أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - أزمة التعليم من أزمة تدبير الشأن العام .














المزيد.....

أزمة التعليم من أزمة تدبير الشأن العام .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 2368 - 2008 / 8 / 9 - 10:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


من الغايات الكبرى للميثاق الوطني للتربية والتكوين " جعل المتعلم بوجه عام ، والطفل على الأخص ، في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية . وذلك بتوفير الشروط وفتح السبل أمام أطفال المغرب ليصقلوا ملكاتهم ويكونون متفتحين مؤهلين وقادرين على التعلم مدى الحياة " . ولتحقيق هذه الغايات الكبرى ركز الميثاق على " منح الأفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم للاندماج في الحياة العملية ، وفرصة مواصلة التعليم .. بتزويد المجتمع بالكفاءات من المؤهلين والعاملين الصالحين للإسهام في البناء المتواصل لوطنهم. وبعد مرور عشر سنوات من عمر الميثاق ، أصدر المجلس الأعلى للتعليم عبر الهيئة الوطنية لتقويم منظومة التربية والتكوين التي تتولى ، طبقا لظهير 1.05.152 المؤرخ في 11 محرم 1427 الموافق 10 فبراير 2006 ، "القيام بتقويمات شمولية أو قطاعية أو موضوعاتية لمنظومة التربية والتكوين ، أصدر تقريرا سنويا يزكي فشل الميثاق في تحقيق الأهداف التي رسمها رغم الجهود المادية التي رصدتها الدولة لقطاع التعليم بحيث تشكل ميزانية التربية والتكوين 5,8 % من الناتج الداخلي الإجمالي لسنة 2007 . وهذا مبلغ مهم لكنه عاجز حتى عن الاستجابة
لمستوى الطلب على الحجرات الدراسية مثلا في الثانوي الإعدادي الذي ينمو بنسبة 5 % فيما الدولة لا تستطيع توفير سوى 3,3 % . الأمر الذي يؤدي إلى اكتظاظ التلاميذ داخل الحجرات ثم ينعكس سلبا على مستويات التحصيل ، علما أن الفصل الدراسي تتواجد به تباينات مهولة في قدرات التلاميذ على استيعاب الحد الأدنى من المقررات الدراسية بسبب غياب تفييء منطقي يراعي تقارب مستويات الإدراك والتحصيل لدى تلاميذ نفس القسم . ذلك أن هيمنة التقني على التربوي تجعل العملية التعليمية رهينة بالبنية التربوية التي تتحكم سلفا في طبيعة الاختيارات المطروحة أمام الإدارة التربوية . لهذا ، ومهما بُذلت من جهود للرفع من جودة التعليم فإن النتائج ستظل مخيبة للآمال للاعتبارات التالية :
1 ـ أن التلاميذ ، منذ المستويات الأولى ابتدائي ، تتباين سرعاتهم وقدراتهم في الفهم والتحصيل الدراسي دون أن تبذل الوزارة أدنى مجهود لتوفير عناصر الدعم التربوي للفئات الضعيفة . وهذا يكرس اللاتكافؤ الدراسي بين التلاميذ بحيث يكون المدرس ملزما بالرفع من مستوى إيقاع الإنجاز حتى يتناسب مع الغلاف الزمني الذي حوّل المدرس إلى "عطّاش" كل همّه إنجاز المقرر ولو على حساب الفهم والاستيعاب. في هذه الحالة قلة من التلاميذ هم من يتمكنون من مجاراة الإيقاع ، فيما الغالبية تزداد مستوياتها المعرفية والتعليمة تقهقرا لدرجة أن نسبة الانتقال إلى مرحلة الإعدادي تحمل معها أفواجا من التلاميذ لا يستطيعون كلية تكوين جملة واحدة باللغة العربية أما اللغة الفرنسية فموضوع آخر .
2 ـ غلبة المنطق التجاري على التربوي التي يجسدها أعداد الكراريس والكتب الواجب اقتناؤها على التلاميذ منذ السنة الأولى ابتدائي لدرجة يعجز هؤلاء عن حمل محافظهم . يضاف إلى هذا مبلغ المصاريف التي يكلفها اقتناء المستلزمات الدراسية مما يجعل الأسر ذات الدخل المحدود تحرم بعض أبنائها لعجزها عن توفير ثمن هذه المستلزمات . وهذا واحد من أبرز عوامل الهدر المدرسي .
3 ـ أن المدرسة لم تعد تمثل فرصة حقيقة للترقي الاجتماعي ومجالا مضمونا للاستثمار من طرف الأسر خاصة ذات الدخل المحدود والمتوسط . ذلك أن التعليم ، بالنسبة للمجتمع المغربي ، ظل يشكل أفقا مطلوبا لتحسين الأوضاع الاجتماعية للمتخرجين وذويهم . لكن أزمة الخريجين وحملة الشهادات العليا جعلت معظم الأسر ترفض الرهان على التعليم وتلجأ إلى إرسال أبنائها يتعلمون حِرَفا ومهنا تعفيهم من هدر الوقت وتبذير المال ، وفي نفس الوقت تضمن لهم في المستقبل عملا يغنيهم عن الطلب عملا بالمثل الشعبي " الصنعة إلى ما غنات تستر " . وبسبب غياب الحوافز المادية والاجتماعية ، فإن إقناع الأسر وأبنائها بأهمية التعليم والمعرفة ، ومن ثم حثهم على بذل مجهود أكثر للانتقال إلى مستويات تعليمية أعلى ، يفقد مصداقيته أمام المشاهد المؤلمة والمتكررة التي تصدم الأطفال والأسر وهم يرون أفواج المعطلين تتساقط تحت ضربات العناصر الأمنية أمام البرلمان وفي أماكن أخرى .
4 ـ حالة التسيب التي تعانيها معظم مؤسسات التعليم العمومية بسبب قلة الأطر الإدارية وفقدان الأمل لدى شرائح واسعة من التلاميذ إما لتدنى معدلاتهم الدراسية بفعل عجزهم عن التحصيل أو ضعف المستوى المادي لأسرهم . وفي كلتي الحالتين ستكون المؤسسة عاجزة عن ضبط هؤلاء التلاميذ في ظل غياب قوانين داخلية صارمة . ولعل النتائج المحصل عليها في البكالوريا تسمح بالاستنتاج أن المؤسسات التي تتميز بصرامة أنظمتها الداخلية تصل نسبة النجاح بها إلى مستويات عليا وقد تحقق نسبة مائة بالمائة كما هو الحال بالنسبة للثانويات العسكرية التي لا مجال فيها للتسيب أو الفوضى .
ورغم طموح البرنامج الاستعجالي الذي أعدته وزارة التعليم بإشراف السيد أحمد اخشيشن بغرض إنقاذ منظومة التربية والتكوين من التردي الفظيع الذي انتهت إليه ، فإن تحقيق الحد الأدنى من الغايات المستهدفة لا يمكن أن يتم بمعزل عن إصلاح منظومة السياسات العامة المتبعة في تدبير الشأن العام ، والتي لا تراهن على العنصر البشري كمَصْـدَر أساسي للثروة الوطنية . فالحكومة التي تعجز عن حماية المال العام من النهب والتبذير الممنهجين لن تفلح في استثمار الرأسمال البشري ولا حتى في الحفاظ عليه من خطر النزيف الذي يستهدف الأدمغة عبر هجرتها إلى خارج الوطن . وبذلك نكون أمام خسارة مركبة : خسارة الأدمغة التي كان من المفروض استثمارها في تحقيق التنمية المستدامة ، ثم خسارة الاعتمادات المالية الهامة التي رصدتها الدولة لتكوين هذه الطاقات البشرية . وما يخشاه رجال ونساء التعليم هو أن يظلوا ضحية مخططات الإصلاح وشماعة يُعلق عليها فشل هذه المخططات .





#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يصبح القانون هو ملجأ كل المواطنين وحامي حقوقهم؟
- حزب العدالة والتنمية على خطى الفصل بين الدين والسياسة (1).
- الوطن شعور بالأمان والكرامة أولا .
- الأمان نعمة يزعزعها الإرهابيون ويفرون لطلبها .
- لنقطع مع ثقافة التيئيس والتبخيس .
- لما تصبح التهدئة انتصارا .
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(5)
- جماعة العدل والإحسان وإشكالية الترخيص القانوني .
- هيبة الدولة من كرامة المواطن .
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(4)
- الإرهاب وتنوع الخطط والمخططات .
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (5)
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (4)
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (3)
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (2) .
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (1)
- أية إستراتيجية لمواجهة الإرهاب ؟
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(3)
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(2)
- بلال التليدي : كبر مقتا أن تقول ما لا تفعل !!


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - أزمة التعليم من أزمة تدبير الشأن العام .