والتحكمية وقتل الاجتهاد. وعندما نتحدث اليوم عن إسلام مستنير فنحن نعني، تحديدا، العودة إلى جوهر الإسلام باعتباره علاقة روحية فردية بين الله والفرد وبين الفرد ومحيطه.

فالإسلام ليس دين قتل ودمار وسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة، وليس دين قهر للنساء وحرمانهن من أبسط حقوقهن، ولا هو دين يشرع للإفقار والتهميش والقمع ونصب المشانق فى الساحات العمومية لأنصار الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. فبعيدا عن ممارسات من اختطف الدين الإسلامى ووظّفه لأغراض سياسية لا تعنى إلا مجموعة من الإرهابيين الحاقدين على شعبهم أولا وعلى شعوب الأرض تاليا، يكمن الإسلام المستنير، المنفتح، والذى هو بطبيعته إسلام معاصر.

* فيم تختلف الكتابة باللغة الانكليزية عن الكتابة بالعربية عند مرح؟
- اللغة وعاء للعاطفة والعقل على حد سواء. وعندما يتعامل الإنسان مع اللغة من منطلق الكونية تنتفى الفوارق بين لغة وأخرى. فكل ما يمكن أن يحتضن تعابير العقل والوجدان يشكل لغة بالضرورة حتى وإن كان يقع خارج اللغة المنطوقة أوالمكتوبة. ربما أكتب بالأنجليزية حتى وأنا أكتب بالعربية دون أن أشعر، وقد يحصل العكس أيضا. وبالتالى لا أرى أن هناك اختلافا إلا فى آلية الكتابة من اليمين إلى اليسار أومن اليسار إلى اليمين.

* كأميركية من أصل عربي، هل تحسين باغتراب إنسانى وثقافى ووجودى وعاطفي...؟
- هناك فرق بين الحنين "النوستالجيا"، وبين الشعور بالوحشة والاغتراب. طبعا، أنا أحن إلى موطنى الأصلى وهذا أمر طبيعى بالنسبة إلى كل الناس، لكننى لست ضحية الشعور بالاغتراب فى أميركا لأننى هنا أيضا فى بلدى وأمارس حقوقى وواجباتى كمواطنة أميركية.

* هل الحياة فى الغرب الأميركى لابنة دمشق الأكاديمية والمبدعة والإنسانة مريحة؟ هل غرب أمريكا بديل جيد عن باب توما وقصر العظم وساحل بانياس؟
- سؤال البديل على هذا المستوى غير مطروح. الوطن أفق واحد وهو بالنسبة إليّ ـ وكما قلت فى إحدى قصائدى ـ حيثما يتحقق ذلك "السقف الحيادي" الذى لا ينتصب حاجزا بين المرء ونفسه، وبينه وبين حريته، وبينه وبين كينونته المنشودة كما يختارها بكل حرية ومسؤولية.
نحن لا نعيش فقط فى الأمكنة وإنما هى تعيش فينا أيضا. والعلاقة مع المكان ليست علاقة فيزيائية محضة يرتبط فيها الوجود بالحضور الجسدي. ورغم أننى لا أعيش الآن فى سوريا إلا أننى حاضرة فيها وهى حاضرة فيّ. وسوريا وأميركا تتوحدان لديّ فى مكان وجدانى واحد اسمه الوطن.

*من المفترض أن تكون للمقيمين فى الخارج علاقات جيدة مع الآخر الغربي، كيف حسنت مرح البقاعى من صورة العربى هناك بما أنها مثقفة واستاذة جامعية؟ وهل تكفى المقالات والعروض التى قدمتها؟
- لست مقيمة فى الخارج لأننى هنا فى بلدى وأنا مواطنة أميركية. وأنا هنا لا أمثل صورة العربى فى نظر الأميركى أوالغربى وإنما أنا أميركية من أصل سورى وحسب. وما أقوم به ليس بدافع إعطاء صورة معينة عن مجتمع معين لمجتمع آخر. لكن، ومع ذلك يمكننى أن أقول إننى ساهمت إلى جانب آخرين وأخريات من خلال عملى الجامعى ونشاطى الثقافى والإعلامى فى إعطاء صورة إيجابية عن الحضارة والثقافة العربيتين. وأنا الآن أول عضو عربى فى هيئة خبراء معهد "مصباح الحرية" التابع لمعهد كيتو، وكذلك تمت تسميتى مؤخرا بين أفضل أساتذة مادة الشرق الأوسط حيادية واعتدالا فكريا فى الجامعات الأميركية كافة.

* لماذا هم مقصرون فى ترجمة الأدب العربى للإنجليزية، هل لتكريس فكرة معينة أم مخافة عدم الإقبال عليه، أم هل الأدب العربى أقل من مستوى القارئ العالمى فى نظرهم؟
- الأدب العربى وصل إلى أميركا مع حركة المهجر وليس مجهولا فى المشهد الثقافى الأميركي. لا أعرف من المقصود بـ "هم" لكنى لا أرى مجالا للاستمرار فى طرح أسئلة العالم العربى بصيغة "نظرية المؤامرة". لا أحد يمنع العرب من ترجمة أدبهم إلى الإنجليزية ونشره وتوزيعه داخل الولايات المتحدة الأميركية. بل إننا نحتاج فعلا إلى مجهود كبير فى هذا الباب لأن تقريب الشعوب من آداب وعلوم وفكر بعضها البعض أقصر طريق للتقريب بينها. لكن المسؤولية تقع على المثقف العربى والرأسمال العربى قبل غيرهما.

* هل يؤرقك شعر "الفاست فود"، وكيف تنجو نصوصك من وجباتهم الحياتية السريعة؟
- شعر "الفاست فود" ليس مصطلحا نقديا. وهناك كثيرون يستعملون هذه التعابير لوصف الشعر الأميركى أوحتى لوصف الحضارة الأميركية بشكل عام حيث هناك من يصفها مثلا بـ "حضارة الكوكا كولا". مثل هذه التعابير هى تعابير انغلاقية وعنصرية وتحمل كثيرا من الدلالات الشوفينية. أما عن نصوصى فهى ليست فى مواجهة مع الشعر الأميركى باعتبار بعضها كتب أصلا باللغة العربية. ومسألة "النجاة" ليست مطروحة بالنسبة إلى ما أكتبه لأنه لا يوجد أصلا أدب يهدد أدبا آخر. الأدب هو ذلك المشترك الإنسانى الذى يتسع لكل اللغات ومعادلات الجمال.

* تقولين بالحرف "حال الثقافة العربية اليوم من حال مثقفيها، زائغة، مقموعة، هاربة، منفية، متناقضة، خائفة، مترددة، انتهازية فى الغالب الأعم وفردية المذهب فى القليل النادر". لم أجد حسنة واحدة فى قولك عن حاضر الثقافة العربية. هل الوضع سيء إلى هذا الحد؟
- نعم، وربما هو أسوأ. نحن نعيش فى الراهن حالة من تخلى المثقف العربى عن دوره. وهذا يرجع إلى عدة عوامل من بينها أن المثقفين العرب ظل أغلبهم خاضعا لأيديولوجيات وأحزاب سياسية أصبحت الآن متجاوَزة أيديولوجيا وسياسيا، وهم للأسف لم يحققوا كيانهم كمثقفين عضويين مستقلين يمثلون حركة نقدية فاعلة داخل مجتمعاتهم. المثقف العربى مطالب اليوم بالتحرر من الصنمية والمنبرية والولاءات السياسية الضيقة، ومدعوإلى أن يكون ولاؤه الأول والأخير للقضايا التى يؤمن بها.

* بصراحتك المعهودة أخبريني، لماذا توقفت مسيرة مجلة "هاي" الأمريكية التى كنت كبيرة المحررين فيها، وهل من مشروع جديد يكمل ما ابتدأته فى "هاي"؟
- مجلة "هاي" تم توقيفها بقرار من الخارجية الأميركية وأنا لست فى موقع يسمح لى بالاطلاع على حيثيات القرار وأسباب اتخاذه. فأنا كنت كبيرة المحررين فيها، ومهمتى كانت بالدرجة الأولى مهمة إعلامية مهنية محضة ولا علاقة لى بالقرارات التى تتخذ على مستوى الخارجية الأميركية.
- أنت مستشارة ثقافية وتعليمية فى العديد من المؤسسات الرسمية والتعليمية فى الولايات المتحدة.هل يتقبل الأميركى بشكل خاص والأجنبى بشكل عام أن يكون لعربية هذا المنصب الحساس؟
- سبق أن قلت لك أننى أميركية من أصل سورى عربي، وهذه هى حال جلّ سكان أميركا، ما عدا السكان الأصليين ـ الهنود الحمر. فجميع المواطنين الأميركيين يتحدّرون من أصول أجنبية، وقد اجتمعوا على بناء الدولة الأميركية من كل أنحاء الأرض. والمواطن الأميركى أصلا تتم تنشئته على التعدد والتنوع داخل المجتمع. وبالتالى فالأميركى يفترض أنه ينظر إلى أولا وأخيرا باعتبارى مواطنة أميركية بصرف النظر عن أصولى عربية كانت أو غير عربية.

* من واشنطن أطلقتِ حركة المحور الثالث من أجل دفع مسيرة الليبراليين فى تحرير الفكر وتسريع التحديث فى العالم العربي، هل نجحت فى مشروعك هذا؟ وأين وصلت فيه؟
- المحور الثالث مستمر بأشكال أخرى، وغياب موقعه على شبكة الأنترنت لم يمنع العديد من تسمية أنفسهم" بالمحوريين" نسبة إلى هذا المشروع. وهناك مشاريع قادمة فى نفس السياق ولكن بأطر جديدة.
- * كتبت رسالة منك كمواطنة سورية الى الرئيس بشار الأسد.. هل انتظرت ردة فعل معينة؟
- سؤال رد الفعل ربما يطرح بالنسبة إلى السياسى أكثر مما يطرح بالنسبة إلى المبدع والمثقف. عندما كتبت الرسالة إلى الرئيس بشار الأسد كنت أعبر عما أؤمن به كما فى كل كتاباتي. والمهم أن تكون الرسالة قد وصلت.

* لو كنت فى سوريا، هل كانت مقالاتك الخاصة بالشأن السورى لتصبح أكثر حدّة أم أقل حدة.. مع العلم أن الإعلام العربى يخدم الدكتاتوريات العربية؟
- الكلمة بالنسبة إليّ مقدسة. ووجودى داخل سوريا أوخارجها لا يغير، ولم يغيّر من مبادئى وأفكاري. أنا أؤمن بضرورة بناء تجربة ديمقراطية فى سوريا عبر مسلسل للمصالحة الوطنية بمشاركة جميع الأطراف الجدية والجادة فى المشهد السوري. والنظام الحاكم فى سوريا نفسه من مصلحته أن يطلق مسلسلا للدمقرطة والإصلاح لأن هذا هو السبيل الوحيد لبناء الدولة المواكبة لحركة القرن الحادى والعشرين، شعبا وحكومة.

* أى لهجة هى لهجة عالمية بالضرورة. فما هى الإضافة التى جاءت فى مقالك "الشامية عالمية" ؟
- أنت مغربية وأفترض أنك تعرفين أكلة "الشامية العالمية" التى كانت شائعة بين أطفال الطبقات الشعبية فى فترة من الفترات وربما ما تزال كذلك. وكما ذكرت ذلك فى المقال، فالمقال نفسه ابتدأ من الحديث مع صديق مغربى حدثنى عن هذه الأكلة. ورأيت فى ذلك مدخلا ممكنا لكتابة مقال عن الوضع السورى الراهن. وهذا دليل آخر إضافى على أن قيم "الإنساني" المشترك هى دوما تلك الأرضية الممكنة التى يمكن أن ينهض عليها التعايش والتفاهم وبناء ثقافة إنسانية كبرى. فأنا شامية الأصول لكن "الشامية العالمية" مغربية. وعندما أدخل قضايا سوريا السياسية من بوابة مغربية فهو أمر له دلالته. فالمغرب قد دخل فى مسلسل ديمقراطى وخاض تجربة لطى ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال مسلسل الإنصاف والمصالحة. وهى تجربة يمكن أن يستفيد منها النظام السورى وغيره من الأنظمة العربية لأن هذا، كما قلت سابقا، هوالسبيل الوحيد لخروج العالم العربى من حالة الانغلاق والاستفادة من الفرص المتاحة للتنمية والتقدم.



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في بعث -الفحولة- السياسية
- العالم ما بعد أميركا
- سوريا الوطنية، بين وجع الناصرية ومواجع الفقيه الإيراني
- مشنقة الياسمين !
- آل البيت السوري
- مدّ اللسان الإنكليزي
- ثالوث التجديد الإسلامي
- الشاميّة العالمية
- عودة الابن الضال
- في القراءة الأصولية
- امرأة غوانتانامو
- أفعى في بنطلون!
- في رثاء البلد.. وأمي
- بعد الذهاب.. قبل الوصل
- شرق الغيب وغرب المعرفة
- المنتحرون ‍!
- وديعة رابين أم وديعة الأسد ؟
- لا عزاء للسيدات
- تحييد الإسلام السياسي
- أل التعريف والأندلس المفقود


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مرح البقاعي - مرح البقاعي: المثقفون العرب خاضعون لأيديولوجيات متجاوزة