|
اعادة اللاجئين العراقيين الى بلدهم
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2375 - 2008 / 8 / 16 - 10:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ورث العراق تركة ثقيلة من المشاكل والصعوبات ، ومن توالي عهود الظلم والطغيان ، وانعدام ابسط الحقوق التي يتمتع بها الناس ، في كل أقطار الأرض ، ومن حرمان كامل من حقوق المواطنة ، ومن انعدام ابسط مقومات الحياة الكريمة ، ومن سياسة تنكيل وإبعاد لمن يحمل رأيا مخالفا لما يراه أولي السلطان ، ومن تدني المستويات ، تحت خط الاحتمال بالنسبة للصحة والتعليم والرفاه الاقتصادي ، ومن سياسة تهجير لخيرة الشباب العراقي ، ومن فرض أفكار الحزب الواحد ، ومعاقبة من له رأي آخر بأقسى العقوبات ، ومن زج البلاد في أتون حروب دموية شرسة ، أودت بالثروة الوطنية ، وبددتها في أمور ثانوية ،أرادتها الحكومة الدكتاتورية ، وحين سقط ذلك النظام الظالم ، والذي لم يعرف التاريخ له مثيلا في البطش والإكراه ، وجاءت الامبريالية الأمريكية ، لتخدم مصالحها السياسية والاقتصادية ، في الإطاحة بهذا النظام ، الذي خدمها كثيرا وبدت سيئاته واضحة ،أمام المتابع المنصف للأحداث ، حدثت الانتخابات الفورية ، وأقدم الشعب المحروم ، من انتخاب ممثليه ، الى خوض تلك الانتخابات ، وفاز بها من فاز ، نتيجة رفع شعارات صدق بها المواطن ، الذي كان غريقا استنجد بالقشة التي وجدها ، في وسط الأمواج المتلاطمة ، فأحب ان يتشبث بها ، وينجي مركب حياته المتعرض للغرق ،بعد حكم دكتاتوري ظالم وما جرى بعد سقوط النظام معروف للمتابع ، أقدمت أمريكا على إلغاء المنظمات والمؤسسات ،التي كان من الممكن ان تقوم بدورها للدفاع عن الوطن ، او تقوم بما هو متوقع منها بإعادة النظام الساقط ،الى الحكم من جديد ، حل الجيش العراقي والشرطة ، و فتحت الحدود العراقية ،أمام الآلاف من الجيوش المجندة ،التي تريد إعاقة ما يسعى اليه العراقيون ، من حكم ديمقراطي يبيح الحقوق الأساسية ، لبني الإنسان ، وظهرت الكثير من المليشيات المسلحة ، التي تنفذ وجهات نظر الأحزاب السياسية المنتمية إليها ، وحدثت آلاف التفجيرات بالأحزمة الناسفة ، والسيارات المفخخة ،وطالت الكثير من الأرواح ، وسقط العديد من الضحايا ، وظهرت عصابات التكفير على الهوية والتهجير ، والإرغام عليه ، لخيرة الكفاءات العلمية ، والتعليمة والطبية ،التي كان من الممكن ان تساهم في اعمار البلاد ، وأجبرت الكثير من العوائل على هجرة بيوتها ، التي كلفتها الكثير من العرق والكفاح ، واضطر الآلاف من المواطنين الى الهجرة ،خارج البلاد رغبة في الحصول على الأمن المفقود ،والتمتع ببعض الحقوق، التي اطال انتهاكها ، في بلاد كالعراق ، خرج توا من حكم اعتى الدكتاتوريات ، وعاني المواطنون من فقدان الأساسيات في الحياة ، وحتى المياه الصالحة للشرب ومن انقطاع الكهرباء في الأوقات الطويلة ، ومن انعدام الأمن ، ورغم هذا بقي الكثير من المواطنين في العراق ، آملين بانبثاق حياة أجمل ، على ركام الواقع المرير الذي عاشه العراقيون ، وأمام هذه المعاناة الطويلة ، وانعدام الأمل في تحقيق بعض الطلبات الأساسية ، هاجر بعض العراقيين ، الى دول أوربا ، رغبة في الحصول على بعض الحقوق ، التي يتمتع بها الإنسان في تلك الدول ، جاءت الحكومة العراقية ، للمطالبة بعودة هؤلاء العراقيين الى البلد ، لان العراق أحوج ما يكون الآن الى عودة أبنائه ، فمن يمكنه ان يساهم في اعماره ؟، وإعادة الحياة إليه ، ان كان خيرة أبنائه موجودين خارجه؟ ، وهنا نجد أنفسنا في حيرة شديدة ، كما بطلة الحكاية الشعبية التي كنا نسمعها صغارا ، عن المرأة التي تذهب الى البراري لترعى الأغنام ، ومعها قطعة خبز ، وأمر عليها طاعته ( خبز لا تقطعين ، واكلي حتى تشبعين ) مما يضطرها الى العودة آخر النهار جائعة ، ومعها رغيف الخبز ، لم يمس ، فهل أصبحنا مثل بطلة تلك القصة ، نكدح طول عمرنا ونظل جياعا ، ونحن نرى خيرات بلادنا تهدر ؟ هل يمكن ان يترك العراقيون في البلدان الأوربية ، التي اختاروها مكانا لائقا ليجدوا فيه ما يبحثون عنه من أمان العيش ، ومن بعض الرفاه ، فمن يبني العراق ،بعد تعرضه لهذا التخريب الكبير ، ومن يمكن ان يعيد الصحراء المترامية الأطراف ، الى عهدها السابق ، حيث كانت تعرف بأرض الزراعة والخضرة والجمال ، ومن يمكن ان يعيد شعلة الأمل الى النفوس ، التي أتعبها الحرمان الطويل ، وأنهكتها الحروب المتواصلة ، والنزاعات ، وحوادث الموت المستمر ، الذي ما زال العراقيون يعانون منه ،رغم ان معاناتهم وصلت منتهاها ولا مجال بعد في مزيد ، والى متى يعاني العراقيون ، ويتحملون هذه الحياة التي هي أشبه بالموت ،يحل عليهم كاللعنة الأبدية ؟، ومن يمكنه ان يعيد ما سلب من العراقيين ، من رغبة في الحياة ،ومن أمل يراود الإنسان، كل صباح ، انه قد يرى سطوع الشمس، رغم ان المغيب قد خيم كثيرا، وسرق البسمة من النفوس ، فهل يستطيع العائدون رغما عنهم ، ان يساهموا في إعادة العراق ، الى سابق عهده ، ونفرض أنهم وافقوا على العودة ، لان الحلم في بناء الوطن من جديد ، من الأمور التي تجعلهم يقدمون على التضحية ، ككل مرة ، يضحون فيها بالغالي والنفيس والروح ، فهل استطاعت الحكومة ، بما قامت به من صولات ،ان تقضي نهائيا على العصابات المسلحة ، وعلى منفذي العمليات ومموليها ؟ ام إنها نجحت في الحد من سطوة المسلحين الفقراء ، أما الأغنياء والمتنفذون ، والممولون ، فما زالوا على قوتهم الحالية ، والتي يمكن ان يهددوا بها سلامة الوطن ، وحياته الآمنة من جديد ؟ وهل يمكن ان تحل قوة الحوار والمناقشة ، بدل لغة الاحتراب ، التي ظلت عقودا طويلة هي السائدة في بلد كالعراق ؟ من يضمن ان الحروب الطائفية والقومية والعرقية لا تنهض من جديد / مطالبة بسفك طويل ،لا ينتهي من الدماء الزكية الطاهرة ؟ وهل يمكن لشعب عاش الفكر الواحد ، المفروض عليه بالقوة / ان يتحول بعد عشية وضحاها ،الى آخر بصفات متغايرة ، يحب من تسبب قبل قليل ،في قتل أحبته والأعزاء عليه ؟ هل يمكن للحكومة ان توفر الحاجات الضرورية لمواطنيها ، من ماء نقي وكهرباء وموارد معتدلة ، ومن امن وسلام ، وبقاء الساعات المتبقية من العمر، بلا حروب ونزاعات ورغبة طائشة ، في تفجير الإنسان ، والقضاء المبرم على ما يحلم به من جمال ،؟ وهل يمكن للحكومة ، مهما كانت قدرتها الحالية ان تبني ، ولوحدها عرافا نابضا بالحياة ، جميلا كما كان في الماضي البعيد ،عصيا على التقهقر ، يعيش أبناؤه بحب وإخاء ، كحال الشعوب المتمدنة ،التي لم يبتليها الله بحكم طائش لا يعرف معنى الحكمة ،ولا استمع الى حديث التجربة ، ولا علمته الأيام ،كيف يحترم كفاح الناس العظماء ،رغم بساطتهم المتناهية ، هل تستطيع الحكومة وحدها في ظل الأوضاع الحالية، ان تعيد الحياة الضائعة الى الآلاف من البشر التعساء ، والذين لم يذنبوا في شيء ، لتظلم الدنيا أمامهم وتريهم وجهها البائس ، ؟ سوى إنهم عراقيون ، قد ساهموا في صنع الحضارة ،وابتكار طرق جديدة ، للتعايش مع الألم ، الذي لا يريد ان ينقضي ، ومع البؤس الذي لازمهم طويلا ، فما ذنب العراقيين لتطول معاناتهم ، وليجدوا أنفسهم غرباء في وطنهم؟ ، تلاحقهم اللعنة الأبدية ، وتحل في ديارهم المتفجرات المتنوعة ، ومن كل حدب وصوب ، وان رضي المهاجرون في العودة ، الى بلدهم المعشوق ، فهل تستطيع الحكومة ان تعيد إليهم حقوقهم المفقودة ، ومشاعرهم التي وئدت ، ورغبتهم كما البشر دائما ، ان يستظلوا بنخيلهم المفجوع ، وأرضهم التي استحالت الى حفر بائسة ، وأمكنة لجمع النفايات ، هل يمكن للعراقيين ان يحلموا ، انهم سوف يتمتعون بحياة بسيطة ،بعد كفاحهم الطويل ، هل يمكن ان يجد العائدون،بعض الاهتمام في حياة كريمة ، لاتعكرها المنغصات ، هل يمكن ان يتمتعوا بالصحة، وان يجدوا العلاج الشافي، لما تعانيه أرواحهم وأبدانهم من أمراض ، لم يجد الطب الدواء المبرئ لها ، وماذا تستطيع الحكومة ان تفعل ، وآلاف الملفات ـ تنتظر الرؤية الثاقبة فيها ، والدراسة المستفيضة لإيجاد الحلول كلنا رغبة ان يعود العراقيون الى بلدهم الحبيب ، وان يساهموا من جديد في بنائه ، فقد علمهم الدهر إنهم يبدؤون من الصفر كل مرة ، ولكن من يمكنه ان يضمن شيئا ؟ ومن يستطيع ان يعد بأمر ، وكل حياتنا سراب ، وكل الوعود أضغاث أحلام
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)
-
حوار مع الأديب الكبير غريب عسقلاني
-
واقع الطفولة في العراق وسبل الخلاص
-
حقوق المرأة بين الحقيقة والضلال
-
العلاقة بين الابداع والمتلقي
-
قراءة في مجموعة قصائد نثرية
-
حوار مع الشاعر علي عطوان الكعبي
-
ترجمة الابداع بين الضرورة والمصالح الفردية
-
التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
-
وضع المعلم العراقي خارج العراق
-
التبعية ذلك الارث الثقيل
-
الابداع النسائي والمعوقات
-
الأرامل العراقيات منسيات
-
مجتمع القرود
-
المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء
-
أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة
-
شاعر التفاؤل والشباب وقهر الصعاب
-
أبناء أبرار
-
عيد الطبقة العاملة العراقية
-
التاسع من نيسان : ماذا حمل للعراقيين ؟
المزيد.....
-
مايا دياب -تُشعل أظافرها- في إحدى أكثر إطلالاتها غرابة
-
بعد تحذير ترامب.. سكان طهران يفرون شمالا مع دخول الصراع يومه
...
-
مسؤول عسكري إسرائيلي يكشف سبب تراجع عدد الصواريخ التي تطلقها
...
-
أثناء توجهه إلى الملجأ.. نفتالي بينيت لـCNN عن إيران: هناك ص
...
-
إيران تعلن عن خطة -البدلاء العشرة- لضمان استمرارية القيادة ف
...
-
ما هي أسوأ السيناريوهات المحتملة في الصراع بين إيران وإسرائي
...
-
هل يصبّ سقوط النظام الإيراني في مصلحة الأنظمة العربية؟
-
بريطانيا تدرج 10 أشخاص و20 سفينة وإدارة بوزارة الدفاع الروسي
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن مسيرة انتحارية جديدة (فيديو)
-
-فاتح-.. أحدث صاروخ إيراني فرط صوتي يدخل على خط الحرب مع إسر
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|