|
العرس ( رواية قصيرة) الجزء الأول
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 07:10
المحور:
الادب والفن
العرس الفصل الأول توصلت أخيرا ، وبعد إدمان الصبر فترة طويلة ، أن اقلع جذورك من تربتي ، وان أنأى بنفسي عن سعير الحاجة إليك ، جربت كل السبل ، لأحرر قلبي من براثنك ، وأعياني المسير وحيدة ، أجري في صحرائك المتنامية الأطراف ، انشد أغنيات لم تعد صالحة لهذا الزمان ، ولم يعد بمقدور أي حي ، أن يرددها في مكاننا ، اندب حظي ، وألعن تلك اللحظة التي تعرفت فيها إليك ، سوء طالعي ، جعلني اصدق كلمة قلتها لي ، وأنت غير مكترث بها ، اشتعل لهيبا اثر لفظة ، بحت بها في لحظة سكر ، جريت خلفك ، أصغي إلى كلماتك الخالية من الرصيد ، تنكرت لكل الأحباب ، الذين وضعوا تجاربهم الطويلة أمامي ، كي استمد منها عزيمتي ، واصل الى قرار ، ولكن كلماتك كاللعنة ، حلت في دياجير الروح ، وأولعت فيها الهشيم ، أقرر كل مرة إنني أنسا ك ، وكما يعود التاركون التدخين الى سكائرهم ، بعد قسم أنهم سيمدون أرواحهم بطرق الشفاء ، أعود إليك كل مرة ، حانثة بوعدي لنفسي ، إنني سأحررها من قيود جهنمية تعشعش في شرايينها ، وتسلب منها طمأنينة اليقين ، كلمة منك تهمس بها الى أذني ، فأجد نفسي ظمأى وجدت ، بعد حرمان ، نقطة ماء في سراب روحها العطشى. ضاع مني كل شيء ، أهل وأحباب متعاطفون ، أسرة تحنو على ضعفي ، وتربت على كتفي ، حيث يشتد بي الهجير ، وترنو النفس إلى لحظات من الدفء ، تستمد منها بعض القوة على نكبات الدهر ، أصدقاء طالما قدموا النصح لي ، معرفين إياي بمثالبك العصية على التعداد ، و التي تأبى الوفاء ، كم أحببت من النساء ، وكم جريت خلف ابتسامات خالية من المعنى ، ترميها لك ذوات العيون الوقحة ، والقلوب التي ما عرفت طعم الحب يوما ، حاول أخوتي ان يثنوني عن عزمي ، بان انتحر من أجلك ، مضحية بسنين عمري ، وبما كسبته بعد نضال شاق طويل ، تركني الجميع آسفين ، بعد أن وجدوني متشبثة بك ، أيمكن للداء أن يبرأ إن حقن مصله في جسد مريض ؟ تخليت عن كل شيء ، حصلت عليه بالجهد والعمل ، مدعية لنفسي إن راحتي معك ، وان حياتي تبدأ حين يتم توحدنا ، ولكننا رغم كل شيء ، كنا نبتتين غريبتين عن بعضهما ، وكأنهما قلعا من جذورهما وهما صغيرتان ، وحملا إلى ارض بعيدة ، فلم يقدرا على المواصلة ، وذبلت زهراتهما قبل اشتداد عودهما ، كنت تكبر ، واجدك أمامي تثير فتنة الناظرات إليك ، تهمس إليهن بعذب الكلام ، الذي وقعت في فخاخه وأنا لا اعلم عن مصيري شيئا ، كم تمنيت أن اعرفهن بخباياك ، كنت تتهمني بتهم بعيدة عن حقيقتي ، لماذا اشعر بالغيرة ، وأنت لم تمحضني العاطفة التي ادعيت بها ، فخرت عزيمتي متساقطة ، وجن جنوني ، كم لحظة نحيا في هذا العالم ، ونحن نجري من هزيمة الى أخرى ، ونكحل عيوننا باندحار بعد اندحار ، أراك معجبا بالكثيرات ، توزع عليهن غنائمك ، وتحدثهن عن فتوحاتك ، وهن مصغيات ، كم تمنيت ان أتقدم إليهن ناصحة ، الا يكترثن لعواطفك الغادرة ، وصوتك المعسول ، شعرن بالغبطة نحوي ، أنت المفتون يكل النساء ، تمنحهن الكلام المنمق الجميل ، وهن لاهيات. هذا أخر وعد لي ، اقطعه على نفسي ، إنني سأحرر عقلي وقلبي ،من سم قاتل ، قد وقعت على إثره صرعى ، حين فتك بي ، وسلب مني القوة على ردعه ، وتواصلت انهزاماتي ، وتركتني مخلوقة أخرى ، لم أكن أظن يوما ،إنني سأكونها ، كيف أقلعك من جذورك اللعينة ، التي فتكت بقدرتي على النماء؟ كيف يمكنني ان استرد الطمأنينة ،الني فقدتها حين التعرف إليك ، حين تحدثني عن النساء العديدات ، المغرمات بك ، وأنت منتشي بنفسك ، ما الذي كنت تطمح إليه ؟ وأنا استمع إليك ، علك تظهر بعض الشعور بالندم ، على مشاعر قوية قدمتها لجميعهن دون استثناء ؟ فخر يتملكك ، وأنت تعدد أسماءهن ، وتريني صورا لهن ، وتقرأ لي مقاطع من رسائل بعثنها لك ، وأنت تختال كالغراب ، معددا مناقبك. اشعر اليوم أنني سأقهر الضعف الذي لازمني طويلا ، وأتغلب على الداء الذي سكنني ، وابتسم للشمس ، إذ إنها تشرق من جديد ، على ارضي التي فقدت لون أشعتها منذ قرون ، دفء جميل يهل علي ، ويمنحني جمالا فريدا ، كنت أحسب انه اضمحل ، وفات أوانه.......
الفصل الثاني لم يحقق يوما نجاحا ، حياته فشل متواصل ، وخيباته مستمرة ، يعمل لغيره ، ويناضل كي يقدم للآخرين ، ما يريدون على طبق من ذهب ، ليس حبا فيهم ، وإنما رغبة في إنقاذ نفسه من سطوة لسانهم ، ما أن يتكلم احدهم ، حتى يسد عليه منافذ السمع والفهم والإدراك ، يتمنى ان يقوم بكل ما يطلب منه ، ليكون قرير العين ، ويرسم ابتسامة سعيدة على ثغره المحروم ، يقولون انه سعيد ، فالابتسامة لا تفارقه لحظة ، لكنه شقي بائس في أعماقه ، لم يحبه إنسان ، ولم يذق طعم الحنان ، يجري خلف القدود الناعمة ، والابتسامات الخرقاء ، يشتعل لهيبه ، حين يرى نظرة مغموسة بالسم الزعاف ، يعشق واحدة ، ما ان تستمع الى قصته ، حتى تتخذ طريق الهروب مسلكا ، تدعي أنها مسيرة على اتخاذها لهذا السبيل ، يتظاهر انه مصدق وداخله يغلي لهيبا ، عواطف حيرى تنهال للفتة اهتمام ، يحلم طويلا ان يكون كالآخرين ، ويعييه الحال ، لا يملك الإصرار ، ويخر صريعا بعد كل عثرة ، يقوم منها بعد ، أن تمد له أيد الأصدقاء ، تنقذه مما الم به ، ينفذ ما قدموه له ، ويتشبث بمسيرة ناجح من خلانه ، ويظن انه ان سار على هديها ، سوف يحقق له النجاح المؤكد ، يمضي العمر مديدا خائبا ، لم يذق طعم المودة ، ولا عرف للعاطفة سبيلا ، أحب الكثيرات ، كل باسمة يتبعها ، أصبح فلبه مركبا ، تركب فيه الإناث المتغنجات ، لا يبالين به ، ولا بآلامه ، يعمل لهن كل ما يردن منه بصبر مثير للعجب ، يكتب ما يطلبه الأساتذة منهن من بحوث ودراسات ، و ينظم القصائد العصماء ، في التغني بجمالهن الفتان ، يذكرنه في مجالسهن ، ويتطلع الى إتقان أعماله المتواصلة ، من اجل خدمتهن ، ما ان يعبر للواحدة منهن عن ألمه الدفين ، ورغبته في لم الشمل ، والتمتع بجمال الحياة ، وانه اختارها لوحدها ، كي تتربع على عرش قلبه ، تهرول منه ، ناجية بنفسها ، مدركة انه لا يملك قلبا خاصا به ، من كثرة ما وهبه للحسناوات ، يضحك عاليا على قصصه الكثيرة ، حين يذكره بها أصدقاؤه الكثيرون ، تسيل مدامعه مدرارا ، وهو يصغي الى نكات تتردد هنا وهناك ، عن أحاديث عشقه المتكر ،ر لكل امرأة تقع عليها عيناه ، ينسى كل القصص الأخرى التي خلدها بأشعاره ، التي تتسارع الغادات ، الى قراءتها والتسبيح بحمدها ، من هي تعيسة الحظ ، التي سوف يوقعها سوء طالعها بطريقه ، فتجد نفسها ضرة لكل امرأة مرت بحياته ؟ عدوة جميع النساء ، من تلك الفدائية التي تذبح أحلامها ،وتقدم حياتها ،رهينة لإنسان ما عرف حبا حقيقيا ، ولا أصدقت له الوعود الأنثوية ، ولا سهرت من اجله عينا ن جميلتان ، ولا تساقطت من اجله درر إنسيات ، ماذا يفعل وقد وجد نفسه ، ضعيف الهمة ، خائر العزيمة ، لاشيء يثير فيه الإصرار ، يجد ان نفسه عدم ، ان قيست بالنفوس الأخرى ، التي تتعايش معه ، يرى انه أضحوكة أمام الآخرين ، يتندرون بما يروون من حكايات ، فإذا ما انقلب الحال جدا ، سارع إلى الإعلان : - انا إنسان ضائع ، ودع العمر ، وزالت منه معالم الشباب. - قلبك مركب ، كلهن راكبات فيه يرسم البسمة على شفتين ، مخفيا تقطع أنياط قلبه ، وتحن الروح الى لمسة حقيقية ، يزيل بها ما علق بالقلب من أدران ، أنى له ان يشهد جمال الصدق ، وهو محكوم عليه ، ان يعيش كذبا متواصلا ، وادعاء كبيرا ، فلم يعد يدرك ان في الوجود ، لحظات يمكن ان تضحي من اجلها ، لجمال صدقها ، ونبل مشاعرها.........
الفصل الثالث لم امتلك الشجاعة اللازمة لمواجهة الأمور ، وحين أتاحت لي الصدف أن أتعرف الى سميرة ، اعتقدت دائما إنني محظوظة بصداقتها ، فهي رغم كونها متزنة ، وفق ما يحمله مجتمعنا من مفاهيم ، الا إنها شجاعة ، لا تعرف كيف تجامل ، وصدقها ذاك ، جعلها موضع نقمة الكثيرين ، ولكن كنت أغبطها على مواقفها العديدة ، لقول كلمتها الصادقة ، رغم تخلي الكثير عنها ، سمعت بها من المحيطين بي ، واستطعت ان أكون صديقة مقربة منها ، نخرج معا ، ونقرأ نفس الكتب ، ونصغي الى عين الأصدقاء ، لم تكن تطلب مني أمرا الا الإخلاص في الموقف ، وكنت سعيدة بكوني قريبة منها ، وكثيرا ما كنت اعبر لها ، عن حجم اعتزازي بصداقتها ، فيكون جوابها آسرا: - أنت جميلة ،، تجدين الكون ناصع البهاء - أحيانا اشعر إنها أفضل مني بكثير ، وأحاول ان أكون قاسية في نقد تصرفاتها ، ولأنها كبيرة الثقة بنفسها ، كانت تقبل نقدي بابتسامة عريضة ، ثقتها هذه محط الإعجاب الكبير ، في منزلي كانت موضع الترحيب ،من أفراد الأسرة ، كنا ذلك الوقت لا نملك حرية التصرف ، ولا نستطيع ان ندعو من نشاء ،من الصديقات الى منازلنا ، استفسار الآباء يلح في معرفة كل شيء - من صديقتك هذه ؟ وأين تسكن ؟ وماذا يشتغل أبوها ؟ سميرة كانت ترحب بصداقات الجميع ، دون ان يشك بها أحد ، صراحتها المعهودة بالحديث ، وعدم المجاملة هي الصفة الوحيدة التي أبعدت بعض الناس عنها. ابتعدت عني حين التخرج ، ولم اعد أجد من يشاركني ، الاهتمامات الجميلة التي كانت تحظى بالحب والرغبة من كلينا ، وأصبحت أيامي كئيبة ، وجدت نفسي وحيدة ، لعل الكثيرين لا يفهمون سر العلاقة الناجحة ، بين فتاتين في مجتمعنا المحافظ ، الذي يرحب بالصداقة بين الذكور ، وينظر باستغراب الى علاقة وطيدة ، بين فتاتين ، جمعتهما الهوايات المشتركة ، لهذا حاولت العثور على صديقة مرافقة أخرى ، لكن سميرة لم يكن لها مثيل كما اعتادت ان تقول مازحة ، خرجنا مرة في مجموعة ،ذكورا وإناثا ، مضينا الى دجلة ، ركبنا قاربا صغيرا ، أخذت الأمواج تداعب زورقنا ، مرة تدفعه الى الأمام وأخرى توجهه الى الخلف ، ونحن نواصل الضحك والابتهاج ، ارتسم الخوف على وجهي ، ضحكوا من جزعي طويلا ، لم اشعر بعدم الارتياح من قهقهاتهم المتواصلة ، فقد كانوا إخوة لي ، وأصدقاء أعزاء. تشتد الرياح فجأة على قاربنا الصغير ، وتعلو وتيرة خوفي وجزعي ، ألاحظ إن القريبين مني ، يقطعون ضحكاتهم المتواصلة ، ليعالجوا أمر القارب ، الذي دفعته الرياح بعيدا عن جادة الصواب ، يمسك احدهم الدفة ، ويغالب الأمواج العالية ، ويجاهد كي يعيد قاربنا المتمايل ، الى وجهته الصحيحة ، يمسكني الجزع ويغلبني الخوف المتفاقم ، وأصحو من هلعي على صوت تصفيق عال مشجع - عشت صديقنا ، أنقذتنا من موت محقق لم تعرف سميرة العوم ، لكني كنت واثقة تماما ،ان البوصلة ما كانت تفقدها في مثل هذه اللحظات العصيبة.....
الفصل الرابع لست أدري كيف أحببتك ؟ أنت الذي عرفتك كل النساء اللواتي ، وقعت في غرامهن انك لعوب ، لا تحترم كلماتك ، ولا تقدر حرفك ، كيف أصغيت إليك ، ونسيت اتزاني ، ذلك المعهود عني ، وصدقت دعواك انك تحبني ، كلمة واحدة قلتها لي ، فرحب القلب المتعطش ، وتناسيت حذري المعروف ، أردت أن أصدقك ، وأضع حدا للصيام الطويل ، الذي مارسته ضد نفسي ، كنت متغربة في هذا العالم السحيق ، وقد وجدت كل أنثى ، من يملأ القلب لها ، ويضيء العتمة في حياتها ، حاربت كل لحظات الهيام ، لأ برهن لنفسي إنني قوية ، وإذا بي هشة حتى النخاع ، صدقتك ، وقد عرفتك الأخريات انك لا تثبت على عهد ، تتغير عواطفك ، تغير الرياح في الصحراء ، لم اعهد أحدا مثلك ، هوائي المشاعر ، متغيرا ، يبغض الثبات ، ويمقت البقاء على العهد ، كلمة واحدة قلتها لي ، من عرفك بطريقي ؟، ونصحك ان تقف فيها معبرا لي ، عن هيامك المزعوم ، من أخبرك إني ظامئة الى الحنان ، وإنني عطشى الى ضمة حب حقيقي ، من أنبأ ك أنني تعبت من الصيام ، وحان لي أن أفطر ، على عاطفة صادقة ، تضع حدا لمتاعبي ، كلمة واحدة قلتها لي ، وقد صدقت بها ، رغم انك حاولت الابتعاد عن طريقي ، وادعيت انك معدم ،تستحق ان أتصدق عليك ، وان عائلة كبيرة تعتمد عليك ، وأنت رجلها الوحيد ، وانك يجب ان تمنحها راتبك ، فقد تعودت انك المانح الفرد ، والملبي لحاجاتها ، وانك تحبني بكل قوة من كيانك ، لكنك مرغم فيما تفعله ، ولقد أضافت مزاعمك الجديدة هذه ، رصيدا الى ما كنت أتوهمه عنك ،من كريم الخصال وطيب المعدن ، خاطبت نفسي ان الإنسان المحسن الى والديه ، لابد ان يكون محسنا مع عائلته الجديدة ، مع زوجته وأولاده ، من أين جاءني هذا اليقين ؟ لست أعلم ، الذي اعرفه أنني كنت أطمئن إليك ، وأثق بما تقوله ثقة كبيرة ، ربما لم اعهد من رجل في عالمي ، ان يعتمد كل الاعتماد على امرأته قبل ان يرتبطا ، مضيت تقول لي انه لا فرق بيني وبينك ، وإنني مخلوقة عصرية ، وسوف اثبت ما أدعو اليه من مساواة ، وأنا مغمضة العينين ، مسدودة الإذنين ، امضي في طريق لا أعلم عنه شيئا ، تحدثني عن صديقاتك الموقرات ، تصفهن لي تمام الوصف ، تتكلم عن جمالهن الأخاذ ، وتغدق عليهن الهدايا الثمينة ، مدعيا انك تتميز بالحياء ، وانك لا يمكن الا تلبي دعوة من امرأة حسناء ، تهرع اليك طالبة منك ان تمدها بالإحسان تسهب في حديثك عن لطيفة وسهام ، وإنهما المقربتان إليك ، وانك تخبرهما عن كل ما يمر بك ، وما يقع لك من أمور ، وانك تجدهما صديقتين مقربتين كالرجال ، تحدثهما عن أمورنا القليلة ، التي تهمنا لوحدنا ، وأنت تفتعل الأعذار انهما أختاك المقربتان ، وأنهما يعلمان ما هو طبيعي ، ومحتمل الوقوع ، يدفعني الفضول الى التعرف إليهما ، أرى أنهما طاغيتا الفتنة ، تسير الأنوثة من أعطافهما أينما سارتا ، تتحدثان معا وتقلبان حديثكما ، قلا يعرف السامع إليكما ما ذا تقولان ؟، وأنا أطرش بالزفة ، وحين أستفسر منك ، لماذا تتحدثان بهذه الطريقة ، تجيبني على الفور أنها أمور خاصة بهما ، وقد طلبتا منك عدم إفشائها ، وأنت الأمين ،عليك ان تنفذ إرادتهما ، وإلا اتهمتاك بالخيانة ، وأنا مبهورة بمزاياك ، وكأنك هبطت على دنياي كالغيث ، فأحييت مواتها ، وزرعت أزاهيرها وسقيت عطاشها ، لم صدقتك ؟ وكيف انطلى وضعك المتقلب علي ، ومن أين لي أن ادري أن إنسانا ، يمكن ان يكون على شاكلتك ، مداج ، خداع ، لا يثبت على قرار ، متغير ، يهيم بكلمة كاذبة ، ويترك الخل ، بلا سبب وجيه ، ينظر الأصدقاء الي بتساؤل ، كيف انطلت علي خديعتك ؟وكيف مضيت جذلى الى هاوية قبري ، وموضع وأد روحي وانهزام شخصيتي ؟
الفصل الخامس كان الوسط بين إخوته ، الأول مدلل ، ينفذون له ما أراد ، طلباته مستجابة ، ورغباته محققة ، والأخير ، آخر العنقود ، يشير بيده إلى الشيء ، فيفهم الوالدان ، بأنه يريد الحصول عليه ، وهو الوسط ، يخاف من الكبير ، فيطيعه طاعة عمياء ، ويخشى من الصغير ، ويسعى الا يتهمه بعدم الإحسان إليه ، ويسارع بالبكاء متهما انه ابتعد عنه ، وما قدر له صغر سنه ، وانه حائر بينهما ، يقلد الكبير طمعا ، في حصاد الحب الذي يتمتع به ، فإذا العيون تزدريه ، انه ضعيف الشخصية ، لا إرادة له، يسير دون تفكير ، وان جرى وراء رغبات الصغير ، سمع قهقهات الناس ، مستصغرين شأنه، وانه يبدو اقل من عمره ، لا يتمتع بما حباه الله لأخويه معا ، لا يفكر ان يختط لنفسه ، طريقا مختلفا ، فيحصد حب الناس وتقديرهم ، تقليد أخويه ما يسعى اليه ، يرى استحسان الأقارب لتصرف أخويه ، فيسير مقتفيا أثرهما ، لكنه لا يوفق في سعيه ، كل ما حصده كان في أرض قاحلة ، لم تعرف الإرواء ، تذهب جهوده هدرا ، لم يجن عنها ثمرا ، ولا وجد لها عاقبة حسنة ، فكر انه يمكنه ،أن يسير خلف من يملك صوتا عاليا ، فيقيه الوقوع في غائلة غضب الآخرين واستبدادهم ، أضحى مرتفع الصوت عالي النبرة ، ينطلق صراخه ، حين يجد تقديرا ، ويصمت بخوف ، حيث يزدريه الآخر مقللا من شأنه يردد الأفكار الجميلة ، وحين يطالبه الآخرون بالسداد ، يرتفع صوته محتجا ، انه ابن أبيه ، الذي لم يترك سيئا الا سار عليه ، ولم يجعل نقيصة تعتب عليه ، وانه عاش عمره طولا وعرضا ، تنهال عليه اللعنات ، وان الإنسان المتسامح ضعيف يستحق القصاص ، والمرء القوي ينال حقوقه ، بقدرته ، ويضيف اليها حقوق من لم يحسن قراع الآخرين ، او سلب ما يملكون من أين له ان يقارن بين الحقيقة والخيال ، أو بين الصحة والخطأ ،؟ وأبوه يسارع الى الصراخ حين يرى تفهما ، ويسكت على مضض مستمتعا بالانهزام ،أمام جبروت من لا قلب لهم ، جرب ان يكون مختلفا ، وأعياه الحال ، لامنقذ له ، يضحكون لحديثه ، ولا يأخذونه مأخذ الجد ، فاستقر لديه انه مهرجهم المقرب ، يهرعون إليه اذا ما اشتدت عليهم الدنيا ، وحلكت أيامهم ، واسود ت الحال ، يروي لهم ما جد عنده من قصص ،تدفع على الضحك المتواصل ، وتحث على الابتسام ، وقلبه في لوعة ، ونفسه في جحيم ، ما الذي يمكنه ان يعمله ، وقد استقر حاله مهرجا ، يستدر ضحكاتهم من أنفسهم المجهدة ، ونفوسهم التي ملأها السقم ، واعتراها الهم ، واستوطنها الكمد ، فإذا ما اشتد عليه الحال ، ووجد انه من المحال ، ان يرضى لنفسك ان تكون على هذا المال ، هرع الى من يحبه وهم نفر قليل ، لتحل عليهم نقمته ، كيف يحبه شخص وقد بعد عنه الناس أجمعون ؟ يتلفظ بكلماته الجهنمية ساعيا الى إثارة الغضب ، وتحريك نار النقمة بعد أن اعتراها الرماد ، وبعث جمر النفوس الملومة من رقادها ، وحين يطمئن الى نجاحه في مسعاه ، تنطلق ضحكاته ،لتحل على من وجد فيها الحبيبة ، فتلقنها درسا في الحذر ، وان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، ادعى انه يملك عاطفة جياشة ، يريد ان يغدقها عليها ، مكرما إياها ، بعد ان أعجبته خصالها ، التي قال إنها كريمة ، صدقت كلماته الحسان ، وهي تمني النفس ، ان أيامها البائسات ، سوف تشهد انبلاجا على يديه ، وان حزنها المستديم سوف تافل شمسه ، بعد ان يهل على أرضها ، بكريم أفعاله ، وبحنانه الذي وجدته يستحق إعجابها ، وان تجعل منه موئلا ، فاتها انه قد يحسن التمثيل ، ماهر في الظهور بما يناقض حقيقته الساطعة ، وان القول الجميل ، قد لا يكون معبرا عن قلب عاشق ، ونفس متعطشة الى إرواء المحب ، صدقت دعواه ، وحينذاك ، أظلمت الدنيا في ناظريها ، واشتد لهيبها ، يحرقها بجحيم ، لم تعهده من قبل ، ولا مر بخاطرها ، أنها ستشهد يوما تعذيبا ،على يد من أسلمت له القياد ، متوهمة انه سيذيقها الشهد بدلا من العلقم ، كيف انطلت دعواه عليها ؟ كيف أمكنه ان يت لها انه متيم ؟ ، لا تعرف مشاعره التغير ، وانه باق على العهد ، مادامت النفس تتردد في هذا الجسد ، الحذر لا ينجي من الخطر ، كما يقولون ، صدقت بدعواه ، وانطلت عليها حيلته ، وذهبت تجري ، تستجدي منه النظرات الولهى ، والمواقف المؤيدة ، وهو يتحاشى الوقوف بجانبها
الفصل السادس
عرفت الاثنين معا ، من اعز أصدقائي ، سميرة عرفتها أيام الجامعة ، أعجبت بشخصيتها المتزنة وأخلاقها الحميدة وثقافتها العالية ، ورغبتها الدائمة في قهر الصعاب التي تعترض الطريق ، لم تنهزم أبدا اذا ما ادلهمت الخطوب ، وأحمد طيب القلب ،لكنه سريع الغضب ، قد يهد بسرعة كل شيء ، الاثنان أصدقائي ،سألني أن أساعده في العثور على امرأة جميلة ، ووفية يقترن بها ، وكانت هي صديقتي المقربة ، فأرشدته إليها ، وما كان في ظني ، انه يسارع في الهيام بها ، كنت اعرف انه يعجل ، في الإعجاب بالشخصيات النسائية ،على اختلاف طبائعها ـ فكرت أنها بما تملك من قدرة ،على تغيير القبيح ، من الصفات ،قادرة على إنقاذه ، من مثالبه الظاهرة للعيان ، جمعت بين الاثنين وأثنيت على كل واحد منهما ، أمام الآخر ، وساعدتهما على التعرف ، وجلست أولا بينهما ، ثم عرفت أنهما ، استغنيا عن وجودي بينهما ، وأدركا حاجة كليهما ، إلى الآخر فهما رغم تباينهما ، اللافت للنظر ،شخصيتان متقاربتان حقا ، يحملان الكثير من الصفات المتشابهة ، وجمع رأسين بالحلال من الأمور ،التي يثيب عليها الله ورغم إنها كانت محل إعجاب الكثيرين ، إلا إني وجدتها تنجذب إليه بسرعة ، لم أكن أتوقعها ، ففرحت بنجاح مسعاي ، وأدركت أنهما يمكن أن يكونا ثنائيا رائعا ،منسجما ومتآلفا في الكثير من الأمور، الهوايات كانت عديدة ، ومتشابهة لدى كليهما ، والأصدقاء عينهم ، يتكرر ذكرهم لدى الشخصيتين الجميلتين ، وطنت نفسي ، على الجمع بين صديقي المقربين ، في رابط متين من المحبة ، لا تسمو عليه وشيجة أخرى ، ورغم ما في عملي هذا ، من تراجع ظاهر ، في طريقة صنع علاقة تعتبر أعلى مرتبة ، من علاقات التواصل الإنساني المتين ، الا إنني سرت في تنفيذ خطتي ، كنت أرجو ان اجعلهما سعيدين يرنوان إلى بعضهما وقد ربطت بينهما أسمى العلاقات زادت في الآونة الأخيرة استفساراته عنها ، ويبدو عليه الشوق الى لقياها ظاهرا جلب قناني العرق المسيح ، وطلب منا جميعا – نحن أصدقاؤه- ان نرافقه في سهرة جميلة ، على أنغام عزف العود الشجي ، ومصاحبة الغناء القديم ، تعجبني دائما تلك السهرات الجميلة ، وبودي ان احضرها مع الأصدقاء ، ولكن الأسرة تحول بيني وبين تحقيق رغبتي ، في الكثير من المناسبات الرائعة ، أجد صديقاتي يسارعن ،الى ارتشاف لحظات من البهجة ، قد لا يجود بمثلها الزمان ، وأظل وحيدة مع كتابي ، لو كنت سميرة قربي ، لاستطعنا ان نبدد خوف أفراد الأسرة من حضور هذه المناسبات ، وحققنا فرحتنا المؤودة ، وتطلعنا إلى قضاء الممتع ، ورؤية المبهج ،في حياتنا القصيرة الخالية من الفرح ، والتي تمضي أيامها كالحات ،من غير معنى جاذب ، يمنح لحظات الحياة ألقها المبتغى كنت آمل ان امضي معهم ، لأتمتع بلحظات بهيجة من الرقص الجميل ، والعزف الشجي والغناء الآسر ، وإلقاء شاد لما جادت به قرائح اكبر الشعراء ، من روائع الكلمات وبهاء المعاني ، ولكني عجزت ان أحقق أملي ، وعدت أدراجي خائبة الى المنزل ، اطمح ان أتمكن من تحقيق أحلامي اليسيرة هذه اذا ما ارتبطت صديقتي بحبيبها الموعود......
الفصل السابع تزدريك النفس ، وتقتحمك العين ، بجسدك الواهن وعظامك النافرة ، وعينيك البارزتين ، وخطواتك المترددة ، اية لعنة حلت علي حينذاك ، حين انفتحت شراييني لك بعد ان قررت على وأدها ، صممت على قراري سنين طوال ، ثم خذلت نفسي موهمة إياها ، أن الغيث سينزل غاسلا ارضي ، مزيلا ما علق من أدران في نفسي الموجعة ، وقلبي الظامئ ، أي انقلاب أحدثته كلماتك المورقة في صحراء حياتي ، فجعلت أشجارها تنبت زهورها من جديد ، بعد أن أيبسها الجفاف ، أية قدرة تملكها كلماتك المعسولة ، حين تستقر في أقاصي الفؤاد ، واثقة من صدق دعواك ، لم أتيتني ؟ ولم لم تدعني هانئة بالهدوء، الذي كان مهيمنا على حياتي ، من أخبرك أنني لهفى على كلمة واحدة ، لتروي عطشي المستديم ، جئتني في نهار قد اسودت سماؤه ، لتخبرني انك متيم بي ، وانك لم تعرف امرأة أخرى سواي ، وانك أعجبت بشمائلي ،حين وقعت عيناك علي أول مرة ، وانك تتمنى ان نكون معا ، لنشيد قصورا من المحبة ، بعواطفنا الغالية ، ونفوسنا الكبيرة ، ولأنني أملك ثقة لا تتزعزع بالجمال ، أوهمت نفسي انك صادق في زعمك ، وان الدنيا قد قررت إزالة الصخور ، التي طالما وضعتها في طريقي ، وإنها أرسلتك ، لتزيل المصاعب التي اعترضت طريقي ، وأدمنت اعتراضها ، حديثك المهذب الجميل ، أغراني ، ودفعني الى التصديق بما تقول ، رحبت بمجيئك ، متيقنة أن أيامي الذابلة ، سيمر بها الربيع باشا مرحبا ، وان قلبي القانط ، سوف يشهد انفتاحا على العالم ، لم بعهده من قبل ، أنت لا تملك شيئا سوى قلبك الدافئ ، ولسانك الماهر على نسج أسورة ، من المحبة تقتلع ما نبت في أعماق قلبي ،من شعور بالخذلان ، لم لا أقف بجانبك ؟ وأنت تريد إسعادي وتغيير حياتي ، الى أيام مترعات بالجمال ، لم أتردد ؟ والدنيا تبتسم لمن انضم الى غيره ، متعاونا يشد أزره ، يذلل له الصعوبات ، وأنت توأم نفسي المكلومة ، التي لم تشهد سعادتها قبل مجيئك ، وها انك تغرس فيها شتلات من الود ، وتعيد إليها صفاءها المطلوب ، أية قوة كنت تملك ، جعلتني بها اجري خلفك ، حارقة جميع ما اتصفت به ،من قوة الإرادة ومن روعة التصميم ، هل غابت عني حقيقة نفسي حينذاك ؟ وهل كنت واهمة ،في تقدير مدى قوتي واحتمالي ، وكيف ادعيت إنني قد ملكت زمام نفسي ، وأنا أهرول خلفك ، اثر كلمة واحدة اسمعها منك ، هل نفهم الإنسان القابع فينا ؟ كما ندعي ، وهل تغيب عنا حقيقة أنفسنا ، ونحن نتصالح مع أشخاص معينين ؟ ونتحارب مع آخرين ؟ ما الذي جعلني اترك ما وطنت نفسي عليه ؟، أهملت أحلامي التي أنفقت وقتا طويلا في تحقيقها ، هجرت إرادتي ورغبتي بالاستقلال ، والوصول الى غاياتي العديدات ، واكتفيت أن يسعد القلب بالقرب منك ، وماذا يمكن ان نطلب من الدنيا، أكثر من إسعاد القلب الظمآن ، أليست هذه ابعد الأحلام وأقواها ، وأقربها الى النفوس ؟ أنت لا تملك شيئا ،لم لا أقف بجانبك ، وأنت سوف تطعمني الشهد ، وتريني آيات من الجمال الرفيع ـ الا أطالب بالمساواة ؟ لماذا لا أعلنها أمام العالم ، أننا شريكان في الحياة معا ، نناضل من اجل سعادتنا ، ونسعى ليضمنا مأوى مشترك ، يقينا صقيع الوحدة ويحفظنا من الحاجة المستعرة الى الحب ؟ لماذا لا أعلن أمام العالم ، أننا سوف نكون واحدا ، بدلا من اثنين ؟ وإنني قد قررت أخيرا ،على وأد الشعور بالهزيمة الذي أحاط بي ، ومنعني من الابتهاج ، وها هو اليوم يطرق بابي ، أعرفك بأفراد أسرتي ، يرحبون بمقدمك ، ويهللون بمجيئك ، ظنا منهم ان القلب قد استقر أخيرا على اختيار من يستوطنه......
الفصل الثامن وماذا يمكنني أن افعل ؟ وقد خلقني الله ضعيفا متخاذلا ، مقهورا ، لا املك شروى نقير ، كل ما ادخره من هذه الحياة ، كلمات معسولة ، أضعها في طريق الفتيات ، فتجعلهن صرعى ، لا يصدقن ان مخلوقا بائسا مثلي ، يحبهن كما تحمله كلماتي الفقيرات من الصدق ، ماذا يمكنني ان افعل ؟ وهن يسارعن الى تصديقي ؟ هل اعترف أمامهن ، إنني لا اعني من كلامي ، غير إقامة سويعات من البهجة ، نقضيها في لهو ، وطلب للدفء المستحيل ، هن مسكينات ، يرغبن بالتصديق ، وأنا مثلهن خائر القوى ، متهالك ، ، أتلفظ بالكلمات السحرية أمامهن ، فيتسابقن الى أحضاني ، جاهلات إنني لا املك قدرة ،على منحهن الشعور بالدف ، فانا نفسي اعجز عن الإحساس به ، كيف يمكن لمقرور ، أن يمنح الفييء للنفوس ، التي تشعر بوحشتها أمام غربة الروح ؟ جسدي بائس ، وروحي ناقصة ، وجيوبي فارغة ، ولساني ماهر في منح كلمات كالعسل المصفى ، هذه موهبتي الوحيدة ، ألم يقولوا ان المرأة بنصف عقل ؟ وأنها تصدق دعاوى الحب، التي تدعيها كلمات ، لا تملك حرارة اليقين ، من قال لهن أن يجرين خلفي ؟ أنا المخلوق البائس الضعيف ؟ مسكين أنا ، يتملكني الضعف المستديم ، وتقتلني المرارة الفتاكة ، أنا دون الآخرين ، من يمكن ان يشعر بي ، ويمنحني الحنان والدفء الذي تدعيه كلماتي المعسولة ، في هذا الخراب المتناهي ، من لي ؟ في الصحارى الشاسعة ، من الم الروح القاضية على كل زرع بهيج ، بعد أن رويت قصص الحب المختلفة ،على سلمى وسناء ، فأصابهما وابل من الضحك ، تصحبه أصوات من الرعد الصاعق ، فأيقنت بعدها أنني لست صالحا كي تحبني أنثى ، بعد ان توالت هزائمي ، وأصاب الهزال روحي ، وأيقنت ان كل النساء ، يرغبن بكلماتي الضاحكة ، التي تجعل بعض لحظات الحياة ، اخف وطأة ، وادعى الى الاحتمال ، أدركت بعد نأي الحبيبات ، وطلبهن ان يبقين صديقات ،أنني معزول ، ليس بمقدور الجميلات ان يجدن رجولتي المختفية ، وكيف لها ان تظل متوارية كل هذا الوقت ؟؟
حدثتهن عن حبي الكبير لهن ، فظهر عليهن الاستغراب واضحا - كيف تجرؤ ؟ - .......... - اسقط في يدي ، ولم اعرف كيف أجيب؟ مدافعا عن نفسي ،مبرئا إياها من تهمة شنعاء ، يريدون إلصاقها بي ، عرفت إنني مطلوب في بعض الحاجات ، ولست مرغوبا ،ان فكرت الأنثى بمن يطفئ لها حريق القلب ، وإنني لست مهيئا كي اخفف ، حرارة الرغبات الاوارة التي تنهش في جسد الإناث ، وتذهب بعقولهن ، وان هذا العجز والشعور بالحرمان قدري. رأيتها أمامي ، وردة جميلة في طريقها الى التفتح ، فأينعت إرادتي ، أحببتها نعم ، تهيأ لي أنني واصل الى أعماق حقيقية من السعادة ، وان بؤسي المتواصل ، سوف أضع حدا له ، من يدريني ان ضالتي تكون منبع سقمي؟ ، واصل بلائي ؟ ابتسمت الوردة الملائكية لي ، فازدهرت زهور نفسي ، وأظهرت أزاهيرها يانعة باسمة ، استجابت الوردة اليانعة لطلبي ، وانا المسرور بما ادخرته الأيام لي ،من بهجة ، يستحيل علي ان أفسر حقيقتها ، وأنا الفقير المعدم ، لماذا اقتل فرحتي بيدي ، وأعلن أمام الملا ،أنني بائس مسكين تحل عليه الشفقة ، اظهر نقيض ما بطن مني ، وان المسكينة التي وهبها الله لي ، لها قلب طفل جميل ، قد صدقت دعواي بالحب الخالد ، من يمكنه ان يزعم ان الحب لا يزول ، وان قطرات الندى ، لا تلبث ان تصبح أعاصير هوجاء ؟ من يعلم ما تخبئه له الأقدار؟، أعلنت حبي للملاك الطاهر ، الذي تبسم في وجهي ، وانا أفكر بما يخفيه عني طالعي ، أصحيح أن الدنيا ابتسمت لي أخيرا؟، وان نحسي زال عني ؟ جاءتني والبسمة المتفائلة ، تزرع على ثغرها الفتان ، بقامتها الهيفاء ، وشعرها الطويل ، ووجهها الطفولي ، وثقافتها العريقة ، هدوء جميل ، وثقة بصحة الأفكار ، وعمل يدر راتبا متواصلا ، ومنزل يأوينا بعد طول حرمان ، فماذا انتظر بعد هذا كله ؟ أأتركها لغيري؟، وأنا معروف عني : أهيم بكل امرأة ،من لفظة جميلة واحدة ، وكل ما فيها ينطق بالجمال ؟ أثار حضورها الإعجاب ، تساءلت في البداية ، أيمكن ان اجعلها تحبني ، والجميع يعرفون بعدم قدرتي ، ان أكون جادا في هذه الأمور ، لأجرب حظي ، علها تستجيب لطلبي ، وتتغير أبراج عمري ، من تعاسة مقيمة الى سعادة كبيرة ، لقد تنقل النحس معي من مكان الى آخر وجدتها ساذجة في العلاقات ، لم تجرب تبادل الحب ، ولا عرفت غير العلاقات البريئة / التي تقوم بين الجنسين ، أشعلتها هياما بي بدون جهد ، لأتناسى عهد الخيبات المتلاحقة ، والجري خلف النساء ،رغبة في الحصول على كلمة رضا تشفي الغليل ، وتضع حدا لسنين متواصلة من الهم والغربة حاول الأصدقاء في البداية ثني عن عزمي ، قائلين أننا غير متناسبين ، وحين وجدوا اصرار على التمسك بالعلاقة ، ظنوا إني واقع بالحب ، وقد شربت الكأس حتى ثمالته ،قرروا أن ينظموا احتفالا صغيرا ، تلقي فيه بعض قصائدها ، التي كتب عنها الكثيرون مادحين منوهين ، وكنت أزعم انها لا تحسن نظم الشعر ، خشية ان تصاب بالغرور ، من كثرة ما تتصف بما يستدعي المديح ، لهذا لم أشارك مع المادحين ، أثار سكوتي تساؤلاتها الحيرى: - كيف وجدت قصائدي ؟ - لا ادري ، ا لا أحسن المجاملة ، قد تجدينني جلفا ، أتفوه بالكلام الخشن المثير للألم ،ولكن نفسي طيبة لعلها استحسنت كلامي الغامض ، وتناست كل القائلين بعذب الكلام ، ووجدتني ضالتها المنشودة ، التي سوف تصدقها الكلام ، لم تلتفت الى من يراها آية في الفتنة ، مما جعلني أستأثر بالجلوس معها طيلة الوقت ، وأنا امني النفس، ان علاقتنا تأتي أكلها في المستقبل القريب ، وان هذه المخلوقة ،التي لم تعرف الحرمان كما عرفت ، ستقع في حبائلي التي أتقن نسجها، حول رقبتها الطويلة الأنيقة. لم اشعر معها بأمواج ،من البحر تتلاعب بي ، وتقذفني الى أماكن سحيقة من الأعماق ، او تصعد بي الى أعالي القمم ، كما كنت مع النساء الأخريات ، اللاتي كن اقل منها جمالا ، ولكن نصيحة بعض الأصدقاء والمعارف، ما فتئت تلاحقني، أنني يجب أن انتهز الفرصة ، التي هبطت علي من السماء لتنقلني من مهاوي اليأس الى ذرى السعادة - بين لها حبك الكبير.. لم أجرؤ أن أوضح للناصحين ، ان ما اشعر به نحوها لم يكن حبا ، قد يكون إعجابا ، وهي تستحق الإعجاب ، فانا طيلة معاشرتي للنساء ، لم أجد في نفسي ميلا للمرأة المستقيمة ،التي نراها مالوقة في مجتمعنا الحاد ، وتلتزم بمكارم الأخلاق ،التي اتفق عليها الأقدمون ، وأصبحت تحظى باجماع الرأي العام ،أحب المرأة المتحررة ، التي تبث عواطفها ، ولا تبالي ، اثارت بها الاحترام والتقدير ام الاستياء ، لم نكن شخصيتين متجانستين ، انا من بيئة متحررة ، عاشر أبي نساء عديدات ، وكنت أحذو حذوه ، وهي من بيئة أخرى ، تحاسب المرء على كل تصرف ، بيئة العيب ، لم أكن أتعاطف معها ، جميع من أحببت كن يجرين خلف عواطفهن ، ولا يفكرن بالنتائج ، غير مباليات بما يقوله الجميع ، مادمن مكتفيات بما يقدمه الحب ، لأنفسهن الظمأى ، وجميع من أحببت قبلها ما أحببنني ، فلا ضير أن أجرب ومن كثرة ما ألح علي الناصحون ، تهيأ لي أنني أغرمت بها ، بعد ان أكثرت من الخروج معها ، والسهر ، والسير متشابكي الأيدي في الشوارع ، وماذا في الأمر ؟ كنت امشي مع شقيقتي ابنة أبي وأمي ، وأيادينا تعزف مقطوعات من الجمال ، لم يصر بعض الناس ان ما بيننا هيام ؟ ولكن ماذا يسيئني ان قلت لها كلمة واحدة تجعلها سعيدة: - احبك قلتها مئات المرات ، لكني لم الحظ أن سامعتها ، توشك ان تطير من فرط السعادة ، إلا الآن مع فتاتي هذه ، دموعها تنسكب بصمت على وجنتيها ، وتسيل على فمها ، أراقب مسحورا المنظر ، الذي وجدت نفسي فيه ، يمكن لهذه الفتاة ، ان تحارب العالم كله ،ان وجدته ضد رجلها ، فلأستمر في قراري ، ولتكن لي الجولة الأولى ، في أعماق نفسها الجميلة..
الفصل التاسع لم تكن بعض المواد تستهوينا ، يصيبنا النعاس حين يأخذ بعض الأساتذة بالكلام ، مغلقين علينا أبواب المناقشة ، وفارضين رأيهم الواحد ، ورغم ان أغلبية الدروس ، ننصت إليها منتبهين ، حريصين على الا يفوتنا منها شرح او تعليق ، او رأي وجيه يقوم بطرحه الأستاذ ، او يذكره من ضمن المدارس النقدية الكثيرة ، التي يعلمنا إياها ، واضعا أمامنا انه لاشيء ثابت ، في مكانه في طرق الدراسة والبحث. اخذ الأستاذ يهاجم الحركات النسائية ، وكل مخلوقة تطالب بالمساواة ، متهما إياهن ،إنهن فارغات هامشيات ، لا أمر جديا يحظى باهتمامهن ، وأنهن بليدات جدا ، فما كان من سميرة ، الا ان تتصدى لوجهة النظر تلك ، مناقشة الأستاذ ، ذاكرة له الآراء المختلفة ، التي تنقض ما ذهب إليه من رأي مجحف ، سكت الأستاذ ولم يبد اعتراضا ، لكن الذي أثار الاستغراب ، إن درجات سميرة في درسه ، قد انخفضت ، عما كانت عليه في بداية التقييم ، واقل مما اعتادت ان تكون عليه ، تقييمات الأساتذة الآخرين ، قال لنا الأستاذ حين وزع علينا الدرجات: - احب ان اسمع آراءكم بكل حرية ، من لديه وجهة نظر مختلفة ،/ فليتفضل بذكر الدلائل لتعزيزها ، ثم خرج من قاعة الدروس. طلبت مني سميرة أن اصحبها ، لمناقشة الأستاذ في أمر تقييمه ، لورقة الامتحان التي لم ترضها ، خرجنا معا في تلك الظهيرة ، المرتفعة الحرارة من شهر حزيران ، نيمم شطر الكلية الثانية ، التي يحاضر فيها الأستاذ نفسه ، كانت الحرارة لاهبة ، ولم نجد سيارة أجرة ،تقلنا الى المكان المنشود ، - لم لا نؤجل القضية إلى وقت آخر ؟ تكونين فيه قد استردت رباطة جأشك ، أجدك الآن غاضبة ، وقد لا تفلحين في مناقشة الأستاذ - اطرق الحديد ساخنا ، صديقتي العزيزة. خلت الطرق في ذلك الجو المكهرب من المارة ، أشفقت على صديقتي من فشل مساعيها ، في عودة الحق الى نصابه وصلنا الى ضالتنا ، بعد ان اخذ التعب منا كل مأخذ ، وطلبنا ان نرى الأستاذ، رفض ان يقابلنا ، بحجة انه تعبان ، وعلينا ان نراه وقتا آخر لنشرح ما نريد في هذه الورقة( وكان قد بعث إلينا ورقة بيضاء بيد سكرتيره) كتبت سميرة كلمة عصماء، عن وجوب إعطاء الحق ، ومنح كل طالب ما يستحق ، لقاء الجهود التي بذلها ، وسهر الليالي الطوال... خرجنا من البناية منهكتين ، ننشد الراحة ، وذهبت كل منا الى الوجهة التي تريد ، بعد عناء التعب والإرهاق. في محاضرة اليوم التالي ، فاجأنا الأستاذ بالقول: - من يسيء الأدب ، اجعل درجاته أوطأ من ذي قبل ، ومن كان قليل التربية ، فليصمت ،وذلك أفضل له ولنا. ثورة عارمة تستبد بصديقتي ، ولا اعلم كيف اسكب، بعض قطرات التهدئة، على نفسها الطامحة، وروحها الأبية ، الساعية الى تحقيق المراد ، والبلوغ الى الهدف الجميل.......
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعادة اللاجئين العراقيين الى بلدهم
-
قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)
-
حوار مع الأديب الكبير غريب عسقلاني
-
واقع الطفولة في العراق وسبل الخلاص
-
حقوق المرأة بين الحقيقة والضلال
-
العلاقة بين الابداع والمتلقي
-
قراءة في مجموعة قصائد نثرية
-
حوار مع الشاعر علي عطوان الكعبي
-
ترجمة الابداع بين الضرورة والمصالح الفردية
-
التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
-
وضع المعلم العراقي خارج العراق
-
التبعية ذلك الارث الثقيل
-
الابداع النسائي والمعوقات
-
الأرامل العراقيات منسيات
-
مجتمع القرود
-
المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء
-
أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة
-
شاعر التفاؤل والشباب وقهر الصعاب
-
أبناء أبرار
-
عيد الطبقة العاملة العراقية
المزيد.....
-
بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ
...
-
صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
-
الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
-
لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي
...
-
بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع
...
-
صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من
...
-
محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
-
فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه
...
-
فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
-
جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟
المزيد.....
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
المزيد.....
|