أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - العرس ( رواية قصيرة) الجزء الأول















المزيد.....



العرس ( رواية قصيرة) الجزء الأول


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 07:10
المحور: الادب والفن
    


العرس
الفصل الأول
توصلت أخيرا ، وبعد إدمان الصبر فترة طويلة ، أن اقلع جذورك من تربتي ، وان أنأى بنفسي عن سعير الحاجة إليك ، جربت كل السبل ، لأحرر قلبي من براثنك ، وأعياني المسير وحيدة ، أجري في صحرائك المتنامية الأطراف ، انشد أغنيات لم تعد صالحة لهذا الزمان ، ولم يعد بمقدور أي حي ، أن يرددها في مكاننا ، اندب حظي ، وألعن تلك اللحظة التي تعرفت فيها إليك ، سوء طالعي ، جعلني اصدق كلمة قلتها لي ، وأنت غير مكترث بها ، اشتعل لهيبا اثر لفظة ، بحت بها في لحظة سكر ، جريت خلفك ، أصغي إلى كلماتك الخالية من الرصيد ، تنكرت لكل الأحباب ، الذين وضعوا تجاربهم الطويلة أمامي ، كي استمد منها عزيمتي ، واصل الى قرار ، ولكن كلماتك كاللعنة ، حلت في دياجير الروح ، وأولعت فيها الهشيم ، أقرر كل مرة إنني أنسا ك ، وكما يعود التاركون التدخين الى سكائرهم ، بعد قسم أنهم سيمدون أرواحهم بطرق الشفاء ، أعود إليك كل مرة ، حانثة بوعدي لنفسي ، إنني سأحررها من قيود جهنمية تعشعش في شرايينها ، وتسلب منها طمأنينة اليقين ، كلمة منك تهمس بها الى أذني ، فأجد نفسي ظمأى وجدت ، بعد حرمان ، نقطة ماء في سراب روحها العطشى.
ضاع مني كل شيء ، أهل وأحباب متعاطفون ، أسرة تحنو على ضعفي ، وتربت على كتفي ، حيث يشتد بي الهجير ، وترنو النفس إلى لحظات من الدفء ، تستمد منها بعض القوة على نكبات الدهر ، أصدقاء طالما قدموا النصح لي ، معرفين إياي بمثالبك العصية على التعداد ، و التي تأبى الوفاء ، كم أحببت من النساء ، وكم جريت خلف ابتسامات خالية من المعنى ، ترميها لك ذوات العيون الوقحة ، والقلوب التي ما عرفت طعم الحب يوما ، حاول أخوتي ان يثنوني عن عزمي ، بان انتحر من أجلك ، مضحية بسنين عمري ، وبما كسبته بعد نضال شاق طويل ، تركني الجميع آسفين ، بعد أن وجدوني متشبثة بك ، أيمكن للداء أن يبرأ إن حقن مصله في جسد مريض ؟ تخليت عن كل شيء ، حصلت عليه بالجهد والعمل ، مدعية لنفسي إن راحتي معك ، وان حياتي تبدأ حين يتم توحدنا ، ولكننا رغم كل شيء ، كنا نبتتين غريبتين عن بعضهما ، وكأنهما قلعا من جذورهما وهما صغيرتان ، وحملا إلى ارض بعيدة ، فلم يقدرا على المواصلة ، وذبلت زهراتهما قبل اشتداد عودهما ، كنت تكبر ، واجدك أمامي تثير فتنة الناظرات إليك ، تهمس إليهن بعذب الكلام ، الذي وقعت في فخاخه وأنا لا اعلم عن مصيري شيئا ، كم تمنيت أن اعرفهن بخباياك ، كنت تتهمني بتهم بعيدة عن حقيقتي ، لماذا اشعر بالغيرة ، وأنت لم تمحضني العاطفة التي ادعيت بها ، فخرت عزيمتي متساقطة ، وجن جنوني ، كم لحظة نحيا في هذا العالم ، ونحن نجري من هزيمة الى أخرى ، ونكحل عيوننا باندحار بعد اندحار ، أراك معجبا بالكثيرات ، توزع عليهن غنائمك ، وتحدثهن عن فتوحاتك ، وهن مصغيات ، كم تمنيت ان أتقدم إليهن ناصحة ، الا يكترثن لعواطفك الغادرة ، وصوتك المعسول ، شعرن بالغبطة نحوي ، أنت المفتون يكل النساء ، تمنحهن الكلام المنمق الجميل ، وهن لاهيات.
هذا أخر وعد لي ، اقطعه على نفسي ، إنني سأحرر عقلي وقلبي ،من سم قاتل ، قد وقعت على إثره صرعى ، حين فتك بي ، وسلب مني القوة على ردعه ، وتواصلت انهزاماتي ، وتركتني مخلوقة أخرى ، لم أكن أظن يوما ،إنني سأكونها ، كيف أقلعك من جذورك اللعينة ، التي فتكت بقدرتي على النماء؟ كيف يمكنني ان استرد الطمأنينة ،الني فقدتها حين التعرف إليك ، حين تحدثني عن النساء العديدات ، المغرمات بك ، وأنت منتشي بنفسك ، ما الذي كنت تطمح إليه ؟ وأنا استمع إليك ، علك تظهر بعض الشعور بالندم ، على مشاعر قوية قدمتها لجميعهن دون استثناء ؟ فخر يتملكك ، وأنت تعدد أسماءهن ، وتريني صورا لهن ، وتقرأ لي مقاطع من رسائل بعثنها لك ، وأنت تختال كالغراب ، معددا مناقبك.
اشعر اليوم أنني سأقهر الضعف الذي لازمني طويلا ، وأتغلب على الداء الذي سكنني ، وابتسم للشمس ، إذ إنها تشرق من جديد ، على ارضي التي فقدت لون أشعتها منذ قرون ، دفء جميل يهل علي ، ويمنحني جمالا فريدا ، كنت أحسب انه اضمحل ، وفات أوانه.......











الفصل الثاني
لم يحقق يوما نجاحا ، حياته فشل متواصل ، وخيباته مستمرة ، يعمل لغيره ، ويناضل كي يقدم للآخرين ، ما يريدون على طبق من ذهب ، ليس حبا فيهم ، وإنما رغبة في إنقاذ نفسه من سطوة لسانهم ، ما أن يتكلم احدهم ، حتى يسد عليه منافذ السمع والفهم والإدراك ، يتمنى ان يقوم بكل ما يطلب منه ، ليكون قرير العين ، ويرسم ابتسامة سعيدة على ثغره المحروم ، يقولون انه سعيد ، فالابتسامة لا تفارقه لحظة ، لكنه شقي بائس في أعماقه ، لم يحبه إنسان ، ولم يذق طعم الحنان ، يجري خلف القدود الناعمة ، والابتسامات الخرقاء ، يشتعل لهيبه ، حين يرى نظرة مغموسة بالسم الزعاف ، يعشق واحدة ، ما ان تستمع الى قصته ، حتى تتخذ طريق الهروب مسلكا ، تدعي أنها مسيرة على اتخاذها لهذا السبيل ، يتظاهر انه مصدق وداخله يغلي لهيبا ، عواطف حيرى تنهال للفتة اهتمام ، يحلم طويلا ان يكون كالآخرين ، ويعييه الحال ، لا يملك الإصرار ، ويخر صريعا بعد كل عثرة ، يقوم منها بعد ، أن تمد له أيد الأصدقاء ، تنقذه مما الم به ، ينفذ ما قدموه له ، ويتشبث بمسيرة ناجح من خلانه ، ويظن انه ان سار على هديها ، سوف يحقق له النجاح المؤكد ، يمضي العمر مديدا خائبا ، لم يذق طعم المودة ، ولا عرف للعاطفة سبيلا ، أحب الكثيرات ، كل باسمة يتبعها ، أصبح فلبه مركبا ، تركب فيه الإناث المتغنجات ، لا يبالين به ، ولا بآلامه ، يعمل لهن كل ما يردن منه بصبر مثير للعجب ، يكتب ما يطلبه الأساتذة منهن من بحوث ودراسات ، و ينظم القصائد العصماء ، في التغني بجمالهن الفتان ، يذكرنه في مجالسهن ، ويتطلع الى إتقان أعماله المتواصلة ، من اجل خدمتهن ، ما ان يعبر للواحدة منهن عن ألمه الدفين ، ورغبته في لم الشمل ، والتمتع بجمال الحياة ، وانه اختارها لوحدها ، كي تتربع على عرش قلبه ، تهرول منه ، ناجية بنفسها ، مدركة انه لا يملك قلبا خاصا به ، من كثرة ما وهبه للحسناوات ، يضحك عاليا على قصصه الكثيرة ، حين يذكره بها أصدقاؤه الكثيرون ، تسيل مدامعه مدرارا ، وهو يصغي الى نكات تتردد هنا وهناك ، عن أحاديث عشقه المتكر ،ر لكل امرأة تقع عليها عيناه ، ينسى كل القصص الأخرى التي خلدها بأشعاره ، التي تتسارع الغادات ، الى قراءتها والتسبيح بحمدها ، من هي تعيسة الحظ ، التي سوف يوقعها سوء طالعها بطريقه ، فتجد نفسها ضرة لكل امرأة مرت بحياته ؟ عدوة جميع النساء ، من تلك الفدائية التي تذبح أحلامها ،وتقدم حياتها ،رهينة لإنسان ما عرف حبا حقيقيا ، ولا أصدقت له الوعود الأنثوية ، ولا سهرت من اجله عينا ن جميلتان ، ولا تساقطت من اجله درر إنسيات ، ماذا يفعل وقد وجد نفسه ، ضعيف الهمة ، خائر العزيمة ، لاشيء يثير فيه الإصرار ، يجد ان نفسه عدم ، ان قيست بالنفوس الأخرى ، التي تتعايش معه ، يرى انه أضحوكة أمام الآخرين ، يتندرون بما يروون من حكايات ، فإذا ما انقلب الحال جدا ، سارع إلى الإعلان :
- انا إنسان ضائع ، ودع العمر ، وزالت منه معالم الشباب.
- قلبك مركب ، كلهن راكبات فيه
يرسم البسمة على شفتين ، مخفيا تقطع أنياط قلبه ، وتحن الروح الى لمسة حقيقية ، يزيل بها ما علق بالقلب من أدران ، أنى له ان يشهد جمال الصدق ، وهو محكوم عليه ، ان يعيش كذبا متواصلا ، وادعاء كبيرا ، فلم يعد يدرك ان في الوجود ، لحظات يمكن ان تضحي من اجلها ، لجمال صدقها ، ونبل مشاعرها.........


























الفصل الثالث
لم امتلك الشجاعة اللازمة لمواجهة الأمور ، وحين أتاحت لي الصدف أن أتعرف الى سميرة ، اعتقدت دائما إنني محظوظة بصداقتها ، فهي رغم كونها متزنة ، وفق ما يحمله مجتمعنا من مفاهيم ، الا إنها شجاعة ، لا تعرف كيف تجامل ، وصدقها ذاك ، جعلها موضع نقمة الكثيرين ، ولكن كنت أغبطها على مواقفها العديدة ، لقول كلمتها الصادقة ، رغم تخلي الكثير عنها ، سمعت بها من المحيطين بي ، واستطعت ان أكون صديقة مقربة منها ، نخرج معا ، ونقرأ نفس الكتب ، ونصغي الى عين الأصدقاء ، لم تكن تطلب مني أمرا الا الإخلاص في الموقف ، وكنت سعيدة بكوني قريبة منها ، وكثيرا ما كنت اعبر لها ، عن حجم اعتزازي بصداقتها ، فيكون جوابها آسرا:
- أنت جميلة ،، تجدين الكون ناصع البهاء
-
أحيانا اشعر إنها أفضل مني بكثير ، وأحاول ان أكون قاسية في نقد تصرفاتها ، ولأنها كبيرة الثقة بنفسها ، كانت تقبل نقدي بابتسامة عريضة ، ثقتها هذه محط الإعجاب الكبير ، في منزلي كانت موضع الترحيب ،من أفراد الأسرة ، كنا ذلك الوقت لا نملك حرية التصرف ، ولا نستطيع ان ندعو من نشاء ،من الصديقات الى منازلنا ، استفسار الآباء يلح في معرفة كل شيء
- من صديقتك هذه ؟ وأين تسكن ؟ وماذا يشتغل أبوها ؟
سميرة كانت ترحب بصداقات الجميع ، دون ان يشك بها أحد ، صراحتها المعهودة بالحديث ، وعدم المجاملة هي الصفة الوحيدة التي أبعدت بعض الناس عنها.
ابتعدت عني حين التخرج ، ولم اعد أجد من يشاركني ، الاهتمامات الجميلة التي كانت تحظى بالحب والرغبة من كلينا ، وأصبحت أيامي كئيبة ، وجدت نفسي وحيدة ، لعل الكثيرين لا يفهمون سر العلاقة الناجحة ، بين فتاتين في مجتمعنا المحافظ ، الذي يرحب بالصداقة بين الذكور ، وينظر باستغراب الى علاقة وطيدة ، بين فتاتين ، جمعتهما الهوايات المشتركة ، لهذا حاولت العثور على صديقة مرافقة أخرى ، لكن سميرة لم يكن لها مثيل كما اعتادت ان تقول مازحة ، خرجنا مرة في مجموعة ،ذكورا وإناثا ، مضينا الى دجلة ، ركبنا قاربا صغيرا ، أخذت الأمواج تداعب زورقنا ، مرة تدفعه الى الأمام وأخرى توجهه الى الخلف ، ونحن نواصل الضحك والابتهاج ، ارتسم الخوف على وجهي ، ضحكوا من جزعي طويلا ، لم اشعر بعدم الارتياح من قهقهاتهم المتواصلة ، فقد كانوا إخوة لي ، وأصدقاء أعزاء. تشتد الرياح فجأة على قاربنا الصغير ، وتعلو وتيرة خوفي وجزعي ، ألاحظ إن القريبين مني ، يقطعون ضحكاتهم المتواصلة ، ليعالجوا أمر القارب ، الذي دفعته الرياح بعيدا عن جادة الصواب ، يمسك احدهم الدفة ، ويغالب الأمواج العالية ، ويجاهد كي يعيد قاربنا المتمايل ، الى وجهته الصحيحة ، يمسكني الجزع ويغلبني الخوف المتفاقم ، وأصحو من هلعي على صوت تصفيق عال مشجع
- عشت صديقنا ، أنقذتنا من موت محقق
لم تعرف سميرة العوم ، لكني كنت واثقة تماما ،ان البوصلة ما كانت تفقدها في مثل هذه اللحظات العصيبة.....




























الفصل الرابع
لست أدري كيف أحببتك ؟ أنت الذي عرفتك كل النساء اللواتي ، وقعت في غرامهن انك لعوب ، لا تحترم كلماتك ، ولا تقدر حرفك ، كيف أصغيت إليك ، ونسيت اتزاني ، ذلك المعهود عني ، وصدقت دعواك انك تحبني ، كلمة واحدة قلتها لي ، فرحب القلب المتعطش ، وتناسيت حذري المعروف ، أردت أن أصدقك ، وأضع حدا للصيام الطويل ، الذي مارسته ضد نفسي ، كنت متغربة في هذا العالم السحيق ، وقد وجدت كل أنثى ، من يملأ القلب لها ، ويضيء العتمة في حياتها ، حاربت كل لحظات الهيام ، لأ برهن لنفسي إنني قوية ، وإذا بي هشة حتى النخاع ، صدقتك ، وقد عرفتك الأخريات انك لا تثبت على عهد ، تتغير عواطفك ، تغير الرياح في الصحراء ، لم اعهد أحدا مثلك ، هوائي المشاعر ، متغيرا ، يبغض الثبات ، ويمقت البقاء على العهد ، كلمة واحدة قلتها لي ، من عرفك بطريقي ؟، ونصحك ان تقف فيها معبرا لي ، عن هيامك المزعوم ، من أخبرك إني ظامئة الى الحنان ، وإنني عطشى الى ضمة حب حقيقي ، من أنبأ ك أنني تعبت من الصيام ، وحان لي أن أفطر ، على عاطفة صادقة ، تضع حدا لمتاعبي ، كلمة واحدة قلتها لي ، وقد صدقت بها ، رغم انك حاولت الابتعاد عن طريقي ، وادعيت انك معدم ،تستحق ان أتصدق عليك ، وان عائلة كبيرة تعتمد عليك ، وأنت رجلها الوحيد ، وانك يجب ان تمنحها راتبك ، فقد تعودت انك المانح الفرد ، والملبي لحاجاتها ، وانك تحبني بكل قوة من كيانك ، لكنك مرغم فيما تفعله ، ولقد أضافت مزاعمك الجديدة هذه ، رصيدا الى ما كنت أتوهمه عنك ،من كريم الخصال وطيب المعدن ، خاطبت نفسي ان الإنسان المحسن الى والديه ، لابد ان يكون محسنا مع عائلته الجديدة ، مع زوجته وأولاده ، من أين جاءني هذا اليقين ؟ لست أعلم ، الذي اعرفه أنني كنت أطمئن إليك ، وأثق بما تقوله ثقة كبيرة ، ربما لم اعهد من رجل في عالمي ، ان يعتمد كل الاعتماد على امرأته قبل ان يرتبطا ، مضيت تقول لي انه لا فرق بيني وبينك ، وإنني مخلوقة عصرية ، وسوف اثبت ما أدعو اليه من مساواة ، وأنا مغمضة العينين ، مسدودة الإذنين ، امضي في طريق لا أعلم عنه شيئا ، تحدثني عن صديقاتك الموقرات ، تصفهن لي تمام الوصف ، تتكلم عن جمالهن الأخاذ ، وتغدق عليهن الهدايا الثمينة ، مدعيا انك تتميز بالحياء ، وانك لا يمكن الا تلبي دعوة من امرأة حسناء ، تهرع اليك طالبة منك ان تمدها بالإحسان
تسهب في حديثك عن لطيفة وسهام ، وإنهما المقربتان إليك ، وانك تخبرهما عن كل ما يمر بك ، وما يقع لك من أمور ، وانك تجدهما صديقتين مقربتين كالرجال ، تحدثهما عن أمورنا القليلة ، التي تهمنا لوحدنا ، وأنت تفتعل الأعذار انهما أختاك المقربتان ، وأنهما يعلمان ما هو طبيعي ، ومحتمل الوقوع ، يدفعني الفضول الى التعرف إليهما ، أرى أنهما طاغيتا الفتنة ، تسير الأنوثة من أعطافهما أينما سارتا ، تتحدثان معا وتقلبان حديثكما ، قلا يعرف السامع إليكما ما ذا تقولان ؟، وأنا أطرش بالزفة ، وحين أستفسر منك ، لماذا تتحدثان بهذه الطريقة ، تجيبني على الفور أنها أمور خاصة بهما ، وقد طلبتا منك عدم إفشائها ، وأنت الأمين ،عليك ان تنفذ إرادتهما ، وإلا اتهمتاك بالخيانة ، وأنا مبهورة بمزاياك ، وكأنك هبطت على دنياي كالغيث ، فأحييت مواتها ، وزرعت أزاهيرها وسقيت عطاشها ، لم صدقتك ؟ وكيف انطلى وضعك المتقلب علي ، ومن أين لي أن ادري أن إنسانا ، يمكن ان يكون على شاكلتك ، مداج ، خداع ، لا يثبت على قرار ، متغير ، يهيم بكلمة كاذبة ، ويترك الخل ، بلا سبب وجيه ، ينظر الأصدقاء الي بتساؤل ، كيف انطلت علي خديعتك ؟وكيف مضيت جذلى الى هاوية قبري ، وموضع وأد روحي وانهزام شخصيتي ؟





















الفصل الخامس
كان الوسط بين إخوته ، الأول مدلل ، ينفذون له ما أراد ، طلباته مستجابة ، ورغباته محققة ، والأخير ، آخر العنقود ، يشير بيده إلى الشيء ، فيفهم الوالدان ، بأنه يريد الحصول عليه ، وهو الوسط ، يخاف من الكبير ، فيطيعه طاعة عمياء ، ويخشى من الصغير ، ويسعى الا يتهمه بعدم الإحسان إليه ، ويسارع بالبكاء متهما انه ابتعد عنه ، وما قدر له صغر سنه ، وانه حائر بينهما ، يقلد الكبير طمعا ، في حصاد الحب الذي يتمتع به ، فإذا العيون تزدريه ، انه ضعيف الشخصية ، لا إرادة له، يسير دون تفكير ، وان جرى وراء رغبات الصغير ، سمع قهقهات الناس ، مستصغرين شأنه، وانه يبدو اقل من عمره ، لا يتمتع بما حباه الله لأخويه معا ، لا يفكر ان يختط لنفسه ، طريقا مختلفا ، فيحصد حب الناس وتقديرهم ، تقليد أخويه ما يسعى اليه ، يرى استحسان الأقارب لتصرف أخويه ، فيسير مقتفيا أثرهما ، لكنه لا يوفق في سعيه ، كل ما حصده كان في أرض قاحلة ، لم تعرف الإرواء ، تذهب جهوده هدرا ، لم يجن عنها ثمرا ، ولا وجد لها عاقبة حسنة ، فكر انه يمكنه ،أن يسير خلف من يملك صوتا عاليا ، فيقيه الوقوع في غائلة غضب الآخرين واستبدادهم ، أضحى مرتفع الصوت عالي النبرة ، ينطلق صراخه ، حين يجد تقديرا ، ويصمت بخوف ، حيث يزدريه الآخر مقللا من شأنه
يردد الأفكار الجميلة ، وحين يطالبه الآخرون بالسداد ، يرتفع صوته محتجا ، انه ابن أبيه ، الذي لم يترك سيئا الا سار عليه ، ولم يجعل نقيصة تعتب عليه ، وانه عاش عمره طولا وعرضا ، تنهال عليه اللعنات ، وان الإنسان المتسامح ضعيف يستحق القصاص ، والمرء القوي ينال حقوقه ، بقدرته ، ويضيف اليها حقوق من لم يحسن قراع الآخرين ، او سلب ما يملكون
من أين له ان يقارن بين الحقيقة والخيال ، أو بين الصحة والخطأ ،؟ وأبوه يسارع الى الصراخ حين يرى تفهما ، ويسكت على مضض مستمتعا بالانهزام ،أمام جبروت من لا قلب لهم ، جرب ان يكون مختلفا ، وأعياه الحال ، لامنقذ له ، يضحكون لحديثه ، ولا يأخذونه مأخذ الجد ، فاستقر لديه انه مهرجهم المقرب ، يهرعون إليه اذا ما اشتدت عليهم الدنيا ، وحلكت أيامهم ، واسود ت الحال ، يروي لهم ما جد عنده من قصص ،تدفع على الضحك المتواصل ، وتحث على الابتسام ، وقلبه في لوعة ، ونفسه في جحيم ، ما الذي يمكنه ان يعمله ، وقد استقر حاله مهرجا ، يستدر ضحكاتهم من أنفسهم المجهدة ، ونفوسهم التي ملأها السقم ، واعتراها الهم ، واستوطنها الكمد ، فإذا ما اشتد عليه الحال ، ووجد انه من المحال ، ان يرضى لنفسك ان تكون على هذا المال ، هرع الى من يحبه وهم نفر قليل ، لتحل عليهم نقمته ، كيف يحبه شخص وقد بعد عنه الناس أجمعون ؟ يتلفظ بكلماته الجهنمية ساعيا الى إثارة الغضب ، وتحريك نار النقمة بعد أن اعتراها الرماد ، وبعث جمر النفوس الملومة من رقادها ، وحين يطمئن الى نجاحه في مسعاه ، تنطلق ضحكاته ،لتحل على من وجد فيها الحبيبة ، فتلقنها درسا في الحذر ، وان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، ادعى انه يملك عاطفة جياشة ، يريد ان يغدقها عليها ، مكرما إياها ، بعد ان أعجبته خصالها ، التي قال إنها كريمة ، صدقت كلماته الحسان ، وهي تمني النفس ، ان أيامها البائسات ، سوف تشهد انبلاجا على يديه ، وان حزنها المستديم سوف تافل شمسه ، بعد ان يهل على أرضها ، بكريم أفعاله ، وبحنانه الذي وجدته يستحق إعجابها ، وان تجعل منه موئلا ، فاتها انه قد يحسن التمثيل ، ماهر في الظهور بما يناقض حقيقته الساطعة ، وان القول الجميل ، قد لا يكون معبرا عن قلب عاشق ، ونفس متعطشة الى إرواء المحب ، صدقت دعواه ، وحينذاك ، أظلمت الدنيا في ناظريها ، واشتد لهيبها ، يحرقها بجحيم ، لم تعهده من قبل ، ولا مر بخاطرها ، أنها ستشهد يوما تعذيبا ،على يد من أسلمت له القياد ، متوهمة انه سيذيقها الشهد بدلا من العلقم ، كيف انطلت دعواه عليها ؟ كيف أمكنه ان يت لها انه متيم ؟ ، لا تعرف مشاعره التغير ، وانه باق على العهد ، مادامت النفس تتردد في هذا الجسد ، الحذر لا ينجي من الخطر ، كما يقولون ، صدقت بدعواه ، وانطلت عليها حيلته ، وذهبت تجري ، تستجدي منه النظرات الولهى ، والمواقف المؤيدة ، وهو يتحاشى الوقوف بجانبها
















الفصل السادس

عرفت الاثنين معا ، من اعز أصدقائي ، سميرة عرفتها أيام الجامعة ، أعجبت بشخصيتها المتزنة وأخلاقها الحميدة وثقافتها العالية ، ورغبتها الدائمة في قهر الصعاب التي تعترض الطريق ، لم تنهزم أبدا اذا ما ادلهمت الخطوب ، وأحمد طيب القلب ،لكنه سريع الغضب ، قد يهد بسرعة كل شيء ، الاثنان أصدقائي ،سألني أن أساعده في العثور على امرأة جميلة ، ووفية يقترن بها ، وكانت هي صديقتي المقربة ، فأرشدته إليها ، وما كان في ظني ، انه يسارع في الهيام بها ، كنت اعرف انه يعجل ، في الإعجاب بالشخصيات النسائية ،على اختلاف طبائعها ـ فكرت أنها بما تملك من قدرة ،على تغيير القبيح ، من الصفات ،قادرة على إنقاذه ، من مثالبه الظاهرة للعيان ، جمعت بين الاثنين وأثنيت على كل واحد منهما ، أمام الآخر ، وساعدتهما على التعرف ، وجلست أولا بينهما ، ثم عرفت أنهما ، استغنيا عن وجودي بينهما ، وأدركا حاجة كليهما ، إلى الآخر فهما رغم تباينهما ، اللافت للنظر ،شخصيتان متقاربتان حقا ، يحملان الكثير من الصفات المتشابهة ، وجمع رأسين بالحلال من الأمور ،التي يثيب عليها الله ورغم إنها كانت محل إعجاب الكثيرين ، إلا إني وجدتها تنجذب إليه بسرعة ، لم أكن أتوقعها ، ففرحت بنجاح مسعاي ، وأدركت أنهما يمكن أن يكونا ثنائيا رائعا ،منسجما ومتآلفا في الكثير من الأمور، الهوايات كانت عديدة ، ومتشابهة لدى كليهما ، والأصدقاء عينهم ، يتكرر ذكرهم لدى الشخصيتين الجميلتين ، وطنت نفسي ، على الجمع بين صديقي المقربين ، في رابط متين من المحبة ، لا تسمو عليه وشيجة أخرى ، ورغم ما في عملي هذا ، من تراجع ظاهر ، في طريقة صنع علاقة تعتبر أعلى مرتبة ، من علاقات التواصل الإنساني المتين ، الا إنني سرت في تنفيذ خطتي ، كنت أرجو ان اجعلهما سعيدين يرنوان إلى بعضهما وقد ربطت بينهما أسمى العلاقات
زادت في الآونة الأخيرة استفساراته عنها ، ويبدو عليه الشوق الى لقياها ظاهرا
جلب قناني العرق المسيح ، وطلب منا جميعا – نحن أصدقاؤه- ان نرافقه في سهرة جميلة ، على أنغام عزف العود الشجي ، ومصاحبة الغناء القديم ، تعجبني دائما تلك السهرات الجميلة ، وبودي ان احضرها مع الأصدقاء ، ولكن الأسرة تحول بيني وبين تحقيق رغبتي ، في الكثير من المناسبات الرائعة ، أجد صديقاتي يسارعن ،الى ارتشاف لحظات من البهجة ، قد لا يجود بمثلها الزمان ، وأظل وحيدة مع كتابي ، لو كنت سميرة قربي ، لاستطعنا ان نبدد خوف أفراد الأسرة من حضور هذه المناسبات ، وحققنا فرحتنا المؤودة ، وتطلعنا إلى قضاء الممتع ، ورؤية المبهج ،في حياتنا القصيرة الخالية من الفرح ، والتي تمضي أيامها كالحات ،من غير معنى جاذب ، يمنح لحظات الحياة ألقها المبتغى
كنت آمل ان امضي معهم ، لأتمتع بلحظات بهيجة من الرقص الجميل ، والعزف الشجي والغناء الآسر ، وإلقاء شاد لما جادت به قرائح اكبر الشعراء ، من روائع الكلمات وبهاء المعاني ، ولكني عجزت ان أحقق أملي ، وعدت أدراجي خائبة الى المنزل ، اطمح ان أتمكن من تحقيق أحلامي اليسيرة هذه اذا ما ارتبطت صديقتي بحبيبها الموعود......














الفصل السابع
تزدريك النفس ، وتقتحمك العين ، بجسدك الواهن وعظامك النافرة ، وعينيك البارزتين ، وخطواتك المترددة ، اية لعنة حلت علي حينذاك ، حين انفتحت شراييني لك بعد ان قررت على وأدها ، صممت على قراري سنين طوال ، ثم خذلت نفسي موهمة إياها ، أن الغيث سينزل غاسلا ارضي ، مزيلا ما علق من أدران في نفسي الموجعة ، وقلبي الظامئ ، أي انقلاب أحدثته كلماتك المورقة في صحراء حياتي ، فجعلت أشجارها تنبت زهورها من جديد ، بعد أن أيبسها الجفاف ، أية قدرة تملكها كلماتك المعسولة ، حين تستقر في أقاصي الفؤاد ، واثقة من صدق دعواك ، لم أتيتني ؟ ولم لم تدعني هانئة بالهدوء، الذي كان مهيمنا على حياتي ، من أخبرك أنني لهفى على كلمة واحدة ، لتروي عطشي المستديم ، جئتني في نهار قد اسودت سماؤه ، لتخبرني انك متيم بي ، وانك لم تعرف امرأة أخرى سواي ، وانك أعجبت بشمائلي ،حين وقعت عيناك علي أول مرة ، وانك تتمنى ان نكون معا ، لنشيد قصورا من المحبة ، بعواطفنا الغالية ، ونفوسنا الكبيرة ، ولأنني أملك ثقة لا تتزعزع بالجمال ، أوهمت نفسي انك صادق في زعمك ، وان الدنيا قد قررت إزالة الصخور ، التي طالما وضعتها في طريقي ، وإنها أرسلتك ، لتزيل المصاعب التي اعترضت طريقي ، وأدمنت اعتراضها ، حديثك المهذب الجميل ، أغراني ، ودفعني الى التصديق بما تقول ، رحبت بمجيئك ، متيقنة أن أيامي الذابلة ، سيمر بها الربيع باشا مرحبا ، وان قلبي القانط ، سوف يشهد انفتاحا على العالم ، لم بعهده من قبل ، أنت لا تملك شيئا سوى قلبك الدافئ ، ولسانك الماهر على نسج أسورة ، من المحبة تقتلع ما نبت في أعماق قلبي ،من شعور بالخذلان ، لم لا أقف بجانبك ؟ وأنت تريد إسعادي وتغيير حياتي ، الى أيام مترعات بالجمال ، لم أتردد ؟ والدنيا تبتسم لمن انضم الى غيره ، متعاونا يشد أزره ، يذلل له الصعوبات ، وأنت توأم نفسي المكلومة ، التي لم تشهد سعادتها قبل مجيئك ، وها انك تغرس فيها شتلات من الود ، وتعيد إليها صفاءها المطلوب ، أية قوة كنت تملك ، جعلتني بها اجري خلفك ، حارقة جميع ما اتصفت به ،من قوة الإرادة ومن روعة التصميم ، هل غابت عني حقيقة نفسي حينذاك ؟ وهل كنت واهمة ،في تقدير مدى قوتي واحتمالي ، وكيف ادعيت إنني قد ملكت زمام نفسي ، وأنا أهرول خلفك ، اثر كلمة واحدة اسمعها منك ، هل نفهم الإنسان القابع فينا ؟ كما ندعي ، وهل تغيب عنا حقيقة أنفسنا ، ونحن نتصالح مع أشخاص معينين ؟ ونتحارب مع آخرين ؟ ما الذي جعلني اترك ما وطنت نفسي عليه ؟، أهملت أحلامي التي أنفقت وقتا طويلا في تحقيقها ، هجرت إرادتي ورغبتي بالاستقلال ، والوصول الى غاياتي العديدات ، واكتفيت أن يسعد القلب بالقرب منك ، وماذا يمكن ان نطلب من الدنيا، أكثر من إسعاد القلب الظمآن ، أليست هذه ابعد الأحلام وأقواها ، وأقربها الى النفوس ؟ أنت لا تملك شيئا ،لم لا أقف بجانبك ، وأنت سوف تطعمني الشهد ، وتريني آيات من الجمال الرفيع ـ الا أطالب بالمساواة ؟ لماذا لا أعلنها أمام العالم ، أننا شريكان في الحياة معا ، نناضل من اجل سعادتنا ، ونسعى ليضمنا مأوى مشترك ، يقينا صقيع الوحدة ويحفظنا من الحاجة المستعرة الى الحب ؟ لماذا لا أعلن أمام العالم ، أننا سوف نكون واحدا ، بدلا من اثنين ؟ وإنني قد قررت أخيرا ،على وأد الشعور بالهزيمة الذي أحاط بي ، ومنعني من الابتهاج ، وها هو اليوم يطرق بابي ، أعرفك بأفراد أسرتي ، يرحبون بمقدمك ، ويهللون بمجيئك ، ظنا منهم ان القلب قد استقر أخيرا على اختيار من يستوطنه......





















الفصل الثامن
وماذا يمكنني أن افعل ؟ وقد خلقني الله ضعيفا متخاذلا ، مقهورا ، لا املك شروى نقير ، كل ما ادخره من هذه الحياة ، كلمات معسولة ، أضعها في طريق الفتيات ، فتجعلهن صرعى ، لا يصدقن ان مخلوقا بائسا مثلي ، يحبهن كما تحمله كلماتي الفقيرات من الصدق ، ماذا يمكنني ان افعل ؟ وهن يسارعن الى تصديقي ؟ هل اعترف أمامهن ، إنني لا اعني من كلامي ، غير إقامة سويعات من البهجة ، نقضيها في لهو ، وطلب للدفء المستحيل ، هن مسكينات ، يرغبن بالتصديق ، وأنا مثلهن خائر القوى ، متهالك ، ، أتلفظ بالكلمات السحرية أمامهن ، فيتسابقن الى أحضاني ، جاهلات إنني لا املك قدرة ،على منحهن الشعور بالدف ، فانا نفسي اعجز عن الإحساس به ، كيف يمكن لمقرور ، أن يمنح الفييء للنفوس ، التي تشعر بوحشتها أمام غربة الروح ؟ جسدي بائس ، وروحي ناقصة ، وجيوبي فارغة ، ولساني ماهر في منح كلمات كالعسل المصفى ، هذه موهبتي الوحيدة ، ألم يقولوا ان المرأة بنصف عقل ؟ وأنها تصدق دعاوى الحب، التي تدعيها كلمات ، لا تملك حرارة اليقين ، من قال لهن أن يجرين خلفي ؟ أنا المخلوق البائس الضعيف ؟ مسكين أنا ، يتملكني الضعف المستديم ، وتقتلني المرارة الفتاكة ، أنا دون الآخرين ، من يمكن ان يشعر بي ، ويمنحني الحنان والدفء الذي تدعيه كلماتي المعسولة ، في هذا الخراب المتناهي ، من لي ؟ في الصحارى الشاسعة ، من الم الروح القاضية على كل زرع بهيج ، بعد أن رويت قصص الحب المختلفة ،على سلمى وسناء ، فأصابهما وابل من الضحك ، تصحبه أصوات من الرعد الصاعق ، فأيقنت بعدها أنني لست صالحا كي تحبني أنثى ، بعد ان توالت هزائمي ، وأصاب الهزال روحي ، وأيقنت ان كل النساء ، يرغبن بكلماتي الضاحكة ، التي تجعل بعض لحظات الحياة ، اخف وطأة ، وادعى الى الاحتمال ، أدركت بعد نأي الحبيبات ، وطلبهن ان يبقين صديقات ،أنني معزول ، ليس بمقدور الجميلات ان يجدن رجولتي المختفية ، وكيف لها ان تظل متوارية كل هذا الوقت ؟؟

حدثتهن عن حبي الكبير لهن ، فظهر عليهن الاستغراب واضحا
- كيف تجرؤ ؟
- ..........
- اسقط في يدي ، ولم اعرف كيف أجيب؟ مدافعا عن نفسي ،مبرئا إياها من تهمة شنعاء ، يريدون إلصاقها بي ، عرفت إنني مطلوب في بعض الحاجات ، ولست مرغوبا ،ان فكرت الأنثى بمن يطفئ لها حريق القلب ، وإنني لست مهيئا كي اخفف ، حرارة الرغبات الاوارة التي تنهش في جسد الإناث ، وتذهب بعقولهن ، وان هذا العجز والشعور بالحرمان قدري.
رأيتها أمامي ، وردة جميلة في طريقها الى التفتح ، فأينعت إرادتي ، أحببتها نعم ، تهيأ لي أنني واصل الى أعماق حقيقية من السعادة ، وان بؤسي المتواصل ، سوف أضع حدا له ، من يدريني ان ضالتي تكون منبع سقمي؟ ، واصل بلائي ؟ ابتسمت الوردة الملائكية لي ، فازدهرت زهور نفسي ، وأظهرت أزاهيرها يانعة باسمة ، استجابت الوردة اليانعة لطلبي ، وانا المسرور بما ادخرته الأيام لي ،من بهجة ، يستحيل علي ان أفسر حقيقتها ، وأنا الفقير المعدم ، لماذا اقتل فرحتي بيدي ، وأعلن أمام الملا ،أنني بائس مسكين تحل عليه الشفقة ، اظهر نقيض ما بطن مني ، وان المسكينة التي وهبها الله لي ، لها قلب طفل جميل ، قد صدقت دعواي بالحب الخالد ، من يمكنه ان يزعم ان الحب لا يزول ، وان قطرات الندى ، لا تلبث ان تصبح أعاصير هوجاء ؟ من يعلم ما تخبئه له الأقدار؟، أعلنت حبي للملاك الطاهر ، الذي تبسم في وجهي ، وانا أفكر بما يخفيه عني طالعي ، أصحيح أن الدنيا ابتسمت لي أخيرا؟، وان نحسي زال عني ؟
جاءتني والبسمة المتفائلة ، تزرع على ثغرها الفتان ، بقامتها الهيفاء ، وشعرها الطويل ، ووجهها الطفولي ، وثقافتها العريقة ، هدوء جميل ، وثقة بصحة الأفكار ، وعمل يدر راتبا متواصلا ، ومنزل يأوينا بعد طول حرمان ، فماذا انتظر بعد هذا كله ؟ أأتركها لغيري؟، وأنا معروف عني : أهيم بكل امرأة ،من لفظة جميلة واحدة ، وكل ما فيها ينطق بالجمال ؟
أثار حضورها الإعجاب ، تساءلت في البداية ، أيمكن ان اجعلها تحبني ، والجميع يعرفون بعدم قدرتي ، ان أكون جادا في هذه الأمور ، لأجرب حظي ، علها تستجيب لطلبي ، وتتغير أبراج عمري ، من تعاسة مقيمة الى سعادة كبيرة ، لقد تنقل النحس معي من مكان الى آخر
وجدتها ساذجة في العلاقات ، لم تجرب تبادل الحب ، ولا عرفت غير العلاقات البريئة / التي تقوم بين الجنسين ، أشعلتها هياما بي بدون جهد ، لأتناسى عهد الخيبات المتلاحقة ، والجري خلف النساء ،رغبة في الحصول على كلمة رضا تشفي الغليل ، وتضع حدا لسنين متواصلة من الهم والغربة
حاول الأصدقاء في البداية ثني عن عزمي ، قائلين أننا غير متناسبين ، وحين وجدوا اصرار على التمسك بالعلاقة ، ظنوا إني واقع بالحب ، وقد شربت الكأس حتى ثمالته ،قرروا أن ينظموا احتفالا صغيرا ، تلقي فيه بعض قصائدها ، التي كتب عنها الكثيرون مادحين منوهين ، وكنت أزعم انها لا تحسن نظم الشعر ، خشية ان تصاب بالغرور ، من كثرة ما تتصف بما يستدعي المديح ، لهذا لم أشارك مع المادحين ، أثار سكوتي تساؤلاتها الحيرى:
- كيف وجدت قصائدي ؟
- لا ادري ، ا لا أحسن المجاملة ، قد تجدينني جلفا ، أتفوه بالكلام الخشن المثير للألم ،ولكن نفسي طيبة
لعلها استحسنت كلامي الغامض ، وتناست كل القائلين بعذب الكلام ، ووجدتني ضالتها المنشودة ، التي سوف تصدقها الكلام ، لم تلتفت الى من يراها آية في الفتنة ، مما جعلني أستأثر بالجلوس معها طيلة الوقت ، وأنا امني النفس، ان علاقتنا تأتي أكلها في المستقبل القريب ، وان هذه المخلوقة ،التي لم تعرف الحرمان كما عرفت ، ستقع في حبائلي التي أتقن نسجها، حول رقبتها الطويلة الأنيقة.
لم اشعر معها بأمواج ،من البحر تتلاعب بي ، وتقذفني الى أماكن سحيقة من الأعماق ، او تصعد بي الى أعالي القمم ، كما كنت مع النساء الأخريات ، اللاتي كن اقل منها جمالا ، ولكن نصيحة بعض الأصدقاء والمعارف، ما فتئت تلاحقني، أنني يجب أن انتهز الفرصة ، التي هبطت علي من السماء لتنقلني من مهاوي اليأس الى ذرى السعادة
- بين لها حبك الكبير..
لم أجرؤ أن أوضح للناصحين ، ان ما اشعر به نحوها لم يكن حبا ، قد يكون إعجابا ، وهي تستحق الإعجاب ، فانا طيلة معاشرتي للنساء ، لم أجد في نفسي ميلا للمرأة المستقيمة ،التي نراها مالوقة في مجتمعنا الحاد ، وتلتزم بمكارم الأخلاق ،التي اتفق عليها الأقدمون ، وأصبحت تحظى باجماع الرأي العام ،أحب المرأة المتحررة ، التي تبث عواطفها ، ولا تبالي ، اثارت بها الاحترام والتقدير ام الاستياء ، لم نكن شخصيتين متجانستين ، انا من بيئة متحررة ، عاشر أبي نساء عديدات ، وكنت أحذو حذوه ، وهي من بيئة أخرى ، تحاسب المرء على كل تصرف ، بيئة العيب ، لم أكن أتعاطف معها ، جميع من أحببت كن يجرين خلف عواطفهن ، ولا يفكرن بالنتائج ، غير مباليات بما يقوله الجميع ، مادمن مكتفيات بما يقدمه الحب ، لأنفسهن الظمأى ، وجميع من أحببت قبلها ما أحببنني ، فلا ضير أن أجرب
ومن كثرة ما ألح علي الناصحون ، تهيأ لي أنني أغرمت بها ، بعد ان أكثرت من الخروج معها ، والسهر ، والسير متشابكي الأيدي في الشوارع ، وماذا في الأمر ؟ كنت امشي مع شقيقتي ابنة أبي وأمي ، وأيادينا تعزف مقطوعات من الجمال ، لم يصر بعض الناس ان ما بيننا هيام ؟ ولكن ماذا يسيئني ان قلت لها كلمة واحدة تجعلها سعيدة:
- احبك
قلتها مئات المرات ، لكني لم الحظ أن سامعتها ، توشك ان تطير من فرط السعادة ، إلا الآن مع فتاتي هذه ، دموعها تنسكب بصمت على وجنتيها ، وتسيل على فمها ، أراقب مسحورا المنظر ، الذي وجدت نفسي فيه ، يمكن لهذه الفتاة ، ان تحارب العالم كله ،ان وجدته ضد رجلها ، فلأستمر في قراري ، ولتكن لي الجولة الأولى ، في أعماق نفسها الجميلة..


الفصل التاسع
لم تكن بعض المواد تستهوينا ، يصيبنا النعاس حين يأخذ بعض الأساتذة بالكلام ، مغلقين علينا أبواب المناقشة ، وفارضين رأيهم الواحد ، ورغم ان أغلبية الدروس ، ننصت إليها منتبهين ، حريصين على الا يفوتنا منها شرح او تعليق ، او رأي وجيه يقوم بطرحه الأستاذ ، او يذكره من ضمن المدارس النقدية الكثيرة ، التي يعلمنا إياها ، واضعا أمامنا انه لاشيء ثابت ، في مكانه في طرق الدراسة والبحث.
اخذ الأستاذ يهاجم الحركات النسائية ، وكل مخلوقة تطالب بالمساواة ، متهما إياهن ،إنهن فارغات هامشيات ، لا أمر جديا يحظى باهتمامهن ، وأنهن بليدات جدا ، فما كان من سميرة ، الا ان تتصدى لوجهة النظر تلك ، مناقشة الأستاذ ، ذاكرة له الآراء المختلفة ، التي تنقض ما ذهب إليه من رأي مجحف ، سكت الأستاذ ولم يبد اعتراضا ، لكن الذي أثار الاستغراب ، إن درجات سميرة في درسه ، قد انخفضت ، عما كانت عليه في بداية التقييم ، واقل مما اعتادت ان تكون عليه ، تقييمات الأساتذة الآخرين ، قال لنا الأستاذ حين وزع علينا الدرجات:
- احب ان اسمع آراءكم بكل حرية ، من لديه وجهة نظر مختلفة ،/ فليتفضل بذكر الدلائل لتعزيزها ، ثم خرج من قاعة الدروس.
طلبت مني سميرة أن اصحبها ، لمناقشة الأستاذ في أمر تقييمه ، لورقة الامتحان التي لم ترضها ، خرجنا معا في تلك الظهيرة ، المرتفعة الحرارة من شهر حزيران ، نيمم شطر الكلية الثانية ، التي يحاضر فيها الأستاذ نفسه ، كانت الحرارة لاهبة ، ولم نجد سيارة أجرة ،تقلنا الى المكان المنشود ،
- لم لا نؤجل القضية إلى وقت آخر ؟ تكونين فيه قد استردت رباطة جأشك ، أجدك الآن غاضبة ، وقد لا تفلحين في مناقشة الأستاذ
- اطرق الحديد ساخنا ، صديقتي العزيزة.
خلت الطرق في ذلك الجو المكهرب من المارة ، أشفقت على صديقتي من فشل مساعيها ، في عودة الحق الى نصابه
وصلنا الى ضالتنا ، بعد ان اخذ التعب منا كل مأخذ ، وطلبنا ان نرى الأستاذ، رفض ان يقابلنا ، بحجة انه تعبان ، وعلينا ان نراه وقتا آخر
لنشرح ما نريد في هذه الورقة( وكان قد بعث إلينا ورقة بيضاء بيد سكرتيره)
كتبت سميرة كلمة عصماء، عن وجوب إعطاء الحق ، ومنح كل طالب ما يستحق ، لقاء الجهود التي بذلها ، وسهر الليالي الطوال...
خرجنا من البناية منهكتين ، ننشد الراحة ، وذهبت كل منا الى الوجهة التي تريد ، بعد عناء التعب والإرهاق.
في محاضرة اليوم التالي ، فاجأنا الأستاذ بالقول:
- من يسيء الأدب ، اجعل درجاته أوطأ من ذي قبل ، ومن كان قليل التربية ، فليصمت ،وذلك أفضل له ولنا.
ثورة عارمة تستبد بصديقتي ، ولا اعلم كيف اسكب، بعض قطرات التهدئة، على نفسها الطامحة، وروحها الأبية ، الساعية الى تحقيق المراد ، والبلوغ الى الهدف الجميل.......




#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعادة اللاجئين العراقيين الى بلدهم
- قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)
- حوار مع الأديب الكبير غريب عسقلاني
- واقع الطفولة في العراق وسبل الخلاص
- حقوق المرأة بين الحقيقة والضلال
- العلاقة بين الابداع والمتلقي
- قراءة في مجموعة قصائد نثرية
- حوار مع الشاعر علي عطوان الكعبي
- ترجمة الابداع بين الضرورة والمصالح الفردية
- التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
- وضع المعلم العراقي خارج العراق
- التبعية ذلك الارث الثقيل
- الابداع النسائي والمعوقات
- الأرامل العراقيات منسيات
- مجتمع القرود
- المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء
- أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة
- شاعر التفاؤل والشباب وقهر الصعاب
- أبناء أبرار
- عيد الطبقة العاملة العراقية


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - العرس ( رواية قصيرة) الجزء الأول