أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان شيرخان - ثقافة الاستقالة














المزيد.....

ثقافة الاستقالة


عدنان شيرخان

الحوار المتمدن-العدد: 2403 - 2008 / 9 / 13 - 02:56
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


قبل نحو ثلاث سنوات، وفي صيف العام 2005 شب حريق في دار الثقافة في محافظة بني سويف المصرية اثناء عرض مسرحي، عمت الفوضى المكان ولم تتمكن فرق الاطفاء الوصول مبكرا، مما أدى الى مقتل 46 مواطنا، بينهم مسرحيون معرفون وصحفيان كبيران، وعانى المصابون بحروق مختلفة من تردي خدمات الاسعاف الطبي التي قدمت لهم.
يومها قدم وزير الثقافة المصري فاروق حسني استقالته الى الرئيس المصري مبارك، شعورا منه بالتقصير، وتحمله المسؤولية عن مقتل العشرات، واعتذارا ضمنيا لعوائل الضحايا، وكشفت ردود غريبة من مواطنين مصريين الى صحف ومواقع على الانترنيت كم من السنوات الضوئية تبعدنا عن الديمقراطية، بعض المواطنين اعرب عن استغرابه من استقالة الوزير، آخرين قالوا ان اللجوء الى الاستقالة في مثل هذه الحالات تقليد غربي اوروبي وانه بدعة بعيدة كل البعد عن تقاليد ديننا العنيف، ، مواطن قال ان الوزير اراد لفت الانظار اليه، وهو يعلم مسبقا ان الرئيس مبارك لن يقبل استقاله، لانه عنده وزير مكين بدليل انه يتبوء هذا المنصب منذ 18 سنة فقط، وهو من قيادات الحزب الوطني حزب الرئيس الحاكم، ومن الجدير بالذكر ان استقالة فاروق حسني هي ثاني استقالة يتقدم بها وزير منذ ثورة يوليو 1952، بعد استقالة وزير النقل الاسبق ابراهيم الدميري بعد كارثة احتراق قطار الصعيد عام 2002.
تعرف الاستقالة في الدول الديمقراطية على انها ثقافة تحمل المسؤولية، وهي ثقافة ليست فقط غائبة وغير معروفة ومفهومة في مجتمعاتنا، بل تقابل بالاستهزاء، باعتبارها هزيمة وانسحاب لا تليق بالفرسان، واذا لم يكن الوزير (عندنا) فارسا، فمن سيكون غيره. وتصور من جهة اخرى على انها طعنة للرئيس او رئيس وزراءه، لانها قد تتخذ ذريعة على سوء ادارته، لان اختار من اعضاء حزبه او طائفته وعشيرته الاقربين وترك الوطن بطوله وعرضه، وتقف (نظرية المؤامرة) بالمرصاد لتحليل دوافع الاستقالة كما حدث مع الوزير فاروق حسني الذي لم يقبل الرئيس مبارك استقالته اول الامر.
حري بنا ان نحاول تفهم لماذا يلجأ وزير نقل اوروبي الى الاسراع بتقديم استقالته عندما يخرج قطار عن سكته في اقاصي البلاد ويقتل بضعة مواطنين ويجرح آخرين، ومطالبة اعضاء في مجلس العموم البريطاني باستقالة وزير الخزانة أليستر دارلنغ بعد ضياع ملفات فيها معلومات عن ملايين البريطانيين والمقيمين في احدى الدوائر التابعة لوزارة الخزانة.
الاستقالة والاسراع بتقديمها تعني اولا الاعتراف بالخطأ المهني، وهذا يعني ان الوزير او المسؤول يعترف بضعف متابعته للمسوؤلين الادنى، وعدم نجاحه بأختيار من هو الاصلح للمركز الوظيفي، وهي تهدف الى اعلاء شأن قيمة المسؤولية الأدبية والالتزام الاخلاقي للموقع الوظيفي, الاستقالة وتحمل المسؤولية هما عمل شجاع، وسيؤدي شيوع ثقافة الاستقالة الى انتشار وتقبل مفهوم تحمل المسؤولية والمحاسبة والمراقبة.
ثقافة الاستقالة أمر معروف وشائع ومفهوم في الدول الديمقراطية العريقة، وتقابل باحترام ولكنها لا تعفي من المساءلة والملاحقة القضائية. ويحتاج امر شيوعها كثقافة الى حاضنة شعبية تتفهمها، وهي لا تقدم دائما بسبب حريق او قطار جامح او سقوط طائرة، بل يجب ان تحدث لاسباب اخرى تتعلق بأنتهاكات حقوق الانسان ومساحة الافق الممنوح للحريات العامة، وكأعتراض على مستوى الاداء الحكومي، وتفشي الفساد الاداري والمالي، وربما تكون مرتبطة باخطاء سياسية تأريخية كأستقالة الرئيس الراحل عبدالناصر بعد نكبة حزيران 1967، او بالثبات والاصرار على موقف كأستقالة الرئيس الفرنسي الراحل ديغول الشهيرة العام 1969، عندما ربط مصيره السياسي بنتيجة استفتاء شعبي طالب خلاله بتعديل عضوية مجلس الشيوخ وأعطاء صلاحيات موسعة لمجالس الاقاليم، وعندما لم تات نتيجة الاستفتاء كما اراد، استقال وانسحب بهدوء من الحياة السياسية بعد تأريخ وطني حافل بالمفاخر. مثل هذه الامثلة توضح معدن من الرجال يعتقدون ان ذاتهم اعظم من كراسي الحكم، وان لا وجود لاية انواع من اللواصق والمثبتات بينهم وبين الكراسي التي يجلسون عليها، وان استقالاتهم تعني لهم اشياء اكبر واعز من بقائهم في المنصب.
من المؤسف القول : ليس من المنتظر ان تشهد دول العالم الثالث بداية صحوة لفهم معنى ومغزى العلاقة بين الذات والكرسي، لان الفرق كبير وهائل في ان تكون خارج السلطة وداخلها، المركز والوظيفة الرفيعة في هذه الدول تعني القوة والنفوذ والمال والجاه، وايجاد فرص عمل ممتازة لعشرات من العائلة والعشيرة والحزب، الذين لاتجد ما يميزهم الا علاقة القربى او الانتماء لطائفة او حزب المسؤول، ومع خلو المشهد من اية التزامات سياسية او اخلاقية تبدو الاستقالة للمسؤولين في دول العالم الثالث أنتحارا لا داع ولا معنى له.



#عدنان_شيرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة الانتقالية
- ثقافة الاعتذار
- اضطهاد وضحايا
- المرأة والبرلمان
- المصالحة في جنوب افريقيا : مهارات التفاوض وبناء الثقة أعادت ...
- مواجهة الوحش
- سرطان السلطة
- مانديلا : 90 عاما
- خيبة امل المنتظرين


المزيد.....




- دراسة تحدد سلعة التصدير الرئيسية من الهند إلى روسيا
- شركة تعدين روسية عملاقة تنقل بعض إنتاجها إلى الصين
- شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة
- اشتريه وأنت مغمض وعلى ضمنتي!!.. مواصفات ومميزات هاتفRealme ...
- صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية
- وظائف جانبية لكسب المال من المنزل في عام 2024
- بلينكن يحث الصين على توفير فرص متكافئة للشركات الأميركية
- أرباح بنك الإمارات دبي الوطني ترتفع 12% في الربع الأول
- ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف في 2024
- مشروع قطري-جزائري لإنتاج الحليب في الجزائر بـ3.5 مليار دولار ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان شيرخان - ثقافة الاستقالة