|
الانقلاب
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2413 - 2008 / 9 / 23 - 05:49
المحور:
الادب والفن
الخوف يجتاحك ، كلما فكرت بقدوم الليل ، ما ان تذهب الشمس مودعة أحبابها ، منطلقة الى ناسها الآخرين في الدنيا البعيدة ، وكلما اذن الغروب بالانبثاق ، بلحظاته السحرية التي تأخذك بين شتلات الفكر ، تراود نفسك الفكرة تلو الفكرة ، كيف يمكنك ان تؤخري تلك اللحظات التي تشعرين بها انك ميتة ، وان قوة غاشمة تسيطر على أنفاسك ، وتسلب منك يقين الحب ، وجمال العاطفة ، وتجعلك خرقة بائسة لاحول لها ولا قوة ، محكوم عليها ان تلبي رغبة مسعورة للإجهاز عليها في كل لحظات عمرك الآيل للزوال ، والسنين الثكلى التي استحوذت فيها على ما بقي لديك من قوة إرادة ، ومن تصميم على رفض ما يراد بك ، كنت في حالة مشرقة ، رغم ان الجميع يشفق عليك ، يبكي بعمق طالبا منك الغفران ، انه عاجز عن تلبية رغبتك في وضع حد للظمأ القاتل ، الذي يعيث فسادا في ربوع نفسك ، المتطلعة الى حياة أخرى ، يقبلك ويرجوك السماح له بتطليقك ، كي تكوني حرة ، مع آخر يسعدك ، ويحقق لك القضاء على سعير السهد المتواصل. -أحبك جنان ، لكني لا اقدر على تلبية رغبتك . ، وتعيشين في وضع مأساوي ، مع ان الكل يغبطك على النعمة التي تغرقين فيها حتى الثمالة ، من يمكن ان يحكم عليك ، ؟ ويجعلك في سجل الإحياء او الأموات ؟ وانت تشعرين ان قوة جهنمية تسلب منك حلاوة الحياة ، ولذة الحب ، وروعة ذلك التلاقي المحمود بينك وبين رجل تعرفين تمام المعرفة ، انه كل يوم يضع مسامير في نعش حياتك ، ويسقيك العلقم ، وجرعات كبيرة من السم الزعاف ، ويحكم عليك بالوأد كل ليلة ، هل يدرك احد الغابطين لك ، ما تنالينه من سم قاتل ، تجبرين كل ليلة على تجرعه رغم انفك ، وكل ما حلمت به من الوصول الى الأحلام وتحقيق الأماني مجرد أوهام ، من يمكن ان يمد إليك يديه لينتشلك من هذا اليم القاتل ، الذي يخنقك كل ليلة ، وتجدين نفسك غارقة في أعماق سحيقة ،لا قدرة لك على تحملها ، تطوفين فوق أمواج الكراهية، التي ينعشها في نفسك بأعماله الشيطانية ،وتصرفاته الهوجاء ، تجدينه مغرما بالإيقاع بك ، والقضاء على أي شعور بالرأفة، قد ينتعش في قلبك ، ذلك المسكين القانع بكل شيء ، والمحروم من أي لمسة قد تخلق فيك رغبة في مواصلة الحياة بشكلها ذاك . ما تلبث الأماني ان تبني لها أعشاشا في نفسك ، وأنت تتهيئين لذلك الأرق الطويل ترتدين الملابس الحسان ، وتتعطرين بأجود أنواع العطور الباريسية ، عله يغير طريقته الراغمة هذا اليوم ، ويدرك ان الأمر شراكة جميلة ، ترتوي بالكلمات الجميلة والعواطف المعبر عنها بصدق ، لكن أحلامك تجهضها يد عابثة ، تحاول النيل من إرادتك ، والقضاء على ما تبقى في داخلك، من تصمم جميل على وأد الهزيمة ، التي تبني لها بيوتا ، في أعماق قلبك المتيم لكل جميل ، يتجرع قناني الشراب الواحدة تلو الأخرى ، ويتقيأ ما شربه أمامك ، ويبصق بإصرار عجيب على إثارة نقمتك ، يرغمك على ملاعبته ، بأسنانه التي لم تر الفرشاة ، منذ زمن طويل ، ويذكرك بحقيقة تسعين الى تناسيها: - ياه ، كما أنا قذر هذا المساء ، سوف استحم صباحا. يهجم عليك ، يود افتراسك ، تموت فيك كل رغبة في الاندماج ، في هذه الحرب المسعورة ، وتتمنين الخلاص ان يأتي سريعا ، لينقذك من موت محقق يحل بك، تصممين ان تضعي حدا لمتاعبك، التي تتناسل ، وشعورك بالمرارة المتفاقم في أعماقك ، لقد بلغ السيل الزبى ، وليس هناك أكثر سوءا ، مما تعيشينه باستمرار ، أما آن لك أن ترفضي هذا الخنوع الطويل؟ تقوين إرادتك ، عليك ان تنفذي قرارك ، العمر لحظة وينقضي - لا أريد تتراخي اليد الملتفة حولك ، تجدين ان القيد يزول ، ونظرات تساؤليه تنبعث من عيون تصرين على تجاهلها
صبيحة شبر
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستقبل القصة القصيرة
-
العرس( رواية قصيرة) الجزء الثاني والأخير
-
العرس ( رواية قصيرة) الجزء الأول
-
اعادة اللاجئين العراقيين الى بلدهم
-
قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)
-
حوار مع الأديب الكبير غريب عسقلاني
-
واقع الطفولة في العراق وسبل الخلاص
-
حقوق المرأة بين الحقيقة والضلال
-
العلاقة بين الابداع والمتلقي
-
قراءة في مجموعة قصائد نثرية
-
حوار مع الشاعر علي عطوان الكعبي
-
ترجمة الابداع بين الضرورة والمصالح الفردية
-
التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
-
وضع المعلم العراقي خارج العراق
-
التبعية ذلك الارث الثقيل
-
الابداع النسائي والمعوقات
-
الأرامل العراقيات منسيات
-
مجتمع القرود
-
المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء
-
أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة
المزيد.....
-
في وداعها الأخير
-
ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
-
عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني
...
-
شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
-
صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
-
غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
-
وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
-
غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
-
غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
-
الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|