أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان شيرخان - مواجهة الوحش














المزيد.....

مواجهة الوحش


عدنان شيرخان

الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 04:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشبه كبير اساقفة جنوب افريقيا دزموند توتو ذاكرة الشعوب بالوحش، ويقول توتو الذي ترأس لجنة (الحقيقة والمصالحة) في جنوب افريقيا التي استمرت اعمالها بين نيسان 1996 الى حزيران 1997: (نحرج انفسنا اذا قلنا ان الماضي سيذهب وينسى، الماضي باق، واذا لم نكن قمنا بما قمنا به في لجنة الحقيقة والمصالحة، فأنه سيعود، ان الماضي وحش، ويجب مواجهة هذا الوحش وجها لوجه، والا سيعود مرات ليرهبك). ثمة مشكلة كبيرة في انحاء متفرقة من العالم تتعلق بكيفية التعامل مع الماضي، لاسيما في الدول التي عانت من حقبات حكم انظمة فصل عنصري او شمولية دموية او حروب اهلية، سيق مئات آلاف الضحايا الى الموت من دون اي وازع اخلاقي، جنوب افريقيا، تشيلي، الارغواي الارجنتين، كمبوديا يوغسلافيا ارث المانيا الشرقية، القائمة ،طويلة وثمة تنافس غير شريف بين هذه الانظمة بشأن من يقف على رأس القائمة). عبر تلك السنوات منع الناس قسرا من التحدث عن معاناتهم، اناس يأخذون من منازلهم يغيبون ولا يعرف احد مصيرهم الى الان، قبور جماعية لا يعرف شيءعن اصحابها، مصائرالناس كانت تتحكم بها اهواء وامزجة قادة وضباط ومنتسبي الاجهزة الامنية والجيش والشرطة، يفعلون ما يشاؤون في اقبية التعذيب المفرط والموت، كانوا بعيدين تماما عن اي نوع من انواع المساءلة، تماما كما هو شأن الانظمة الشمولية التي تعتقد انها بمنأى عن اية مساءلة، وانها حرة وطليقة اليد بما تفعله بمواطنيها، وتعد اي نقد يوجه اليها تدخلا سافرا بشؤونها الداخلية وسيادتها المقدسة. لم يكن احد يجرؤ على الكلام لان العقوبة والردع كانا مرعبين، واقسى من ان يتحمله عقل بشري.
اثبتت تجارب الشعوب ان الاتجاه لمحو الذاكرة الجمعية امر اقرب للمستحيل، وعدم جدوى دعوات انزال ستائر النسيان عليها او رفع شعار (عفا الله عما سلف). ذاكرة الشعوب وحش من الاجدى ان نختار نحن لحظة مواجهته وبشروطنا وتحت سيطرتنا، ولاندع له الفرصة لمهاجمتنا، عندما تستغل لحظات عاطفية مؤثرة ومؤلمة قد تتولد من ابسط الامور او المناسبات.العديد من الدول التي حدثت فيها انتهاكات مذلة لحقوق الانسان، عمدت الى انشاء لجان كشف الحقيقة عبر مراحل العدالة الانتقالية التي مرت بها، كان هدف تلك اللجان مساعدة المجتمع على مواجهة ماض مؤلم، وبناء مستقبل افضل. يقول جون الن المدير السابق بلجنة (الحقيقة والمصالحة) بجنوب افريقيا: ان الغاية الرئيسة من انشاء اللجنة هي ان يعبر الضحايا عن معاناتهم حتى يتم الاعتراف بها، وإعطاء مصداقية لتاريخ ظل غير معترف به.
في جنوب افريقيا تم تشجيع الضحايا على التحدث بأدق التفاصيل، وعندما بادر البعض من منتسبي الشرطة والامن الى الاعتراف بجرائمهم طمعا بالحصانة من المحاكم، اصبح من المستحيل الاستمرار بانكار الجرائم، وكانت اغلبية كبيرة من البيض المستفيدين الحقيقيين من نظام الفصل العنصري والساعين لاستمراره، تنكر وقوع مثل هذه الفظائع قريبا منهم، كانوا يعمدون الى التبرير، بالقول ان هذه الامور مبالغ بها، ولكن اعتراف الضحايا والجلادين بجرائمهم اوضح الكثير من الحقائق، وفضح زيف اجهزة اعلام نظام التمييز العتصري كدأب اجهزة اعلام جميع الانظمة الشمولية الحريصة على اخفاء الحقائق وتقديم الاكاذيب والزيف مكانها. ان شعوباً عديدة تواقة لمعرفة ما حدث لها، الرغبة في معرفة الحقيقة لتصحيح وضبط الوقائع، من حق الضحايا اظهار الاحترام لهم، وان يتم الاعتراف بمعاناتهم، وان يتم تعويضهم وعوائلهم، نحتاج الى معرفة الحقيقة لمنع عودة انظمة الرعب. لحظات الاعتراف في لجنة (الحقيقة والمصالحة) في جنوب افريقيا التي وصفها القس توتو بأنها كانت جحيما والاعتذار واظهار الندم، حمل (الحزب الوطني) الذي قاد حكم الاقلية البيضاء العنصري الى ان يحل نفسه رسميا ونهائيا وبلا عودة، هربا وبراءة من ماض لا يشرف، انه وبالرغم من كل شيء يعد موقفا شجاعا وصادقا مع النفس، واعترافاً وندماً، تحتاج احزاب وجماعات سياسية في انحاء العالم الى مثل هذه الشجاعة الصادقة، ليضعوا حدا فاصلا بين الحاضر المتأرجح والماضي الدموي





#عدنان_شيرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرطان السلطة
- مانديلا : 90 عاما
- خيبة امل المنتظرين


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان شيرخان - مواجهة الوحش