سرطان السلطة

عدنان شيرخان

الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 04:37
المحور: المجتمع المدني
    

في دول العالم الثالث تمنح السلطة، لمن يستحوذ عليها او يجد نفسه فجأة في اتونها، النفوذ والقوة والمال والجاه له ولعائلته ولأفراد من قبيلته وعشيرته واصدقائه وحلقة مقربة من العاملين معه، ينقلبون من مواطنين عاديين الى اشخاص متنفذين يمتلكون حصانة ومناعة ضد القانون، وربما يتحولون الى مشرعين او مفسرين للقانون بموجب اهوائهم، وبما لا يتعارض مع مصالحهم التي تزداد وتتسع كما ونوعا يوما بعد آخر، بالتعرف والتعاون مع حيتان الحلقات المحيطة ببؤرة السلطة، فيحـدث تبادل منافع وشراكات واستغلال مناصب وغض طرف وتسهيل امور من الموقع الوظيفي، ويصبح للسياسي وجه آخر هو (البزنس) يحطاط به لعاديات الزمن التي قد تخرجه على حين غرة من السلطة، وتقذف به الى الشارع من حيث أتى، لا شيء مضمون في دول هجر كبار المسؤولين فيها الدستور والقوانين. وليس غريبا ان تتكرر مثل هذه الامور في جميع دول من العالم الثالث، وان لا تشذ دولة عن هذه القاعدة. السلطة في هذه الدول ملعونة، وهي كائن سرطاني سريع الاستشراء والتشظي والانشطار، وتكون السلطة قرينا للفسادين المالي والاداري، ينخران الدولة مفصلا مفصلا، كما تنخر دودة الارضة الخشب وتجعله اثرا بعد عين. بالامكان التعرف على حجم الفساد المالي بملاحقة السيرة المالية لبعض مسؤولي الدولة، وتطبيق قاعدة (من اين لك هذا؟)، ترفع مرتباتهم ( الرسمية) للاس العاشر ولا تستطيع اللحاق بأرقام ارصدتهم في البنوك داخل وخارج البلاد، وتكون الشقق والفيلل هنا وهناك نافلة مستحبة. طبقها يوما الرئيس المصري الراحل انور السادات بعد وفاة عبدالناصر على وزرائه وكبار مسؤولي الدولة، واطلقت الصحافة عليهم (القطط السمان)، وطبقت ايضا على المقربين من السادات بعد وفاته، وتلك الايام نداولها بين الناس، وطبقها قادة انقلاب شباط 1963 على الزعيم الشهيد عبدالكريم قاسم، وذهبوا وفتحوا حسابه في المصرف المقابل لوزارة الدفاع في الباب المعظم مقر اقامته، ووجدوا دراهم معدودات، فارتدوا على ادبارهم خاسئين، وبعد خمسين عاما لايزال الشعب يحلم ويمني نفسه بأن يحكم العراق من يملك عشر نزاهة الزعيم في تعامله مع المال العام. ما الحل؟ وكيف اهتدى الغرب الملعون الى آلية تجعل زوجة رئيس الوزراء البريطاني ترتعد خوفا من الرأي العام، لانها توكلت في قضية قد يكون لمنصب زوجها تأثير على سير نتائجها. انها تقاليد واعراف، ومجتمع وافراد حرصوا على احترام انفسهم، ثم جاء الدستور والقوانين، ولم يدع للمزاج والاخلاق والمنصب مجالا للاجتهاد، انها ثقافة دولة القانون والمؤسسات، التي تحرص وتناضل اغلبية واسعة من شعوب تلك الدول على ان تسود، مقابل ثقافة الفرهود وسرقة المال العام وحلب منافع المناصب حتى يدمى ضرع الدولة.التاريخ وتجارب شعوب الارض تفيد : أن النظام الذي لا يعرف اين يجب ان يضع ابناءه المخلصين المتعطشين لخدمة وطنهم، لا يستحق ان يبقى على قيد الحياة، والمجتمع الذي لا يعرف كيف يحمي ثرواته من شذاذ الافاق واللصوص لن يعيش طويلا، سنة الله في الارض ولن تجد لسنة الله تبديلا .

#عدنان_شيرخان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات