من أجل صورة زفاف//المشهد الثاني//

تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2427 - 2008 / 10 / 7 - 02:21
المحور: الادب والفن
    

المكان : (غرفة واسعة ..طاولة حديدية قديمة ..كرسي دوار .. ووراء الطاولة على الجدار رأس (أفعى ).. وفوقه ساعة جداريه قديمة بلا زجاج..دولاب حديدي ..من سقف الغرفة تتدلى مروحة تدور بصوت مزعج ..أريكة ..كرسيان بلاستك ..ترمز ماء فوقه كأس زجاجي ..)..
الزمان : (الساعة العاشرة ليلاً من نفس اليوم )..
***
( تزاح الستارة بصمت ..يتم تسليط الضوء ..تتحرك حزمة الضوء داخل الغرفة ..أصوات أقدام تضرب الأرض في الخارج ..يفتح الباب ..يدخل ضابط برتبة عقيد ..كث الشاربين ..يتجه نحو الطاولة ..يلقي (بسدارته)..على حزمة ملفات ..يجلس ويبدأ بتقليب الأوراق ..يرفع رأسه وينظر إلى الساعة ..يضغط زر الجرس .. نقرات على الباب ..يدخل الضابط الصغير ..يؤدي تحية وهو يتقدم ..يقف أمام العقيد ..)
العقيد : هاتوا بهم ..
الضابط الصغير : (وهو يتراجع نحو الباب ) أمرك سيدي ..
( يخرج دون أن يغلق الباب ) ..
العقيد : ( مع نفسه وهو يتلاعب بالأوراق )..حسناً فعل صغيري وجلب معه الشهود
لنقضي سهرة ممتعة هذه الليلة ..
( يدخل الضابط الصغير..يتبعه كل من ـ1 و 2 و 3 و 4 ـ
يغلق الباب ..يرفع العقيد رأسه )
الضابط الصغير : سيدي هذا هو صاحب الأستوديو ( يشير إلى 1 ) وهؤلاء هم الشهود ..
العقيد : ( ينظر إليهم تباعاً ..يهز رأسه )..وجوه تخفي أسرار ..
الضابط الصغير : سيدي رفضوا أن يلبسوا الجامعة ..
العقيد : ( بغضب ) هذه جريمة تضاف للقضية ..
1: أية قضية أيها العقيد ..
الضابط الصغير : قل سيدي ..
1: هو بالفعل سيدك أنت ..
العقيد : يبدو أنك تتمرد على القوانين ..
1: أية قوانين يا عقيد ..
الضابط الصغير : قل سيدي ..
1: لم أطلق هذه الكلمة للسلطة البائدة وتريدني أن اقلها الآن ..
العقيد : ماذا تعني بكلامك ..هل تريد مساواتنا معهم ..
1: هم كانوا يسوقون الناس بلا تذكرة توقيف وأنتم الآن تفعلون ذلك ..
العقيد : ومن قال نحن نوقفكم ..
1: سلقتنا داخل محجر بلا ضوء وماء وتقول مثل هذا الكلام ..
العقيد : الكهرباء تعرض لعمل تخريبي والماء توقف جراء ذلك ..
1: لا أريد أجوبة عن شيء لا يعنيني ،لم نحن هنا ..أريد إجابة .. ؟؟
العقيد : وكيف لا يعنيك ..ألا تريد كهرباء وماء ..
1: إن كنتم لا تصونونها، هناك من هو جدير بها ..
العقيد : وهل تشك بولائنا ..
1: إنجازاتكم تبرهن مدى إخلاصكم للناس ..
العقيد : لكي لا نخرج من موضوعنا، نريد منك أن تساعدنا ..
1: ( باستغراب )..أساعدكم في ماذا ..
العقيد : ( يقوم من مكانه ويتقدم نحو 1 ) أريد أسماء من كان يطلق الرصاص ..؟؟
1: أنت تطلب الماء في الصحراء ..
الضابط الصغير : ( يصرخ)..سيدي لا يمزح معك ..
1: ( يحدجه بنظرة غاضبة )..حين يتكلم سيدك عليك أن تريح لسانك ..
الضابط الصغير : ( محتداً ) ..سيدي يقول لي أخرس ..
العقيد : ( يشير بسبابته نحو 1 )..تمردك سيدفعك إلى متاعب ..
1: أنا مصور وما دخلي بما يجري في الشارع ..
العقيد : نريد أسماءهم ..ألا تريد أن تساعد القانون ..
1: أي قانون ..
العقيد : ألا تريد القضاء على الإرهاب ..
1: وما بدخلي أنا وزملائي بالموضوع ..
العقيد : أنتم تتسترون عليهم إذاً ..
2: ( بغضب )..لن أسمح لك أن تتكلم هكذا نحن أصحاب مبادئ ..
العقيد: (يتقدم نحو ـ 2 ـ يقف أمامه)..حين أسألك بإمكانك أن تتكلم ..
2: ولكنك تخالف مهنتك يا رجل، اعرف حدودك وتكلم معنا بأصول ..
الضابط الصغير : ( يشير بسبابته اليمين إليهم )..أنظر سيدي إليهم ..أنهم لا يحترمونك
1: حين يسكت هذا الولد ،كل شيء يمضي بسلام ..
العقيد : ( ينظر إلى الضابط الصغير ) ..حسناً عليك بالسكوت لنرى مدى تعاونهم ..
4: عفواً ..أ..تأذن لي بالكلام ..
العقيد : يبدو أنكم من كوكب آخر ، تجهلون أين أنتم ..العتب على الحرية التي جلبناها لكم ..
1: أيها العقيد..لا نريد منك أن تعلمنا مبادئ الحرية،نريد أن تبين لنا تحت أيّة ذريعة اعتقلتنا ..
العقيد : (يتقدم نحو الطاولة ويستدير نحوهم ) معاذ الله إن كنتم من أصحاب الجرائر
أنتم هنا من أجل سؤال بسيط ..تعاونكم يحرركم ..
2: (مقاطعاً ) أيّ بسيط هذا..أيّ بسيط ..أيها العقيد ..
العقيد : حسناً أتقبل منك هذا الانفعال، ولكن فقط زودني بأسمائهم ..
1: حسناً ..أنا هنا من أجل سؤال غير لائق ،ولكن ما ذنب هؤلاء..(يشير إلى زملائه )
العقيد : ( ينظر إليهم ) ..جئنا بهم ليشهدوا أنك قمت بتصويرهم ..
1: ( غاضباً )..تصوير من ..؟؟
العقيد : مثيرو القلاقل في المدينة ..
2: عفواً ..معلوماتك غير صحيحة يا عقيد ..
العقيد : حمداً لله لم تقل خاطئة ..
1: وما الفرق ..
الضابط الصغير : (يصيح)..سيدي لم يوجه الكلام لك ..
1: كان من الأجدر أن تتدرب على ضبط النفس ..
الضابط الصغير : ( يصرخ )..سيدي ..
العقيد: ( إلى 1 ) أرخيت لك الحبل كثيراً ..
1: قل لجنابه أن لا يتدخل ..
العقيد: حسناً ..( يستدير نحو الضابط الصغير ) راقب وأسمع فقط ..
الضابط الصغير : أمرك سيدي ..
3: حضرة العقيد، نريد أن نعرف جوهر القضية ..
العقيد : القضية رهن يدي صاحبكم، وأنتم بطبيعة الحال جزء منها ..
3: لا أجد هناك ما يستدعي هذا الجدل ..
العقيد : كيف.. ساد الفوضى في قاطعي ..
1: وما دخلنا نحن بقاطعك ..
العقيد : وصلت الشكاوي إلى فضائيات العالم وتقول لا يوجد مبرر ..
2: منذ 8 / 4 / 2003 وفضائيات العالم تعربد وتثير الشائعات والأخبار الكاذبة ..
العقيد : من الممكن أن نخطأ ولكن حين نعالج الخطأ سنردع مروجي الشائعات ..
1: أنتم تخطئون وتأتون بنا لنصحح أخطاؤكم ..
العقيد : ليس هذا بالضبط، هناك وسائل تدفعنا لرد الاعتبار ..
1: أرجو أن لا نكون وسائلكم هذه المرة ..
العقيد : لا نريد سوى طلباً لا يكلفك شيئاً ..
1: وقلت لك أنك تبحث عن قطرة ماء في رمال عالج ..
العقيد : يا ( 1 ) ..لا تترك هؤلاء يتنفسون ولا تدع للفضائيات فرصة لعرقلة حياتنا
4: أسمح لي أن أقول الحقيقة أيها العقيد ..
العقيد : ( يستدير نحوه وهو يبسط كفيه )..قل ما لديك يا أستاذ ..
4: نحن كنا داخل الأستوديو ، نشهد أن ( 1 )..كان في لحظة تصوير حين أطلقوا
العيارات النارية ..
العقيد : ( يهز رأسه وهو ينقل نظره إلى ـ 1 ـ )..يعني أنك تشهد أنه صورهم ..
3: ( بصورة مباغتة )..لم يصورهم أبداً ..
العقيد : بدأتم تختلفون ..
2: دعني أوضح لك الأمور ..
العقيد : أية أمور ..صاحبكم يقول أنه كان يصور ..
4: أنا أعني كان يصور العرسان ..
العقيد : لابد أنهم كانوا في مرمى العدسة ..
4: كان ( 1 )..داخل الأستوديو وليس في الخارج أيها العقيد ..
العقيد : ولم لم يقم بتصويرهم ..
1: وهل هذه الظاهرة جديدة عليكم ..
العقيد : لا يعنينا حداثة أو قدم الحالة ،المهم أننا وجهنا بلاغاتنا للناس بضرورة رصد
هذه الحالات وإخبارنا على أرقام هواتف مكتوبة على كل جدار ..
3: أنا لا أملك هاتفاً ..
العقيد :كان الأجدر بك أن تضع هاتفاً في بيتك ..
2: ( يحتج )..يا عقيد ..سنبقى نلف وندور ويأخذنا الليل ..
العقيد : قل لصاحبك أن يذكر أسماءهم وتكونوا بعد غد في بيوتكم ..
1: ( يصرخ )..بعد غد ..
العقيد : ( مصححاً )..عفواً أقصد ليس غداً ولا بعد الغد ..
2: أنت تستهزئ وتهين منصبك ولن نسكت على ذلك ..
العقيد : ألم أقل أنكم لستم من هذا الكوكب ..
1: سنحملك تبعة هذه القضية ونقاضيك أمام المحاكم ..
العقيد : يبدو أنك عنيد ..
2: أنت تتكلم مع جبل يا عقيد ..
4: أيها العقيد.. قل لنا الحقيقة ، ما ذنبنا وما هو الحل ..
العقيد: نريد أسماء هؤلاء لكي نظهرهم للعالم ونبين لهم أننا ساهرون ..
1: لدي حل ..
العقيد : ( يبسط يديه )..وما هو ..
1: حين تأتي المرأة أم العريس للصور بإمكانكم متابعتها ..
العقيد : ( مقاطعاً )..أنت تقول أنني لم أصورهم ..
1: دعني أكمل ..
العقيد : ( يهز سبابته )..بلا لف ودوران ..
1: لابد أنهم يحملون كاميرا معهم أو يمكنكم الاستعانة بمصور الفيديو ..
العقيد : لا بأس بالفكرة ولكن عليكم أن تبقوا رهن التوقيف حتى يتم استكمال
الأدلة الكافية ..
2: وهل يشمل هذا الأجراء الشهود أيضاً ..
العقيد : أنكم دافعتم عنه وهذا يعني تضليلكم للحقيقة ..
3: ألا يحق لنا أن نخرج بكفالات ضامنة ..
العقيد : الوضع الراهن لا يسمح بذلك ..
( يرن الهاتف ..يرفع الضابط الصغير السماعة )
الضابط الصغير : نعم ..موجود ..لحظة من فضلك ..( للعقيد ) ..سيدي ..
العقيد : ( يتناول الحاكية ) نعم ..ماذا ..ألقيتم القبض عليهم ..كم عددهم ..
سأتصل بالسيد اللواء وأبشره ..حتماً ستكافئون على بطولتكم ..
أثلجتم صدري ..بالطبع .. هاتوا بهم لدي مكان حصين ..
1: وماذا لديك بعد أيها العقيد ..
2: اتركه ليتنفس الصعداء ..
العقيد : ( يتوجه إلى النافذة بعد أن يضع الحاكية ..يفتح الظلفتين ..يسحب الهواء
بعمق.. يستدير إلى الوراء ..) أتدرون عندما نمسك بهم أشعر أن الحياة
ترقص فرحاً..
1: نهاية كل شر فرح للمسالمين ..
4: أيها العقيد ..أجد أن قضيتنا قد انتهت بسلام ..
العقيد : ليس بعد ..
2: كيف ذلك ..
العقيد : قد لا يكونون هم ..
1: وقد يكونون هم ..
العقيد : ستتضح الأمور فيما بعد إن كانوا هم أو ليسوا هم ..
3: أيها العقيد..أنا واثق أنهم هم فلا تفسد فرحتك باحتجازنا هذه الليلة ..
العقيد : غداً (الجمعة )وبعد الغد (سبت) عطلة رسمية ،في (الأحد).. يمكنني أن أساعدكم ..
1: ( يصرخ)..أية مساعدة ألم تمسكوا الجناة ..
العقيد : لم العجلة ..لنتأكد أولاً إن كانوا هم ..
( طرقات على الباب .يدخل شرطي شاب ..يؤدي التحية )
الشرطي : أتينا بهم سيدي ..
العقيد : رجال ونعم الرجال ..أدخلوهم ..
( يدخلون خمسة شبان بثياب سود ولحايا غير مهذبة )
الضابط الصغير : ( يصرخ ) أجلسوا لصق الحائط ..
العقيد : ( يستدير نحو المجموعة الأولى ) حسناً سنكمل حديثنا فيما بعد ..
1: وهل بقى لديك حديث أيها العقيد ..
العقيد : ( يشير برأسه إلى الضابط الصغير ) خذهم إلى المحجر ..
( احتجاج جماعي من قبل الأربعة ..الضابط الصغير يبدأ بدفعهم
بعقب بندقية نحو الباب..إظلام تدريجي مع موسيقى خافته حزينة )
( ستارة )

#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات